كان لا بد أن يستبدل الله بقوم يفهمون الإستخلاف

كان لا بد أن يستبدل الله بقوم يفهمون الإستخلاف

فتحي عبد السلام

كاتب وباحث إسلامي
  • كان المسلمون قد أرسلوا لسلام العالم ثم تركوا الله فتركهم.
  • فكتب الله تصديقًا لوعده حيث قال ” ليظهره على الدين كله ” وجعل شرف ذلك لحضرة المسيح الموعود عليه السلام.
  • تطور الكون وفرش الله للأرض تمهيدًا لضيافة الإنسان
  • الإستخلاف ومفهوم الخلافة

__

إننا نتمتع بنتائج سعي المـهدي دون أن نحس، وننعم بما لاندري تواريخه.

قبل أربعة عشر قرنا كان المسلمون قد أرسلوا لسلام العالم وأمنه، مما يفيض من قلوبهم من مسالمة الله والإيمان به تعالى، وعمق الفقه بتعليم محمد .

وكان الله قد جعل الله بسالتهم في الدفاع عن المظلوم وانتصارهم عنوانا على صدق تعظيمهم لله وتعظيمكم للشيء الذي يعظمه الله، وهو كرامة الإنسان.

ثم تركوا الله بعد القرون الأولى فتركهم،  ونسوا الله فنسيهم.

وحقت عليهم سنة الله لما اتبعوا سنة من كان قبلهم.

وكثيرون لايدرون ماذا فعل الله لينقذ دينه من موت كاد يكون محققا، موت كان قد تقدم مستعدا في سيطرة وقوة، موت بسيف مسموم يمسك به دجال عنيد مريد.

وزحف الظلام عليهم رويدا واشتد سواد الليل، وجاء عصر قال فيه القائلون لقد حان لنا أن نتخلص من شيء اسمه الإسلام..

ولكن الله كان قد قال من قبل (ليظهره على الدين كله)

فكتب الله تصديقا لوعده وجعل شرف ذلك لإنسان مسلم في الهند، وسمح له أن  يمتلك مصباحا، وأن يفتح بإذن الله مصنع المصابيح، وصارت المصابيح تملأ الدنيا، ولا يدري الأغلبية عن مَن روَّجها الله على يديه.

إنهم الآن ينيرون المصابيح وكفى.

وكثيرون لا يدرون ماذا فعل الله لينقذ دينه من موت كاد يكون محققا، موت كان قد تقدم مستعدا في سيطرة وقوة، موت بسيف مسموم يمسك به دجال عنيد مريد.

هم الآن غافلون عن دراسة التاريخ لا يدرون ماذا كان الله يعمل وقتها.

تاريخ لا ندريه عن ذل المسلمين في الهند

يعرفون ويخفون، أو هم لا يعرفون، ولا يدرسون ما نوع حكم الملكة البريطانية فكتوريا، ولا يدرون دور اللاهوت في قوانينها، ولا يعرفون تاريخ شركة الهند الشرقية ولا طبيعة النُظم المختلفة للاستعمار، ولا  يعرفون أن الهند الحديثة التي يعرفونها ليست هي الهند القديمة، الهند التي كانت قد تمزقت لألف دولة وألف لغة وألف دين،  ولا يعرفون تطورات طوائف الهندوس مع المسلمين، ولا تاريخ المسلمين مع السيخ ولا ذلهم تحت حكمهم، وماذا فعل آخر المجاهدين الإمام أحمد البريلوي ضدهم..

فكيف يستقيم الجهل مع التصدي لحمل مسئولية القيادة؟ إن جهلنا بالتاريخ وعدم مبالاتنا بالمصير البشري لا يجب أن نفرضها على بقية البشر،  وعلينا أن نعود لفصول الدراسة وندع الشواغل فترة لنعرف ماذا كان يجري تفصيلا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وماذا كان يعدّ للإسلام ويختمر.

لنكتشف أننا نستمتع بالخيرات التي زرعها الغير ولا ندري آلامهم ولا تاريخ معاناتهم.

والناس يهملون تاريخ  تطور الكون وقصة فرش الله الأرض تمهيدا لضيافتنا ولكرامتنا؟

فنحن نسكن الكون ولا ندري ماذا  تم فيه حتى صار هكذا صالحا لسكاننا، ولا ندري عن عصـور انتـشار السموم في الجو،  ولا نعرف كيف ملأ الله جو الأرض بالأكسيجين، ولا نتأمل وجودنا بعد عصور الجليد بعد عصور البراكين،  وما علمك بالبراكين؟

الآدمي بنيان الرب المحكم، ملعون من هدمه.. إلا نفسا بنفس أو فساد في الأرض.. بناه الله على مكث، وبنى له الكون وفرش له الأرض في ستة أيام طويلة ليحل ضيفا بعد طول استعداد، وهذا بحساب أيامنا، وهي فترة يقدرها علماء الفلك  ب 15  مليار عام  تقريبا.

اختلاف الفكر الإنساني حق،  والله جعل نفسه هو وحده المحاسب، ولكن كل مفكر عليه ألا يبيح القتل، إلا بالحق، والحق هو نص من الله، ولانص إلا النفس بالنفس أو فساد في الأرض،  ولا إكراه الناس على الدين بأي شكل.

لم نكن هناك عندما كان الله يفرش البسط طبقة فوق طبقة،  ولم يكن الإنسان موجودا عندما حدد الله له الأشهر الحرم ليعود لعقله فيها ويترك العدوان.

ثم خلق الله الإنسان وحرره وأعطاه حق الاعتقاد وحق الإقامة وحق الفكر وحق الكلمة من أول يوم وجعله مسئولا أمام الهيئة الاجتماعية يوم يقتل أو يرفع سيفا للقتل أو يسرق أو يأكل المال بالباطل أو يزني.

جعل له البيت رمزا للأمن والحرمة وتعظيم أمر الدماء ورفع الله شأن الضيافة، وفرض الحج لهذا البيت وجعل الحجاج ضيوفا له وأمر بمد الموائد لهم، وجعل البيت قبلة للتوجه أينما كان الطواف ..

مستوى إبداع الحياة البشرية عال وثمين لدرجة يستحيل معها أن نتصور أن الله يترك أمر قتل الإنسان للناس، وينسجم التصور إذا قلنا أن هذا الحق ليس لكائن إلا له سبحانه هو خالقه.

واستخـلف الله وعـلَّم مفهـوم الخلافة.

واستخلـف الله أمما قبلنا وخلت.

وكنا قوما آخر المرشحين للخلافة في الأرض.

يجب على الإنسان الخليفة التحكم بنفسه وضبط سلوكه ليحترم حق كل بني الإنسان في العيش حرا وفي سلام..

اختلاف الفكر الإنساني حق،  والله جعل نفسه هو وحده المحاسب، ولكن كل مفكر عليه ألا يبيح القتل، إلا بالحق، والحق هو نص من الله، ولا نص إلا النفس بالنفس أو فساد في الأرض،  ولا إكراه الناس على الدين بأي شكل.  وعلى طول التاريخ جعل الله القمع لمن يقمع الناس، وكتب العاقبة لمن يحررهم.  وبعث الله الرسل لقول الحق في جو من حرية الدين، ومن عارض ذلك قمعه الله.

لقد جعل الله الاستخلاف والعز رهنا بقوم من صفاتهم أنهم لو مكنهم الله في الأرض فعلوا الجمَال، رحمة وعدلا وإحسانا، وعطفا خالصا كأن كل إنسان من ذوينا،  وصلاة وزكاة وتوعية وتعليما للبشر وترقية لكل ماهو عقلي وروحي فيهم.

لقد جعل الله الاستخلاف والعز رهنا بقوم من صفاتهم أنهم لو مكنهم الله في الأرض فعلوا الجمَال، رحمة وعدلا وإحسانا، وعطفا خالصا كأن كل إنسان من ذوينا،  وصلاة وزكاة وتوعية وتعليما للبشر وترقية لكل ما هو عقلي وروحي فيهم.

فهل كان الله يسكت عن تركنا لمهمة الملائكة تلك؟  وعن تحولنا لوحوش وجوارح تنتهز فرصة ما يسنح،  وتأكل الصيد دون إذن من السيد العظيم؟؟ وكيف وهو الله الذي علم الإنسان كيف يعلم الوحش والجارح أن يتحكم في نفسه ولا يأكل إلا بسماح سيده؟؟  وأن ما سمح به سيده وحده هو الطعام الآمن. ولذلك يحيا في بيئة سيده وينال مواطنة كريمة.

لقد علم الله الإنسان علم الاستئناس عبرة للناس ليعلموا ما يليق بهم من واجب الاستئناس والوداعة،  ليكونوا جديرين بالمواطنة عنده تعالى في الدار وهي دار السكنى الحقيقية.

كان لا بد عندما تلجأ  أمم الرسل للقمع أنه كان الله بالتالي يقمعهم بقمع خاص ليتبرأ من نسبتهم القمع إليه،  فما دام سبحانه وتعالى يعذبهم بذنوبهم وعلى رأسها السفك الحرام، فهو إذن بريء من دعواهم أنهم بمثابة أبناء الله وأحبائه بفقههم هذا. ويمتلئ القرآن بهذه الحساسية العالية لحرمة الدماء وعلو شأن الكرامة الإنسانية وأنه لا إكراه في الدين، وأن النفس بالنفس لاغير.

Share via
تابعونا على الفايس بوك