كذبات معاصرة

كذبات معاصرة

لقد عودتنا جريدة “المسلمون” الدولية الأسبوعية أن تزودنا دائما بأخبار غريبة وعجيبة. إن هذه الجريدة استطاعت بمساعدة أحد مراسليها الأذكياء أن تكشف مالم تستطع غيرها من الجرائد العالمية اكتشافه. ولا أحد يعرف كيف تستطيع هذه الجريدة ومراسلوها أن يقوموا بهذه الاكتشافات. ويتساءل الناس هل هو ذكاء خارق أم أن إدارة هذه الجريدة تملك من الأجهزة التكنولوجية ما لا تمتلكه أية جريدة في العالم..

نترك التفسير لحضرات القراء. ومع ذلك لِمَ لم تكتب هذه الجريدة اسم المراسل الذي زودها بهذه المعلومات. ربما مثلا لكي لا يصل إلى هذه المعلومات رجال المخابرات البريطانية أو C.I.A الأمريكية والجستابو الألماني.. أو ربما لكي تحمي هذه المراسل من عيون الحساد!؟

أما الاكتشاف ننشره مصورًا كما نشر في جريدة المسلمون بتاريخ 6 رمضان 1411، 22 مارس/آذار 1991، فتفضلوا أيها القراء، اقرأوه وتمتعوا به لتفرقوا بين الحق والباطل.

بعد قراءة هذا الاكتشاف الخطير نقول لكم، أيها القائمون على جريدة المسلمون ولمراسلكم الذي تمكن من هذا الاكتشاف: ألف مبروك. ولكن نرجوكم أن تفيدونا لكي نتنوّر ونستبصر من خبرتكم، خصوصا الشعب الأردني في انتظار الاستفادة من خبرتكم. كيف تمكن هذا الصحفي النشيط أن يخترق حواجز حرس القصر ورجال الأمن والمخابرات، ويدخل إلى قصر القزق في عمان ويكتشف الفضيحة. وهذه الفضيحة هي عبارة عن صورة رجل تقي صالح ورع من أكمل الرجال معلقة على الحائط! هل أصبحت صورة رجل كامل الأخلاق معلقة على حائط في بيت مسلم فضيحة؟

طبعًا إنها بالنسبة لكم فضيحة، لأنكم تعودتم أن تروا صور الراقصين والراقصات.. والمغنين والمغنيات معلقة على حيطان بعض بيوت الناس. ولا أريد أن أذكر أشياء أخرى أكثر من ذلك، لأنكم تعرفون ماذا يعلق أيضا على الحيطان. كما وأنكم تعرفون أشرطة الفيديو الإباحية المنتشرة في بيوت بعض المسلمين وغير المسلمين. هذه الأشياء ليست فضيحة عندكم، ولا تثير عاصفة في صحافتكم؟!

ثم إن هذا المراسل زودكم بكثير من الكذبات، وأول هذه الكذبات الوقحة أنه جعل من البيت المتواضع قصرًا. فيا أيها المراسل الذكي النشيط، إن أهل عمان ليسوا عميانًا أو جهلاء لا يفرقون بين البيت المتواضع والقصر، إذ إن عمان فيها كثير من القصور وأكثر من البيوت العادية.

أما الكذبة الثانية فهي أوقح من الأولى أنني كنت أبكي في المحكمة. فلو كان هذا الكلام صحيحًا لنشر في الصحف ثاني يوم من تلك المحكمة التي كان فيها الصحفيون مصوبين كمراتهم لتسجيل كل حركاتي وسكناتي. وحضرة القاضي والمدعي العام أحضرا هؤلاء الصحفيين قبل إجراء المحكمة بصورة سريعة ومدبرة سلفًا، لأنه لم يكن أي إنسان يعرف بأن محكمة ستجرى في داخل غرفة من غرف البوليس في مركز بيادر وادي السير، حتى أنا لم أعرف بأنني ذاهب إلى محكمة، إذ إن البوليس استدعاني تلفونيًا للحضور. وبعد وصولي بساعة فوجئت بالمؤامرة، إذ حضر القاضي والمدعي العام ومساعدوهما والصحفيون والكتاب، وسلطت صوبي كاميرات الصحفيين. وبين كل لحظة وأخرى كان القاضي والمدعي العام يهددانني بالقتل ويقولان لي بأنك لو خرجت إلى الشارع يمكن لأي إنسان أن يهدر دمك، لأن دمك أصبح مباحًا. وكأن الذي سيقتلني سيدخل الجنة على مذهب القاضي والمدعي العام. إنها كانت محكمة أشبه بمحاكم التفتيش بإسبانيا في القرون الوسطى. عندها تذكرتُ حادثًة وقعت سنة 1938 لرجل صالح، كان يشتغل في سكة الحديد وكان رئيسًا للعمال. فأرادوا منه أن يخون وظيفته. والأحمدي لا يمكن أن يخون وظيفته، فقتلوه. ونسبوا إليه تهمة بأنه شتم سيدنا محمدًا ، والعياذ بالله. وقلت في نفسي: ما الذي يمنع هؤلاء أن يقوموا بنفس التمثيلية عندما أخرج للشارع وينسبون إليَّ تهمة أنا بريء منها. هذا هو الشيء الوحيد الذي خفت منه. والمثل يقول: الذي لا يخاف الله يجب عليك أن تخاف منه.

إن هذه المحكمة جلبت العار للديمقراطية التي كان يطالب بها الشعب الأردني. وعندما حصل عليها تصرف بعض الذين يدعون بالإسلام هذا التصرف البعيد عن الإسلام وعن الديمقراطية وعن الإنسانية.

هل أصبح الإسلام عصابات تغتصب العقائد من قلوب الناس؟ والله يقول: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ، ويقول: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ . هل أصبح الإسلام شهادة تُعطى من قبل مشائخ آخر الزمان؟ والله يقول:

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

ويقول أيضا:

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (يونس: 100)

ويقول أيضا:

فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (الغاشية: 22-25).

هنا يقول الله لسيدنا محمد : لست عليهم بمسيطر. فهل أصبح مسلمو الأردن يسيطر عليهم المدعي العام عبد الله الشمايله وأمثاله. هل استلموا وظيفة الله والعياذ بالله. ويقول الله تعالى أيضًا:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا * بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (النساء: 138-139).

في هذه الآية يقول الله بأنه هو الذي سيعذب المرتد عند يوم الحساب، وليس أي شيخ من المشائخ أو أي مسؤول آخر.

ثم هل الإسلام محتاج لشخص مرتد؟ والمرتد إذا رجع للإسلام بالعنف والقوة هل يؤمَن جانبُه؟ إنه يكون خطرًا على الإسلام والمسلمين أكثر من الأول. إن هؤلاء لا يستعملون عقولهم، أو أنهم مدفوعون لجهات أجنبية لإثارة الفتن في البلد الذي يعيشون فيه، ويأكلون من خيراته، ويتمتعون بأمنه. وإلا لو استعملوا عقولهم لوجدوا كثيرًا من الناس الذين ارتدوا عن الإسلام وحاربوه بأقلامهم، ولكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا به شيئًا. وهل استطاعوا أن يفعلوا شيئا مع سلمان رشدي صاحب “آيات شيطانية”. كل ما فعلوه أن قتلوا بعضهم بعضًا في باكستان وبنغلادش. أكثر من 60 شخصًا قتلوا من المسلمين، وأُحرقت مخازن وسيارات وكُسر زجاج بملايين الدولارات. أما سلمان رشدي فجالس في ببيته واضعًا رجلا فوق رجل. يشرب القهوة وينظر على شاشة التلفزيون ما يفعله هؤلاء المساكين من المسلمين بقيادة بعض المشائخ الجهلاء.

أما الكذبة الأخرى لهذا الصحفي الكذاب: أنني عرضتُ عليه السفر إلى لندن. ربما تأملت منه أن يبيض لنا ذهبًا!

والكذبة الأخرى أن الأحمديين لا يؤمنون بيوم القيامة. والكذبة الأخرى أن الأحمديين يشتغلون بالسياسة. والكذبة الأخرى أن الأحمدية تضم معها البهائية وتسيطر عليها الماسونية. بينما أول من فضح البهائية هم الأحمديون عندما كان المسلمون نائمين لا يقومون بأي نشاط تبشيري. وهذه كتبنا تشهد على ذلك منذ أكثر من 60 سنة. أما الماسونية فهم الذين يرفعون هذا الصحفي وأمثاله من الكذابين لإثارة الفتنة في بلاد المسلمين بثمن بخس.

والآن يا حضرات القائمين على جريدة المسلمون، أقدم لكم ما كتبته الجرائد عن المعلقات على حيطان زعمائكم الذين تسبحون بحمدهم ليل نهار. وهذا ما كتبته جريدة “العرب” اليومية التي تصدر في لندن بتاريخ 20/05/1991. وما كتبته بعض الجرائد البريطانية والصور العارية التي هي معلقةً على جدران زعمائكم الذين يمولونكم بأموال البترول لتعيثوا في الأرض فسادًا بين الفرق الإسلامية، ولو أن مجلتنا تسمح لنا بنشر هذه الصورة لنشرناها، ولكن مجلتنا اسمها التقوى، اسمًا وعملاً، والذي يريد أن يطلع على هذه الصور الماجنة، فما عليه إلا أن يقرأ الصحف البريطانية والعربية بتاريخ 20/05/1991 و 17 مايو، و30يونيو 1991.

بعد قراءة هذه المقالة نسألكم: هل هذه الصورة المعلقة فضيحة لكم أم مفخرة؟ وهل القصر قصر أم بيت بسيط لم يكلف إلا ستة وثلاثين مليون إسترليني فقط من أموال المسلمين الحفاة العراة الذين يموتون كل يوم في السودان وغيرها من بلاد المسلمين بالمئات بسبب الجوع والعطش. في كل عدد من أعداد جريدة المسلمون يُكتب مقالة بعنوان الحق المر، فهل يمكن لكم أن تكتبوا عن قصة هذا القصر والصورة المعلقة على حيطانه بعنوان الحق المر؟ فهذا هو الحق المر اليقيني.

والآن أيها القائمون على جريدة المسلمون العالمية، أعيد ما قلته لكم في مقالتي السابقة: ألا يمكنكم احترام اسم جريدتكم “المسلمون العالمية الدولية، وتكتبوا فيها ما هو صدق وتنبذوا كل ما هو كذب.

ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك