تحقق نبوءة “المصلـح الموعـود”
- الإسلام هو الدين “الحيّ” الوحيد.
- للحصول على إنعامات الله والطريق للوصول إليه هو بواسطة محمد المصطفى.
- نبوءة المصلح الموعود.
- نحن نحتفل بنبوءة المصلح الموعود وليس بيوم ميلاده
- حضرة ميرزا بشير الدين محمود أحمد كان مصداقًا لهذه النبوءة.
- وعد الله المسيح الموعود بالقدرة الثانية اي “الخلافة”.
__
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)
الديـن الحـي هو الذي تتراءى فيه نماذج قدرة الله تعالى دائما. والإسلام هو الدين الوحيد في هذا العصر الذي لا يكتفي بالإعلان أنه هو الدين الحي بل يقدم على ذلك أدلة عملية أيضا. إن إله الإسلام هو الإله الذي يستطيع أن يجعل مَن يشاء كليمًا الآن أيضا، فيكلِّمه ويجيب أدعيته ويُريه تجليات قدرته. وفي هذا العصر أرسل سيدنا الله تعالى المسيح الموعود لإظهار قدرته بحسب وعده الذي أنبأ سيدُنا النبيُّ بتحققه في هذا العصر.
فالجماعة الإسلامية الأحمدية هي الجماعة الوحيدة بين فِرق المسلمين كلها التي تؤمن اليوم أيضا باللهِ قادرا على كل شيء ومقتدرا مع كافة صفاته وقدراته، وهي راسخة على يقين أن الله تعالى متصف اليوم أيضا بالقدرات نفسها ويُريها كما ظل يُريها منذ الأزل. ولكنْ قدّر الله تعالى بعد بعثة النبي الذي هو خاتَم الأنبياء أن الوسيلة الوحيدة الآن للحصول على إنعامات الله تعالى والطريقَ للوصول إليه هو سيدنا خاتم الأنبياء محمد المصطفى فقط. وإن سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني هو المسيح الموعود والمهدي المعهود والمحب الصادق والكامل للنبي وقد أرسله الله تعالى في هذا الزمن لإحياء الإسلام من جديد، وقد وعده الله تعالى بتكميل الهداية. فيقول في أحد كتبه عن ذلك الإله الحي:
فهذا هو إلهنا الذي أرانا إياه نبيُّنا الأكرم . يقول المسيح الموعود عن مقام النبي :
ويقول داعيا العالم إلى الإسلام:
لقد أفحم المسيح الموعود كقائد ناجح معارضي الإسلام ليس بالبراهين والأدلة فقط بل بإراءة تأييدات الله وآياته الخاصة أيضا. وقدّم أمام العالم نبوءاتٍ وأمورا لا يسع أحدا الاطلاع عليها إلا الله عالم الغيب. ثم رأى العالَم كيف تحققت بكل جلاء ووضوح وآيات مؤيِّدة عظيمة تلك النبوءاتُ التي تنبأ بها بتلقي العلم من الله تعالى. كم كان يتألم من أجل الإسلام وكيف كان يفهِّم معارضي الإسلام الذين حاولوا أن يحطوا من مقام النبي ، وبأي اضطراب وقلق كان يدعو في حضرة الله لإفحام هؤلاء المعارضين؛ يتبين ذلك من سوانح سيرته التي دوّنها أصحابه رضي الله عنهم، كما يظهر ذلك بكل جلاء ووضوح من كتبه وكتاباته الأخرى. نجد أدعيته في حضرة الله بعدد لا يُحصى لإفحام المعارضين ومن أجل الآيات السماوية. وكان يدعو دائما بسبب اللوعة والشوق في قلبه ليس إبرازا لنفسه بل لإثبات أفضلية الإسلام والنبي .
الوسيلة الوحيدة الآن للـحصول على إنعـامات الله تعالى والـطـريقَ للـوصول إليه هو بواسطة سيدنا خاتم الأنبياء محمد المصطفى فقط.
فبسبب أدعيته هذه أعطاه الله تعالى آية عظيمة. من جملتها آية أُعطيها بعد أن وجّهَهُ الله تعالى للسفر إلى هوشياربور والاعتكاف هناك للعبادة أربعين يوما. وفي أثناء هذا الاعتكاف والعبادة خلع الله تعالى عليه آية تتعلق بالابن الموعود ويعرفها الأحمديون جميعا باسم النبوءة عن “المصلح الموعود”. إنها نبوءة عظيمة جاء فيها أن ابنا سيولَد في مدة معينة ويكون متصفا بصفات معينة ذُكرت في النبوءة، منها أنه سيرزق عمرا طويلا. كل هذه العلامات تدل على عظمة النبوءة وتزيد حتما إيمانا أولئك الذين جاءوا فيما بعد ورأوا تحقق النبوءة حرفا حرفا، ورأوا كذلك في شخص ذلك الابن الموعود – سيدنا المصلح الموعود – تحققَ جميع الأعمال والمهمات التي بيّنها المسيح الموعود في النبوءة.
فأقرأ الآن عليكم كلمات النبوءة، وإنْ كنتم قد سمعتوها مرارا من قبل وستسمعونها أيضا في الأيام المقبلة حيث ستُعقد الجلسات بمناسبة ذكرى هذه النبوءة التي أُدليت بتاريخ 20 شباط/فبراير. كلمات النبوءة مذكورة في “مجموعة الإعلانات” حيث كتب سيدنا المسيح الموعود :
لقد خاطبني الله الرحيم الكريم العظيم الكبير القدير على كل شيء – جلّ شأنُه وعزّ اسمُه- بوحيه وقال:
وكما قلت من قبل كان الخليفة الثاني مصداقا لهذه النبوءة حتما كما أعلن بنفسه في عام 1944م حين أخبره الله تعالى أنه هو “المصلح الموعود”. وللاحتفال بذكرى هذه النبوءة تُعقد في الجماعة جلسات بعنوان: “ذكرى المصلح الموعود” وستُعقد في الأيام القليلة المقبلة أيضا في مختلف فروع الجماعة ليعلم أفراد الجماعة أنها كانت نبوءة عظيمة وتحققت بكل عظمة وجلال.
هنا أريد أن أوضح ضمنيا أمرا آخر، وإن كنت قد ذكرتُه من قبل أيضا مرارا ولكن مع ذلك يطرح بعض الإخوة الذين علمهم الديني قليل سؤالا عن الاحتفال بيوم الميلاد متأثرين بتأثير دنيوي، ويودون أن يُحتفَل بيوم ميلادهم، فيقولون: ما دمنا نحتفل بيوم ميلاد المصلح الموعود فلماذا لا نحتفل بذكرى الخلفاء الآخرين وبأيام ميلادهم؟ والحق أنهم يريدون الاحتفال بيوم ميلادهم متذرعين بالاحتفال بميلاد الخلفاء الآخرين. فأريد أن أوضح هنا بأننا لا نحتفل بيوم ميلاد سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد لأن يوم ولادته هو 12/1/1889م، أما النبوءة المعنية فقد أُنبئ بها قبل ولادته بثلاث سنوات. ونحن نحتفل بذكرى تحقق هذه النبوءة التي أُنبئ بها في 20/2/1886م، وكانت تهدف إلى إحياء الإسلام من جديد وتمثّل مَعلَما من المعالم في هذا السبيل.
وبعد هذا التوضيح أعود إلى صلب الكلام وأقول بأنني سأتناول الآن جانبين فقط من جوانب كثيرة للنبوءة. أولهما: مَن عدّه المسيح الموعودُ “المصلحَ الموعود”؟ وماذا كانت حالة المصلح الموعود القلبية عن الإسلام والنبي الأكرم والأمة المسلمة؟
وبما أنه لا يسعني في هذا الوقت الضيق أن أتناول كل ما تتضمنه كلمات هذه النبوءة لأنها تحتوي على 52 نقطة تقريبًا، فسأتناول منها أمرين اثنين كما ذكرت. لقد عدَّ المسيح الموعود مرزا بشير الدين محمود أحمد مصلحًا موعودًا ومصداقًا لهذه النبوءة إذ يقول في كتابه ترياق القلوب، الخزائن الروحانية، ج 15، ص 219:
“إن ابني الأكبر هو “محمود”، وقد أنبأتُ بولادته في إعلان نُشر في 10/7/1888م، وفي إعلان نشر على ورقة خضراء في 1/12/1888م. وقد كتبنا أيضا في الإعلان الأخضر أن اسم هذا الولد سيكون “محمود”، وقد أُشيع هذا الإعلان في مئات الآلاف من الناس قبل ولادته. ولا بد أن تكون مئات الإعلانات المطبوعة على أوراق خضراء موجودة إلى الآن عند معارضينا، كما لا بد أن تكون في بيوت معارضينا أعداد من إعلان نُشر في 10/7/1888م أيضا. ولما بلغت شهرة النبوءة حد الكمال عبر الإعلانات، ولم تجهلها فِرقة من المسلمين والمسيحيين والهندوس وُلد بفضل الله ورحمته “محمود” يوم السبت بتاريخ 12/1/1889م الموافق لـ 9 جمادى الأولى 1306 من الهجرة. وقد أنبأتُ بولادته في إعلان كُتب بخط عريض عنوانُه: “تكميل التبليغ”، وسُجِّلت فيه الشروط العشرة للبيعة، وفي الصفحة 4 منه إلهام عن الابن الموعود (تعريبه):
يا فخر الرسل قد اطّلَعْتُ على مراتب قربك من الله تعالى، فقد تأخرتَ في المجيء إذ أتيت من مكان بعيد.”
ثم يقول في كتابه “السراج المنير”، الخزائن الروحانية، ج 12، ص 36:
ثم يقول في كتابه حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، ج 22، ص 373:
ثم يقول في “ترياق القلوب”، الخزائن الروحانية، ج 15، ص 214:
ثم يقول في ضميمة عاقبة آتهم الخزائن الروحانية، ج11، ص 299:
ثم هناك آية أخرى هي أنني تنبأْتُ قبل ولادة كل واحد من أبنائي الثلاثة الموجودين الآن، فالنبوءة عن ولادة الابن الأكبر محمود، موجودة بصراحة مع اسمه في الإعلان الأخضر الذي نشرتُه على أوراق خضراء كثيرة على صورة كتيب عند وفاة الابن الأول.”
فإن المسيح الموعود كان يعدُّ ابنه مرزا بشير الدين محمود أحمد مصداقًا لهذه النبوءة، فوُلد ذلك الابن وأحدث انقلابًا في العالم كله. نظرًا إلى اعتراض بعض الناس وضحت الأمر أن عهد الخليفة الثاني المصلح الموعود الممتد إلى 52 عامًا دليل بيِّن على تحقق هذه النبوءة بجلاء. وإن كتاباته وخطاباته تفيض بالألم والحرقة التي كانت تكتنف قلبه من أجل رفع مكانة الإسلام والنبي في العالم كله. كما أن علمه ومعرفته أيضا دليل ساطع على أن الله تعالى قد ملأه بالعلوم الظاهرية والباطنية.
باختصار، نرى تحقق هذه الميزات الـ52 أو 58 – من منطلق آخر – في حياة المصلح الموعود . وكما ذكرت بأنني سأتكلم عن هذا الموضوع من زاوية أخرى بعرضي بعض المقتبسات من كلامه التي يرشحُ منها عزمه الصميم الدال على كونه ذا عزيمة عالية. قال في إحدى المناسبات:
“كلما بُعث رسل الله تعالى تيقن كل من دخل في جماعته أنه لن يقوم بخدمة الدين أحد سواه، ثم إذا استوعب هذه المسؤولية فإنه يسخِّر جميع قواه في إنجاز هذه المهمة، بل يمكن أن يقال بأنه صار مجنونًا لتحقيق هذا الأمر.
لقد أفحم المسيح الموعود كقائد ناجح معارضي الإسلام ليس بالبراهين والأدلة فقط بل بإراءة تأييدات الله وآياته الخاصة أيضا. وقدّم أمام العالم نبوءاتٍ وأمورا لا يسع أحدا الاطلاع عليها إلا الله عالم الغيب. ثم رأى العالَم كيف تحققت بكل جلاء ووضوح وآيات مؤيِّدة عظيمة النبوءاتُ التي تنبأ بها بتلقي العلم من الله تعالى.
لما توفي المسيح الموعود سمعتُ بعض الناس يقولون بأن وفاتَه قد سبقتْ أوانَها. لم يكن أصحاب هذه الأقوال يكذّبون المسيح الموعود (أي أن أصحاب هذه الأقوال كانوا أحمديين يؤمنون بالمسيح الموعود ) إلا أنهم كانوا يقولون بأنه قد توفي في حين أنه لم يبلّغ دعوةَ الله تبليغًا جيدًا كما أن بعض نبوءاته لم تتحقق بعد. كان عمري في ذلك الوقت 19 سنة، فلما سمعت مثل هذه الأقوال ذهبتُ ووقفتُ عند رأسه ودعوت الله تعالى قائلا: اللهم كان هذا محبوبك، ولقد قدّم طول حياته تضحيات لا تحصى لإقامة دينك، والآن لما دعوتَه إليك أخذَ الناسُ يقولون بأن وفاته سبقتْ أوانها، فقد تؤدي مثل هذه الأقوال بأصحابها أو برفقائهم إلى التعثر وقد تحصل تفرقة في الجماعة، لذلك فإنني أعاهدك يا إلهي أنه إن ارتدت الجماعة كلها عن دينك فسأضحي مع ذلك بحياتي من أجله. ففي هذه اللحظة أدركتُ أنني أنا من سيقوم بهذه المهمة، وهذا ما ملأ قلبي في التاسعة عشر من عمري حماسًا ونارًا دفعتني إلى بذل كل حياتي في خدمة الدين إذ تركتُ جميع الأهداف الأخرى ووضعت أمام عيني هذا الهدف الوحيد بأنني سأواصل تلك المهمة التي بُعث المسيح الموعود لأجلها. ولا أزال أجد في قلبي حلاوةً متجددةً لتلك العزيمة التي نشأتْ في ذلك الوقت؛ ولا يزال يرافقني ذلك العهد الذي قطعته على نفسي واقفًا عند رأسه . إنه ذلك العهد نفسه الذي ثبّتني على عزيمتي بكل قوة، فقد هبّت مئات الأنواع من عواصف المعارضة إلا أنها تبددت لما اصطدمت مع صخرة عزيمتي الكأداء التي ثبتني الله عليها، ولقد رُدّت في نحور المعارضين جميع محاولاتهم ضدي ومكايدهم وشرورهم، وأنالني الله تعالى بفضله الخاص نجاحات عند كل موطن، حتى أن الذين كانوا يقولون عند وفاة المسيح الموعود أنها قد سبقت أوانها اندهشوا عند رؤيتهم نجاحات مهمته .”
لقد اقتبستُ هذا المقتبس من خطابه في أحد المجالس. ثم نبه في خطابه هذا الجماعةَ أيضا قائلا:
ثم قال :
ثم ذكر حرقة قلبه وآلامه من أجل الإسلام والنبي بالكلمات التالية:
هذا هو الابن الموعود من أولي العزم الذي عبّر لنا عن رغبته القلبية بكل صراحة. لا شك أننا نحتفل في هذه الأيام بيوم “المصلح الموعود”، ولكننا لن نحتفل بهذا اليوم حقيقة إلا إذا تحلّى معظمنا بهذه اللوعة والحرقة، وأدرك أن مقاصدنا عالية وسامية ورفيعة للغاية وتتطلب منا رَفْعَ الهمم وإحداثَ التغييرات الطيبة السامية، وإنشاءَ الصلة مع ربنا، وخَلْقَ الحرقة في قلوبنا من أجل الإسلام، والالتياعَ والحب والعشق للنبي والتعبيرَ عنه عمليا.
إن هذه البشارة التي آتاها اللهُ سيدَنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام بالابن الموعود صاحبِ هذه المزايا والمحاسن، كانت في الواقع تتضمن رسالة عميقة أخرى وهي أن دعوتك لن تبقى منحصرة في نفسك، وأن مهمتك لن تبقى محدودة في حياتك، بل يواصلها ابنك الذي يكون عديم النظير في علو الهمة والعزيمة، ويكون مثيلَك في الالتياع لنشر الإسلام في العالم أجمع، وسيحمل بين جنبيه قلبًا مُوجَعًا قلقًا من أجل رفع راية محمد رسول الله في العالم. وليس ذلك فحسب، بل لقد وعد الله المسيحَ الموعود من أجل نشر دعوته إلى كل أنحاء العالم بالقدرة الثانية (الخلافة) بعده التي ستستمر إلى يوم القيامة، وتواصل مهمته، كما وعد أن هذه الخلافة تجد سلاطين ناصرين يساعدونها على نشر دعوة هذا الخادم الصادق للنبي أكثر فأكثر.
أريد أن أوضح هنا بأننا لا نحتفل بيوم ميلاد سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد لأن يوم ولادته هو 12/1/1889م، أما النبوءة المعنية فقد أُنبئ بها قبل ولادته بثلاث سنوات. ونحن نحتفل بذكرى تحقق هذه النبوءة التي أُنبئ بها في 20/2/1886م، وكانت تهدف إلى إحياء الإسلام من جديد وتمثّل مَعلَما من المعالم في هذا السبيل.
فنبوءة “المصلح الموعود” إذ تقدِّم لنا دليلاً بيّنًا على صدق المسيح الموعود فإنها تذكّر كل واحد منا بواجبه. فإن هذا الابن الموعود الذي بشّر اللهُ المسيحَ الموعود عليه الصلاة والسلام بأنه سيكون متحليًا بمحاسن كثيرة، قد أرشد الجماعةَ إلى طرق التقدم والازدهار، وآتاها لتربية أبنائها ولتبليغ رسالة الإسلام الجميلة إلى كافة أطراف الأرضين نظامًا رائعًا محكَمًا نرى نتائجه المدهشة كل يوم. ومن واجب كل مسلم أحمدي أداء واجبه لتقوية هذا النظام أكثر فأكثر. إن هذا النظام قائم اليوم بفضل الله في بلاد العرب، وفي بلاد أخرى من آسيا، كما هو قائم في إفريقيا وأوروبا وأميركا وأستراليا وفي الجزر أيضًا. عندما يؤسس الأحمديون فرعًا للجماعة ويصبحون جزءًا من هذا النظام، فعليهم أن يضعوا في الاعتبار أيضًا على نحو خاص أن واجبهم لا ينحصر في إصلاح أنفسهم فقط، بل إن من واجبهم أن يحافظوا على أجيالهم التالية أيضًا، وأن يرسّخوا في أنفسهم أيضًا أن عليهم أن يكونوا جزءًا من هذا النظام غير ناسين أبدًا غايتهم العظيمة ألا وهي إقامة وحدانية الله في العالم برفع راية محمد رسول الله في الدنيا، ويكونوا مستعدّين لتقديم أية تضحية في هذا السبيل، ولا يطمئنّوا حتى يحققوا غايتهم المنشودة، وأن ينفخوا في ذرّيّاتهم هذه الروح والحماس، أي أنهم لن يدَعوا هذه الغاية العظيمة تُنسَى فتموت.
لقد قلت آنفًا إن الجماعة الإسلامية الأحمدية قائمة اليوم في كل بقعة من بقاع الأرض، وأن هذا الصوت المرتفع من قاديان قد وصل كل أنحاء العالم، واعلموا أنه قد كان لسيدنا المصلح الموعود دور كبير عظيم بفضل الله تعالى في نشر هذا الصوت في شتى أكناف العالم رغم الأوضاع غير المواتية. فعندما تعقدون الاجتماعات فرحًا بتحقق “نبوءة المصلح الموعود” فعليكم أن تنفخوا في هممكم وبرامجكم روحًا تجدِّد ثانيةً ما أعرب عنه المصلح الموعود من أمانٍ وطموحاتٍ وقد ذكرتها أمامكم آنفًا. أعني: مِن واجب كل أحمدي قاطن في أية دولة إسلامية أن يسعى جاهدًا لإقامة إسلامستان. سنؤسس إسلامستان التي أرادها سيدنا ومولانا محمد المصطفى الذي كان رحمة للعالمين. إسلامستان التي تؤدي حقوق الجميع دونما تمييز بين الأحباب والأغيار، وترسي الـمُثُلَ الإنسانية، لكي تعلَم الدنيا أن نبينا جاء محسنًا إلى الإنسانية. هذا هو الهدف العظيم الذي علينا أن نعلّمه للدنيا ونعرضه عليها، ونذكّر به كلَّ بلد إسلامي. هذا هو هدفنا، وهذا ما جاء النبي ، وهذه المهمة التي بعث الله المسيحَ الموعود من أجلها. وهذا هو العمل الذي على الجماعة الإسلامية الأحمدية اليوم إنجازه. علينا أن نذكّر كل مسلم وكل بلد إسلامي بأن هذه هي أهدافنا. إذا كان هؤلاء لا يعملون بنصحنا فمن واجبنا أن ندعو لهم مضطربين مبتهلين لكي يعوا ما نقول لهم، إذ لا أحد يقدر على منعنا من الدعاء لهم. فسواء كانت باكستان أو المملكة العربية السعودية أو مصر أو الشام أو إيران أو إندونيسيا أو ماليزيا أو السودان أو أي دولة إسلامية أخرى، علينا أن نخبرهم أن لا عزّ لكم ولا كرامة منفصلين. إنما عز هذه البلاد وبقاؤها وهيبتها في أن يفكروا ويهتموا بعظمة الإسلام متحدين ومتخلين عن جميع الفروق في بلادهم داخليا وعند جيرانهم أيضا. فهذه الرسالة يجب علينا أن نوصلها إلى هذه البلاد. اليوم علينا أن نسعى لمصالح مصر أيضا ولسوريا أيضا، علينا أن نوصل هذه الرسالة إلى أصحاب السلطة الحاليين في ليبيا أنهم إذا ظلوا يفضِّلون قبائلهم وفِرَقهم ويبيحون الظلم في سبيل ذلك فسوف يظلون يُضعِفون بلادهم من الداخل، فلن يُحرِزوا أي قوة على مستوى البلد ولا على مستوى الأمة الإسلامية بل سوف يزدادون ضعفا، وأن الأعداء سوف ينشبون فيهم أظافرهم وبراثنهم ويفرضون سيطرتهم عليهم وبعد ذلك هناك احتمال أن تُغَلّ بعض البلاد في أغلال العبودية أيضا، فعلينا أن نوصل إليهم الرسالة أن يعودوا إلى صوابهم ولا يركزوا اهتمامهم على مصالحهم الشخصية، ولا ينحازوا إلى قبائلهم وفِرقهم بغير حق وإلا سوف يخسرون كل شيء. فبدلا من المحافظة على الهوية الفردية لكل بلد يجب أن يسعوا جاهدين متحدين لإقامة عظمة الإسلام، كما يجب أن يتدبروا كلام من بعثه الله لإقامة هذه العظمة.
يجب علينا، أي على كل مواطن أحمدي أن يستمر في أداء دوره لنيل هذا الهدف العظيم بحسب المناسبة ومن خلال التفهيم واللجوء إلى الدعاء. إنني كما كنت قلت في السنة الماضية أيضا ينبغي أن يؤدي كل أحمدي منا دورَ المصلح من خلال بذله المساعي على هذا النحو لإصلاح العالم، لكي نتمكن من تحقيق أهداف المصلح الموعود التي هي في الحقيقة مواصلة أهداف سيدنا المسيح الموعود بل هي مشروع عظيم لجعْل العالم كلِّه تحت لواء النبي . فهذا العصر الذي هو عصر تفشي الفساد بانتظام الذي تنظر من خلاله القوى العظمى إلى مقدّرات البلاد الإسلامية جشعا وطمعا فيها، علينا نحن الأحمديين أن نكثف الجهود ضمن نطاقنا لتخليص كل بلد إسلامي أيضا والأمةَ الإسلامية أيضا من رِبقة الطماعين، وفوق ذلك كله علينا أن نركز على الدعاء كما قلت سابقا. نسأل الله أن يهب العقل والفهمَ لقادة البلاد الإسلامية والسياسيين ليفكِّروا بعيدا عن المصالح الشخصية، وأن يوفق المشايخَ – الذين يَعدّهم العامةُ حائزين على العلم والروحانية أكثر – للسعي لإدراك التعليم القرآني وأن يتحلوا بالتقوى بدلا من أن يُشعلوا فتيل القتال والنزاع بين العامة والحكام كسبا لمصالحهم، وإن أفضل وأجمل حل كما قلت قبل قليل يكمن في سماعهم لنداء إمام الزمان والعمل به. نسأل الله تعالى أن يوفق العامة أيضا للسعي لتقوية نور فراستهم وليس لتقليد أعمى للذين يتكلمون كلاما فارغا متجاهلين أوضاع الزمن سواء كانوا من المشايخ أو القادة السياسيين. نسأل الله تعالى أن يرينا “إسلامستانَ” الجميل تحقيقا لرغبة المصلح الموعود ، وهذا هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يحمي العالم من الفتن، ألهم الله العالم العقـل والسـداد.