الحب الإلهي ولوازِمه
  • حب الأولياء والصالحين ضروري لكي نصل إلى حب الله تعالى.
  • من لوازم حب الله تعالى حب عباده والإحسان إليهم.
  • من أحب الله بصدق أغناه الله عن حب جميع البشر.

__

قال أبو حامد الغزالي رحمه الله المتوفى سنة 505 هـ:

 “إذا قيل لك أتحبُّ الله ورسوله فاسكُتْ، فإنّك إذا قُلتَ: لا، كَفَرْت، وإن قُلتَ: نعم!، طُولِبْتَ بالدّليل!”

فمـا حقيـقة الحبّ الإلهي وما لـوازم تحصيله؟

الحبّ في حقيقته هو الوصال المتين الذي يربط بين المحب ومحبوبه وهو تعلّقٌ خاص من تعلقات الإرادة، ولا تتحقق إرادة المحبة إلا بعد المعرفة بصفات المحبوب. فلا يحبُّ الإنسان إلا ما يعرفه ويُدركه، فالمحبة إذن تتحقق بعد إدراك ومعرفة، فالناس تحب من أدركت بمعرفتها أنه موصوف بالأخلاق الجميلة من تقوى ومروءة وشجاعة وعفّة وإيثار وكرم وسيرة حسنة.. وكل هذه الصفات الجميلة مرجوة ومحبوبة في كل من انطبعت فيه هذه الصورة المعنوية الخُلقية. وحيثما كانت هذه الصفات في أقصى مراتب كمالها وجمالها كانت المحبة في أعلى درجاتها.. ولما كان كل حُسن وجمال يُصبي القلوب ويستدعي حبا وعشقا، فمن الأولى أن يُصبينا الحُسنُ والجمال الروحاني في الله تعالى وأنبيائه ثم الولوج في عالم مقامات القُرب والحبّ الإلهي، ويأتي على رأس هذه المحبة محبة المعبود تبارك وتعالى الذي انكشفت لنا صفات جماله وجلاله وعظمته وإحسانه بالمشاهدة القلبية وآثار صفاته المتجلية، وكيف لا تُحبُّ تلك الذات المستجمعة لكل صفات الكمال والجمال المطلق؟! وقد عرّف الحق تعالى صفاته وأسماءه ووسمها بالحُسن كما جاء في القرآن الكريم:

الله لَا إِلـَهَ إِلَّا هُـوَ لَـهُ الْأَسْـمَاء الْحُـسْنَى (طه : 9) هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الحشر: 25) قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (الإسراء :111 )

ومن أسماء الحق تبارك وتعالى الحسنى الودود. والودّ من صفاته تعالى وهو الثابت فيه، وبه سُمّي الودّ ودّاً لثبوته في الأرض.

قال عنه الكاشاني: منهُ كملت مودته لله ولأوليائه فأحبّه الله، وألقى محبته على جميع خلقه، فأحبه الكل إلا جُهّال الثقلين.

يُعرّف الإمام محيي الدين بن عربي رحمه الله الودّ بقوله: “الودّ ثبات الحُبّ أو العشق أو الهوى، أيّةُ حالةٍ كانت من أحوال هذه الصفة، فإذا ثبت صاحبها الموصوف بها عليها، ولم يغيره شيءٌ عنها ولا أزاله عن حكمها، وثبت سلطانها في المنشط والمكره، وما يسوء ويسُرّ وفي حال الهجْرِ والطّرْد الذي يجب أن يظهر فيه محبوبه ولم يبرح تحت سُلطانه لكونه مظهر محبوبه، سُمّيَ لذلك ودّاً، وهو قوله تعالى:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً (مريم: 97)

أي ثباتا في المحبة عند الله وفي قلوب عباده، ولذلك سُمّيَ الحقُّ بالوَدُود لثبوت حُبّه. ثمّ إن من رزقه الله تعالى أن يُحبّه كحُبّه إيّاه أعطاه الشُّهود (رؤية الحق بالحق) – ونعّمَهُ بشهوده في صور الأشياء” (لوازم الحب)

كما نعت رسول الله الله بالجميل فقال: “إن الله جميل يحبّ الجمال”. (رواه مسلم)

فنبهنا عليه الصلاة والسلام بقوله أن ربنا جميل وفيه من صفات الحُسن الموجبة لحبه في عظيم أسمائه وصفاته وأفعاله، وأنه سبحانه يحبّ مِن عباده مَن عكس الصبغة الجمالية في مرآة قلبه فيكون العبد محبوبا عنده ويكون المعبود محبوبا عند العبد، وهذا ما أصبى قلوب العارفين من ذوي البصائر الروحانية…

«مَن ذاق مِن خالص محبة الله تعالى شغَلَه ذلك عن طلب الدنيا وأوحَشَه عن جميع البشر.» (حضرة أبي بكر الصديق )

قيل: من عرف الله بقلبه وبعظيم صفاته وحُسنى أسمائه واطمأن إليه بالعبودية واستقرّ قلبه بعرفانه كان عارفا، لذلك يسمّى كل من لازمته هذه المعرفة بالعارف، باعتبار معرفته بالله لازمة له على المحبة.

ولا شك أن هؤلاء الذين هم بمعية ربهم وتحققت لهم خُلّة محبة وفناء، لهم من الصفات الروحية الجلية التي هي ثمرة هذا الحب وأبرزها المحوية والعشق التي تجعلهم يرون كل شيء ما سوى الله معدوما وإن كان له وجود في الحقيقة، ففي الأثر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: “مَن ذاق مِن خالص محبة الله تعالى شغَلَه ذلك عن طلب الدنيا وأوحَشَه عن جميع البشر!. وهذا من أسمى مراتب الحب ولوازمه الذي يُشرق منه التوحيد الكامل في أجمل صورة وقد أشار المسيح الموعود إليه بقوله:

“..كمال هذا التوحيد يكمن في أن ما سوى الله يكون موجوداً في الواقع، إلا أنه يصبح كالمعدوم في نظرة السالك العاشقة المشتعلة نتيجة حب الله تعالى اشتعالا كاملا، فيعتبر ما سوى الله معدوماً ومنفياً بسبب غلبة حب الحضرة الأحدية، إذ لو كان ما سوى الله معدوماً منفياً في الواقع، لفقد هذا التوحيد من الدرجة الثالثة كل حُسنه وجماله، ذلك أن حُسن هذا التوحيد الكامل يكمن في استيلاء حب المحبوب الحقيقي وعظمته على قلب السالك بحيث تبدو له الأشياء الأخرى كالمعدوم نتيجة غلبة شهوده التام لمحبوبه…إن اعتبار غير الله معدوما من لوازم كمال العشق. أما إذا كان هذا غير معدوم في الواقع، فهو ليس دليلاً على استيلاء المحبة وجنون العشق… ملخص القول: لقد بيّن القرآن الكريم أن كمال التوحيد أن يعتبر المحب الصادق، بسبب غلبة حب محبوبه الحقيقي ورؤية عظمته، ما سوى حبيبه كالمعدوم، وليس أنه يكون معدوماً في الواقع، لأن اعتبار المعدوم معدوماً لا يدل على غلبة العشق والمحبة. إذاً فلا بد للعاشق الصادق من التوحيد، لأنه علامة كمال عشقه. إنما التوحيد ألا ينظر إلا إلى واحد..)  (مكتوبات أحمدية، المجلد الأول، الرسالة رقم 43)

لقد عدّ المسيح الموعود محبة الله لازما من لوازم كمال التوحيد وخاصية من خصائصه الثلاث التي تندرج ضمن توحيد الذات وتوحيد الصفات، إذ بدونه لا يمكن لوحدانية الله أن تكون كاملة في القلب عقيدة ومسلكا، وأسماه سيدنا أحمد : توحيد الحب والاخلاص والصفاء. ومعناه، أن لا نجعل أحدا شريكا لله في حبنا وعبادتنا له والتفاني فيه عز وجل. (الرد على أربعة أسئلة لسراج الدين المسيحي، الخزائن الروحانية ج12 ص349-350)

وتوحيد المحبة ومعناه له أصلٌ واضح في القرآن العظيم، حيث قال تعالى:

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهأَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لله وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لله جَمِيعاً وَأَنَّ الله شَدِيدُ الْعَذَابِ (البقرة : 166) قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (التوبة : 25) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ (المائدة : 55)

ورُبَّ سائل يسأل: إن كان الله هو المستحق للمحبة وحده أفلا نحب الأنبياء والأولياء والصديقين وخَلْقَ الله؟

والجـواب:

إن حُبّ الأنبياء أمر واجب للإيمان والتصديق، ومن لوازم الحب  الإلهي، لأن حبهم من عين حب الله تعالى من حيث انتسابههم إليه، حيث اصطفاهم مع تفاوت مقاماتهم، ولكونهم محبوبي الله تعالى ومن الأخيار. فكيف لا نحب من أحبهم الله تعالى واختارهم من بين صفوة الناس ونعتهم في كتابه المجيد:

وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (ص: 48)

ونجد في القرآن والحديث الشريف من الشواهد العديدة، كقوله تعالى:

قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ (آل عمران : 32) وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (طه : 40)

كما أن حب النبي لازمٌ من لوازم حب الله بصفته خاتم النبيين إذ حوى كل كمالات الأنبياء وهداياتهم المتفرقة، فهي مجتمعة في شخصه عليه الصلاة والسلام بجملتها ولا يوجد في غيره من النبيين إلا آحادها قال تعالى:

أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمين (الأنعام: 91)

وفي الحديث الشريف: “لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما”  (متفق عليه)

وقال    :

“أحبّوا الله لِمَا يغذُوكم به من نِعَمِه وأحبّوني لِحُبِّ الله إيّاي”. (أخرجه الترمذي)

ونجد في كتب السنة والسيرة شواهد عديدة على حب الصحابة لله ورسوله ، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر ذلك الأعرابي الذي قَدِمَ إلى النبي فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: ما أعددتَ لها؟، فقال: ما أعددتُ لها كثير صلاة ولا صيام إلا إنيّ أحبُّ الله ورسوله، فقال له رسول الله : المرءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. (متفق عليه من حديث أنس وأبي موسى وابن مسعود)

أما عن حب أهل الولاية والصلاح فلجمال صفاتهم لا لذواتهم الجسمانية، فكل ما يظهر منهم من حسن الأفعال والصفات الروحية يصبي القلوب لتعلقهم بالله تعالى فوجب حبهم لأسباب منها:

– علمهم بالله تعالى وحبهم له وتعلقهم به وعملهم بمقتضى ذلك.

– فلاحهم في إصلاح أنفسهم ومجاهدتها وإصلاح غيرهم.

– طهارتهم من رذائل الأخلاق والأدناس والأرجاس الظاهرة والباطنة.

– ثناء الله عليهم وتبشيره إياهم وتوعد من يؤذيهم بحرب منه تعالى.

ففي الحديث القدسي: عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أُحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه. (البخاري)

فهم قوم اصطفاهم الله بمحبّته، وآثرهم بفضله ورحمته، لاعتصامهم بالتقوى، واجتهاد نفوسهم في نيل رضوان الله، وحبه وحبّ رسوله المصطفى ، ولم تملّ أبدانهم قطّ من الوصال بالله وتتبع أسباب الطاعات والقُرُبات، فأفاض عليهم من أنواره، وجعل لهم مكانة لم يجعلها لغيرهم، وتولاّهم بنصرته وتأييده، فأولئك هم أولياء الله الذين وجبت محبتهم باعتبارها لازما من لوازم حب الله.

وكيف لا نحبهم وهم قوم عصموا من هواجس الأهواء والضلال، فبُشّروا بالأمن والسعادة في الدنيا والآخرة:

أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (يونس: 63 - 64)،

 كما أنّى لهم أن يخافوا وقد آمنوا بالله وتوكّلوا عليه وأخلصوا في حبه وكانوا في حصنه؟ وأنّى لهم أن يحزنوا وقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه؟ فأينعت بذرة إيمانهم عملا صالحا، وسكينة، ويقينا في القلب . حيث بلغ من علو شأنهم، وسمو قدرهم، أن أعلن ربّ العزّة الحرب على كل من أراد بهم سوءاً، أو ألحق بهم أذى، كما جاء في قوله : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب.

وقد علمنا النبي في الدعاء ما يستوجب التماس حب الله وحبّ من أحبّ الله بما يزيدنا قُرباً: اللهم ارزقني حُبّك وحُبّ من أحبّك ما يُقَرّبني إلى حُبّك واجعل حُبّك أحبَّ إليَّ من الماء البارد. (الطبراني وأحمد)

ومن لوازم حبّ الله تعالى وذرائع تحصيله حبّ خَلْقِه والإحسان إليهم ومواساتهم،  جاء في الأثر عن النبي :

“الخلق عِيالُ الله، وأحبّكم إلى الله أنفعكم لعياله” أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط.

ومن أقوال المسيح الموعود بهذا الصدد:

إن الشفقة على الناس ومواساتهم عبادة عظيمة، وذريعةٌ كبيرة لنيل رضوان الله تعالى..

(الملفوظات ج8، ص102)

تذكّروا أن الله عزّ وجلّ يحب العمل الحسن كثيرا، ويحبّ أن يُعامِلَ المرءُ خَلْقَ الله برأفة.. فيا أيها المنتمون إليّ، عليكم أن تواسوا كل إنسان أيّاً كان دينه، وتُحسنوا إلى الجميع دون تمييز، لأن هذا هو تعليم القرآن الكريم..

(الملفوظات، الإصدار الجديد، ج4، ص218)

«…فيعتبر ما سوى الله معدوماً ومنفياً بسبب غلبة حب الحضرة الأحدية، إذ لو كان ما سوى الله معدوماً منفياً في الواقع، لفقد هذا التوحيد من الدرجة الثالثة كل حُسنه وجماله، ذلك أن حُسن هذا التوحيد الكامل يكمن في استيلاء حب المحبوب الحقيقي وعظمته على قلب السالك بحيث تبدو له الأشياء الأخرى كالمعدوم نتيجة غلبة شهوده التام لمحبوبه….»  (المسيح الموعود )

فإن كان في هذا العصر من شخص أحبّ الله حُبّا جما وأوفى بلوازمه المشار إليها فهو سيدنا المسيح الموعود الخادم الوفي الصادق للنبي ويتجلّى هذا في لسان حاله وقاله شعراً ونثراً، وسلوكه وكتاباته وكشوفه وسَفَرِ جهاده العظيم الخالد، ونقتطف لكم بعضا من هذه  الشواهد:

يقول المسيح الموعود : إن فردوسنا إلهنا، وإن أعظم ملذاتنا في ربنا، لأننا رأيناه ووجدنا فيه الحُسنَ كلّه. هذا الكنـز لجديرٌ بالاقتناء ولو افتدى الإنسان به حياتَه، وهذه الجوهرة لَحَرِيَّةٌ بالشِّراء ولو ضحّى الإنسان في طلبها كلّ وجوده.

(سفينة نوح، الخزائن الروحانية مجلد19 ص21-22)

أما عن بعض كشوفاته المعبرة عن عظيم الحب الإلهي يقول :

..رأيتُ الأنوار الروحانية على وجه التمثيل كأعمدة لها ألوان مختلفة كالأخضر والأحمر، وكانت تتراءى من الجَمال وقوّة التأثير ما يعجز الإنسان عن وصفه. وكانت تلك الأعمدة النورانية المتصاعدة نحو السماء التي كانت بعضها ناصعة البياض وبعضها خضراء وأخرى حمراء كلُّها كانت تتصل بقلبي اتصالا خاصاً يبعثُ السرور في القلب، حتى كنتُ أشعر عند مشاهدتها في قلبي بنشْوَةٍ خاصة لا سبيل لمقارنة لذّتها مع أي شيء آخر. وكُنْتُ أتصوّرُ أنّ تلك الأعمدة الروحانية هي تعبير عن الحُبّ المتبادل بين الله والإنسان.. ويعني ذلك أن نوراً قد تصاعد من القلب ونوراً آخر قد نزل من فوق..وأخذ شكل عمود نوراني حينما التقيا. إن هذه الأمور الروحانية مما لا يمكن لأهل الدنيا أن يُدْركوها، لأنها بعيدةٌ عن عيونهم، ولكن هناك مَنْ مَنَّ الله عليه في الدنيا بإدراك هذه الأمور.

(من كتاب البريّة، الخزائن الروحانية المجلد13 ص197-200 الحاشية)

Share via
تابعونا على الفايس بوك