"أسلم تسلم"
  • لقد اتبعت الأمم المتطورة في عهدنا الحالي العدل في قوانينها فازدهرت لكن في ذات الوقت لقد اقترب موعد انهيارها لاهمالها المنهج الأخلاقي الرباني.
  • الخطأ الفادح الذي ارتكبته الدول المتطورة هو الكيل بمكيالين فهي تعامل رعاياها بعدل لكن عدلها ينتهي عندما تعامل الدول من الخارج.
  • خالق الكون وضع قانوناً لا يفشل إذا ما التزم به صُناع القرار وطبقوه بصدق.
  • لقد نقل الخليفة الخامس نصره الله رسالة “أسلم تسلم” لمجلس الشيوخ الأميركي ونبههم لضرورة إرساء قوانين السلام.

__

غالبا ما يُقرن مفهوم العدل بمفاهيم عدة كالحق والحرية والمساواة وذلك لدوره الأساسي في صلب العلاقات الإنسانية على الصعيد الفردي والدولي. ولا شك أن للعدل قيمة كبرى لدوره الهام فى نشر الطمأنينة على الصعيد المحلي والدولي. ولا يمكن للحياة الإنسانية السوية أن تستمر على أرض الواقع دون أن تقوم على ميزان مستقيم يهدي للتي هي أقوم. فالمجتمعات تسمو وتتميز عن غيرها بما يُقام فيها من علاقات وتقاليد وقوانين مبنيّة على العدل.

وفي عصرنا الحالي تتباهي الأمم المتطورة بأنظمتها وما توفره لمواطنيها من حقوق مشروعة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.  ومن أهم أسباب استقرار هذه البلدان.. تحقيق وحفظ كرامة الإنسان في ظل قوانين عادلة، حيث عَملت على فتح باب الحريات في جو ديمقراطي وسن قوانين تعاقب بأقصى العقوبات عند وقوع المخالفات حتى من كبار المسؤولين في السلطة. وبالرغم من تمسك هذه الدول وتطبيقها للقوانين العادلة، إلا أننا نرى أن هذه المجتمعات الرأسمالية والعلمانية بدأ انهيارها يلوح في الأفق لأنها فقدت أهم عوامل بقائها وتوازنها وذلك لتهميشها  للمنهج الأخلاقي الرباني من سياساتها.

وبصفة عامة يصدر الظلم من الإنسان تجاه نفسه أو غيره. فلدى انحرافه عن الجادة فإنه يُوقع الظلم على نفسه بحرمانها من نعم الفضائل الربانية. وعندما يتصرف مع العامة بطريقة خالية من تقوى الله يكون قد مال إلى الفساد وقهر الناس. فأكبر ظلم أن يشرك المرء بتوحيده عز وجل وينسب ما لديه من نعم وخيرات لغيره سبحانه وتعالى. وعلاوة على ذلك يعامل خلق الله بطريقة خالية من تقواه عز وجل، وهذا هو الشرك في حد ذاته حسب قوله تعالى:

إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم (لقمان: 14)

إن ما تشهده الساحة العالمية حاليا من تشنجات على الصعيد السياسي من خلال تهديدات بعض الدول لدول أخرى يحدث في غياب العدل المطلق. فالدول المتطورة تكيل بمكيالين أو تحكم بقانونين. قانون عادل لرعاياها داخل أراضي وطنها. ولا يتعدى هذا القانون حدودها حيث غالبا ما نرى أن قوانينهم الخارجية تحمل بين طياتها ظلمًا فادحًا وامتصاصًا لموارد الدول الضعيفة. هذا إلى جانب تشكيلها منظمات تدعي حماية حقوق جميع الدول بروح المساواة ولكن ما يحدث على أرض الواقع يختلف تماما. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر منظمة عصبة الأمم التي شُكلت مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى لتحقيق السلام العالمي وتفادي وقوع حروب أخرى. ولكنها لم تقم بالدور التي شُكلت من أجله حيث إنها لم تقم بحماية حقوق جميع الدول على قدم المساواة. وهكذا فشلت فشلا ذريعا في مساعيها واندلعت الحرب العالمية الثانية من جراء فشلها.

ثم شُكلت منظمة الأمم المتحدة ولكن سرعان ما تبين أنه لا يمكن أن تحقق الهدف النبيل الذي قامت من أجله حيث إنها فشلت في الوفاء به. إن الحقيقة التي غابت عن عقول صناع القرار في هذه  المنظمات أن خالق الكون وضع قانونًا لا يعرف الفشل إذا ما طبقه الإنسان بصدق، حيث قال عز وجل إرساءً لنظام عالمي عادل

وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ (النساء: 59).

ولا شك أن الجماعة الإسلامية الأحمدية حاملة مشعل نور القرآن في هذا العصر قد وعت مسئوليتها في تحقيق السلام العالمي، ولم تتأخر كعادتها في تبليغ رسالة الإسلام لمن في أيديهم زمام اتخاذ القرارات على الصعيد العالمي.

ومن هذا المنطلق فقد زار مؤخرا حضرة مرزا مسرور أحمد –أيده الله- الولايات المتحدة الأمريكة.. أكبر قوة في العالم، وألقى في مقر مجلس الشيوخ ومجلس النواب المعروف بـ “كابيتول هيل” كلمة تاريخية رسمت الخطوط العريضة التي بينها الله عز وجل في كتابه الكريم لتحقيق السلام العالمي.

وها الخليفة ممثل سلطته الروحية يُسلم نفس الرسالة في عقر دار أقوى قوة على وجه الأرض.. أي طبقوا قانون العدالة  الإلهية المطلقة تحققوا السلام العالمي وتسلموا من الدمار الشامل.

تجد عزيزي القارئ تفاصيل كلمة حضرته داخل العدد ونود أن نشير في هذا المقام تحديثا بأنعم الله تعالى على هذه الجماعة المباركة، أننا عاينا بأم أعيننا بُعدا آخر لتحقق رسالة سيدنا محمد المصطفى لأكبر القوى المحيطة بالجزيرة العربية آنذاك.. “أسلِمْ تَسْلَم”. وها الخليفة ممثل سلطته الروحية يُسلم الرسالة نفسها في عقر دار أقوى قوة على وجه الأرض.. أي طبقوا قانون العدالة الإلهية المطلقة تحققوا السلام العالمي وتسلموا من الدمار الشامل.

ولا يسعنا بعد ذكر هذا الحدث التاريخي العظيم الذي لا شك أن له وقعًا كبيرًا في قلوب وعقول المنصفين المتفكرين، إلا أن نذكر معارضي الجماعة الذين يتهموننا بنسخ الجهاد بالحديث النبوي الشريف القائل : “… أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر..”. أفلم يأن الأوان أن يتفحصوا رسالة الإسلام الصحيح التي تحملها الجماعة بكل موضوعية ومصداقية ويتخلّو عن المغالاطات السخيفة. فتاريخ الجماعة الحافل بالخدمات المنقطعة النظير سيبقى شاهدًا منصفا وحصنا حصينا أمام كل مفترٍ كذاب.

هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك