نسوية هذه الأيام، واستعداء الضحية على منقذها

نسوية هذه الأيام، واستعداء الضحية على منقذها

التحرير

  • كيف يسوغ العقل اتهام الإسلام بظلم المرأة وهو في الأصل منقذها الأول؟!
  • أي مبدأ تعاملت به شريعة الإسلام مع قضايا المرأة؟
  • كيف تثبت الوقائع التاريخية أن المرأة المسلمة أمكنها خوض الميادين التي كانت حكرا على الرجال؟
  • من هو الجاني الحقيقي على المرأة؟

___

لقد خطت المرأة بحلول القرن الحادي والعشرين خطوات واسعة على طريق نيل حزمة كبيرة من حقوقها المشروعة والمُشرَّعة لها من لدن الحكيم الخبير سبحانه وتعالى، فكان هذا الزمان هو مصداق النبوءات التي تذكر حال تلك الموءودة في الزمن الأخير، فهلا وقفنا برهة لننظر من هو صاحب الفضل، والسبب الذي أرسله الله تعالى لإعادة حق المرأة المسلوب إليها؟!

وعلى الرغم من أن المرأة بشكل عام أثبتت نجاحها تاريخيا بعرض نماذج مشرفة في التاريخ الإنساني تمثلت في نساء ملكن زمام الأمور وكُنَّ نموذجا يحتذي به الجميع، حتى من الرجال، إلا أن الساحة لا تعدم بين الفينة والفينة من يحاول عمدا أو بسوء فهم طمس تلك الحقيقة لغرض ما في نفسه، وهو غرض خبيث على أية حال كما سيتبين.

وظلم المرأة تاريخيا حقيقة واقعة لا يمكن تجاهلها، وكما انصب الظلم على المرأة، وما زال، فقد انصب كذلك على من نادى بحقها عبر التاريخ، بحيث صرنا نرى ونسمع اتهامات وقحة يرمي بها المجرم من يدافع عن الضحية، وهو ما يعرفه علماء النفس بالاستبطان، وفحواه أن يتهم الشخص

غيره بما هو فيه، فالكذاب مثلا طالما يتحدث عن كراهيته للكذب والكذابين، والفجار يتحدثون مليا عن الشرف ويذمون العهر، واللص يطيل الحديث عن عصاميته ويذم سائر اللصوص، وقد يرمي شريفا باللصوصية حتى! واتفق أن كان سيدنا خاتم النبيين ودينه القويم والقرآن العظيم دريئة لذلك الاستبطان البغيض، فعلى الرغم من الجهاد المحموم الذي بدأ مع نزول وحي القرآن في سبيل تحرير الفئات المستضعفة تاريخيا، ومنها المرأة، نال الإسلام الحظ الوافر من الاتهامات الباطلة بأنه حَجَرَ على حقوق النساء، وحرمهن من فرصتهن في التعلّم وحيازة الثروة، وحق اتخاذ القرار في الزواج والطلاق وما إلى ذلك من القائمة الطويلة من الاتهام بالباطل، وذلك على الرغم من أن شريعة القرآن تعاملت بمبدأ القسط الواضح بين الرجل والمرأة، والقسط مطلب أرقى بكثير من مجرد المساواة المنادى بها مؤخرا، فعلى حين تُعرف المساواة بأنها تقديم نفس المزايا إلى كافة الأطراف، يأتي القسط ليعبر به عن منح كل طرف ما يحتاج إليه ليبقى ويؤدي وظيفته المثلى، وعلى الرغم من أن المرأة وفق تعاليم الكتاب المقدس حُرمت من العديد من حقوقها الأصلية، وهل أدل على ذلك مما نقله العهد الجديد من تعاليم بولس القاضية بإخراس النسوة في الكنائس!

والحديث يطول عن الدين المستحق الذي استخلصه الإسلام للمرأة من آكليه، بحيث صار الإسلام وحضرة خاتم النبيين  في حد ذاته موضع اتهام لمن أكلوا حقوق المرأة من قبل، حتى كانت تلك الاتهامات الباطلة مصداق قوله تعالى:

  إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (آل عمران: 22-23).

فأمر الشريعة القرآنية بالقسط فيما يتعلق بقضايا المرأة أدى إلى أن يُتهم المدافع عنها. وعلى أية حال لم تعدم ساحة الفكر السليم وجود مفكرين ومستشرقين دافعوا عن حقيقة نصرة الإسلام لقضايا المرأة، ولماذا نذهب بعيدا؟! فتاريخ الحضارة الإنسانية يحتفظ بنماذج عديدة لنساء عشن في بيئات مسلمة وأنتجن إنجازات لا تزال مثار إعجاب العالم إلى اليوم، فهناك على سبيل المثال لا الحصر نماذج مشرفة مثل: فاطمة الفهرية، مؤسسة أول جامعة في العالم (جامعة القرويين) ومريم الأسطرلابية، والخاتون فاطمة ست الشام راعية العلم وبانية المدارس، وفي مجال الأدب والفنون حدث ولا حرج!

كل هذا غيض من فيض غزير من النتاج الإسلامي الفكري والحضاري الذي ارتبط بأسماء نسوة مسلمات فُقن كثيرا من الرجال إكراما وكرامة. في حين أن أيا من تلك النساء لم تناد يوما بحقوق المرأة في مجتمعها، لا لشيء إلا لكون تلك الحقوق متاحة مباحة، بحيث سيكون من العبث المناداة بها أصلا، تماما مثلما أن من العبث المناداة بالحق في التنفس!

غاية القول أن الحركات النسوية لم تنشأ يوما في بيئة إسلامية، بل الغرب منشؤها الأول، إذ كانت صورة المرأة في المصادر الثقافية الدينية الغربية أي في التراث اليهودي والمسيحي من أبرز موجبات وجود هذه الحركة في الغرب، فقد نشأت فيه وانبعثت منه، والمرأة في ذلك التراث هي أصل الخطيئة؛ لأنها هي التي أغرت آدم بالخطيئة عندما أكلت من الشجرة كما هو منصوص عليه في أول أسفار الكتاب المقدس، فالرب عندما فعلت هذا الفعل قضى بسيادة الرجل عليها قضاء مبرما، وقد ترتب على هذا الموقف – فيما بعد – أحكام وأوصاف أخرى للمرأة في هذا التراث فهي شيطانة وأنها ملعونة وهي كائن بلا روح، وعليه فلا تستحق، لدى بعضهم، أن تدخل الجنة أصلا، بل الأغلب عندهم  أنها تدخل النار، بل لا توجد امرأة أصلا لديها فضيلة يمكن أن تدخلها إلى الجنة.. وهذا قليل من كثير من تلك الأقاويل التي انبنت على رواية سفر التكوين وموقف الخطيئة الأولى. لقد كانت الحركات النسوية في الغرب رد فعل اجتماعي على الظلم المتراكم والمنصب على رأس المرأة طيلة قرون مديدة.

قارئ مجلة التقوى تطالع في هذا العدد خطابا جليلا لحضرة أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) عن نماذج واقعية من البطولات الإسلامية في ميادين القتال، وهي ميادين يحوز فيها الرجال عادة قدم السبق، إلا أن المرأة المسلمة كسرت هذه القاعدة على ما يبدو، بحيث سيتاح لنا من خلال مطالعة تلك النماذج المشرقة والمشرفة في خطبة حضرته أنَّ ما من عمل عظيم يضطلع به الرجل إلا وبمقدور المرأة إنجازه، فليس اختصاص المرأة المسلمة بتربية النشء لأنها، لا سمح الله، عاجزة عن خوض مضامير العمل الدنيوي، وإنما لأنها الأصلح لهذا الأمر والأنسب له. وخطاب حضرة أمير المؤمنين في السيدات الأحمديات يلقي ضوءًا ساطعًا على هذه الحقيقة التي يحاول أعداء الإسلام عبثا طمسها.

غاية القول أن الحركات النسوية لم تنشأ يوما في بيئة إسلامية، بل الغرب منشؤها الأول، إذ كانت صورة المرأة في المصادر الثقافية الدينية الغربية أي في التراث اليهودي والمسيحي من أبرز موجبات وجود هذه الحركة في الغرب، فقد نشأت فيه وانبعثت منه، والمرأة في ذلك التراث هي أصل الخطيئة؛ لأنها هي التي أغرت آدم بالخطيئة عندما أكلت من الشجرة كما هو منصوص عليه في أول أسفار الكتاب المقدس، فالرب عندما فعلت هذا الفعل قضى بسيادة الرجل عليها قضاء مبرما، وقد ترتب على هذا الموقف – فيما بعد – أحكام وأوصاف أخرى للمرأة في هذا التراث فهي شيطانة وأنها ملعونة وهي كائن بلا روح، وعليه فلا تستحق، لدى بعضهم، أن تدخل الجنة أصلا، بل الأغلب عندهم  أنها تدخل النار، بل لا توجد امرأة أصلا لديها فضيلة يمكن أن تدخلها إلى الجنة.. وهذا قليل من كثير من تلك الأقاويل التي انبنت على رواية سفر التكوين وموقف الخطيئة الأولى. لقد كانت الحركات النسوية في الغرب رد فعل اجتماعي على الظلم المتراكم والمنصب على رأس المرأة طيلة قرون مديدة.

أحبط الله تعالى تلك المساعي الخبيثة، وحفظ نساءنا وأوردنا وأهلينا من كل سوء، آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك