عليك بالعمل بدلا من النقاش

عليك بالعمل بدلا من النقاش

ألف السيد “عبد السلام خان” كتابا باللغة الأردية عن أبيه المغفور له المولوي “محمد إلياس خان”، وسمّاه “حياة إلياس”. نقدم لقرائنا من “حياة إلياس” مقتطفات ممتعة ومفيدة تحتوي على عظات أخلاقية تقوي الإيمان. (التقوى)

درس المولوي محمد إلياس خان النحو والصرف على يد عمدة قريته “خان غلام محمد خان الدُّرَّاني” الذي كان من كبار القوم، وكان رجلا عالمـًا بارعا في اللغات العربية والفارسية والأردية وآدابها. كان بيته ملتقىً للمثقفين يناقشون فيه المسائل العلمية دائما. وكان السيد خان الدرّاني من أهل القرآن الذين لا يؤمنون بمصداقية أحاديث الرسول ، كما كان دائما يفضّل أن يحل المسائل قياسًا على القرآن الكريم. يقول المولوي محمد إلياس خان: انخرطت بأهل القرآن بعدما سمعت هذه المباحثات. ولأننا كنا نسعى لحل المسائل من خلال القرآن الكريم فحفظت القرآن كله تقريبًا، وبدأت أناقش باندفاع، إلا أنني تركت المشاركة فيها عندما شاهدت مرة رؤيا.

يقول المولوي إلياس: كان للسيد خان الدراني أخ أصغر منه اسمه ولي محمد وتوُفي في الثمانين من عمره، وعندما جُهّز مدفنه استلقى خان الدراني في لحده أولا، ثم قام فخرج منه وقال: ادفنوا “ولي محمد” الآن.

ويضيف المولوي قائلا: قال لي خالد الدراني عندما حان دفن أخيه: يا محمد إلياس إنهم يدفنون أخي الآن “ولي محمد” فماذا ترى. قلت: أتذكر بيتًا لأحد الشعراء ومعناه:

كنت مارًا بقرب قبر فسألت صاحبه: كيف الأحوال؟ فأجاب:لماذا تسأل عن أحوالنا، سوف تعلم عندما تحضر أنت هنا.

فأجاب السيد خان الدراني: الأمر هكذا، يا محمد إلياس، ولكنني سوف أخبرك إذا ما حدث لي شيء ما بعد دفني. ولم يتحمل “خان الدراني” فراق أخيه، فتوفى بعده بأربعة أيام ودُفن بجانبه.

يقول المولوي محمد إلياس: بعد وفاة “غلام خان الدراني” شاهدت رؤيا أنني أرجع إلى البيت من المدرسة، وكان في الطريق جامع، ووجدت “غلام خان الدراني” ينتظرني هناك، فقال عندما شاهدني: أنت تتأخر كل يوم ولا تأتي في موعدك؟ قلت: أيها السيد خان، أنت ميت ونحن دفنّاك، فكيف جئت إلى هنا؟ فأجاب: ألم أقل لك: سوف أخبرك إن حدث حادث. اسمعني وأضْغِ إليّ: عندما انصرفتم بعد دفني، قدّمني ملكان إلى الله تعالى، وكان هناك كتابان ضخمان تحت إبطيهما. كنت مسرورا جدًّا وفكّرت أن الله تعالى سوف يسألني عن دلائل وجوده وسوف أتقدم بالأدلة من القرآن الحكيم بكل طلاقة وسرعة. ولكن تحيّرت حيرة شديدة عندما أمر الله تعالى الملكين تقديم حسابي قائلا: “هل قدّم أعمال الخير في حياته أم لا؟ فبدآ يتصفحان أوراق الكتابين وأجابا: جل جلالك، لا يوجد عمل خير له. فاضمحللت وتصببتُ عرقًا بسبب الهم والغم. فقال الله تعالى: لقد هيأ هذا الرجل شغلاً ليتيمين ترحّمًا عليهما في “ديره إسماعيل خان” ( مدينة في الباكستان) عندما كان ضابطًا في الشرطة هناك. فتصفّحا من جديد وقالا: جلّ شأنك، نعم، إنه قد قدمّ وظيفة ليتيمين. فقال الله تعالى: قد غفرت له على فعلته هذه. اذهبوا به إلى الجنة: قد غفرت له على فعلته هذه. اذهبوا به إلى الجنة. والآن أنا في فيلا فيها أزهار جميلة. أما عن أخي فلا أعرف أين هو؟

وزادني قولا: يا محمد إلياس، لا تسلك سبيل النقاش بل عليك بالعمل أكثر، فإنك لن تُسأل عن النقاش، بل تسأل عن الأعمال. لذا اجتهِدْ لفعل الخير، وخاصة ارحَمْ خلق الله كي تنال المغفرة من الله تعالى.

يقول حضرة المولوي محمد إلياس: بعد هذه الرؤيا تخليت عن النقاش كلية.

وكان قد شاهد هذه الرؤية قبل قبوله الأحمدية، وكان يقول أيضًا: بدأت أقرأ القرآن بعدها للعمل بهديه، واستفدت كثيرًا، وكانت النتيجة أن حظيتُ بنعمة قبول الأحمدية.

كان يقول: إن منن الله علي عظيمة، لو نطق كل شَعري فلا أستطيع الشكر لله كما يجب، لأنه وّفقني لمعرفة مصلح هذا الزمان بفضله الخاص. لكنه كان متأسفا على تأخره في الانضمام إلى الأحمدية، حيث بايع في عام 1909م ولم يتمكن من لقاء سيدنا المسيح الموعود الذي توفى سنة 1908. وكان يقول: لا نستطيع أن نحصل على هذه السعادة بقوتنا إلا إذا وّفقنا الله الموفق لها.

( حياة إلياس ص 19-22 )

Share via
تابعونا على الفايس بوك