الافتتاحية

الافتتاحية

التحرير

أعزّائي القرّاء ((التّقوى)) الكرام

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شهد العالم في الرّايع عشرمن شهر تشرين الثّاني (نوفمبر) عام 1988 حدثاً تاريخيّاً هامّاً متمثّلاً بإعلان قيام دولة فلسطين. وكما يعلم الجميع أنّ قيام دولة فلسطينيّة تعترف بدولة إسرائيل لم يكن أمراً سهل التّحقيق، والأسباب ترجع إلى ماشهدته تلك المنطقة من تطوّرات في الآونة الأخيرة منها تنازل الأردن عن الضّفّة الغربيّة لصالح الفلسطينيّين، ومساعي بعض رؤساء وملوك الدّول العربيّة وممثّلي منظّمة التّحرير الفلسطينيّة في اتّخاذ برنامج للوصول إلى حلّ يدعم ويقوّي عجلة السّلام في المنطقة الّتي لم تشهد منذ قيام دولة إسرائيل فيها سوى القلاتل والحروب.

جاء هذا الإعلان بعد المفاوضات والاجتماعات واللّقاءات المكثّفة بين مختلف الأطراف المعنيّة ليؤكّد أنّ منظّمة التّحرير الفلسطينيّة قد اتّخذت قراراً هامّاً ومصيريّاً يبيّن تماماً حقّها الشّرعي والقانوني في إقامة دولة عربيّة فلسطينيّة على أراضيها. وأنّه مهما طالت السّنين ومهما تغيّرت الأحوال لن يكون حلّ لمشكلة الشّعب الفلسطيني في المنطقة إلّا بحصول هذا الشّعب على حقّه في العودة إلى أرضه، وإقامة دولته العربيّة الدّيمقراطيّة فيها.

ولا أبالغ في القول أنّ هذا القرار وهذا الإعلان الجريء الّذي قام به السّيّد عرفات في الجزائر يوم 12/11/88. نيابة عن الشّعب الفلسطيني كلّه والممثّل بمجلسه الوطني قد وضع إسرائيل في موقف لم تشهده قطّ من قبل. وقد أضاع عليها كلّ أحلامها في إقامة دولة يهوديّة من النّيل إلى الفرات.وأنّ هذه الخطوة وبحقّ أوّل خطوة جدّيّة تقوم بها منظّمة التّحرير في سبيل إعادة أراضيها المحتلّة.

وقد عرف الجميع أنّ المقاومة العسكريّة ضدّ الكيان الإسرائيلي المدعوم والمموّل من أمريكا وأوروبا وغيرها من الدّول، هي مقاومة أقلّ ضرراً بإسرائيل من المقاومة السّياسيّة السّلميّة. وقد ثبت ذلك في مواقع السّلم والحرب.

فقد استعادت مصر سيناء بالسّلم لا بالحرب، نعم استطاع الجيش العربي المصري وبكلّ وضوح قهر  السّيطرة العسكريّة الإسرائيليّة في حرب 10 أكتوبر بتدمير خطّ بارليف وعبور قناة السّويس، مكبّداً بذلك إسرائيل أفدح الخسائر.ولكن ماحدث بعد ذلك من عون أمريكي مباشرةً لإسرائيل للوقوف ضدّ اجتياح مصر لها، يدلّ على أنّ أمريكا لو تدع إسرائيل تقع في خطر الزّوال. فكانت مبادرة السّلام وحصلت مصر على سيناء في وقت كان صعباً عليها استعادتها عسكريّاً، وذلك لعدم استطاعتها خوض الحلرب مع إسرائيل وأمريكا معاص.

والآن يقوم الشّعب الفلسطيني ممثّلاً بقائده ياسر عرفات بإعلان خوض معركة سياسيّة غير عسكريّة ضدّ إسرائيل. معركة لا أظنّ إسرائيل قادرة على الفوز بها. ومن يدري أنّ في إسرائيل أيضاً من سئموا الحرب والقتال، وهزّت مشاعرهم مشاهد تعذيب الفلسطينيّين في الضّفّة الغربيّة وقطّاع غزّة. واقتنعوا أن لا سبيل لحلّ النّزاع الإسرائيلي  الفلسطيني من غير أن يأخذ الشّعب الفلسطيني بعض ما يستحقّه من أرض وأمن وسلام.

فبالضّغط الخارجي العالمي على إسرائيل والضّغط من الدّاخل لقبول المفاوضات مع منظّمة التّحرير الفلسطينيّة قد تخضع حكومة شامير لقبول نداء السّلام والمحادثات المباشرة بين الطّرفين. هذا وما التّوفيق إلّا من عند الله.

(رئيس التّحرير)

Share via
تابعونا على الفايس بوك