الافتتاحية

الافتتاحية

التحرير

“لا تستطيع إطفاء النار بالبنزين”.

هذا مثلٌ أميركي وما أصْدَقَه وأروَعَه من مثل. ولكن يبدو أن الإدارة الأميركية لا ترى في هذا المثل الأمريكي أي صدق ولا أي روعة. فنيران الحروب التي أشعلتها أمريكا وحلفاؤها في الشرق الأوسط (بتأسيس دولة إسرائيل ومساندتها بكل طريق شرعي وغير شرعي)، وكذلك نيران الحقد والانتقام في قلوب العرب الذين لا تزال دماؤهم تتغذى بالعروبة التي تأبى أن تقبل خسفًا أو ضيمًا، أقول إن هذه الحروب لن تنطفئ بالضغوط الأمريكية على العرب. فكل المحاولات الأمريكية لجمع العرب والإسرائيليين على مائدة المفاوضات سوف تبوء بالفشل إذا هي استمرت في سياسة مساندة الظالم وكبت صوت المظلوم وتهديده بالعواقب الوخيمة إذا رفض شروطها.

فهل من العدل أن لا يُدعى إلى مائدة المفاوضات المظلومون الحقيقيون الذين أُخرجوا ويُخرَجُون من ديارهم ظلمًا، وقُتلوا ويُقتَلون بكل وحشية وأمام أعين العالم كله؟ وأين من العدل أن تُسلط أمريكا على هؤلاء المظلومين شروطها الجائرة الحامية لمصالح الظالم، الذي لا يريد أن يُعطي للفلسطينيين المغلوبين على أمرهم أمنًا ولا مكانًا إلا إذا أعطوه المزيد من أرضهم وديارهم. فسياسة “الأرض عوضًا عن الأمن” ليست إلا إطفاء النار بالبنزين. وإنك لن تستطيع بذلك إطفاءها، وإنما تزيد في لهيبها. إنها تُطفأ فقط إذا صحَّت النيات وصلحت الأعمال. نعم إنها ستطفأ فقط إذا غيَّر هؤلاء سياسة الظلم وسياسة (القوة هي الحق) بسياسة الإنصاف القائل أن الحق هو الحق.

(التحرير)

Share via
تابعونا على الفايس بوك