ردود خاصة

ردود خاصة

التقوى منكم وإليكم

*يكتب الصديق أ.ج (المغرب) يقول: لي مطلب أود أن تحققه لي «التقوى».

من فضلكم إذا أمكن نشر تلك الدراسات والبحوث التي أجراها أحد أبناء الجماعة الأستاذ شيخ محمد أحمد مظهر عن اشتقاق ما يزيد عن 50 لغة عالمية من اللغة العربية علاوة على إثباته أنها أقدم لغة عرفها الإنسان. أرى أن البحث هام جدا وفيه تدليل لصدق التصريح القرآني والبيان الإعجازي لسيدنا الإمام المهدي: «العربية أم الألسنة».

– اتصلت أسرة التقوى فورَ وصول رسالتك بالجهات المعنية بالأمر وقدمت طلبكم. وأُحطنا علمًا بأن هذا البحث يحتاج إلى تعريب وتدقيق من قِبل أخصائيين لغويين. وعند وجود هذه الكفاءات لدى أحد الأشخاص سيبدأ إن شاء الله التعريب.

*الأخت ف.م (سوريا) سألت عن تاريخ نشر مقالها على صفحات التقوى.

– يستحيل علينا نشر كل المساهمات التي تصلنا من القراء الأفاضل. ولا نقصد بعد نشر بعضها جرح مشاعر البعض. في الحقيقة تصلنا مساهمات تحتوي على مواضيع كنا قد غطيناها في الماضي في أعداد سابقة، ولا نرى الفائدة من نشرها ثانية. كما تصلنا مساهمات أو بالأحرى تلاخيص ما نشرناه لتفاسير من آيات القرآن الكريم. نعتبرها كمؤشرة خير على استعاب صاحبها لما غطته «التقوى» ولا نراها صالحة للنشر.

فخلاصة الكلام يجب ألا ينزعج أحباب التقوى عند عدم نشر بعض مساهماتهم للأسباب السالفة الذكر أو لظروف أخرى. وليس لدينا شك أن الجميع همه الشاغل مصلحة «التقوى» وإنارة عقول ونفوس عامة الناس بالتعاليم الإسلامية السمحاء.

وفقنا الله جميعا للقيام بذلك، آمين.

القدرة الخفية

النجاح هو حلم وهدف كل متسابق في هذه الحياة كي يظفر به عند خط النهاية. والنجاح هو بمثابة المطر الذي يتلهف إليه «الفاشلون» عقب كل محاولة فاشلة.. ويزداد إليه شغفًا ولهفةً «الناجحون» بعد كل نجاح! سنذكر فيما يلي ثلاث طرائق هي بمثابة قاعدة متينة تُنمي في المرء قدرة تركيزه وصقل قواه النفسية والعقلية كي تكون نافذة مطلة على عالم النجاح.

  1. العزلة

لمدة 30 دقيقة اجلسْ صامتًا ولا تفعل شيئًا مطلقًا. لا تترك للهواجس سبيلا ولا تتركها تتسرب لذهنك. استنشق الهواء بصفة عادية. غالبا ماينتاب المرء بعد هذه العزلة شعور من أجمل ما يمكن أن ينتاب المرء بفعل هذا الهدوء. إن أكثر الناس في المجتمعات المعاصرة لم يجربوا أن يخلوا بأنفسهم ساعة كاملة ربما ولا مرة واحدة خلال حياتهم. وقد عرف قيمة هذه العزلة وقدرها حق قدرها نخبة من المبدعين ومنهم من ترك بصماته على صفحات التاريخ.

إن القوى المادية لدى الرياضي (عضلات الجسم) تتقوى وذلك بمواظبته على التدريب. وبنفس الصورة تتقوى القدرات العقلية لدى الإنسان من خلال تدريبه لعقله بصورة منتظمة من خلال حصص العزلة.

فبعد الجلوس لأول مرة في الخلوة لمدة تتراوح ما بين نصف ساعة إلى ساعة كاملة يُحس المرء برغبة شديدة للقيام والسير والتكلم بالهاتف والخوض مرة أخرى في معترك الحياة.. ويحتاج في هذه الظروف أكثر من أي وقت آخر أن يقاوم هذه الرغبة الملحة وأن لا يسمح لأي قوة أن تُعكر عليه صفو خلوته. عندئذ سيشعر بتلاشي كل رغبة لديه، وسيشعر بهدوء يسري في جسمه سيران الدم في العروق. ويحظر في ذهنه أفكار صافية تتعلق بأهم الموضوعات حساسية.

وأثبتت تجارب كثيرة لرجال أعمال وأشخاص ذوي مهن مختلفة نجاعة هذه الطريقة. ولا يغيبن عن الأذهان أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حُبب إليه الخلاء قبل النبوة. فكان يعتزل في غار حراء. وكذلك سنة التهجد في الليل نوع رفيع من الخلوة اليومية حيث يستيقظ المرء حين ينام معظم الناس ويُناجي ربه في هدوء جذاب يبعث الطمأنينة في القلب. كما أن الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان المعظَّم نوع من الانقطاع المؤقت عن مشاغل الحياة اليومية والتفرغ للنفس والعقل والروح.

  1. الاسترخاء والتأمل

يجب على الشخص الجلوس في مكان هادئ والتنفس بعمق وهو يعُدّ عدًّا تنازليًّا من مائة إلى صفر. ومن المتوقع أن يشعر بعد القيام بهذا التمرين لعشرين دقيقة بالهدوء وأيضًا الأفكار التي كان ينتظرها تخطر بباله. وننصحه بكتابتها في كراسه.

  1. الطبيعة

وحسب رأي أحد المفكرين: الإنسان ابن الطبيعة يأنس بمرأى الزهور وسماع تغاريد الطيور، والإصغاء إلى صوت الأمواج، والابتهاج بزرقة السماء. ففي هذا الجو الطبيعي حين يسترخي المرء ويطلق العنان سيجد أن العقل يتفتح والنفس والقدرة الخفية تستيقظ.

وأُجريَ بحث على أحد الموظفين في إحدى شركات الكمبيوتر كان يشكو من آلام في الرأس والظهر كما كانت لديه ظواهر مرضية عديدة. وبعد الفحوص الدقيقة تبين أن جسمه سليم وليس هنالك آثار مادية متسببة في هذه الأوجاع. وأخيرًا قررت هيئة البحث تغيير روتينه اليومي المتبع. فلاحظوا في بداية الأمر أنه يأتي صباحًا من بيته إلى مقر عمله في السيارة، وهي بمثابة صندوق متحرك. حيث يقضي كامل اليوم في صندوق كبير (المكتب) منشغلاً بمسائل شتى وذهنُه مشتت بين هاتف وفاكس وتقارير إلخ.. ثم يرجع مساء في نفس الصندوق المتحرك (السيارة) إلى البيت (صندوق آخر). وهكذا لا تكون لهذا المسكين أي فرصة طوال الأسبوع كي يتحرر من هذا السجن الروتيني القاتل. وبعد المشاورة غيرت الهيئة جدوله اليومي وأدخلت فيه تغييرات هامة منها أنه عوضًا أن يتناول وجبة منتصف النهار في مكتبه وذهنُه مشتت بين هذا وذاك.. طُلب منه أن يستغني عن المأكولات السريعة المقلية في الزيوت ويستبدلها «بسندويتشات « محتوية على خضار كالطماطم وغيرها وأن يتناول في كل وجبة غلالا وأن يشرب طوال اليوم لترين من الماء الصافي، ويستغني عن المشروبات الغازية. وعلى رأي المثل: «قُل لي ماذا تأكل سأخبرك مَنْ أنت». ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد بل طُلب منه أن يتناول وجبته هذه في أحد الحدائق المجاورة لمكتبه حيث زقزقة العصافير، ورود جميلة ومظاهر طبيعة جذابة.

كما طُلب منه ممارسة رياضته المحبذة (السباحة) مرتين في الأسبوع. ولم تمضِ أسابيع حتى زالت تلك الآلام المضنية وتخلَّصَ صاحبنا من آثار سجن العالم المتحظر!!

ولا يختلف اثنان على أن النجاح في العلاقات الإنسانية من دعائم اعتدال الشخصية. ويمثل الربح المادي وكسب لقمة العيش نسبة لا بأس بها في اعتدال الحياة الزوجية والاجتماعية. وأبرزت بعض البحوث في دول أوروبية أنه بمجرد فقدان الزوج لشغله يتزعزع كيان الأسرة مما يؤدي إلى الطلاق.

وسنّة سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم حافلة بأحاديث كثيرة تعلم المرء كيف يبني علاقات إنسانية ناجحة وكيف يرسى علاقة المودة مع أبويه، زوجته، أبناءه وجيرانه وسائر الناس. نطق بها الذي لا ينطق عن الهوى، وإنها يقينًا لتحتوي على دقائق الأمور وكبارها. ويعتبر بعض علماء النفس أن المقدرة على معاملة الناس والتأثير فيهم موهبة يثقفها الإنسان ويطورها مع مر الأيام. والسر في نجاح كبار رجال الأعمال والساسة على سبيل المثال مبني على معرفتهم بالبروتوكولات الرسمية والعادات المتبعة في مجتمعات مختلفة. حتى إنهم يوظفون كبار الأخصائيين لاستشارتهم حول أمور تبدو بديهية لدى البعض ولكنها تلعب دورًا أساسيًّا في نجاحهم في الحياة العملية. ونذكر على سبيل المثال رئيسة الوزراء السابقة للحكومة البريطانية. بعد ترشحها للمنصب شُكلت هيئة كي تختار أحسن أخصائيين في بريطانيا وذلك لتغيير أسلوبها في عرض القضايا ومسائل شتى. وأصر أحدهم عليها كي تغير تلفظها ببعض الحروف والكلمات وتغير سرعتها عند الكلام. حتى يفهم الناس ما تقوله من نواحي مختلفة، ودربها على التوقف عند نهاية الجُمل الهامة من خطبها وتغيير ملامحها مثلما يُدرب التلميذ في الصف الابتدائي. كما اختارت اللجنة أخصائي أزياء كان يختار الملابس التي ترتديها في البرلمان وفي المناسبات المختلفة أيضا. واختارت أيضا حلاق سيدات كان يضبط شعرها بطرق مختلفة حسب المناسبات. فكانت تشد المشاهد إلى شاشة التلفاز بطريقة عرضها للمسائل وحُسن صياغتها ووضوح كلامها وصفاء نطقها. ولكن جميع هذه الأمور لم تصدر منها بصفة عفوية ولكنها ثقفت مواهبها وتدربت طويلا من أجل المحافظة على أسلوبها في الأداء وهذا هو السر في نجاحها خلال سنين طويلة. ونرجع الآن إلى محور بحثنا «القدرة الخفية» فمهما اكتشف الإنسان من قوى خفية لديه لن ينتفع منها إلا إذا عرف كيف يعرضها للناس بأسلوب جذاب ومهذب.

وعلى رأي المثل «الكلام بلطف مفتاح القلوب». فمحظوظ ذلك الذي وعى هذا الأمر وعمل حسب مقتضاه. ولا يتوقف سر النجاح على طريقة العرض فحسب ولكن كما ذكرنا آنفًا يلعب مظهر الإنسان وبالتحديد الملابس التي يرتديها واختياره السليم للألوان دورًا أساسيًّا في نفور الناس أو اقترابهم منه. وعلى رأي المثل «كًلْ مَا تُحبّ والبَسْ ما يحبه الناس». فإذا غيَّر المرء نظرته للأمور وأحس أن المقدرة على معاملة الناس بضاعة يمكن أن يشتريها كالبُنّ أو اللبن متى تتطلب الحاجة لذلك لقرر أن يشتري قسمًا وافرًا من بضاعة «معاملة الناس». لأنها من أهم دعائم نجاحه في الحياة.

فلو قارنّا بين أنفسنا كما هي وكما يجب أن تكون لوجدنا أننا أنصاف أحياء. ذلك لأننا لا نستخدم إلا جزءًا بسيطًا من الكفاءات التي وضعها الله فينا. إن الفرد منا يعيش في نطاق يصطنعه لنفسه ضيق المساحة ومحدود الموارد. ولا يستفيد من الموارد الطبيعية، فهو يملك قوى مختلفة ولكنه يفشل في استخدامها. هذه القوى التي يفشل المرء في اكتشافها في ذاته هي نفسها التي تساهم في نجاحه في جميع المجالات ولا سيما مجال الروحانية والوصال برب الكائنات.

مساهمة الصديق : م. ع (تونس)

 

Share via
تابعونا على الفايس بوك