من هو الناجي
التاريخ: 2015-12-18

من هو الناجي

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • معارضو الجماعة الإسلامية الأحمدية يرمونها بتهم باطلة لتضليل الناس.
  • أصحاب الفطرة السليمة لا يتأثرون بالأضاليل خصوصا بعد قراءة كتب المسيح الموعود للبحث عن الحقيقة.
  • اتباع النبيِّ بصدق القلب وحبه يجعل الإنسان محبوبًا عند الله.
  • كل من ينال شرف المكالمة الإلهية ينالها ببركة النبيِّ الكريم وبواسطته.

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين (آمين)

منذ أن أعلن المسيح الموعود بأنه المسيح الموعود والمهدي المعهود ومعارضو الأحمدية أو المشايخ المزعومون يثيرون ضده شتى الاعتراضات ويتهمونه بشتى التهم، وبالتالي يضلون عامة المسلمين أو يسعون لإغوائهم. هذا ديدنهم ولن ينفكوا عنه. وإن أكبر تهمة يثيرونها لتأجيج مشاعر المسلمين الآخرين هي أن المسيح الموعود كان –معاذ الله- يفضل نفسه على النبي . بل وتحقيقًا لبعض مآربهم قد تمادى هؤلاء المشايخ في افترائهم وظلمهم أنْ قالوا أن سيدنا المسيح الموعود قد تكلم –والعياذ بالله -بكلمات نابية مسيئة إلى النبي . ولا يزالون يرمون اليوم الجماعةَ الإسلامية الأحمدية بالتهمة نفسها حيثما وجدوا فرصة وحيثما كانت لهم قدرة، فيقولون إن الأحمديين يفضلون –والعياذ بالله- المسيح الموعود على النبي . ولكنّ ذوو الفطرة الطيبة الذين قرأوا كتب المسيح الموعود ومنشورات الجماعة أو استمعوا لأقواله قد أدركوا فورًا أن هؤلاء المشايخ المزعومين المفسدين في الأرض إنما تكلموا بهذا الكلام ورمونا بهذه التهم من أجل إثارة الفتنة فقط.
سوف أقرأ على مسامعكم الآن أقوالاً للمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام اقتبستُها من كتبه المختلفة. يستحيل في هذا الوقت الضيق قراءة كل ما قاله المسيح الموعود في كتبه لبيان مكانة النبي كما فهمها وأدركها حضرته ، إنما سأقدم لكم في هذه العجالة بعض أقواله التي تبين مكانة ومرتبة النبي عنده، وذلك بدءًا من وقت تأليفه كتابه البراهين الأحمدية وحتى آخر كُتبه أو ما كَتبه قبيل وفاته. لقد نشر حضرته البراهين الأحمدية بأجزائه الأربعة ما بين 1880 إلى 1884، وقد جُمعت في المجلد الأول في مجموعة الخزائن الروحانية. لقد قال حضرته في كتابه هذا:

“هناك نبي واحد وكتاب واحد تحت أديم السماء؛ أي سيدنا محمد المصطفى الذي هو أعلى الأنبياء جميعا وأفضلهم، وأتم الرسل كلهم وأكملهم، وهو خاتم الأنبياء وخير الناس، وباتباعه يمكن الوصول إلى الله تعالى وتزول الحُجُب المظلمة، وتظهر علامات النجاة الصادقة في هذه الدنيا. وإن القرآن الكريم الذي يشمل الهديَ والتأثيرات الكاملة والصادقة، وبسببه تُنال العلوم والمعارف الحقة ويتطهَّر القلب من الشوائب البشرية ويتخلص المرء من حُجُب الجهل والغفلة والشبهات ويصل إلى مرتبة حق اليقين.”

(أي يوقن بعلو مقام النبي وقدرة الله تعالى ووحدانيته وبعظمة القرآن الكريم وبأن القرآن كلام الله تعالى الذي نزل على النبي .)

“باختصار إن الوحي الإلهي مرآة يتجلى فيها وجه صفات الله الكمالية بحسب الصفاء الباطني للنبي المنـزَّل عليه. ولما كان النبي يفوق جميعَ الأنبياء في سريرته الطيبة وانشراح الصدر والعصمة والحياء والصدق والصفاء والتوكل والوفاء والحب الإلهي بجميع لوازمه، وكان أفضلهم وأعلاهم وأكملهم وأرفعهم وأجلاهم وأصفاهم لذا فإن الله جل شأنه قد عطَّره بعطر الكمالات الخاصة…. فقد عُدَّ وحده جديرا بأن ينزل عليه وحيٌ هو أقوى من كل وحي أُنزل على جميع الأولين والآخرين وأكمله وأرفعه وأتمه وبذلك مثَّل قلبه مرآة نقية جدا وواسعة وعريضة لانعكاس الصفات الإلهية.”

ثم يقول في الكتاب نفسه أي البراهين الأحمدية:

“أنا أيضا من أحقر خدام ذلك النبي الجليل الشأن الذي هو سيد الرسل وتاج المرسلين أجمعين”.

ثم يقول في تأليفه “كحل لعيون الآريا” الذي ألّفه في عام1886م:

“باختصار إن الوحي الإلهي مرآة يتجلى فيها وجه صفات الله الكمالية بحسب الصفاء الباطني للنبي المنـزَّل عليه. ولما كان النبي يفوق جميعَ الأنبياء في سريرته الطيبة وانشراح الصدر والعصمة والحياء والصدق والصفاء والتوكل والوفاء والحب الإلهي بجميع لوازمه، وكان أفضلهم وأعلاهم وأكملهم وأرفعهم وأجلاهم وأصفاهم لذا فإن الله جل شأنه قد عطَّره بعطر الكمالات الخاصة أكثر من الجميع (أي قد نال النبي نصيبا أكبر من غيره)… والصدر والقلب الذي كان أكثر رحابةً من صدور جميع الأولين والآخرين وأكثرها طهارة وبراءة ونورا، فقد عُدَّ وحده جديرا بأن ينزل عليه وحيٌ هو أقوى من كل وحي أُنزل على جميع الأولين والآخرين وأكمله وأرفعه وأتمه وبذلك مثَّل قلبه مرآة نقية جدا وواسعة وعريضة لانعكاس الصفات الإلهية.”

ثم ذكر أعلى درجة لتجلي وحي الله تعالى في تأليفه “توضيح المرام” الذي ألّفه في عام 1891م وقال:

“هذه المرتبة قد حظي بها شخص واحد في الدنيا، (أي الدرجة العليا من تجلي الوحي الإلهي قد حظي بها شخص واحد) أي الإنسان الكامل الذي اكتملت عليه سلسلة البشرية كلها، وبلغت حلقة القدرات البشرية فيه أوج كمالها. (أي قد بلغت جميع قدرات الإنسان ومؤهلاته كمالها) والحق أنه هو النقطة الأخيرة في الجانب الأعلى لسلسلة خلق الله، والمنتهى لكافة مراتب الارتقاء. (أي هو النقطة الأخيرة إذا رُسم خط في منتهى خلق الله تعالى) إن حكمة الله تعالى بدأت سلسلةَ الخلق من الأدنى والأسفل على الإطلاق، وأوصلتها إلى النقطة الأعلى على الإطلاق، والتي تسمَّى بتعبير آخر “محمدًا “، أي الذي حُمِّد كثيرا؛ أي هو مظهر الكمالات التامة. فكما حظي ذلك النبي بالمكانة الأعلى والأرفع فطرةً، كذلك وُهبت له المرتبة الأعلى والأرفع خارجيا من الوحي أيضا، وحظي بالمرتبة الأعلى والأرفع من الحب أيضا. هذه هي المرتبة العليا التي لم يصلها المسيح ولا أستطيع أنا الوصول إليها”. (أي لا يمكن أن يصل إلى هذا المقام الرفيع المسيح الموعود ولا عيسى عليهما السلام).

ثم يقول في كتابه مرآة كمالات الإسلام (المجلد الخامس من الخزائن الروحانية) الذي ألّفه في عام 1892-1893م في جزءين، بالأردية والعربية:

“إن ذلك النور الأجلى الذي وُهب للإنسان، أعني للإنسان الكامل، لم يكن في الملائكة، ولا في النجوم، ولا في القمر، ولا في الشمس، ولم يكن في بحار الأرض ولا أنهارها، ولا في اللَّعْل، ولا في الياقوت، ولا في الزمرّد، ولا في الماس، ولا في اللؤلؤ؛ باختصار، لم يكن ذلك النور في أي شيء من الأرض أو السماء، وإنما كان في الإنسان، أي ذلك الإنسان الكامل الذي كان سيدنا ومولانا، سيد الأنبياء، سيد الأحياء محمد المصطفى أتمَّ وأكملَ وأعلى وأرفعَ فردٍ من نوع البشر. فقد أُعطي هذا النور لذلك الإنسان، كما أُعطيه الآخرون أيضا -بحسب مراتبهم- الذين تصبّغوا بصبغته، أي لأولئك الذين كانوا متصبغين بالصبغة نفسها إلى حد ما. والمراد من الأمانة جميع القوى والعقل والعلم والقلب والروح والحواس والخوف والحب والعزة والجاه وجميع النِّعم الروحانية والمادية التي يهبها اللهُ تعالى للإنسان الكامل (أي سيدنا النبي ) ثم يعيد الإنسان الكامل تلك الأمانة كلها إلى الله تعالى بحسب الآية:

إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ؛

(فالمراد من الأمانات المسئوليات التي يلقيها الله بنفسه. فإن الله أحق بأن ترد إليه هذه الأمانات أي حقوق الله، وإن أكثر من أدى هذه الأمانات على خير ما يرام هو سيدنا النبي ) بمعنى أنه يفنى فيه وينذر نفسه في سبيله. (فما معنى تأدية الأمانات إلى الله، إنما المراد منها أن يتفانى المرء في الله ويوقف حياته لخدمة دينه ونشره وعبادته وتأدية حقوقه بحسب ما أمر (وإن هذه الميزة وُجدت بوجه أعلى وأكمل وأتم في سيدنا ومولانا وهادينا النبي الأمّي الصادق والمصدوق محمد المصطفى كما شرحت ذلك في مقالي “حقيقة الإسلام”، حيث يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ،

وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ،

فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ ، وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ .

(يقول مفسرا هذه الآيات من السور المختلفة، لكن حضرته لم يذكر الترجمة الكاملة وإنما بيّنها باختصار، وهي قل لهم إن صلاتي وجُهدي في العبادة وتضحياتي وحياتي وموتي لله وفي سبيله كله لله الذي هو رب العالمين الذي لا شريك له وأمرت أن أكون أول المسلمين أي ليس هناك أي إنسان كامل مثل النبي الذي تفانى في الله بدرجة عليا منذ بدء الدنيا)
ثم يقول في الجزء الأول من كتابه “نور الحق” (المجلد الثامن من الخزائن الروحانية) الذي ألّفه في عام 1894م:

“طوبى للذي قام لإعلاء كلمة الدين ونهض يستقري طرق مرضاة الله النصير المعين. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على سيد رسله.”

ثم قال في كتاب “إتمام الحجة” الذي ألّفه في عام 1894م ويقع في المجلد الثامن:
ذلك الإنسان الذي كان إنسانا كاملا ونبيا كاملا وقد جاء ببركات كاملة والذي بسبب البعث الروحاني والحشر الروحاني منه قامت القيامة الأولى في العالم، واستعاد العالم الميت حياته بمجيء ذلك النبي المبارك خاتم الأنبياء إمام الأصفياء ختم المرسلين فخر النبيين محمد المصطفى . يا إلهي الحبيب صلِّ على هذا النبي الحبيب صلاة لم تصلِّها على أحد منذ بدء العالم. فلو لم يُبعث هذا النبي العظيم في العالم لما كان عندنا أي دليل على صدق جميع الأنبياء الصغار الذين أتَوا في العالم مثل يونس وأيوب والمسيح ابن مريم وملاخي ويحيى وزكريا وغيرهم وغيرهم، وإن كان كلُّهم مقربين ووجهاء وأحباء الله. فمن منَّة هذا النبي أن هؤلاء أيضا قد عُدُّوا من الصادقين في العالم. اللهم صل وسلم وبارك عليه وآله وأصحابه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ثم قال في تأليفه “الديانة الآرية” الذي ألّفه في عام 1895م:

“إن معارضينا الدينيين (أي معارضو الإسلام) يجرحون قلوبنا استنادا إلى الروايات التي لا أصل لها والقصص الباطلة التي لم ترِدْ في كُتبنا المسلَّم بها أبدا وإنما هي مفتريات المنافقين. ويسيئون إلى سيدنا ومولانا النبي ويسبّونه بناء على أمور لا يوجد لها أي أثر في كتبنا الموثوق بها. فما الذي يجرح قلوبنا أكثر من عزْمهم على أن يتَّهموا بالزنا وارتكاب الفاحشة- استنادا إلى بضع مفتريات باطلة- سيدَنا ومولانا محمدا المصطفى (والعياذ بالله) الذي نؤمن بعد تحقيق كامل بأنه سيد الأبرياء ورئيس المقدسين الذين خرجوا من بطن امرأة، ونؤمن بأنه خاتم الأنبياء. لأن جميع النبوّات والقداسات والكمالات قد ختمت عليه.”

ثم هناك مؤلف له من 1897 وهو السراج المنير، يقول حضرته فيه: عندما ننظر بعين الإنصاف نجد نبيا عظيما واحدا حائزا الدرجة العليا في سلسلة النبوة كلها ونبيا حيا واحدا وأحبَّ الأنبياء إلى الله تعالى، بطلا واحدا، أي سيد الأنبياء وفخر الرسل وتاج المرسلين الذي اسمه محمد المصطفى وأحمد المجتبى – -، الذي لو سار أحد في ظله لعشرة أيام لنال نورا ما كان ليُنال إلى ألف سنة.
ثم قال حضرته في أحد كتبه “كتاب البراءة” الصادر في 1898:
إن آيات نبينا ومعجزاته على نوعين، أحدهما ما ظهر على يده أو بقوله أو فعله أو بدعائه ويقدَّر عدد هذه المعجزات بثلاثة آلاف تقريبًا. أما النوع الثاني من المعجزات فهي التي تظهر بواسطة أُمته على الدوام، وقد بلغ عدد هذه الآيات مئات الألوف، ولم يخلُ قرن من مثل هذه الآيات؛ ففي هذا العصر يُظهر الله هذه الآيات على يد هذا العبد المتواضع. وإننا لنعلم يقينا من الآيات التي لم تنقطع في أي زمن أن أعظم أنبياء الله وأحبهم إليه هو سيدنا محمد المصطفى ، لأن أمم بقية الأنبياء واقعةٌ في ظلام وليس عندهم غير القصص الماضية والأساطير، أما هذه الأمة فتنال من الله دومًا آيات متجدِّدة، لهذا يوجد في هذه الأمة معظم العارفين الذين يؤمنون بالله وكأنهم يرونه. أما الأمم الأخرى فلا تتمتع بمثل هذا اليقين بالله تعالى، لهذا إن أرواحنا تشهد على أن الدين الصادق والصحيح هو الإسلام وحده. نحن لم نلاحظ من عيسى شيئًا، فلو لم يشهد القرآن الكريم لما كان لنا ولا لأي باحث أن يعدّه نبيًّا صادقًا، لأنه حين لا تبقى في أي دين سوى قصص وأساطير، فلا يَثبت صدق مؤسسه أو مقتداه على وجه الحقيقة بناء على تلك القصص فقط. والسبب في ذلك أن القصص التي مضت عليها مئات السنين من المحتمل أن تكون كاذبة، بل كفة هذا الاحتمال تبدو راجحة، لأن الكذب في العالم كثير. فكيف يمكن التسليم بتلك القصص بأنها أحداث واقعية؟ لكن معجزات نبينا ليس لها صبغة القصص فقط، بل نحن نتمتع بتلك الآيات نتيجة اتباعنا للنبي ، فببركة المعاينة والمشاهدة نصل إلى حق اليقين. فما أعظم شأنَ ذلك النبي الكامل والمقدّس الذي نبوتُه تُري الطالبين إثباتًا متجدِّدًا دومًا! فنحن ببركة الآيات المتتالية نرتقي إلى المراتب العالية بسبب هذا الكمال وكأننا نتمكّن من رؤية الله بأم أعيننا، فهذا ما يسمى دينًا، وهذا ما يُسمى نبيًّا صادقًا يلاحظ ربيع صدقه دومًا، وفي كل عصر. فلا يليق بالعقلاء الثقة بمجرد القصص التي يحتمل فيها أنواع الإضافات والنقص. لقد اتخذ مئات الناس آلهة في هذا العالم، والمئات يُعَدون أصحاب كرامات بناء على الأساطير، إلا أن صاحب الكرامات على وجه الحقيقة هو ذلك الذي لا يجفُّ نهر كراماته في أي زمن، فذلك الإنسان هو سيدنا ومولانا النبي محمد . لقد بعث الله في كل زمن مَن أظهر معجزات ذلك الكامل والمقدس، وقد بعثني أنا مسيحًا موعودًا في هذا الزمن. انظروا، إن الآيات تظهر من السماء وتظهر أنواع الخوارق، ولكل طالب حق أن يرى الآيات بالمكوث عندنا سواء كان مسيحيًّا أو يهوديًّا أو آرِيًّا، فكل هذه البركات لنبينا .
ثم يقول حضرته في كتيبه أربعين رقم واحد وهو من الخزائن الروحانية مجلد 17: إنني أقول صدقًا وحقًا إنه هو الإنسان الكامل الوحيد على وجه الأرض الذي تحقُّقُ نبوءاتِه واستجابةُ دعواته وظهورُ خوارقَ أخرى على يديه أمرٌ ما زال دفّاقا كالنهر حتى اليوم عن طريق أتباعه الصادقين من الأمة. أين الدينُ غيرُ الإسلام الذي يتمتّع بهذه الميزة والقوة؟ وأين يوجد أناسٌ وفي أي بلد يُقيم أولئك الذين يقدرون على منافسة الإسلام في البركات والآيات؟
ثم يقول حضرته في مؤلفه سفينة نوح الصادر في 1902: لا كتابَ لبني نوع الإنسان على ظهر البسيطة الآن إلا القرآن، ولا رسولَ ولا شفيعَ لبني آدم كلهم إلا محمد المصطفى ، فاسعوا جاهدين أن تحبّوا هذا النبيَّ ذا الجاه والجلال حبًّا صادقًا، ولا تُفضِّلوا عليه غيرَه بشكل من الأشكال، لكي تُكتَبوا في السماء من الناجين.
واعلموا أنّ النجاة ليست بشيء يظهر بعد الموت، إنما النجاة الحقيقية هي تلك التي تُري لمعانها في هذه الحياة الدنيا. ألا من هو الناجي؟ هو ذاك الذي يوقن بأن الله حق، وأَن محمّدا شفيعُ الخَلق كلهم عند الله، وأنْ لا مثيلَ له مِن رسول ولا مثيلَ للقرآن من كتاب تحت أديم السماءِ، وأن الله تعالى لم يشأ لأحد أن يحيا حياة الخلود، إلاّ أنّ هذا النبي المصطفى حيّ خالد إلى أبد الآبدين.
ثم يقول حضرته في كتابه نسيم الدعوة الصادر في عام 1902 نفسه: إن أرواحنا وكل ذرة من كياننا تسجد لذلك الإله القادر والصادق والكامل الذي بيده خُلقت كل روح وكل ذرة من المخلوقات مع كل قواها، والذي بوجوده يقوم كل وجود. لا يخرج شيء عن علمه ولا عن سيطرته ولا عن دائرة خَلقه. وآلاف الصلوات والرحمات والبركات على النبي الطاهر محمد المصطفى الذي بواسطته وجدنا الإله الحي الذي يهبنا بكلامه آيات وجوده (أي قد وجدنا الإله الحي المتصف بجميع الصفات التي ذكرت آنفا لله بواسطة النبي ) ، وبإظهاره آيات تفوق العادة يُرينا وجها منيرا لقدراته وقواه القديمة والكاملة. فقد وجدنا رسولا أرانا اللهَ عيانا، ووجدنا إلـهًا خلق كل شيء بقدرته الكاملة. ما أعظم قدرته التي لا يخرج شيء إلى الوجود بدونها، ولا بقاء لأيّ شيء بغيرها! إن إلـهنا الحق ذو حُسن وإحسان وبركات كثيرة وقدرات لا تُعَدّ ولا تحصى، ولا إلـه سواه.
فقد وجدنا هذا الإله بواسطة النبي .
ثم يقول في كتابه محاضرة سيالكوت الصادر في 1903: غاية القول إن كل هذه المفاسد التي طرأت على هذه الأديان- وبعضها لا يجدر بالذكر أيضا وهي تنافي الطهارة الإنسانية- كانت كلها مؤشرات إلى حاجة العصر إلى الإسلام. (أي قد أصيبت الأديان القديمة بالمفاسد لأنه كانت هناك حاجة للإسلام)
فلا بد للعاقل الفطين من الاعتراف بأن كل الأديان كانت قد فسدت وفقدت الروحانية قبل الإسلام بفترة وجيزة. فكان نبينا هو المجدد الأعظم في مجال بيان الصدق الذي أعاد الحق المفقود إلى الدنيا، ولا أحد يشارك نبينا في هذا الشرف، حيث وجد العالم كله في الظلام، وبظهوره تحوّل الظلام إلى النور، ولم يغادر الدنيا حتى خلعَ القوم كلهم الذين بُعث إليهم لباسَ الشرك، ولبسوا حُلّة التوحيد. وليس ذلك فحسب، بل وصلوا إلى أرفع مراتب الإيمان، وظهرت على أيديهم من أعمال الصدق والوفاء واليقين ما لا نظير له في أي بقعة من بقاع العالم. و هذه الدرجة من النجاح لم تكن من نصيب أيّ نبي سوى نبينا الأكرم . هذا هو الدليل الأكبر على صدق نبوة سيدنا رسول الله ، إذ بُعث في زمن غارق في الظلمات؛ وكان بطبيعة الحال يتطلَّبُ بعثة مصلح عظيم الشأن. ثم إنه ارتحل من الدنيا بعد أن تمسك مئات آلاف الناس بالتوحيد والصراط المستقيم، متخلين عن الشرك وعبادة الأصنام. والحق أن هذا الإصلاح الكامل كان خاصًّا به وحده، حيث علّم قومًا همجيين ذوي طبائع وحشية؛ عادات الإنسانية، أو قولوا بتعبير آخر أنه حوَّل البهائم أناسًا، ثم حوّل الناس إلى أناسٍ مهذبين، ثم جعل المهذبين أناسًا ربانيين، ونفخ فيهم الروحانية وأنشأ لهم علاقة مع الإله الحق؛ فذُبحوا في سبيل الله كالشياه، ودِيسوا تحت الأقدام كالنمل، ولكنهم لم يتخلوا عن الإيمان قط، بل مضوا قُدُمًا عند كل مصيبة. فلا شك أن نبينا هو آدم الثاني من حيث توطيد دعائم الروحانية، بل هو آدم الحقيقي؛ إذ بلغت بواسطته كل الفضائل الإنسانية كمالها، وأخذت كل القوى الصالحة تعمل عملها، ولم يبق غصن من أغصان الفطرة الإنسانية دون ورق وثمر. ولم تُختم عليه النبوة من حيث إنه الأخير زمانًا فقط، بل أيضا من منطلق أن جميع كمالات النبوة خُتمت به. وما دام هو المظهر الأكمل للصفات الإلهية ؛ فكانت شريعته متصفة بالصفات الجمالية والجلالية كلتيهما، ولهذا السبب سُمي باسمين: محمد وأحمد . وليس في نبوته العامة شيء ينم عن البُخل، بل هي للعالم كله منذ الأزل.
ثم قال في البراهين الأحمدية الجزء الخامس الذي ألّفه في عام 1905م:
آلاف الشكر لله الذي وهب لنا دينا هو وسيلة لمعرفة الله وخشيته، ولم يوجد نظيره في أيّ زمان قط، وآلاف الصلوات على ذلك النبي المعصوم الذي بفضله اعتنقنا هذا الدين المقدس. وآلاف الرحمات على صحابة النبي الأكرم الذين سقَوا هذا البستان بدمائهم.
وقال في الكتاب نفسه: كان في نوح الحسنُ نفسه الذي كانت رعايته مقدّرة عند الله جلّ شأنه، فأُهلك المنكرون كلهم بعذاب الطوفان. (أي لقد أهلك الله قوم النبي نوح ) ثم جاء بعده موسى بالحسن نفسه الذي أغرق فرعونَ في نهاية المطاف بعد أن تحمل الإيذاء والمصاعب لبعض الوقت. ثم جاء بعدهم جميعا سيدُ الأنبياء وخير الورى مولانا وسيدنا محمد المصطفى بالحسن الروحاني العظيم الذي تكفي لنعته الآية الكريمة:

ثمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى .

أي دنا ذلك النبي من الله تعالى كثيرا، ثم تدلّى إلى الخلق، وبذلك أدّى كِلا الحقَّينِ، أي حق الله وحق العباد، وأظهر الجمال الروحاني من كِلا النوعين، وصار كالوتر بين القوسين.
إن أصحاب الطبائع الخبيثة والعمهين لم يروا هذا الجمال (أي لم ير هؤلاء العميان جمال النبي ) كما يقول الله تعالى:

يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ .

أي ينظرون إليك ولكنك لا تتراءى لهم فهلك هؤلاء العمهون كلهم في نهاية المطاف.
ثم قال في “حقيقة الوحي” الذي ألّفه في عام 1907م:

“إنني دائما أنظر بعين الإعجاب إلى هذا النبي العربي الذي اسمه محمد (عليه ألف ألف صلاة وسلام). ما أرفعَ شأنَه! لا يمكن إدراك سمو مقامه العالي، وليس بوسع إنسان تقدير تأثيره القدسي. الأسف، أن الدنيا لم تقدر مكانته حق قدرها. إنه هو البطل الوحيد الذي أعاد التوحيد إلى الدنيا بعد أن غاب عنها. لقد أحبَّ الله حبًّا جمًّا وذابت نفسه إلى أقصى الحدود شفقةً على خلق الله، لذلك فإن الله العالِم بسريرته فضَّله على الأنبياء كلهم، وعلى الأولين والآخرين جميعا، وحقق له في حياته كل ما أراد. هو المنبع لكل فيض. ومن ادعى بأية فضيلة من غير الاعتراف بأنه قد نالها بواسطة النبي ، وإنما هو ذرية الشيطان”.

أقول: إنهم يتّهمون المسيح الموعود أنه يفضّل نفسه على النبي (والعياذ بالله)، ويحسب نفسه أنه جاء في الأخير وهو نبي، بينما يقول المسيح الموعود : “ومن ادعى بأية فضيلة من غير الاعتراف بأنه قد نالها بواسطة النبي ، فليس بإنسان، وإنما هو ذرية الشيطان”. أي الذين يحسبون أنفسهم خارجين عن فيض النبي هم ذرية الشيطان.
يتابع المسيح الموعود ويقول في الكتاب نفسه:…لأنه قد أُعطي مفتاحًا لكل خير وكنـزا لكل معرفة. إن الذي لا ينال عن طريقه فهو محروم أزلي. من نحن وما هي حقيقتنا؟ سنكون من الكافرين بنعمة الله إن لم نعترف بأن التوحيد الحقيقي إنما وجدناه عن طريق هذا النبي، وأن معرفة الإله الحيّ إنما حصَّلناها بواسطة هذا النبي الكامل وبنوره، ولم نتشرف بمكالمة الله ومحادثته التي نحظى من خلالها برؤيته إلا بفضل هذا النبي العظيم. إن أشعة شمس الهداية هذه تقع علينا كالنور الساطع، ونستطيع أن نبقى مستنيرين ما دمنا واقفين إزاءها.
ثم يقول في الكتاب نفسه:

“إنني أهدف من هذا البيان كله إلى أن الله تعالى قد جعل حبه لأحد منوطا باتباعه النبيَّ . وقد جربتُ شخصيا أن اتباع النبي بصدق القلب وحبه يجعل الإنسان محبوبا عند الله بحيث يخلق في قلب الإنسان حرقة لحب الله تعالى، فيخضع إلى الله راغبا عن كل شيء ولا يبقى له أُنسٌ ولا شوق إلا لله . عندها يقع عليه تجلٍّ خاص لحب الله فيصبِّغه بصبغة الحب والعشق الكامل ويجذبه إلى نفسه. حينئذ يتغلب على أهواء النفس وتظهر أعمالُ الله تعالى الخارقة لتأييده ونصرته من جميع النواحي بصورة الآيات”. (ولكن لا يتسنى لأحد إلا من يحب النبي )

نحن لم نلاحظ من عيسى شيئًا، فلو لم يشهد القرآن الكريم لما كان لنا ولا لأي باحث أن يعدّه نبيًّا صادقًا، لأنه حين لا تبقى في أي دين سوى قصص وأساطير، فلا يَثبت صدق مؤسسه أو مقتداه على وجه الحقيقة بناء على تلك القصص فقط. والسبب في ذلك أن القصص التي مضت عليها مئات السنين من المحتمل أن تكون كاذبة، بل كفة هذا الاحتمال تبدو راجحة، لأن الكذب في العالم كثير.

قال أيضا في كتابه حقيقة الوحي: “لقد تلقّيتُ قدرًا كاملا من النعمة التي رُزقها أنبياء الله ورسله وغيرهم من المصطفيْن الأخيار، ولكن ليس عن جدارة أو استحقاق مني، بل بمحض فضل الله تعالى. وكان من المحال أن أحظى بهذه النعمة لو لم أتّبع سنن سيدي ومولاي محمد النبي الكريم فخر الأنبياء وخير الورى . فكل ما نلتُه إنما نلته نتيجة اتّباعي سنّة محمد وصراطه. إنني لأعلم يقينا – بناء على معرفتي الحقة التامّة – أنه لا يمكن لأحد الوصول إلى الله ولا يمكن أن يكون له نصيب من المعرفة الكاملة دون اتّباع رسوله الكريم . دعوني أخبركم هنا ما هو ذلك الشيء الذي ينشأ في القلب أوَّلا نتيجةَ الاتباع الصادق والكامل لرسول الله ؛ إنه القلب السليم. أي أن القلب يغادر حبّ الدنيا فيتطلع إلى الحصول على متعة خالدة غير منقطعة، ثم بسبب هذا القلب السليم يتيسر حب الله الكاملُ الصافي، ويرث المرء كل هذه النعم ببركة اتّباعه للنبي ، كما قال الله :

قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ .

ثم قال في كتابه “ينبوع المعرفة” الذي ألَّفه في عام 1908م.
“لقد مضى في العالم عشرات الملايين من ذوي الفطرة الطاهرة هؤلاء وسيكونون في المستقبل أيضا ولكننا وجدنا أفضل وأعلى وأسمى منهم جميعا؛ بطل الله الذي اسمه محمد

إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .

ألا من هو الناجي؟ هو ذاك الذي يوقن بأن الله حق، وأَن محمّدا شفيعُ الخَلق كلهم عند الله، وأنْ لا مثيلَ له مِن رسول ولا مثيلَ للقرآن من كتاب تحت أديم السماءِ، وأن الله تعالى لم يشأ لأحد أن يحيا حياة الخلود، إلاّ أنّ هذا النبي المصطفى حيّ خالد إلى أبد الآبدين.

دعوا جانبا ذكر صلحاء أقوام لم يُذكَروا في القرآن الكريم بالتفصيل، بل نبوح هنا برأينا في هؤلاء الأنبياء فقط الذين جاء ذكرهم مفصلا في القرآن الكريم مثل موسى وداود وعيسى عليهم السلام وغيرهم. فنستطيع أن نقول حلفا بالله بأنه لو لم يأت نبينا الأكرم إلى الدنيا ولو لم ينـزل القرآن الكريم، ولم نشاهد بأم أعيننا البركات التي رأيناها لاشتبه علينا صدق الأنبياء السابقين جميعا لأن الحقيقة لا تتسنى من القصص فقط، إذ من الممكن ألا تكون تلك القصص صحيحة. وممكن أيضا أن تكون جميع المعجزات المنسوبة إليهم مبالغات لأنه لا يوجد لها أدنى أثر الآن. بل الحق أنه لا يمكن العثور حتى على الله بواسطة الكتب السابقة، ولا يمكن أن نعرف على وجه اليقين أن الله تعالى يكلّم الإنسان. ولكن ببعثة النبي اتخذت كل هذه القصص صبغة الحقيقة. والآن ندرك جيدا- ليس على سبيل القال بل على سبيل الحال- ماهية المكالمة الإلهية وكيف تظهر آيات الله وكيف تُجابُ الأدعية. وقد وجدنا كل ذلك نتيجة اتّباع النبي . وكل ما تسرده الأمم الأخرى كقصص وجدناه بالتمام والكمال. فقد تمسكنا بأهداب نبي يُري وجه الله عيانا. فنِعم ما قال شاعر ما تعريبه:

“إن محمدا العربي هو مَلِك العالَـمَينِ، الذي يخدمه روح القدس كحاجب لا أستطيع أن أسميه إلـها، ولكن معرفة الله تتسنى بمعرفة مرتبته “.

كيف نؤدي شكر الله الذي وفقنا لاتباع هذا النبي الذي هو شمس لأرواح السعداء كما أن هناك شمسا مادية للأجسام؟ لقد ظهر في وقت الظلام ونوّر العالم بنوره. لم يتعب ولم يتهاون ما لم يطهّر بلاد العرب كلها من الشرك. فهو بنفسه دليل على صدقه، لأن نوره موجود في كل زمان، واتّباعه الصادق يطهّر الإنسان كما يطهر ماء النهر النقيُّ والشفافُ ثوبا وسخا. مَن ذا الذي جاءنا بصدق القلب ثم لم يشاهد ذلك النور؟ ومَن طرق هذا الباب بنية صادقة ولم يُفتح له؟ ولكن الأسف كل الأسف أن معظم الناس متعودون على حب الحياة السافلة ولا يريدون أن يدخلهم نورٌ”.
يتابع ويقول في الكتاب نفسه: “لا بد من التفكير في هذا المقام هل يمكن لكاذب أن ينال كل هذا الاحترام والشوكة والازدهار والجلال، وأن يحظى بهذه الآيات السماوية والبركات الربانية التي تُعَدّ بالآلاف. نقول بكل اعتزاز وفخر بأن النبي الذي تمسكنا بأهدابه يحظى بفضل عظيم من الله. هو ليس إلها ولكننا رأينا الله تعالى بواسطته. إن دينه الذي وصلنا هو مرآة لقدرات الله. لولا الإسلام لكان مستحيلا أن نعرف ما هي النبوة، أو هل المعجزات أيضا من الممكنات، وهل تندرج تحت قانون الله السائد في الطبيعة؟ إن بركة هذا النبي الدائمة هي التي حلّت هذه المعضلة، وببركته لا نعتمد على القصص فقط مثل بقية الأمم بل يحالفنا نور من الله ونصرته السماوية. ما حقيقتنا حتى نستطيع تأدية حق الشكر على أن الله المستور عن الآخرين ذلك الإلهُ ذو الجلال وتلك القوة الكامنة الخافية في الحجب عن أعين الآخرين، قد ظهر علينا ببركة هذا النبي الكريم فقط”.
إذًا، إن هؤلاء المشايخ ينقمون من المسيح الموعود ويقولون: لماذا كلّمه الله نتيجة اتّباع الصادق للنبي وحبه له، ولماذا رزقه قربه بقوته الخفية. ولكن الحق أن هذه التهمة لا تقع على المسيح الموعود أو على جماعته بل تنطبق على هؤلاء المشايخ المزعومين الذين يقولون بأن فيض النبي قد انقطع، وأن قدرات الله وصفاته كلها صارت محدودة الآن والعياذ بالله. إذًا، هذه التهمة تقع عليهم فقط.
يقول المسيح الموعود في كتابه “ينبوع المعرفة” عن مكانة النبي ومرتبته وعن فيضه المستمر:

“عندما بُعث نبينا الأكرم إلى الدنيا حدث فيها انقلاب عظيم، وفي أيام قليلة مُلئت الجزيرةُ العربية كلها التي لم تعرف شيئا سوى الوثنية بوحدانية الله تعالى كالبحر الزخار. وإضافة إلى ذلك هناك أمر غريب آخر وهو أن الآيات والمعجزات التي أعطاها اللهُ سيدَنا ومولانا النبي لم تكن مقتصرة على ذلك الزمن فقط، بل سلسلتها جارية إلى يوم القيامة. وكلّ نبي كان يُبعث في الأزمنة الخالية ما كان يُعَدّ أمَّةَ نبي سبقه وإن كان ينصر دين نبيّ ويصدّقه، ولكن نبينا الأكرم بوجه خاص قد أُعطي شرف أنه خاتَم الأنبياء بمعنى أن جميع كمالات النبوة قد خُتمت عليه، هذا أولا. وثانيا: لن يأتي بعده رسول بشريعة جديدة ولن يكون نبي خارج أمته، بل كل من ينال شرف المكالمة الإلهية ينالها ببركته هو وبواسطته ويُدعى أمتيًّا وليس نبيا مستقلا”.

فمن هذا المنطلق ادّعى المسيح الموعود كونه نبيا أمَّتِيًّا بتعليم من الله تعالى، فقال:

“وفيما يتعلق بإقبال الخلق عليه فترى اليوم مئتَي مليون مسلم على الأقل من كل فئة واقفين كالخدام له. (يذكر المسيح الموعود العدد الذي كان في زمانه) ومنذ أن خلقه الله تعالى سقط على قدميه- كالخدام الأذلاء- الملوكُ العظام والأقوياء الذين فتحوا عالما. كما أن الملوك المعاصرين أيضا يعدّون أنفسهم خداما أذلاء على عتباته وينـزلون من عروشهم بمجرد ذكر اسمه أمامهم”.

هذا هو مقام النبي الذي بيّنه المسيح الموعود ومع ذلك يتهمه المعارضون أنه لا يحسب المسلمين الآخرين مسلمين، (والعياذ بالله) بينما يقول المسيح الموعود أن جميع المسلمين في العالم كله، ليس الأحمديون فقط، يعتزون بكونهم خداما له . فهذه هي مكانة النبي ومرتبته التي فهمها المسيح الموعود وأطلع عليها أتباعه بل العالم كله. لو لم نكن مؤمنين بالمسيح الموعود لما أدركنا حُسن النبي وفضائله ومكانته الرفيعة أبدا. يقول معارضونا أن المسيح الموعود قال في البداية شيئا ثم غيّر فكرته فيما بعد لتحقيق مصالحه الشخصية، والعياذ بالله، ولكن هذه المقتبسات كلها التي أوردتها بدءا من 1880م إلى 1908م وهو عام وفاته ليس فيها أدنى تناقض أو تعارض حتى يقال بأنه ينقصها انسجام داخلي بل في كل مكان بيّن مكانة النبي بصورة أجلى وأعلى من قبل. كلما سمى نفسه نبيا فقد قال ذلك حاسبا نفسه خادما للنبي .
ندعو الله تعالى أن ينقذ الأمة المسلمة من براثن هؤلاء الانتهازيين حتى يؤمنوا بمحب النبي الصادق لأن هذا هو السبيل الوحيد لإعادة مجد الأمة الإسلامية الغابر. وفّقنا الله أيضا لقراءة كتب المسيح الموعود وملفوظاتـه وفهمهـا ووفّقنا أيضا أن نصـل إليه بـبركة النبي .

Share via
تابعونا على الفايس بوك