مجلس العرفان

مجلس العرفان مع أمير المؤمنين أيَّده الله

في ألمانيا بتاريخ 16/9/1996

سؤال (من طفل): لماذا كان شعب مكّة يعبد الأصنام قبل محمد ؟

جواب: إنَّ هذا يحدث دائمًا. عندما يأتي نبيّ ويذهب يبدأ الناس بعده بالضلال، وتنقسم عقيدة وحدانيّة الله إلى عقائد مختلفة. ليس العرب استثناء في هذا الأمر، بل يحدث هذا في كل مكان. النبيّ (كرشنّا) مثلاً جاء وبدا بنشر وحدانيّة الله في الهند، لكنه عندما مضى ومات بدأ أتباعه يعبدون التماثيل والأصنام والأشجار وحتى الأفاعي. وهذه ظاهرةٌ عالميّة. فالله تعالى يخلق الوحدانيّة والإنسان يخلق الوثنيّة والشرك. وكان العرب يعبدون الأصنام في الفترة ما بين عيسى وإبراهيم ، إذ كانت هناك فترةٌ طويلةٌ بينهما لم يبعث الله تعالى فيها أيَّ رسول في المنطقة التي نُسمّيها الآن السعوديّة التي هي الصحراء العربيّة، ولسوء الحظ فقد ابتدأ الناس هناك بعبادة الأصنام، وهذا ما يحدث دائمًا.

سؤال: هل ستكون هناك حربٌ عالميّة ثالثة؟

جواب: ستكون هناك حربٌ عالميّة ثالثة طبعًا، ولكن ليس بعد نهاية هذا اللقاء مباشرةً.

سؤال: لماذا نقوم بعمل العقيقة؟

جواب: لقد أجبتُ عن هذا السؤال مرارًا، وهو يُطرَح دائمًا. والوقت بالنسبة لك قد تأخَّر، لأنّ العقيقة الخاصة بك لا بدَّ أنّها قد تمَّت، وهذا السؤال من ناحية أخرى مبكِّرٌ جدًا لأنّك لم تتزوج بعد. لقد أجبتُ عن هذا السؤال مرارًا، أما الآن فأستطيع أن أقول لك باختصار: إنَّ حلاقة الرأس هي علامة الوقف والنذر لله تعالى في جميع الأديان، بشكل أو بآخر، فمثلاً رجال الدين الهندوس (الرهبان) الذين يكرِّسون حياتهم لله فإنّهم يحلقون رؤوسهم دائمًا. وكذلك يحلق الرهبان البوذيون رؤوسهم. إنها ممارسةٌ شائعة حتى في اليابان وفي مناطق آسيا الجنوب شرقيّة. إنّك تجد هذا التقليد المتعلِّق بحلق الرأس في جميع تلك الأديان لبيان أنّ هذا الشخص قد نذر نفسه لخدمة الله. أما الإسلام فيتميّز بأنّه يفرض ويوجب نذر جميع أطفال المسلمين لخدمة الله ودينه وفي سبيل الله ، وهو أجمل رمز، وأجمل تذكير لنا، بأنّ عليك أنَّ تكرِّس نفسك لله طوال حياتك.

سؤال: لماذا نؤدّي صلاة التراويح خلال شهر رمضان المبارك؟

جواب: التراويح شكلٌ من أشكال صلاة التطوّع التي يجب أن تكون بشكلها الطبيعي قبل الفجر وبعد الاستيقاظ من النوم. وإنّك لا تنام، كما تعلم، في رمضان نوماً كاملاً في الليل حتى طلوع الفجر. فالتراويح هي صلاة التهجُّد. وكان سيدنا محمد يؤدي صلاة التهجُّد خلال شهر رمضان المبارك بخاصّة، وإن كان يؤدّيها طوال السنة عُمومًا. لكنّ كان هناك بعض الناس ممن تتطلّب أعمالهم جهدًا وتعبًا أثناء النهار مما يجعلهم لا يستطيعون الاستيقاظ مبكِّرين في الليل لأداء صلاة التهجُّد، كما كان معظم المسلمين، وهؤلاء رَجُوا الخليفة عمر ابن الخطاب أن يأذن لهم بصلاة التراويح، وأن يؤدُّوا الصلاة التطوُّعيّة التي هي النوافل أو هي صلاة التهجُّد بعد العشاء مباشرةً بسبب تعبهم وكدِّهم طوال النهار فلا يكون بمقدورهم الاستيقاظ باكرًا.

ولقد سُمِحَ لهم بذلك واستمرَّ هذا التقليد منذ ذلك الوقت. هذا ما يُسمَّى بالتراويح، بدلاً من أداء الصلاة التطوعيّة قبل الفجر، كما كان يفعل الرسول وصحابته عمومًا. وكان ذلك فقط بأن يجعل لهم سهولةً في أداء الصلوات قبل الوقت التي كانت تُؤدَّى فيه وخوفًا من أن يفقدوها تمامًا.

سؤال: أرجو أن تنصحني بخصوص عملي في محل بقالة تُباع فيه المشروبات الكحوليّة إضافةً لما يُباع فيه من موادّ أخرى؟.

جواب: لقد أجبت سابقًا عن مثل هذا السؤال، فقلت آنذاك: إنّ المسؤوليّة لا تقع على عاتق العامل إذا لم يكن هو مالك ذلك المحل، وتبقى بعد ذلك القضيّة صغيرة، فيجب على المسلم الأحمدي طبعًا ألا يعمل في تلك المحلّات. غير أنّ الناس أيضًا يعملون في البنوك، حيث يؤخذ الربا، لهذا فحيثما ذهبت في النظام المالي المحدود ستجد أنّ ثمّة أمرًا لا يوافق عليه الإسلام، فإذا كنت مفرطًا في التشدُّد في كلّ أمر فإنّ الحياة ستبدو صعبةً جدًا. لذا يمكن للمرء أن يغُضَّ طرفه عن هذه المشاكل الهامشيّة، ولكن من واجب المسلم المحافظة على الرغبة في العمل في مكان أكثر طهارةً ونقاءً. أما إذا كان هذا عملك وأنت والمحل ملكك فأنت بذلك تقطع روابطك بالجماعة.

سؤال: ما هي وجهة نظر الإسلام المتعلِّقة بالـ (يوثونيزيا) أي القتل بدافع الرحمة؟.

جواب: لقد شرحتُ مرارًا وجهة نظر الإسلام فيما يتعلّق بهذا الأمر، وأعتقد أنّك لا بدَّ قد سمعت عن ذلك في تلك اللقاءات. أليس كذلك؟. في لقاءات الأسئلة والأجوبة مع الأطفال ومع السيدات ومع الرجال.

إنّ القتل بدافع الرحمة فعلٌ خاطئ. إنّ أيَّ قاتل يستطيع أن يزعم أنه قتل بدافع الرحمة. لقد قيل مرّة أنَّ امرأةً عجوزًا طلبت من أولادها أن يقتلوها بسبب الألم الذي كانت تعاني منه، فإذا سمحتَ لأيّ شخص أن يقضي على أيّ شخصٍ آخر باسم الرحمة، فلن يبقى هناك نظامٌ في الحياة مطلقًا، إنّه لخطأٌ مدمِّر أن يُسمَح لأيّ شخص بقتل شخص آخر باسم الرحمة بسبب معاناة هذا.

السائل: ولكن أليس هناك بعض الحالات التي يُعلَن فيها أنّ المريض سيبقى مريضًا بشكل دائم؟.

أمير المؤمنين: أَخْبِرْني لماذا ينتحر بعض الناس؟

السائل: لشعورهم بعدم وجود ما يعيشون من أجله.

أمير المؤمنين: لا، بل لأنّهم يظنُّون بأنّ الحياة بائسة جدًا بالنسبة إليهم، وقد تكون الأسباب آلامًا جسديّة أو عذابًا فكريًا. فما دام الإسلام لا يسمح لأحد بأن يقتل نفسه، فلماذا يُعطي أيُّ شخصٍ الحق في قتل شخصٍ آخر لأحد الأسباب السابقة نفسها؟ قد تصبح الحياة غير مُحتملة، وتكون كذلك في بعض الأحيان ربما، ولكن إذا كان صاحب الحياة لا يُسمَحُ له بإنهاء حياته هو لأنّها صارت غير مُحتملة، فلماذا يُعطى شخصٌ آخر الحقّ نفسه؟.

سؤال: على ضوء الأحداث الجارية في العالَم الإسلامي منذ خمسين سنة أو نحوها، ألا تعتقدون أنّ ثمّة علاقة بين هذه الأحداث المختلفة، أو أنّ هناك مؤامرة عالميّة ضدّ الإسلام؟

جواب: الحقيقة هي أنَّ الخطأ يكمن في داخل الأمة الإسلاميّة. إنّ أيّة أمّة تعي هدف وجودها في الحياة وتُدرك قيمة شرفها وكرامتها لا يمكن لأيّة مؤامرة أن تنجح ضدّها. إنّ المرضى داخليًا هم الذين وحدهم يصيرون ضحايا الأمراض الخارجيّة بسبب الجراثيم والبكتريا التي تعيش في أجسادهم وجُثثهم. وكلَّ ذلك علامات الموت والانحلال أكثر. في هذا العالَم الواسع يمكن لكلّ واحد أن ينقضَّ لامتصاص دم الضعيف. هذا هو المبدأ، وهو لا يحتاج إلى أيّة مؤامرة. إنَّ هذا لا يحدث في عالم الإسلام فقط، بل يحدث أيضًا في أفريقيا وغيرها من أنحاء العالم. فالمشكلة إذن تكمن في أنّه إذا كان أفراد قومٍ ما ضعفاء مرضى غير أصحّاء الأجسام، فإنّ مهاجمة البكتيريا لهم أو أكل النسور لجُثثهم ستكون ظاهرةً جارية لا يمكن إيقافها ما دام هؤلاء لا يُدركون مسؤوليّاتهم ولا يأبهون بها. ولا حاجة هنا لتفسير هذه الظاهرة على أنّها مؤامرة ضدّهم، فإنّهم -هم أنفسهم- يتآمرون ضدَّ أنفسهم.

سؤال – للسائل السابق نفسه: هل تتكرَّمون بالإجابة عن سؤال آخر؟.

جواب: نعم، تفضَّل.

سؤال: ما رأيكم في المحاولات التي تمَّت في أمريكا لِعزْل الجينات التي يُفْتَرَض أنها مسؤولة عن الجنس الذكري الشاذ؟

جواب: لقد بحثتُ هذا الموضوع ببعض التفصيل سابقًا مع أحد مُناصِري هذه النظرية المشهورين، ولكن ليس بالتفصيل الكامل، ومع أننا افترقنا على اختلاف، ولكنني أعتقد أنني قد تركتُ بعض الأثر على حماسه.

إنّ هذه عقيدة أو فكرة زائفة تمامًا، ويمكن البرهنة على زيفها علميًّا. فلو كان الأمر مسألة جينات في كلّ مجتمع، فإنّ عدد الحالات أو معدَّل مثل هؤلاء الناس يجب أن يبقى ذاته، لأنّ الجينات لا تُغيِّر شخصيَّتها طبقًا للحالات أو طبقًا للخلفيّة الاجتماعيّة أو الدينيّة لنظامٍ معيَّن، وليس لها علاقة بذلك. هذا أمر واحد فقط يجب أن أُشير إليه باختصار لأنّ البحث طويل.

والأمر الثاني الهامّ الذي يجب ذكره هو أنّ الجنس له غاية ومقصد، وذلك الهدف موحَّد على مستوى العالَم ويغطّي جميع أشكال الحياة، فحيثما يكون الجنس فالهدف هو التوالد. هل هذا صحيح أم خطأ؟… لمدّة بلايين السنين تمَّ تدريب الجينات من قِبَل الله تعالى لأن تعمل لإنتاج وتوالد الأجناس ولحفظها. فإذا كان الهدف هو التوالد والإنتاج فإنَّ أيَّ استخدامٍ غير إنتاجي لنفس الجهاز سيُعتَبَر حربًا على قانون الطبيعة. ولا تستطيع الجينات أن تعمل ضدَّ قوانين الطبيعة. هل فهمت المسألة؟.

السائل: نعم، ولكن لم يكن هذا سؤالي، إذ أنني لم أُكمل سؤالي، فأنا كمسلم أعرف أنّ ذلك غير صحيح، لكنَّ المسألة أنّ اللواطيين في أمريكا قد بدأوا بالاعتراض على مثل هذه البحوث بحجّة أنّ الجينات إذا ما تمَّ عزلها فإنّ الناس سيبدأ بعضهم بتدمير بعضهم الآخر.

أمير المؤمنين: لحظة من فضلك، إنني أعرف ذلك، ولهذا طلبتُ منك من البداية ألّا تُخبرني بالتفاصيل  لأنني عارفٌ بها جميعًا. فالجدل الذي حدث في كندا لم يكن مختلفًا عن ذاك الذي أُعلن في أمريكا، وكلّ ذلك يعود إلى المبدأ نفسه، ويشترك بالمفاهيم والقِيَم نفسها تقريبًا، والعالَم بأكمله يتحدَّث بهذا الأمر، قد أصبح معرفةً عامة. وإن ما أُشير إليه هو الجدل العلمي الأساسي ضدّ زعمهم المتعلّق بمفهوم الجينات.

تستطيع أن تقول إنّ الإنسان حاول ونَاوَرَ بشكلٍ زائف أن يضغط على مثل هؤلاء الناس لجعلهم يستبدلون ممارسة اللواط بممارسة الجنس العادي والتوالد المستمرّ. ولكن ماذا عن الحياة الحيوانيّة. لم يكن هناك ابتداع، ولم يكن ثمّة ضغط اجتماعي على الحياة الحيوانيّة. فلو كانت النظرية صحيحة، إذن فإنّ جميع تلك الحيوانات التي وُلِدت بمثل تلك الجينات لكانت انقرضت، لأنّ الجنسيّة الذكريّة ليست إنتاجيّة أو توالديّة، هل فهمت؟. إذن فلن يبقى أيٌّ من الأفراد الشاذّة جنسيًا منذ المراحل الأولى المبكّرة من التطوّر تحديدًا، لأنّ الجينات ستتطلَّب منهم وتدفعهم إلى الاتّصال مع الجنس ذاته، والاتّصال مع الجنس المماثل لن يكون مُنتجًا، وهذا يعني أنّها خلال جيل أو جيلين ستكون جميعها قد انقرضت وانتهت. وبناءً على مبدأ التطوّر وخلال فترةٍ -لِنَقُل- مليون سنة، يمكن للمرء أن يضمن أنّ هذه النزعة سوف تُنزَع تدريجيًا من الطبيعة، لأنّ الضغط سيكون ثقيلاً ضدّ الحيوانات أو أفراد الجنس التي تعمل معها هذه النزعة.. هل هذا صحيح أم خطأ؟. حسنًا، شكرًا لك.

سؤال: شاهدنا فيMTA  خطابًا للسيد رفيق خان قال فيه إنّه قد عمل فيلمًا عن المصلح الموعود (الخليفة الثاني لسيدنا المهدي ). فهل هذا الفيلم متوفر؟ وإن لم يكن متوفّرًا، فهل هناك فيلم عن حضرة المصلح الموعود يمكن أن نراه؟

جواب: ماذا تقصد بالفيلم؟ هل تقصد شريط فيديو؟ نعم موجود، ومن قال لك ذلك، بشير رفيق صاحب؟ إنني أرى أنّه ليس من الصواب أن يقول ذلك لأنّه قد أثار رغبة الناس من غير داعٍ، ودون استشارتي، أو دون مشورة مؤسسة “التحريك الجديد” فيما إذا كان من المناسب عرض الشريط، أم لا؟ ولو كان الأمر مناسبًا لكنتُ فعلتُ ذلك سابقًا. إذن فإثارة إعجاب أو رغبة الناس في شيء دون أن تكون هناك إمكانيّة عمليّة على تلبية الطلب عملٌ غير لائق.

لقد شاهدتُ ذلك الشريط بنفسي، وشاهدتُ أيضًا أشرطة أخرى، وهي تعكس صورةً خاطئة عن المصلح الموعود. لقد كانت خطابات حضرة المصلح الموعود فريدة، وكان أثرها على الناس عظيمًا جدًا، بحيث أنّ المستمعين جميعًا كانوا يؤخذون تلقائيًا بما يسمعون. ولقد كان الكثير ممّن هم ليسوا بأحمديين -وحتى المعادين منهم- يأتون فقط ليستمعوا إلى خطابه، وعند انتهاء الجلسة كانوا يُقدِّمون البيعة على يده. إنني لم أسمع مثل هذه الخُطب في حياتي في أيِّ مكانٍ في العالَم. فأن يُقدَّم هذا الخطيب في شريط مشوَّه وبتقنيَّةٍ تُفقِدهُ خاصيّة صوته المتميِّزة ليبدو أقرب إلى الصوت الأنثوي، وتُشوِّه صورته المرئيّة، لهذا لم أكن -أنا شخصيًّا على الأقل- لأقبل بعرضه على الناس. فأن لا نكون مُخلصين لصورته هو عدم ولاء وإخلاص منّا.

حتى أنَّ أُختي كتبت إليَّ يومًا تُخبرني أنّ بعض الناس يفكِّرون بعرض الفيلم المذكور، وإنّها ضدّ تلك الفكرة تمامًا لأنَّ ذلك الشريط لن يُقدِّم للناس المصلح الموعود الذي نعرفه. وفي أيامنا هذه، ومع وجود التطوّر التقني لإعداد البرامج وبثِّها، فإننا نتلقّى – ملاحظات من مشاهدي قناتنا الفضائيّة حول سوء بثّ بعض برامجنا فيما يتعلّق بصورتي أو صوتي او لون وجهي وغير ذلك، ومع أنَّ تلك البرامج مسجّلة بأحدث وأجود المعدَّات، غير أنّ تلك الانطباعات الخاطئة عني صوتًا وصورة يُمكن أن تُصحَّح لأنَّي هنا حيٌّ والحمد لله تعالى، ولكن ماذا عن انطباعك الذي تكوّنه -لدى مشاهدتك لفيلم مشوَّه لا يمكن تصحيحه- عن الشخص الذي يكون قد رحل؟.

إنّ بثَّ هذا الفيلم المشوَّه عن حضرة المصلح الموعود سيشكّل لدى الناس انطباعًا خاطئًا عن حضرته، لذا فإنّ من المهم جدًا ألّا تُعرَضَ مثل هذه البرامج التي تكون قد فشلت في الحفاظ تمام المحافظة على ملامح الوجه ونبرة الصوت ولحنه وقيمته وتأثيره. وهذا هو سبب عدم موافقتي على السماح بعرض الفيلم بالرغم من إلحاح الكثيرين كإلحاحك هذا.

إنّ هناك واحدًا من التسجيلات المقبولة عن المصلح الموعود، وقد عُرِضَ مؤخرًا أيضًا، وهو يتحدَّث في إحدى خُطبه حول سيرة المسيح الموعود ، وقد عُرِضَ هذا البرنامج على MTA وكانت التعليقات التي استلمتها مّمن شاهدوا البرنامج ممتازة. وكان المصلح الموعود في أجزاء صغيرة من هذا الشريط -وجميع الصور بالأبيض والأسود- قريبًا جدًا من شكله في الحقيقة. ولقد طلبتُ من الإدارييّن في الجماعة تذكير الناس فقط بشكل المصلح الموعود وكيف كان يتحرَّك ويفعل هذا وذاك. ويمكن أن يُعرض لمحات قصيرة فقط، وعندما يتمُّ إعداد هذا العمل فسوف يُعرَض عليكم إن شاء الله.

سؤال: في سورة المائدة الآية الكريمة “6” هل أقرؤها؟

حضرة أمير المؤمنين: نعم، حاول.

السائل: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ .

أولاً، كلّ الطعام الحلال في شريعة التوراة هو حلال في الشريعة الإسلاميّة. وبما أنَّ المسيحيين واليهود يؤمنون بالتوراة، لذا فقد ذُكروا على أنّهم أهل الكتاب، وبما أنَّ هذا البحث قد نوقش في لندن ولم أكن أعرف جوابًا مُرضيًا، لذا أكون مُمتنًّا إذا أعلمتنا فيما إذا كان البوذيون أو الهندوس أو أيّ أتباع لأديان أخرى يمكن أن يُعتَبَروا من أهل الكتاب؟.

ثانيًا، بما أنّ الطعام نوعان، طعام يُفتَرَض أنّه قد تمَّ تحضيره للنباتييّن، وآخر لآكلي اللحوم، فهل نستطيع تناول أيّ طعام كان قد حضَّره غير المؤمنين؟.

جواب: سأُجيب عن سؤالك، وأعتقد أنني أجبتُ عنه سابقا، ألم تطرح هذا السؤال من قبل؟.

السائل: لا.

أمير المؤمنين: ربما طرحه شخصٌ آخر باسمك. هل تذكر حديثًا -ربما تكون قد سمعته- يقول إنّ البدو المشركين الذين لم يكونوا أهل أيّ كتاب، عندما كانوا يُحضِّرون الطعام في منطقتهم في الصحراء ويبيعونه في المدينة، كان المسلمون يأكلون من هذا الطعام ويأكلونه، وقد كان النبي أيضًا يأكل منه. هل صحيحٌ هذا أم خطأ؟.

السائل: لا أعرف.

أمير المؤمنين: إذا كان محمد قد أكل منه فيكون صحيحًا، وإذا لم تكن قد سمعت بذلك بشكل عام فيمكنني أن أُذكّرك بحديث معين أنا متأكّد من أنّك سمعته. تعلم أنّ اثنين من أصحاب محمد ضلّا طريقهما، وكان زادهما قد نفد، فقصدا قبيلةً كانت مشركة ومعادية للمسلمين، فرفضوا تقديم أيّ عونٍ لهما. قالوا لهما: اذهبا بلا طعامٍ وماء، فأنتما تنتميان إلى قبيلةٍ معادية، كما أنّكما من المسلمين. لكن الذي حدث هو أنّ زعيم القبيلة كان يُعاني صُداعًا شديدًا جدًا لم يتمكّنوا من علاجه بأيّ وسيلة. وعندما سمع الزعيم بأمر الزائرين وكيف عاملهما قومه أرسل في طلبهما فورًا لأنّه ظنّ أنه قد يكون لديهما وصفة يمكن أن تشفيه من ذلك الصداع، ولذلك تمَّ إرجاعهما. فقرأ واحدٌ منهما سورة الفاتحة على بعض الماء وقدَّمه لزعيم القبيلة ليشرب، وحالما شرب ذهب الصداع. فتخيَّلْ كم كانت المفاجأة لهم. وكان الزعيم ممتنًّا كثيرًا حتى أنّه أفاض عليهما بالهدايا والطعام والماء وغيرها. وطبعًا أكلا من الطعام الذي قٌدِّمَ لهما.

وربما يقول قائل: طبعًا عندما تكون غاية في الجوع تستطيع أكل حتى لحم الخنزير. لكن المسألة لم تكن كذلك، لأنهما عندما وصلا المدينة ذكرا للنبي ما فعلاه ليعرفا إن كان صوابًا أم خطأً، فقال سيدنا محمد : ألم يبقَ لديكما شيءٌ من ذلك اللحم؟ فقالا: بلا، لا يزال لدينا. فقال: أعطياني شيئًا منه. فأكل منه، ليُبيّن لهم أنّه عندما يُعطي تعليمًا في أمر فإنّه -هو نفسه- يقوم بممارسته.

لقد كان ذلك طعام المشركين.. طعامًا حضَّره المشركون. إذن ماذا عن التناقض الظاهري بين تلك الآية والحياة الحقيقيّة في الجزيرة العربيّة في تلك الأيام؟ مهما كان معنى تلك الآية، إنّه قد تمَّ البرهان بشكل أكيد على أنّ المسلمين يستطيعون أن يأكلوا الطعام من أيدي غير المسلمين الذين ليسوا من أهل الكتاب. عندما يتأكّد هذا دون أدنى شكّ، فلماذا نستعلم فيما إذا كان شخصٌ ما من أهل الكتاب أم لا قبل أن نبدأ بالأكل في مطاعمهم أو بيوتهم؟. إنّ معنى تلك الآية هو مختلف، إنّها تتحدَّث عن معاملةٍ متساوية، والمعنى الذي أنا أفهمه منها هو: طالما يكون طعامكم -من وجهة نظرهم- جيدًا فإنّه ليس لكم الحقّ بمقاطعتهم اجتماعيًا. هذا هو بالضبط أسلوب الآية، تقول: إنّ طعام أهل الكتاب حلالٌ لكم وطعامكم حلالٌ لهم. أتفهم؟ إنّ أهل الكتاب لم يؤمنوا بالقرآن فلماذا يُسمحُ لهم؟ إنّها ليست مجرّد مسألة سماح، بل إنّها وضعٌ اجتماعي. إذا عاملكم أهل الكتاب بحيث لم يحرِّموا طعامكم عليهم، عندئذٍ لا بأس عليكم في أن تأكلوا طعامهم، ولكنهم إذا قاطعوكم من ناحية الطعام وما شابه ذلك عندئذٍ يكون لكم الحق بأن تقاطعوهم. ذلك هو المعنى.

ولقد شاهدتُ ذلك في ممارسة الحياة الواقعيّة في زمن ما قبل انقسام الهند. في تلك الفترة قاطع الهندوس أحيانًا طعام المسلمين، وأحيانًا لم يُقاطعوه. وكلّما فعلوا ذلك كان حضرة المصلح الموعود يمنع جميع المسلمين الأحمديين من أكل الطعام المحضَّر من قِبَل الهندوس. وعندما كانوا يكفّون عن المقاطعة، كان المصلح الموعود يشاركهم في الطعام. مثلاً أذكر أنّ بعض جيراننا من الهندوس أرسلوا لنا طعامًا، فأكل من هذا الطعام كل أفراد العائلة، ولم يُمنع أحد منهم عن الأكل. لذلك فإنّ مسألة الطعام تُحدَّد بالنظر في سُنّة محمد ، فإذا لم يكن ثمّة مقاطعة من قِبَل محمد وأصحابه بين المسلمين وغير المسلمين من جميع الأنواع، فهذا يعني أنَّ هذه الآية قد أُسيءَ فهمها.

سؤال (من طفل): قرأتُ في كتاب في المدرسة أنّ المسيح كان في سفينة حديد وكانت على وشك أن تتحطّم على صخرة، وكان الجميع في حالة خطر، ولكنه مشى فوق الماء، هل هذا صحيح؟

جواب: حسنًا، هذا يمكن أن يتمَّ اختباره الآن أيضًا، وليس من الضروري العودة إلى التاريخ لما وراء ألفي سنة، يمكن أن نختبر الأمر الآن وبسهولة بالغة، مثلما فعلتُ خلال آخر زيارةٍ لي إلى سويسرا. جاءت سيدة مسيحيّة واستعلمت عن المعجزات التي صنعها سيدنا المهدي والمسيح الموعود فقلت لها: لا، لم يصنع المعجزات التي تعتقدين أنّ المسيح قام بها. فقالت: فكيف يكون هو المسيح إذن؟. فقلت: ليس من مشكلة. أستطيع أن أُبرهن لك الآن على صدقه. وقلت لها: عندما تقرئين عن هذه المعجزات التي صنعها عيسى المسيح ، فإنّك أيضًا تقرئين في الإنجيل أنّ المسيح قد قال: لو كانت فيكِ ذرّةٌ من الإيمان فإنّكِ تستطيعين تكرار تلك المعجزات. وقلت لها: هل تؤمنين حقًّا بعيسى المسيح؟ فقالت: نعم. فقلت لها: ها هي البحيرة في زيوريخ، أُعطيكِ موعدًا غدًا، في الساعة العاشرة صباحًا تأتينَ أنتِ وأصحابكِ وأنا سآتي مع أصحابي وسوف أطلب منكِ أن تمشي على سطح ماء البحيرة وأن تعبُريها إلى الشاطئ الآخر، وسوف نذهب هناك وننتظرك. فَفهِمتْ حالاً أنّ الأمر كان زائفًا، وقالت: عيسى لا يمكن أن يكون على خطأ. إنّ ما فعله لم يكن معجزات ماديّة، بل كانت معجزات روحيّة، لذلك فإنّ أيّ مؤمنٍ به يستطيع أن يفعل مثله. ونحن نقوم بإحياء الموتى. فإذا كانوا يؤمنون بذلك فعلاً تمامًا كما هم يظنون بشكل مادي إذن لقدروا عمل تلك المعجزات لو كانوا يملكون ذرّةً من الإيمان. تكون هناك مشكلةٌ كبيرة في قضايا القتل وغيره، فإذا ما قُتل شخص سيأتي المسيحيون ويقولون له: قم وانهض، ولن يكون هناك عقاب أو مشكلة. إنّ حياتهم ذاتها تُبيّن حقيقة معتقداتهم. هل تفهم تمامًا.

سؤال (من صبي): لماذا يدمّر غير الأحمديين في باكستان مساجدنا؟

جواب: اسألهم هم. ليس هناك من سبب. أنا لا أعلم أيّ سبب يدعوهم إلى ذلك. لقد تحدثَّت عن ذلك في خطبتي أمس. هل سمعت ذلك؟

السائل: لا، لم أكن هنا.

أمير المؤمنين: إذن أحضر الشريط واستمع إلى تلك الخُطبة. لقد قلتُ فيها كل ما أعرفه عن الموضوع، ولا أعتقد أنّك تريدني أن أُعيد الخُطبة ثانيةً الآن لحوالي ساعة.. أليس كذلك؟ شكرًا.

سؤال (من صبي): لماذا يلبس الأنبياء دائمًا عمامةً على رؤوسهم؟.

جواب: تقصد بقولك الخلفاء وليس جميع الأنبياء. نحن لا نعرف جميع الأنبياء. وليس جميع الأنبياء يلبسون عمامات كما نفعل الآن، ولكن سيدنا المهدي والمسيح الموعود كان يلبس عمامةً مشابهة لهذه، ليست مثلها تمامًا، ولكن الخلفاء كانوا يلبسون عمائم كهذه. لماذا كانوا يلبسونها؟ هذا هو السؤال اليس كذلك؟

السائل: نعم.

أمير المؤمنين: هذه العمامة كانت على مدى أجيال عديدة رمز احترام واعتزاز وعلم، لذلك فإنّهم -في لغتنا- يقولون: بدلاً من توزيع الشهادات ماذا يُعطون في احتفالات التخرُّج؟ إنّها حفلة توزيع الدرجات حيث يوزِّعون الشهادات والوثائق الأخرى، لتُبرهن أنَّ شخصًا قد تخرَّج أو حصل على شهادةٍ ما، كالدكتوراه مثلاً. لقد كان يحدث هذا في باكستان. فإذا تخرَّج شخصٌ من كليّة دينيّة.. فبدلاً من أن يُعطى شهادةً أمام الناس إنّ الأستاذ الذي يكون ضيف الشرف يضع هذه العمامة على رأسه، ثم يُقال: الآن تمّ إعلان وإشهار أنّه رجل علم ومعرفة حقًا. هل تفهم؟. وهذه العلامة صارت رمز احترام وعزّة وعلم. ولقد شاهدتُ الخليفة الثالث لسيدنا المهدي قبلي يلبس هذه العمامة، وشاهدتُ صور الخليفة الأول يفعل الشيء نفسه. وكان ذلك سببًا كافيًا تماًمًا بالنسبة إليَّ، ولم أسأل أسئلةً أخرى. هل تفهم؟ جزاكم الله خيرًا.

السائل: لديَّ ملاحظةٌ وسؤال.

أمير المؤمنين: قل ملاحظتك أولاً.

السائل: ورد في الملفوظات لسيدنا المهدي والمسيح الموعود، المجلد الثالث، الصفحة 384 أنّ عمر السلاحف يصل إلى خمسة آلاف سنة.

أمير المؤمنين: لا أعرف. مثل هذه المواضيع تكون جدليّة خلافيّة. ويمكن للنبيّ أن يتحدَّث عن المعرفة الدنيويّة على أساس ما يسمع أو على حسب ما يعتقد ويعرف أهل ذلك العصر، فإذا ارتكب خطأً بسبب خطأ المعرفة الشائعة، لا يكون ذلك خطأه. ولكنه عندما يتلقّى من الله علم شيءٍ فلا بدَّ أن يكون ذلك صحيحًا. ولم يذكر المسيح الموعود في أي موضعٍ أنّه سمع من الله أنّ عمر السلاحف هو خمسة آلاف سنة. وفي ذلك الوقت لا بدَّ أنّه قد سمع من بعض الناس الذي كانوا يقرأون في العلوم وغيرها، كما يحدث أحيانًا أن ينقل شخصٌ ما معلوماتٍ خاطئة لي. فلربّما تكون بعض المعلومات الخاطئة قد وصلت إليه. فإذا ما كانت معرفتك الحاليّة تُناقض هذه الفكرة، فليس من ضررٍ في ذلك.

سؤال: كيف يمكن لاسم شخص أن يؤثِّر على شخصيّته؟

جواب: أشكُّ في أن يكون هذا صحيحًا، لأنني قد شاهدتُ أُناسًا من جميع الأُمم يقومون بكل الأفعال التي لا علاقة لها مطلقًا بأسمائهم. أعرف بعض الناس من الذين يحملون اسم “محمّد” يرتكبون جرائم من أسوأ الأنواع، وأعرف واحدًا في (جهانغ: محافظة في باكستان) كان لصًا كبيرًا، وفي منطقته تلك اسم “محمّد” شائع جدًا، والجرائم فيها أيضًا كبيرة، بل إنّها أكثر من المناطق الأخرى، كما أنَّ أهل تلك المنطقة هم لصوصٌ كبار… ويحملون اسم محمد. وفي ذهني واحدٌ منهم سرق مرةً شيئًا لي.

Share via
تابعونا على الفايس بوك