الإسلام دين الشجاعة... شجاعة نبيلة يرعاها القرآن الكريم

الإسلام دين الشجاعة… شجاعة نبيلة يرعاها القرآن الكريم

فتحي عبد السلام

كاتب وباحث إسلامي
  • الاكراه في الدين ليس من شيمة الإسلام
  • رب العالمين لا يترك عباده في ظلمات الجهل
  • شجاعة المهدي عليه السلام تفوق كل الشجاعات وقد تجلت في أسلوب حضرته في دحض الشائعات ضد الاسلام

__

هنالك تصور خاطيء شائع أن المهدي القادم سوف ينشر الإسلام بحد السيف كصورة من صور الشجاعة! والحق أن الإكراه في الدين ليس من الشجاعة الحقة، بل هو شجاعة الظالمين.

فما الشجاعة الحقة وما جمالها؟

إن أشجع الشجاعة الوقوف في وجه المكفرين والمفتين بسفك الدم بغير الحق، والدفاع عن حرمة دماء الإنسان ضد سافكيه.

كان حقا على الله أن يُري المسلمين في مهديهم مثلا لجمال محمد ، مثلا للشجاعة والشهامة المتوكلة الراسخة،  تواجه أشرس عدو بمعية الله وتتخذه تعالى وكيلاً ولا تبالي.

يحتاج الصبر على تهمة التكفير مع الاستمرار في التجديد إلى روح قوية تستمد قوتها من صلتها الخاصة بالله ذاته. صلة هي على بينة منها تكفل لها تعويضا كاملا وتشعر معها بأن الله هو كافٍ عبدَه، بمعنى الكلمة.

كان حقا على الله الجميل أن يأتي برجل يحبه ويحبه،  ينصر به رسوله محمدا ويظهر جماله،  ويبين معنى الشجاعة التي ربى عليها أصحابه.

وكانت أكبر وصمة تلصق بدين الله تعالى أنه انتشر بالسيف، ولم يكن هناك قبيح لم يلصق بوجه الإسلام، ولم يكن هناك عيب لم يطلق ويتهم به رسول السلام. عليه كل الصلاة والسلام.

ألم يقل الله تعالى:  وكان حقًا علينا نصر المؤمنين

لم يكن بد من نفخة الصور في روح إقامة الصلاة،  وقيامة التوبة والندم، والصلاة على النبي ، إذ لم يكن قد بقي في الشر بقية لم تتم، ولا في كأس الذل سؤر لم تشربه أمة الإسلام.

وما كان الله ليترك دينه بلا عزة وإظهار، وماكان ليسكت سبحانه وتعالى عن منظر أمة الإسلام وهي تنحدر وتنحدر نحو قاع بلا قرار، وما كان ليتركها لسخرية الضالين الأشرار.

فكيف كان للجميل الجليل أن يسكت على ترسانة ثقافية تراكمت، وخارت بسببها العزائم، وفتاوى تهين ماكرم الله من بني آدم،   وتخول للحكام أن يقتلوا الناس بغير الحق، ويثبتون سلطتهم بالرعب لا بالحب، ومن فتح فمه قُطع لسانه، ومن فسر القرآن خلاف المطلوب تم قتله، من أجل سواد عيون شيوخ يريدون الناس قابعين أذلاء في الجهل والخوف لايقلبون فكرا، ولا يعرفون معروفا شعبيا ببرهان شائع، ولا ينكرون منكرا تنكره القلوب السليمة، لهم العز وللشعب القهر.

تحولات في مفهوم الشجاعة  امتدت إلى عصرنا الحالي

فكيف كان له سبحانه أن يسكت وهو يرى مسخ وجه الشجاعة النبيلة، شجاعة الحامي المحامي، والمدافع الباسل  ضد المسلح الغازي، والعدو الشاكي السلاح المعتدي، المراوغ الذي يحفظ سره.

كيف يرى الله تلك الشجاعة الحقة وقد استبدلناها بالشجاعة الخائبة ضد المواطن الأعزل الوديع، المواطن الذي نعرف عنوانه ومواعيده: ثم يسكت  على ذلك؟!

كان حقا على الله الجميل أن يأتي برجل يحبه ويحبه،  ينصر به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ويظهر جماله،  ويبين معنى الشجاعة التي ربى عليها أصحابه.

كنا وصرنا نستسهل بطولات سفك دماء بعضنا، والتدبير الماكر الذكي المتذاكي ضد بعضنا، وإلقاء جثث إخواننا اعتزازا بشرف العائلة،  في نفس الوقت الذي تكل فيه الأذهان عن قوة تعد لحماية حدود أمة تحيا دوما في تهديد، وتبخل فيه الأيدي وتغل عن نفقة تنفق على علم وبحث وتجربة وصناعة، فضعف جيش الإسلام ولم يدر بضعفه أحد،  ولم يكن للإسلام راع يعطف عليه، ولم يمرض المفتي بما كان يرى من ضعف، وكان حتما أن يأتي يوم يهرب فيه الجميع أمام العدو. ويذل السيخ رجالهم ونساءهم ويغنم أرضهم وثرواتهم، ويحرم عليهم الأذان ويدعي أن الأذان ينجس الهواء، ويلوث الغذاء،  ويخيم على وجه الماء بالسم أوالداء.

كان الله يرى دماء العدو المعتدي عزيزة في نظرنا، وويل في خيالنا لمن يقترب منها، بينما العدو يستذل دماءنا ويحتقر ديننا ويدوس مساجدنا، وفي نفس الوقت بأسنا شديد بيننا،  وشجاعتنا فائقة ضد بعضنا، ودماؤنا ليست عزيزة في نظرنا، والرؤساء بيننا من الصعب عليهم أن يكتبوا حجتهم وأن يبسطوا أدلتهم لبيان حقهم، ومن السهل عليهم أن يختصروا الطريق ويؤكدوا سلطتهم بفتاوى تسمح لهم بقتل من يرفع رأسـه منا برأي مخـالف يأمر به، أو منكر يراه واجـب النهـي عنـه.

كان مستحيلا في حق الله أن يسكت. وكان حتما أن ينـزل الشجاع الصحيح.

Share via
تابعونا على الفايس بوك