و إني عرضت عليكم ماء الحياة، فآثرتم كأس الممات، و دعوتكم إلى البيت العتيق، ففررتم إلى الغرانيق.

و إني عرضت عليكم ماء الحياة، فآثرتم كأس الممات، و دعوتكم إلى البيت العتيق، ففررتم إلى الغرانيق.

حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

المسيح الموعود والإمام المهدي (عليه السلام)
  • حرقة المسيح عليه السلام ودعاءه للعالم بقبول هذه المائدة المباركة
  • عدم فهم الناس القرآن رغم كثرة قراءته
  • على رأس كل مئة عام يرسل الله مخلصا ليعيد النفوس العاصية

__

أيها الناس.. إني جئتُ من ربي بمائدةٍ لأطعم البائس الفقير، فهل فيكم من يأخذ هذا الخوان ويأمن الجوع المبير؟ ومن لم يوافقه هذا الغذاءُ فهو من قوم يقال لهم أشقياء، ومن أكله فله في هذه أجر كبير، ثم وراءها فضل كثير. يريد الله ليحطّ عنكم الأثقال، ويضع السلاسل والأغلال، وينقلكم من الأرض المُجْدبة، إلى بلدة النعمة والرفاهة، وينجيكم من ظلمات اشتدّتْ فيها الريح، ويبلّغكم إلى مقاصر أُشعلتْ فيها المصابيح، ويطهّركم من الذنب والزور، لتكونوا كالذي قفل من الحجّ المبرور. ولكنّكم رضيتم بأن تتّسخ أبدانكم بوسخ الذنوب، وأن تبعدوا أبدًا من ديار المحبوب. وإني عرضت عليكم ماء الحياة، فآثرتم كأس الممات، ودعوتكم إلى البيت العتيق، ففررتم إلى الغرانيق. وإنكم تسبّون وإنا نقاسي لكم الضجر والكرْبة، وندعو لكم في ظلمات الغمّ كأنّا نصلّي العتمةَ. وإنّ الأمر في يد الله يفعل ما يشاء، وفي يده القضاء، ويأتي يوم يلين ذلك الحجر، وإلى متى هذا الضَّجَر؟

أيها الناس.. لا تَمايلوا على قول العامّة، وإنهم قد أعرضوا عن طرق السلامة. وإن عجبتم فما أعجب من قولهم إنّ عيسى حيٌّ مع الجسم في السماوات، ثم مع ذلك لحِق بالأموات، ودخل معهم في الجنّات! ويقولون إنه يترك صحبة الموتى في آخر الأيام، وينـزل إلى بعض أرضين، ويمكث إلى أربعين، ثم يرحل من هذا المقام، ويلحق بالأموات إلى الدوام. هذه خلاصة اعتقاداتهم، وملخّص خرافاتهم. فبقينا متحيّرين من هذا البيان، مع هذا الهذيان. لا أعلم أجَرَّتْهم إليه الأهواء، أو غلبت عليهم السوداء؟ ما لهم إنهم مع طول الزمان، وتلاوة القرآن، ما اهتدوا إلى الحق إلى هذا الأوان؟ فما أفهم مِن أيّ قسمٍ هذا الجنون، وقد مضتْ عليه القرون؟ فوالله، قد حيّرني إصرارهم على أمرٍ يخالف القرآن، ويجيح الإيمان. وقد جاءهم حَكَمٌ من الله بالحق والحكمة على رأس المائة، وعند غلبة كلِّ نوع البدعة وغلبة الكَفَرةِ، فأعجبني أنهم لأيّ سبب أنكروه، وهو يدعو الزمان والزمان يدعوه. ووالله، إنّي أنا المسيح الموعودُ، وأعطاني ربي سلطانًا مبينًا، وإني على بصيرة من ربي، ولو رُفع الحجاب لما ازددتُ يقينًا. إن الله رأى نفوسًا عاصية، وزمنًا كليلةٍ قاسية، فأرسلني لعلهم يتوبون. وكيف ننصح لهم وإنهم قوم لا يسمعون، وإنهم عن صراط الحقّ لناكبون؟ فرّوا من مائدة الله ورُغفانها، وانتشروا وبقيت الخوانُ على مكانها، وآثروا عصيدة الدنيا وتحلّبتْ لها أفواههم، وتلمّظتْ لها شفاههم، فأقلّ ما يكون في صدقي أن يصيبهم بعض الذي أَعِدُهم، فما لهم لا ينتظرون؟      (كتاب الاستفتاء)

Share via
تابعونا على الفايس بوك