جئتَ للوصل.. لا للفصل!!

جئتَ للوصل.. لا للفصل!!

التحرير

 أيها القارئ الكريم!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وكل عام وأنتم والإسلام بألف خير

مضت سنة 1989، والحمد لله على حلوها ومرّها. وبحلول سنة 1990 قد أوشكنا على الدخول في العقد الأخير من القرن العشرين، الذي يعتبرُه كثير من الخبراء من مختلف المجالات من أهم العقود في هذا القرن، بل وفي مجرى التاريخ، إذ ندخل بعده في الألف الثالث الميلادي.

وهنا لا بُدّ لنا، نحن المسلمين، من وقفة تأمل ومراجعة حساب..

وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (الحشر: 19).

لا شك أن العقد الحالي قد شهد مؤامرات خطيرة ضد الإسلام وأهله، وبالتالي ردود فعل وصحوة من المسلمين، والحمد لله على ذلك. ولكن لا بد لنا من تقييم هذه الصحوة وتصحيح هذه المسيرة ضد العدو. إذ لا تزال هناك أخطاء خطيرة، وأهمها تشتت صفوفنا رغم اتحاد كل القوات المعادية للإسلام التي أوقعت أهله في عراك عنيف مستمر فيما بينهم من حيث لا يشعرون، متناسين تعليم دينهم بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والتسامح ورحابة الصدر. مما يسبب تشويه صورة الإسلام ونبيه كما يريد العدو الماكر.

فعلينا قبل كل شيء بتوحيد الصفوف بنبذ الخلافات، مهما كانت، بالبحث عن نقاط الاتفاق والاشتراك فيما بيننا، بدلاً من إثارة نقاط الاختلاف وكيل التهم ضد بعضنا البعض.. لنكون بنيانًا مرصوصًا يستحيل على العدو صدعه. ولنعلم أن العدو اللعين قد لجأ في هذه الحرب الفكرية ضدنا إلى حيلة ماكرة وهي إثارة المسائل التي يختلف فيها المسلمون وتشجيع المتحمسين منهم على استخدام العنف، ملفتًا الأنظار بكل مكر إلى آيات السيف حتى يعملوا على حساب الإسلام من حيث لا يعلمون.

مما لا شك فيه أن هناك مسائل نختلف فيها نحن المسلمين، ولكن يجب ألا نجعلها نقاط خلاف يتمكن بها العدو منا. وإنما من مقتضى غيرتنا على الله ورسوله أن نتحد ضد العدو على كلمة سواء بيننا وهو حب الله ورسوله المصطفى . أما اختلافاتنا فيجب أن نسويها فيما بيننا، ولكن بالتمسك بالرفق والحلم ورحابة الصدر والموعظة الحسنة. وكلما أردنا الإصلاح والتوجيه يجب أن نتذكر قول رسولنا بأن الرفق زين للعمل والجفاء شين له.

لقد ورد في كتب التراث أن راعيًا كان ينادي الله وقد غلبه حبه تعالى، بلهجته البسيطة قائلاً: يا رب، يا حبيبي، تعال إليَّ، لأكون خادمًا لك.. أمشط شعرك، وأخيط ثيابك، وأسوي سريرك.. إلى غير ذلك من مشاعر تجيش بخاطر المحب. فسمعه سيدنا موسى ، وأسرع لضربه ومنعه من هذا الكلام المنافي لمكانة الله تعالى الذي ليس له جسد حتى يكون له شعر وثياب وسرير. فأوحى الله تعالى إلى موسى: لا تزجر عبدي هكذا. دعه يعبر عن حبه لي حسب طريقته البسيطة، وعلمه المحدود، وانصحه بلطف، لأنك جئت للوصل ولا للفصل.

وإن في ذلك لعبرة لأولي الألباب. (المحرر)

Share via
تابعونا على الفايس بوك