الافتتاحيّة

الافتتاحيّة

التحرير

لم يكفِ الدجّالَ -أهل الحضارة الغربيّة السامّة- ما جلب على أهله من ويلاتٍ حضاريّة من دمارٍ خُلقي وتحرّر جنسي وتفكك عائلي.. حتى بدأ يناديهم اليوم بارتكاب عمل انتحاري آخر. فها هو يدعو اليوم لسنِّ قانون يمنح لأهل المريض أو طبيبه الحقّ في إنهاء حياته ترحُّمًّا وشفقةً عليه!!

الواقع أنّهم لو رخّصوا بقتل المريض هكذا بحجّة الترحُّم عليه لَأسرع الناس لقتل بعضهم البعض قتلاً بشعًا منتهزين هذا القانون، وسيكون أضراره أكثر من نفعه، وسيكون هناك قلة قليلة من المرضى الذين سوف ينتفعون حقًا من مثل هذا القانون، وإنّما أقاربهم أو أطباؤهم هم الذين سوف يجلبون المنافع الطائلة، وسوف تكثر حالات القتل المتعمَّد بصورة فوضويّة، لأنّ كل واحد سيقول: المريض هو الذي ألحَّ عليَّ بقتله وإنهاء حياته لأنّه لا يقدر على تحمَّل آلام المرض أكثر، مع العلم أنه يوجد في الغرب من قبل أعدادٌ هائلة ممن يُهملون رعاية آبائهم المسنّين ويعتبرونهم عبئًا عليهم، وذلك يتمُّ بنقل الآباء المسنين إلى بيوت المسنين، وفي مناسبات قليلة جدًا يزورهم الأولاد أو يكتفون بإرسال بطاقة أو رسالة في عيد الميلاد مثلاً، والحقّ أنهم يعيشون في تلك البيوت مفصولين عن المجتمع غارقين في خضم آلام عميقة، بينما ينتظر أولادهم موتهم -انتظار النسور ابتعاد الكلاب عن الجيفة- ليرثوا ما يخلّفون وراءهم من أموال وعقارات.

لاشكَّ أنَّ الأولاد والأقارب الذين هذا دأبهم يتعمَّدون -بسبب وجود قانون كهذا- إنهاء حياة مرضاهم بحجّة الترحُّم بهم، بل سوف يُشيرون عليهم قائلين: لماذا تُعرِّض نفسك هكذا لحياةٍ مريرة أليمة. عليك أن تقول لطبيبك أو تأمرنا نحن لنُريحك من هذه الحياة التعيسة.

ثم إنّ هناك مسألة مَبْدَأ هي: إنّ الله هو الذي خلقنا ووهب لنا الحياة، وبدون إذنه لا يمكن أن نقضي على حياة أحد ولا على حياتنا نحن. إذن فليس محرّمًا فقط أن يقتل الإنسان غيره، بل أيضًا محرَّم أن يقتل نفسه هو وينتحر. وإلى يومنا هذا لا يزال الانتحار محظورًا في معظم بلدان العالم بموجب القانون. لماذا؟ ذلك لأنّ الإنسان لا يملك حياته، إنّه ليس مالكًا لحياته، وإنّما هي هبة له من الله تعالى، لذلك إنّه لا يملك حقّ أخذ القرار في شأن إنهاء هذه الحياة. ومن أجل ذلك نحن مأمورون بأن نقول: بسم الله، الله أكبر -عند ذبح أي حيوان مهما صغُر- وذلك تذكيرًا لنا بأننا نذبحه بإذن من الله تعالى، وإلا لا نملك أي حق لإنهاء حياته.

وعزَّ من قائل:

يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ . الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً

(التحرير)

Share via
تابعونا على الفايس بوك