من مكتبة الإمام المهدي ح 1

من مكتبة الإمام المهدي ح 1

البراهين الأحمدية

نُشر الجزءان الأول والثاني من البراهين الأحمدية في عام 1880م. والجزء الثالث في عام 1882م. والجزء الرابع في عام 1884م. أما الجزء الخامس فقد تأجل إصداره -بتوجيه إلهي- حتى رأى النور عام 1905م.

وعندما بدأ تصنيف الكتاب ونشره.. كان سلطان الحكومة البريطانية قد استقر في القارة الهندية؛ وفي أثر ذلك وجدت الديانة المسيحية حصنها بقوة وسرعة عظيمتين. وتبيِّن الإحصائيات نأن أH

أن عدد المسيحين في الهند كان 91.000, ولكنهم بلغوا 470,000 عام 1881م.. وإنها لزيادة عددية لم تحدث من قبل.

كانت هجمات قساوسة الإرساليات المسيحية موجهة على الأغلب نحو المسلمين. ولم يتلكأ أتباع الديانات الأخرى كالهندوس في مهاجمة الإسلام. وكانت طائفة أرياسماج على وجه الخصوص تعادي كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين.

في هذه الظروف.. أخذ سيدنا ميرزا غلام أحمد -الذي أعلن فيما بعد أنه الإمام المهدي والمسيح الموعود- يستخدم قلمه ليثبت صدق الإسلام وتفوق القرآن الكريم. ويوضح بنفسه السبب الذي حدا به ليكتب البراهين الأحمدية فيقول:

“ليكن واضحًا للباحثين عن الحق أن السبب في تصنيف هذا الكتاب (البراهين الأحمدية على حقيقة كتاب الله القرآن والنبوة المحمدية).. أن براهين صدق الإسلام، وأدلة تفوق النبي الكريم، خاتم النبيين، عليه من الله تعالى أفضل الصلوات.. وذلك بطريقة تجعلهم لا يستطيعون فتح أفواههم بعدها”.

ولقد عرض سيدنا المهدي جائزة قدرها 10.000 روبية لأي شخص يتمكن من دحض هذه البراهين، ويقدم ولو خُمس تلك البراهين في صالح دينه وكتابه ونبيه. وكان توّاقا ليجعل الأمور جلية أمام الناس.. فأعلن هذا التحدي بالجائزة المالية مطبوعة بحروف عريضة في 29سم، بكل صفحة سبعة أسطر فقط.

وعندما رأى المسيحيون والهندوس الجزء الأول من البراهين الأحمدية اشتعل غضبهم، ونطقوا بما لا صلة له بالموضوع، ولكن لم ينجح أحد منهم في قبول التحدي جدِّيًا.

ثم بيَّن سيدنا المهدي للقراء أنه لم يقصد أبدا جرح مشاعر الناس.. ولكن ما أراده بالفعل، وما هو بصدد فعله.. أن يبرهن بأسلوب عقلاني أن الإسلام أفضل من أي دين آخر. وقال: لقد ولَّت تلك الأيام التي كنت تعتبر فيها القصص كافية لإثبات أن ديانة ما حيَّة وعلمية.

وذكر سيدنا المهدي عن كتابه أنه يتميز بالنقاط الست التالية:

1-أنه يحتوي على كل الحقائق المؤسسة على مبادىء المعارف الدينية؛ أي كل الحقائق التي ضمت إلى بعضها يمكن أن تسمى الإسلام.

2- أنه يحتوي على 300 برهان قوي، شامل، مقنع على صدق الإسلام.

3- أنه يتضمن ردودا على المزاعم والاتهامات والاعتراضات والآراء الغربية من خصوم الإسلام كاليهود، والمسيحيين، والمجوس، والآريا، والبراهمة، والوثنيين، والملاحدة والدهريين، واللادينيين.

4- أنه يحتوي على مناقشة المعتقدات الدينية الأساسية لأتباع الديانات الأخرى.

5- أنه يحتوي على توضيح لأسرار كلمة الله تعالى.. تتجلى من خلاله حكمة القرآن الكريم.

6- أن كل مباحثه قد كتبت باعتدال كبير. ورقَّة وفي انسجام تام مع قواعد البحث. وقيل كل شيء بأسلوب مُبين ييسر الفهم.

ويبدأ الجزء الثالث بذكر الحالة السيئة التي عليها المسلمون، وأعرب فيه عن همّه البالغ بشأنها، ويتضمن البراهين الظاهرية والباطنية على صدق وامتياز القرآن الكريم. وناقش هذا الموضوع بإسهاب، وكتب عددا كبيرا من التفصيلات في ملاحظات هامشية.

ويبدأ الجزء الرابع بقائمة للموضوعات التي تناولها الكتاب. ويذكر البراهين على حاجة الإنسان إلى كلام الله تعالى (الوحي).

ويؤكد على أن الإيمان والعرفان بالله تعالى -وكل منهما هامٌّ لخلاص الإنسان ونجاته- يمكن بلوغها من خلال وحي الله ، ويتضمن أيضا: تفسيره الممتاز والفريد لسورة الفاتحة، وآيات أخرى من القرآن الكريم؛ وبيانًا بأن تعاليم الفيدا خاوية من فكرة وحدانية الله تعالى؛ ونسيانَ ذكر بانديت ديانلد وتحقق نبوءة وفاته التي أخبر بها كثيرًا من الناس قبل حدوثها: ومقارنةً بين تعاليم القرآن الكريم وكتاب العهد الجديد؛ والنبوءات التي أنبأ بها كثيرٌ من الناس ؛ ومعجزات المسيح عيسى، وما هو الخلاص الحقيقي وكيف يتحقق.

وفي ختام الجزء الرابع أضاف سيدنا المهدي حاشية بعنوان نحن وكتابنا، يقول فيها أنه عندما بدأ تصنيف هذا الكتاب كانت الأشياء مختلفة عما هي عليه الآن وأضاف أنه تلقى فجأة تجلّ من الله تعالى يشبه ما شهده موسى ؛ وإنه سمع صوت الله تعالى: “إنني أنا ربك”. ثم انكشفت له أسرار من الشواهق الروحانية.. لا يمكن التوصل إليها من خلال الفطنة والذكاء. وذكر حضرته أنه لم تعُد له سيطرة على الكتاب.

ونُشر الجزء الخامس من البراهين الأحمدية بعد الجزء الرابع بما لا يقل عن 23 سنة. ويبدأ هذا الجزء الخامس بوصف للديانة الحقة الحَيَّة. ويؤكد على مسألة أن الدين الحق الحي لابد أن يكون له التجلي العجيب لكلمات الله القدير وأفعاله، وكل دين غيرِ حقيقي لاشك محروم من هذه التجليات.

ويمضي الإمام المهدي في شرح ما هي المعجزة حقا، ولماذا تكون المعجزات أمرا لازما. ويضيف أن المعجزات الحية علامة أكيدة على الدين الحي وليست مجرد أقاصيص من الماضي.

وفي القسط الثاني من هذا الجزء.. يذكر سيدنا الإمام المهدي تحقق ما أشار إليه في الأجزاء الأربعة الأولى قبل 25 عاما تقريبا. فقد تحقق خلال هذه الفترة عدد كبير من النبوءات، وتُليت على الناس مئات من إلهاماته بحيث صار هؤلاء القوم شهودا على تلك الإلهامات. وكشف أيضا للقراء ما يتلقاه من عون ونصرة في كل الظروف من الله تعالى. ويقول إن كل هذه الأمور برهان على صدق النبي محمد المصطفى .. وأنه (الإمام المهدي) صدق في كل دعاويه أنه مبعوث من لدن الله سبحانه.

ولهذا الجزء الخامس ملحق طويل ردَّ فيه سيدنا المهدي على اعتراضات القوم .. خصوصا السيد محمد إكرام الله من شاه جاهبور والمولوي أبو سعيد محمد حسين. والسيد محمد عبد الوحيد البنغالى ورشيد أحمد جانجوهي.

كما تناول موضوع وفاة عيسى بن مريم . مؤسسا حججه على عدد من آيات القرآن المجيد.

وبعد هذا الملحق أراد الإمام المهدي أن يكتب خاتمة. وأضيفت الحواشي القصيرة لهذه الخاتمة إلى الكتاب. وتدل هذه الحواشي على أنه أراد فعلا توضيح حقيقة الإسلام، ومدى امتياز وكمال تعاليم القرآن: وتحقق وعود الله تعالى التي وردت في الأجزاء الأربعة الأولى. وأراد أيضًا أن يفسر معنى هذه الإلهامات التي سمي فيها باسم ابن مريم.

ويختتم الجزء الخامس من براهين الأحمدية فيقول عن دعواه:

“أرى من اللازم ترداد القول بأني مرسل من لدن الله تعالى في أنسب وقت. هذا هو الوقت الذي صار فيه معظم الناس يشبِهون اليهود. إنهم لم يهجروا التقوى وطهارة القلب فحسب.. بل صاروا أعداء للحق مثل اليهود أيام المسيح بن مريم. ولذلك أعطاني الله تعالى اسم المسيح. إنني لا أدعوا الناس إلى نفسي وإنما العصر هو الذي ناداني.. أعني أن العصر بحاجة إلي.”
Share via
تابعونا على الفايس بوك