كلمة التقوى..

كلمة التقوى..

التحرير

يتردد في نشرات الأخبار هذه الأيام ما يجري في هاييتي؛ أو بالأصح مظاهر القوة الأمريكية مع هذا البلد الصغير. ولعل أغلب الناس لا يدرون حقيقة ما يحدث هناك. ولماذا يحدث. وربما لا يفكر الكثيرون في هذا الموضوع. وإنما  يسمعونه كخبر عادي مما يحدث بين الحين والآخر .. وتذكره وسائل الإعلام دون إعلام! ذلك طبعا بالإضافة إلى المهزلة التي تقوم بها الأمم المتحدة “الأمريكية” مع البوسنة.

في ندوة بالتلفزيون البريطاني حول الموضوع .. سمعنا صراحة أن الحكام العسكريين الذين تأمر أمريكا بعزلهم اليوم هم من صنائع أمريكا بالأمس. وأنها هي التي ألَّبتهم على رئيس الجمهورية المطرود. والذي تحاول أمريكا إعادته مرة أخرى على كرسي الحكم!!

والذي يبدو واضحا أن أمريكا تتلاعب بالدُّمى البشرية التي تحكم باسمها.. تُحرِّكها في هذا أو ذاك الاتجاه بحسب ما ترى فيه مصالحها. وفي هذه المرة يبدو أن مصلحة أمريكا أساسا هي إجراء بيان عملي.. أو إلقاء درس تحذيري على سائر الدُّمى واللُّعب في بلاد العالم الثالث.

وهذا هو النظام العالمي الجديد.. أو هذا هو الجديد في النظام العالمي. إن النظام الجاري في هذا العالم يتحكم فيه الدَّجال.. ممثَّلاً أساسا في أمريكا. ويقوم هذا النظام السياسي على خدمة وتحقيق الأهداف السلطوية لرجال المال في بلاد الدجال. ويتم ذلك تحت ستار من الديمقراطية والحرية المصطنعة. وأمورٍ أخرى يشغلون بها الرأي العام الساذج عندهم وخارج بلادهم.. وأسبابٍ مختلفة تثير الجدل والخلاف هنا وهناك. أما الهدف الدائم فهو مطالب رأس المال. واليوم.. جد الجديد. ذلك الجديد هو سقوط هذا الستار. وعدم المبالاة بسبك الحجج وحسن اصطناعها.. وأصبحوا يتصرفون على المكشوف.

إن نظام الغابة الآن صار مطبَّقا في وضح النهار. يخرج الوحش المفترس ليتجول بين الأنعام .. يفتك بهذا ويقتل ذاك.. ولا يبالي بأن يستتر أو يتخفى.

والعجيب أن “الكباش والفحول” التي تقود هذه الأنعام لا تزال تسوق “القطعان” إلى مهلكها وتقديمها لقمة سائغة لأنياب الوحش.. نظير منصب الرياسة لأجل محدود موقوت. ولا تجد فيهم الفحل الأمين على قطيعه.. بحيث يعمل على إنقاذه حقا. بل إن كلا منهم يناور بأجهزته السياسية والإعلامية والدينية لتضليل القطيع واستنزاف قواه.. ليبقى هو على رأس القطيع بأي ثمن.. وتنال هذه الأجهزة مبتغاها من مراكز وسلطان تافه حقير!!

والأعجب.. أن أفراد القطيع عطَّلوا ما وهبهم الله من ملكات الفهم والتدبر والنظر. وتركوا أمورهم في يد الكِباش والفحول توردهم أسوأ مورد. إن أفراد القطيع يزداد بهم الضُّر والضنك. ويستبد بهم الشظف والشقاء.. ومع ذلك لا يرفعون رؤوسهم ليروا ما حولهم. ويفكروا في سبيل خلاصهم.

إننا لا نتهم هذه الكباش والفحول بالخيانة. ولا نقول ذلك ذَّما وتعريضا بهم.. ولكنهم عملاء مغلوبون على أمرهم؛ من يعصي منهم يعزل في لحظة. ولا يبقى منهم إلا من وجد الدجال في بقائه مصلحة له. وعيب هؤلاء الكباش والفحول هو عيب سائر على أفراد القطيع: عبادة السلطة وحب الدنيا. ومسئوليتهم أمام الله تعالى أعظم وعقابهم أقسى.. لأنهم لو انصلحوا لانصلح العامة. ولقد ضعف الأمل فيهم كثيرا.. لأن الشهوات أقوى من إرادة الخير وتقوى الله في نفوسهم؛ ولذا نتوجه إلى عامة المسلمين.. عساهم يفيقون وينتصحون. فهم أشد الناس معاناة وأكثرهم مشقة. وأحوجهم إلى العلاج والشفاء.

هكذا أصبح حال بلاد العالم الثالث.. وأخص منهم البلاد الإسلامية من أمة محمد المصطفي .. أهل القرآن المجيد.. الذي أراد الله تعالى لهم أن يكونوا خير أمة أخرجت للناس. إنهم يرتدون من سيء إلى أسوء. ولا يرحمون أنفسهم.. ولا ينتفعون برحمة الله تعالى.

نعم. إنه لا خلاص لشعوب المسلمين مما هم فيه بانقلابات عسكرية، ولا ثورات شعبية. ولا نجاة لهم بأساليب الاضطرابات والقلاقل وحركات العنف والتخريب. أرأيتم الدجاجة المذبوحة وهي تنتفض وتهتز.. هل يفيدها ذلك شيئا؟ لا مخرج لكم من قبضة الدجال المحكمة بأي من هذه الأساليب الدنيوية.. فهي من تدبيره وصنع يده. وشبكته قوية لا تسمح لصغير أو كبير بالإفلات. لا مهرب لكم إلا عن طريق السماء.

اطلبوا النجاة منها لكم ولأجيالكم القادمة.. بالعلاج المحمدي.

تعلموا الدرس وإلا خسرتم الدنيا والآخرة.

أفيقوا من هذه الرقدة الطويلة.. واخرجوا إلى الحياة.

أجيبوا داعي الله وآمنوا به.. يغفر لكم من ذنوبكم ويُجِركم من عذاب أليم.

إن الله تعالى قادر على إحيائكم إذا استمعتم وفكَّرتم وغيَّرتم من أنفسكم.

لقد جربتم كل الوسائل على مدى ألف سنة.. فما زادتكم غير تتبيب. فجربوا وسيلة محمد المصطفي .. واسمعوا لنصحه ثم انظروا كيف يبعث الله من في القبور.

لقد جاء المهدي ونزل المسيح. ابسطوا أيديكم إلى حبل الله الممدود من السماء. وافتحوا صدوركم وعقولكم لمن أناط الله به نجاتكم. اطلبوا أسباب الله تعالى ودَعُوا أسباب الدنيا التي غرتكم وألحقت بكم الهوان والتخلف.. وأورثتكم الذل والعار؟ ألا قد بلغت.. اللّهم فاشهد.

هداكم الله جميعا.. رُعاة ورعية إلى ما يحقق لأمة الإسلام الغلبة على الدجال. والنجاة من شروره.

والنهوض من مضاجع الجهل والجمود. والقيام من مصارع الفرقُة والشتات!. آمين!

Share via
تابعونا على الفايس بوك