ولَرُبَّ حقيقة واحدة أغرب من ألف خيال!

ولَرُبَّ حقيقة واحدة أغرب من ألف خيال!

محمد منير إدلبي

باحث إسلامي

احذروا… الدجال يجتاح  العالم

 

قد ورد في كتب الحديث أن رسول الله قد ذكر لصحابته الكرام مرة عن الدجّال فأطنب في ذكره وخفّض ورفّع حتى ظنوا أن الدجال قريب منهم يتوارى في سعف النخيل. ولكن طمأن الرسول صحابته قائلا:

“إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ”. (صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة)

ولقد جاء في حديث آخر أن الرسول قد شدد وأكّد على أمته جميعًا وعلى كل فرد منهم أن يهتموا بفهم مسألة المسيح الدجّال والتفقه بها والعمل عليها ونشرها أجيالاً بعد أجيال دون أن يتخلّى واحد من الأمة عن هذه الوصية العينية الهامة التي وصّى بها سيدنا محمد أمته فماذا قال: جاء في كنز العمال أن رسول الله بعد أن حدّث صحابته عن ظهور المسيح الدجّال أوصاهم قائلاً: “إنما أحدّثكم هذا: لتعقلوه وتفهموه وتفقهوه وتعوه. فاعملوا عليه وحدّثوا به من خلفكم، وليحدّث الآخر الآخر، فإنه أشدّ الفتن”.إذا ما تأملنا في هذه الوصية المشددة من سيدنا محمد رسول الله نجد أن من واجب كل مسلم أن يعمل على هذه الوصية الهامّة المباركة التي ما كان الرسول ليوصي أمته بها لولا أن في العمل حسب مقتضاها هداية عظيمة للناس ونصر كبير للإسلام والمسلمين.

هذا وإن أسرة “التقوى”، اهتمامًا منها بالعمل على وصية سيدنا الكريم محمد تعد القراء الكرام بأنها ستقدم لهم بيانًا شاملاً مفصّلاً وموثقًا عن ظهور المسيح الدجال تحت عنوان: (انتبهوا ..الدّجال يجتاح العالم). وسيتم تقديم هذا البحث في حلقات متسلسلة يمكن جمعها في نهاية الأمر بشكل كتاب كامل يمكن دراسته ومتابعة العمل به طاعة لسيدنا خاتم النبيين محمد صلّى الله علية وآله وسلّم. (التقوى)

 شــهادة التاريــخ

قد شهد التاريخ، وما يزال، أنّ نبوءات النبي العربي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد صَدَقت، وما تزال تَصدق على مدى الأيام وعبر السنين والقرون؛ وها قد جاء دور زماننا المعاصر أيضًا ليأتي بالشهادة الكبرى على صدق دعوة ودين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأنه رسول الله وخاتم النبيين ورحمته للعالمين.

فقبل أربعة عشر قرنًا، وفي صحراء الجزيرة العربية، ظَهَر اليتيمُ الأمّي محمدٌ بن عبد الله وأَعلن أنّه رسول الله إلى العالمين مِصداقًا لبشارات الرسل الكرام والكتب السماوية، وأَعلن أنّه خاتم النبيين، ودعا الناس إلى التوحيد الحق بشهادة: أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله. فكذّبه قومُه وأقاربه، وسَخِر منه الناس، ولكن الذين أنار اللهُ تعالى عقولهم وقلوبهم بالإيمان آمنوا به وصدّقوا بدعوته واتّبعوه مخلصين ناشرين نوره ورحمته في العالمين.

ولقد أَخبر محمدٌ -النبيُّ- قومَه بنبوءاتٍ كثيرة تتعلق بالمستقبل القريب والبعيد، فقال لهم: إنّ الله تعالى سيفتح له مكّة، وإنّ الجزيرة العربية بأكملها ستدخل في الإسلام، وبشّرهم بأنّ الله عز وجل سيهزم إمبراطوريتي فارس والروم على أيدي المسلمين، وأنّ دين الله تعالى سينير أرجاء البلاد الواسعة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:

عن نافع ابن عتبة أن رسول الله قال:

(تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ) (مسند أحمد، كتاب أول مسند الكوفيين)

وفَتح اللهُ لنبيّه مكّةَ، ودخلت قبائل الجزيرة العربية جميعها في الإسلام، وغزا المسلمون إمبراطوريتي فارس والروم وفتحهما الله لهم. ولبس (سُراقةُ) سواري كسرى كما وعده النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم خرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة على خفية من أهلها الذين كانـوا يبحثون عنه ويقصّـون أثره في الصـحراء ليقتلوه. وأنار الإسـلامُ أرجاء البلاد التي تنبأ الرسول الكريم بدخول دين الله إليها.

صدقتْ جميعُ نبوءات النبي العربي محمد صلى الله عليه وآله وسلم المتعلّقة بالأزمنة السابقة. وشهدَ الناس جميعًا على صدق هذه النبوءات. وشهد معهم التاريخ.

وأمّا عن الأزمنة اللاحقة، فقد تنبّأ محمد الأمين بالكثير من البشارات والنُذُر. وتحقّقت كلّ نبوءة في زمنها. وما تزال الأيام ترى وتشهد على تحقّق المزيد من تلك النبوءات. وما برح الناسُ يَعلَمون الجديد والمزيد عن صِدق محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فيصدّقون به ويؤمنون برسـالته وبكونه رسول الله الذي ما ينطق عن الهوى إنْ هـو إلاّ وحي يوحى إليه من ربّ العالمين الذي يَعْلَم الغيب وإليه المصير.

قد شهد التاريخ، وما يزال، أنّ نبوءات النبي العربي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد صَدَقت، وما تزال تَصدق على مدى الأيام وعبر السنين والقرون؛ وها قد جاء دور زماننا المعاصر أيضًا ليأتي بالشهادة الكبرى على صدق دعوة ودين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأنه رسول الله وخاتم النبيين ورحمته للعالمين.

ونَقلت إلينا أحاديثُ سـيدنا رسـول الله الموثّقـة الصحيـحة الكثـيرَ من النبوءات المتعلّقـة بزماننا الحديث والمعاصـر؛ حيث أَخبرنا أنّ شمس الإسلام التي أنارت أرجاء الأرض في صدر الإسلام وفتوحاته، ستؤول بعد إشراقها إلى الغروب، ولن تُشرق بعد غروبها من جديد إلاّ ببعثة المسيح الموعـود والمهدي المنتظـر عليه السـلام، فيُظهِر الله دينَه الإســلام (دين السلام) على الدين كلّه كما وعدَ في القرآن الكريم.

ونبّأنا محمدٌ عليه الصلاة والسلام أنّ الأمم توشك أن تداعى على المسلمين، مستضعِفةً إيّاهم، كما تداعى الأَكَلة إلى قصعتها، كلٌّ يريد أن يأكل قبل غيره، وقال حضرتُه بأنّ المسلمين حينئذ لن يكونوا قِلّة بل كثرًا، ولكنّهم يكونون كغثاء السيل، منغمسين في حبّ الدنيا، مُثقلةٌ كواهلُهم بالاختلاف والشّقاق والضّعف والوهن، فارغة قلوبهم من الإخلاص الحق لله ودينه – الإسلام على شفاههم اسم بلا معنى، وفي مجتمعاتهم جسد لا روح فيه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:

 (يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) (مسند أحمد، كتاب باقي مسند الأنصار… عن ثوبان).

وتنبأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن تقدّم الإنسان في ميادين العلم والاختراع، وأنه سيحقّق سيطرة عظيمة على الأرض برًّا وبحرًا وجوًّا، ويُحرز تقدّما عظيمًا في مجال الزراعة والريّ واستصلاح الأراضي، ويسيطر على مياه الأنهار ويتحكّم فيها من خـلال إقامـة السـدود العظيـمة، فيُجـري المـاءَ بأمـره ويـردّه بأمره، وأنه سيتمكّن من استصلاح الأراضي البور والصحراوية وتحويلها إلى جنّاتٍ وارفة الظلال معمورة بالأبنية العالية والقصور المرفوعة. كما أنه سيتمكّن من تجميد الماء وتحويله إلى جليد في أيّ وقت يشاء.

وأمّا عن كنوز الأرض، فقد تنبّأ النبي الأمي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأنّ الإنسان سيتقدّم في مجال اكتشاف واستخراج جميع كنوز الأرض كالنفط والمعادن الثمينة مثل الذهب والفضّة والماس والأحجار الكريمة، والمعادن الأخرى كالحديد والنحاس وغيرها بالإضافة إلى استخراج كنوز البحر وما فيه من زينة وحلية ومعادن. ومن الجدير بالذّكر أنّ الرسول الكريم عليه صلاة الله وسلامه، قد بيّن بوضوح أنّ كنـوز الأرض الثمينة لن تظـلّ بعد اسـتخراجها في أرضـها ومُلكًا لأهلها، بل ستُنقل بالطائرات إلى بلاد أخرى بسرعة وترتيب ونظام!

وتنبّأ أيضًا عليه الصلاة والسلام عن استخدام الكهرباء التي تجمع الناس في البيوت والقرى والمدن، وكذلك عن استخدام الطاقة الشمسية للأغراض الحرارية وغيرها. وسيأتي ذِكْر جميع الأحاديث التي تحدَّثت عن تلك التنبؤات بعون الله تعالى.

وتحدّثت نبوءات النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسـلم عن  الكثير من الملامـح المميّزة لعالمنا الـمادّي والروحـي المعاصـر بدّقـة وتفصيل مذهلين، وبيّنتْ أن أرباب الحضارة المسيحية المادّية السّاحقة، سيرفعون شعار السلام والتديّن والصلاح في الوقت الذي تكون التجارة والدّجل هما الأساس الذي تقوم عليه دعوتهم وحضارتهم وقوّتهم المادّية الشاملة التي يسيطرون من خلالها على البلاد والعباد ويتحكّمون في الناس والخلق بفِتنة لم يكن مثلها منذ خلق الله الأرض وإلى قيام السّاعة.

وتقول نبوءات الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بأنّ اليهود هم الذين سيكونون في حقيقة الأمر أرباب هذه الهيمنة المادّية والفِتَن الشديدة؛ وأنهم سيأتون الناس تحت رايات متعدّدة وغايات كثيرة، وأنهم سيلبسون مسوح الكهنـة والرهبان ويستخدمون-لمصالحهم المادّية- المسيحيةَ التي قاموا بتحريفها عن تعاليم المسيح الصحيحة فجعلوها تزعم أنّ الله -سبحانه- قد اتّخذ ولدًا وأنّ الشريعة لعنة، وسيعملون على نشر المسيحية المحرّفة والتبشير بها في جميع أنحاء الأرض متنقّلين على متون السفن الهائلة التي تركب الموج وتطوي بهم البحار بقوة الطاقة البخارية والنارية، وينتقلون كذلك على متون الطائرات السريعة التي تطوي لهم الأرض منهلاً منهلاً وتسبق بهم الشمس إلى مغربها.

وقـال عليـه وعلى آلـه الصـلاة والسـلام أنّ أرباب هـذه الحضارة سينقسمون في العالم إلى معسكرين يشعلان نار الفِتَن والحروب فيجلبان بذلك الخراب والدّمار على العالم بعد أن تكون البلاد كلّها قد خضعت لسـيطرة هاتين القوتين بشـكل أو بآخر بسبب ما تملكان من القدرات الحربية ومن جبال الطعـام والثروات وأسباب الطاقة المادّية والقتاليّة المـُرعبة.

وتنبّأت أحاديث رسـول الله صلى الله عليه وآله وسـلم بأنّ هذه الحضارة المادّية المشركة والملحدة لن تجلب الدّمار على دول العالم فحسب بل ستقع هي أيضًا في شرّ أعمالها فتجلب الدّمار الهائل المروّع على نفسها وحضارتها المادّية العوراء، وذلك من خلال تطاحنها في حرب يموج فيها بعضها في بعض، فيدمّرها الله تعالى دمارًا لا تقوم لها بعده قائمة.

وعلى أنقاض هذه الحضارة المادّية الدجّالة، سيقيم الله عالمـًا ونظامًا جديدين يعمّ فيهما أمان الله وسلامه الموعودان من خلال انتشار دينه الحقّ مصداقًا لوعده عز وجل في كتابه المجيد:

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (الصف: 10)

وينتشر عند ذلك دين السلام  (الإسلام) في الأرض كلّها ويأمن الإنسان من كلّ شرّ وخطر، وتتوحّد الغايات إلى الله وحده، وتتعانق القلوبُ بالإيمان الحق، وينزل الغيث من السماء فتردّ الأرضُ بركتَها، ويعمّ الناسَ الخيرُ في كلّ مكان، وتعيش البشرية جميعًا في هناءِ وطمأنينـةِ وسـعادةِ، ذلك اليوم الموعـود الذي وَعد الله به المؤمنين في كتابه المجيد.

وأخـيرًا، يَـحقّ لمن لم يطّلـع على هذه النبوءات الموثّقة عن سيّدنا رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن يتساءل:

كيف لنا أن نصدّق بأنّ الرسول محمدًا قد قال حقًّا هذه النبوءات المذهلة؟

وردًّا على ذلك نقول: إنّ البرهان الواضح على دعوانا هذه هو ما جاء في كتابنا هذا من أحاديث صحيحة موثّقة تذكر نبوءات سيدنا خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم المتعلّقة بخروج المسيح الدجّال، ويأجوج ومأجوج، والدّخان المبين، ودابّة الأرض، وبقيّة آيات الله التي أنذر اللهُ ورسوله البشريةَ بظهورها، يوم لا ينفع نفسًا إيمانُها لم تكن آمنتْ من قبل أو كسبتْ في إيمانها خيرًا.

ومن المهـم جدًا التذكّـر أنه عندما تحدّث سـيدنا رسـول الله صلى اللـه عليه وآله وسلّم عن فِتنة المسيح الدجّال، قال:

(…إنما أحدّثكم هذا لتعقلوه وتفهموه وتفقهوه وتعوه. فاعملوا عليـه. وحدّثوا به مَن خلفكـم. وليحدّث الآخـرُ الآخـر، فإنه أشــدّ الفِتَن) كنز العمال.

هذا ما أكّده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نبوءاته الصّادقة، وهذا ما يُبيّنه كتابنا بالبرهان المبين.

ولَرُبَّ حقيقة واحدة أغرب من ألف خيال!

Share via
تابعونا على الفايس بوك