أولياء الله.. عباد يغبطهم الأنبياء والشهداء

لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون  إذا حزن الناس

وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله ِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (يونس: 61)

شرح الكلمـات:

يوم القيامة: معناه هنا (في يوم القيامة).

التفسيـر:

أي لو كان أحد مؤمنًا بالله تعالى إيمانًا حقيقيًا لما افترى على الله ولما عزا إليه الباطل كما تفعلون في هذه القضايا. فيجب ألاّ تروا هذه العادات أمورًا هامشية مستهينين بها، بل هي دليل على خلوِّ قلوبكم من الإيمان بالله وعلى عَمَى أبصاركم عن رؤية الصفات الإلهيَّه، وإلاّ كيف يمكن أن يمن الله عليكم بهذه النعمة العظيمة فتواجهونها بالنكران، مؤثرين على هَدْيِ السماء ما تأتي به عقولكم المريضة من أمور فاسدة.

وقد يكون للآية معنى آخر، حيث تقدم إنكارهم ليوم القيامة كدليل ثانٍ على فساد عقائدهم وكونها منافيةً للعقل السليم، إن إنكار يوم القيامة يرجع إلى خوف الفطرة حتى من مجرد تصوّر يوم الحساب والعقاب، وحيث إنها تصاب بالهول والهلع لمجرد التفكير فيه فتنكر وجود ذلك اليوم نهائيًا، مع أن الحقائق لا تتغير بإنكار الناس لها. وإذن فإن الله تعالى يدحض هنا تصورهم الخاطىء ليوم القيامة مبينًا لهم بأنه إنما جعل يوم القيامة لإصلاح الناس لا لإيذائهم، كما تُحدَّد أيام للامتحانات في المدارس لكي يجتهد الطلاب ويرتقوا إلى الدرجات العليا. لا شك أن بعضهم يفشلون، ولكن لا يكون الهدف من الامتحان إفشالهم وإنما ترقيتهم. فمن اعترض على يوم الامتحان فإنه جاهل دون ريب، إذ لا أَحد يُكرهه على الفشل بل كل ما عليه أن يجتهد لكي ينجح. أما الذي يتكاسل ويتهاون ثم ينكر وجود الامتحان كليّةً خوفًا من الفشل، فلن يؤدي به الإنكار إلا إلى المزيد من الكسل والتهاون، ولن ينجيه هذا التفكير الخاطىء من الدمار بل يقرّبه منه رويدًا رويدًا.

وَمَا تَكُونُ فِي شَأْن وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (يونس: 62)

شرح الكلمـات:

الشأن: الخطبُ أي ما عظم من الأحوال والأمور؛ والحالُ؛ الأمرُ. ويقال: من شأنه كذا، أي مِن طبعه وخلقه (الأقرب)، والمراد من الشأن هنا ما كان للنبي من شؤون ومشاغل دينية، لأنها أهم أعماله.

تُفيضون: أفاض الماءَ على جسده: أفرغه. وأفاض دمعه: سكبه. وأفاض الناس من عرفات: اندفعو ورجعوا وتفرقوا، أو أسرعوا منها إلى مكان آخر. أفاض القوم في الحديث: اندفعوا وأسرعوا. وأفاض فلان الإناءَ: ملأه حتى فاض. أفاض القداحَ وبالقداح وعلى القداح: ضرب بها. أفاض بالشيء: دفع به ورمى. أفاض القوم على الرجل: غلبوه. ما أَفاض بكلمة: أي ما أفصح بها (الأقرب).فهذه الكلمة تستعمل للكلام عمومًا، ولكنهم يستخدمونها للعمل أيضًا كعادتهم في استخدام الفعل توسعًا كقولهم: عَلَفَ الدابة تبنًا وماءً، بدلاً من: علف الدابة تبنًا وأسقاها ماءً.

يعزب: عزب الشيءُ عنه يعزب عزوبًا: بعُد وغاب وخفي. يقال: عزب عنه علمُه: غاب. وعزب الرجل: ذهب. (الأقرب)

مثقال: المثقال: ما يوزَن به. ومثقال الشيء: ميزانه من مثله (الأقرب)

ذرة: الذرة واحدة الذر وهي صغار النمل؛ الهباء المُنْبَثّ في الهواء (الأقرب)

التفسـير:

إن ضمير الغائب في (منه) يمكن أن يكون عائدًا على القرآن، أو يكون عائدًا على الموعظة المشار إليها بقوله قد جاءتكم موعظة من ربكم أو يكون عائدًا على الله تعالى.

هذه آية رائعة للغاية إذ يوحي أسلوبها وكأن الله تعالى يتكلم وهو متمكن من العرش وهو يخاطب أولاً النبي وأصحابه الجالسين أمامه في ناحية، ثم يتوجه بالخطاب إلى الكفّار وهم أيضًا جالسون في ناحية أخرى.حيث إن الجزء الأول من الآية موجَّه إلى الرسول والمؤمنين، بينما الجزء الثاني وما تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودًا موجه إلى معارضيه.

وقوله تعالى ولا أصغَرَ من ذلك ولا أكبَرَ إلا في كتاب مبين . إن قوله ولا أصغر مفهوم لأن الشيء الصغير يغيب عن النظر، ولكن يتحيَّر المرء لماذا قال هنا ولا أكبر ، لأن الشيء الأكبر لا يغيب عن نظر الإنسان. فيبدو لأول وهلة وكأن هذا سجع فقط لا فائدة منه. ولكن الحقيقة على عكس ذلك، لأن العين لا يمكن أن تدرك أيضًا الشيء الكبيرجدًا. فمثلاً لو وقفت أمام جبل كبير فلن ترى منه إلا جزءًا صغيرًا جدًا، بينما يغيب عنك معظمه. فثبت أن الشيء يمكن أن يغيب لكونه صغيرًا أو كبيرًا أيضًا.

ويذكّر الله تعالى في الآية كلاً من المؤمنين والكفار أن قبول الحقيقة أو القيام بالعمل لا يكفي، بل إنه تعالى يراعي عند الجزاء نـيّة العامل وأسلوب أدائه له.

لذلك يخبرنا الله تعالى هنا أن رؤيته واسعة للغاية بحيث لا يمكن أن يغيب عن نظره أي شيء مهما كان ضخمًا، كما أن رؤيته تعالى لطيفة أيضًا فيستحيل أن يخفى عليه أي شيء مهما كان ضئيلاً.

ويتأكد هذا المعنى ويتضح تمامًا من الناحية العلمية المحضة بمثال العين والأذن. فقد أثبت العلماء أن كلاًّ من الرؤية والسّماع يتوقف على ذبذبات متوالية متواتره تسمى بالإنجليزية (Vibrations)، وأن كلاًّ منهما يعمل في نطاق ذبذبات محدّدة السرعة، فالعين مثلاً لا تقدر على رؤية الأشياء إلا ما وقع منها بين حدٍّ أعلى وآخر أدنى من هذه الذبذبات. وكذلك الأذن فإنها لا تسمع إلا الذبذبات التي تكون سرعتها ما بين ثلاثين ألف مرةٍ أو أربعين ألف مرة في الثانية. (دروس علم النفس ص 75).

فالثابت علميًا أن الأشياء الكبيرة جدًا تفوت أيضًا إدراكَ العين والأذن بسبب ضخامتها. ولكن الله يقول: إن هذا لا يحدث معنا، فكل شيء -مهما صغر أو كبر- محاطٌ بعلمنا.

ويذكّر الله تعالى في الآية كلاً من المؤمنين والكفار أن قبول الحقيقة أو القيام بالعمل لا يكفي، بل إنه تعالى يراعي عند الجزاء نـيّة العامل وأسلوب أدائه له.

فعلى الإنسان أن يحاسب نفسه دائما، لأنه لا يكفيه فقط قيامه بخدمة دينية جليلة أو قراءته كلامَ الله على الناس، بل عليه أن يراقب نيته وأسلوبه لدى أداء هذه الأعمال، إذ يمكن أن يتسرب الفساد إلى نيته أو يؤدي العمل بأسلوب منفّر للناس بدلاً من أن يقرّبهم إلى الله . فلا تفرحوا بأنكم تعملون من أجل الدين، لأن الله سوف يرى ما إذا كانت نياتكم طاهرة أم لا، وما إذا كان أسلوبكم مقربًا الناسَ إليه أم منفرًا أكثر من ذي قبل.

ولنعلم أن ضمير الخطاب في (تتلو) للواحد، ولكن الخطاب موجّه إلى جميع المسلمين، والمراد: هناك فريقان يتباريان: مؤمن وكافر، ولكننا لن ننحاز إلى الفريق المؤمن لكونه ممثلاً لنا، بل سنرى إلى نيات وأعمال كل فريق. فاسمعوا يا من تقرأون القرآن، لو أنكم لم تقرأوه عليهم بحسن نية وبكامل حكمة فرفضوه بسبب ذلك فسوف نؤاخذكم أنتم. أما إذا أدَّيتم واجب نشر القرآن الكريم على أحسن وجه، ومع ذلك كفروا به فسوف نؤاخذهم هم. فإننا لا نرى إلى العمل فحسب، بل إلى النيات والظروف أيضًا.

أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ   (يونس: 63)

شرح الكلمـات:

ألا: للتنبيه والتحذير عمومًا، ولكن هنا بمعنى البشارة.

التفسـير:

لقد أخطأ البعض في فهم قوله تعالى لا خوف عليهم ، فظنوا أن المراد منه أن أولياء الله تعالى لا يمرون بأي خطر، ولكن اللغة العربية لا تجيز هذا المعنى، لأن الخوف على أحد يعني أن يخاف أن تلحقه خسارة أو يهلك، فيقولون: خفت عليك أو خفت على نفسي. وهذا هو المراد هنا.. أي أنهم يكونون على يقين من نجاحهم لدرجة أنهم لا يخافون على أنفسهم من أي خسارة أو فشل، وليس المراد أنهم لا يتعرضون للمخاطر.

وبيّن بقوله تعالى ولا هم يحزنون أنهم لن يغتمّوا على ماضيهم، وهذا إشارة إلى أنه تعالى يحمي أولياءه من عواقب أخطائهم التي وقعوا فيها قبل نيلهم الدرجات العلى في قربه سبحانه وتعالى.

ما أكثَرَ ما في هذا المقام من الأمن والأمان. ليس هناك أية قوة في العالم تضمن سلامة الإنسان من أخطار المستقبل وأخطاء الماضي، إلاَّ ذات الله تعالى التي يجد الإنسان في كَنَفِها الطمأنينةَ الشاملة والسكينة التامة. لكن المؤسف أن هذه هي الحقيقة التي قلّما يدركها الناس ويهتمون بها، فيقرعون أبواباً لغير الله تعالى بحثاً عن العلاج الشافي لمشاكلهم وآلامهم، ولا يكون نصيبهم إلا اليأس والحرمان.

هذا وقد ذكر القرآن في أماكن أخرى أن أنبياء الله وأولياءه يصابون بالخوف والحزن، ولكن ذلك لا يكون من أجل أنفسهم وإنما بسبب الآخرين. وإن خوف الإنسان أو حزنه من أجل الآخرين لا يُعدّ عقابًا أو منقصة، وإنما هي فضيلة ومكرمة، حيث يعتبر مصابَ الآخرين مصابه هو ويشاطرهم همومهم. وبهذا المعنى ذكر القرآن الكريم حزن يعقوب ، إذ لم يكن حزنه بسبب تقصيرٍ منه، وإنما كان حزنه من أولاده الذين كانوا يرتكبون المعاصي وهكذا كانوا يُحرمون من قرب الله تعالى. وبنفس المعنى كان خوف زكريا إذ دعا ربه: إني خِفتُ الموالي من ورائي (مريم:6).. أي أخاف أن يفسد أقاربي وعشيرتي من بعدي. وخوفه هذا دليل على صلاحه وفضله ومدعاة للخير والثواب، لأنه ليس خوفًا من أجل نفسه وإنما من أجل الآخرين كيلا يضلوا وينحرفوا.

الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ   (يونس: 64)

التفسـير:

هذه الآية تصف أولياء الله تعالى بأنهم أرقى الناس كمالاً في الإيمان وأعلاهم درجةً في التقوى والصلاح. ولقد شرح النبي معنى الولاية شرحًا يبدو وكأنه تفسير لهذه الآية.

يقول سيدنا المصطفى : “إذا كان يوم القيامة يؤتى بأهل ولاية الله، فيقومون بين يدي الله ثلاثة أصناف. فيؤتى برجل من الصنف الأول فيقول: عبدي، لماذا عملتَ؟ فيقول: يا رب، خلقتَ الجنة وأشجارها وثمارها وأنهارها، وحورها ونعيمها، وما أعددت لأهل طاعتك فيها، فأسهرتُ ليلي، وأظمأت نهاري شوقاً إليها. قال: فيقول الله تعالى: عبدي، إنما عملتَ للجنة، هذه الجنة فادخلْها، ومن فضلي عليك أني قد أعتقتك من النار، ومن فضلي عليك أن أُدخلك جنتي. فيدخل هو ومن معه الجنة.

قال: ثم يؤتى برجل من الصنف الثاني فيقول: عبدي، لماذا عملتَ؟ فيقول: يا رب، خلقتَ نارًا وخلقت أغلالاً، وخلقت سعيرها وسمومها ويحمومها، وما أعددت لأعدائك وأهل معصيتك فيها، فأسهرتُ ليلي وأظمأت نهاري خوفًا منها. فيقول: عبدي، إنما عملتَ ذلك خوفًا من ناري، فإني قد أعتقتك من النار، ومن فضلي أن أدخلك جنتي، فيدخل هو ومن معه الجنة.

ثم يؤتى برجل من الصنف الثالث فيقول: عبدي، لماذا عملتَ؟ فيقول: حبـًّا لك وشوقًا إليك. وبعزتك قد أسهرتُ ليلي وأظمأت نهاري شوقًا إليك وحبًا لك. فيقول تبارك وتعالى: إنما عملت حبًّا لي وشوقًا إلي. فيتجلى الرب له جل جلاله فيقول: ها أنذا، فانظرْ إليّ. ثم يقول: مِن فضلي عليك أن أُعتقك من النار وأُبيحك جنتي، وأُزيرك ملائكتي، وأُسَلّم عليك بنفسي. فيدخل هو ومن معه الجنة. (فتح البيان، يونس الآية: وما ظنّ الذين… الخ)

ويبدو أن هذا الذي يؤتى به من كل صنف من أهل الولاية سيكون أفضَلَ وأكمل فرد فيهم، وكأنه يتقدم إلى الله تعالى مُمثِّلاً عنهم. وأما أكمَلُ فرد من الجماعات الثلاث وأعلاهم مقامًا في الولاية فهو يقينًا نبينا الكريم محمد المصطفى ، لأنه هو الذي كان ينادي لحظة وفاته بنبرة تفيض رقةً ولوعةً: اللهم الرفيق الأعلى.. الرفيق الأعلى (البخاري، المغازي).. أي أريد لقاء ربي.

وهناك أحاديث أخرى تذكر درجات شتى للأولياء منها:

فعلى الإنسان أن يحاسب نفسه دائما، لأنه لا يكفيه فقط قيامه بخدمة دينية جليلة أو قراءته كلامَ الله على الناس، بل عليه أن يراقب نيته وأسلوبه لدى أداء هذه الأعمال … فلا تفرحوا بأنكم تعملون من أجل الدين، لأن الله سوف يرى ما إذا كانت نياتكم طاهرة أم لا، وما إذا كان أسلوبكم مقربًا الناسَ إليه أم منفرًا أكثر من ذي قبل.

“عن أبي هريرة قال رسول الله : إن من عباد الله عبادًا يَغبِطهم الأنبياء والشهداء. قيل: من هم يا رسول الله، لعلنا نحبهم؟ قال: هم قوم تحابّوا في الله من غير أموال ولا أنساب. وجوههم نور على منابر من نور. لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس” (ابن كثير، يونس، الآية: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم).

يا لها من أيام رائعة حيث كان الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- يحبون الصالحين من عباد الله تعالى، أما اليوم فالناس يكرهون الصلحاء.

والحديث يعلّمنا الطريق الذي يصير به الإنسان وليًا لله تعالى، وهو أن يحب الذين يجتمعون على يد نبيٍ غير خائف لومة لائم، ابتغاء مرضاة ربه جل جلاله. هناك كثيرون يطلبون اليوم الدعاء لكي يصبحوا من أولياء الله تعالى، فعليهم أن يتذكروا أن السبيل إليه أن يطهّروا قلوبهم من البُغض، ويتركوا سبيل التفرقة، ويتحدوا مع جماعة إمام الزمان سيدنا  الإمام المهدي ، غير خائفين من لومة أهل الدنيا، ولا وَجِلين من الشدائد والمحن.

هذا، ولا يُخدعنّ أحدٌ هنا مما ذكر الحديث من اغتباط الأنبياء بهؤلاء الأولياء، فيظن خطأً أنهم أصبحوا أعلى من الأنبياء درجة. كلا، إنما المراد من غبطة الأنبياء لهم هو تمنـّيهم أن يكثر أمثالُ هؤلاء في أتباعهم، وليس أن يحرز الأنبياء هذه الدرجة، إذ لا يمكن لأحد أن ينال النبوة إلاّ إذا كان قد صار من أولياء الله تعالى واتصف بهذه الصفات من قبلُ.

Share via
تابعونا على الفايس بوك