قراءة في عالم الظلم بلا حدود.. فهل إلى النجاة من سبيل؟!

قراءة في عالم الظلم بلا حدود.. فهل إلى النجاة من سبيل؟!

التحرير

  • إن الظلم ينتشر بسرعة كبيرة لجميع طبقات المجتمع إذا كان الحاكم ظالما حيث تكون بيده زمام الأمور كلها.
  • إن إستمرار الحكام في مقاعد السلطة لفترات طويلة يعرضهم للفساد والظلم.
  • التقوى والصلة بالله تعالى هي السبيل الوحيد لأن نحظى بمجتمع حر وديموقراطي.
  • الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي النظام الوحيد الذي يمكن أن يهيئ مناخ الوحدة والعدل بين المسلمين.

__

لا شك أن للظلم أبعادًا عميقة لايعيها إلا من ذاق ويلاته واكتوى بناره. يُحل الطاغية  ظلم الأبرياء وإصدار أحكام غاشمة ضدهم دون أي بينة أو برهان، ثم يفتري ويبتدع  مسرحيات يرسمها له خياله السقيم تبريرًا لفعله الشنيع.

إن استفحال آفة الكِبر في الطاغية تُولد فيه الأنانية والغرور والتجبر لدرجة أنه لا يرى إلا نفسه ولا يسعى إلا لتحقيق مصلحته. ويستغل نفوذه وإعجاب المنافقين من حوله به في إهانة الناس وإذلالهم، وبالتالي يهضم حقوق نفسه ويجبرها على اقتراف أعمال شنيعة لا يرغب فيها فطريا.

وترى شريحة كبيرة في الساحة الإسلامية أن امتلاك القوة والسلطان يحرض على ممارسة الظلم في ظل إغراء المنافقين وتشجيعهم للتمادي فيه حيث يبررونه ويؤصلون له. فإذا أصاب الظلم رأس المجتمع من حُكام وصفوة فإنه ينتشر بسرعة إلى كل طبقات المجتمع ويغلب التظالم على عامة الناس. فيؤدي بهم الأمر إلى تربع  طاغية على عرش الظلم وغالبا يكون من في يده زمام إدارة أمورهم.

وبناء على هذا فإنها ترى أن الشعوب المقهوره لا تتحمل مسئولية ما يحدث لها، إنما يتحمل ذلك من يمارسون القهر ضدها. ومن الطرف الآخر وللحفاظ على مقاليد السلطة، يروج عملاء الطغاة من خلال شعارات مختلفة أن تغيير الحاكم لا يعني بالضرورة اضمحلال الظلم. فمن المستحسن أن يرضى الشعب بمن يعرفه لعل من سيأخذ مكانه لا تُعرف حدود ظلمه.

ولا شك أن استمرار الحكام في مقاعد السلطة لفترات طويلة يعرضهم للفساد والديكتاتورية وهذا ما جعل الأمم الحرة تحدد مدة بقاء الحكام في السلطة بينما نرى استمرار الحاكم المستبد في البلدان المتخلفة غالبا لا ينتهي إلا بالموت.. وإثر حدوثها تشرئب الأعناق وتتطلع إلى منقذ من براثن الديكتاتورية والقهر وإذا بالمنتخب الجديد يسلك مسلك سابقه حذو النعل بالنعل. وفي هذا الخضم يسود مناخ الظلم بلا حدود على مدار حقبة زمنية طويلة تتعاقب فيها الأجيال.

والأمر الذي يغيب عن الأذهان هو أن الفساد والظلم تسرب من الطبقات السفلية للمجتمع إلى قمته. وليس من الحكمة في شيء أن نطالب بقمة صالحة في الوقت الذي لا تتحلى فيه طبقات المجتمع على تعددها بالصلاح ولا تفقه أبعاده ومستجداته.

كما نرى أن تغيير الحاكم الظالم بحاكم عادل لا يفي بالغرض بل من الواجب أن يتم تغيير جذري في البنية التحتية للمجتمع على مستوى جميع الطبقات الاجتماعية. وذلك بضخها بشحنة أخلاقية تكتسب من خلالها تقوى الله التي هي الحل الناجع لمشاكل العالم الإسلامي بأسره.

ولا شك أن الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي النظام الوحيد الذي يمكن أن يهيئ مناخ الوحدة والعدل بين المسلمين ويخلق الأمن في الدنيا. كما أنها وحدها تضمن تحقيق حقوق الحكام والعوام على حد سواء.

فالرؤساء والملوك المسلمون الذين يعتبرون أنفسهم خداما وحماة للدين الحنيف يَغصبون حقوق الله وحقوق العباد بأبشع صورة. ومن جراء أعمالهم الهدامة يتسببون في نشر الفوضى والاضطراب ويهيئون مناخا خاليا من السكينة والراحة لرعيتهم. ولا شك أنه في ظل هذا المناخ ينمو بركان في الخفاء على امتداد حقبة زمنية طويلة. وحين ينفجر يدمر الجبابرة والطغاة على حد سواء. ويستعصي التكهن بأبعاده أو وضع خطة مدروسة للتصدي إليه بل يكون ردة فعل المظلوم التي تغير موازين القوى والقدرات. ولا شك أنه بعد نجاح المظلوم في استرجاع حقوقه ونيل حريته يبدأ هو الآخر بدوره ممارسة الظلم. وبالتالي تتغير المسميات وتبقى الأحوال نفسها. وهذه هي الهاوية أو ما يُعبر عنه بالحلقة المفرغة من التقوى.

وما لم يتطلع المسلمون لاكتساب التقوى والتحلي بها في حركاتهم وسكناتهم سوف يزدادون طمعا وشقاء، وستزداد طرق الإصلاح ظلاما بدلا من الاستنارة. وليس هناك سبيل آخر لنيل الحرية والتنعم بالديمقراطية إلا بتحلي المجتمع على اختلاف طبقاته وشرائحه بالتقوى والصلة بالله تعالى. ولن تقوم الصلة بالله عز وجل إلا بالأسلوب الذي أرشدنا إليه اللهُ تعالى والنبي . وذلك بالإيمان بإمام الزمان قلبا وقالبا ومن بعده خلفاءه الكرام وطاعتهم بالمعروف.

ولا شك أن الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هي النظام الوحيد الذي يمكن أن يهيئ مناخ الوحدة والعدل بين المسلمين ويخلق الأمن في الدنيا. كما أنها وحدها تضمن تحقيق حقوق الحكام والعوام على حد سواء.

ونود أن نوضح في هذا المقام أن دور الخليفة هو تجديد الدين وإحياؤه والذي من خلاله يتم تلقين المسلمين الكتاب والحكمة، فيتخرج على يده الشريفة مُتقون يخدمون البلد والدين بكل إخلاص ووفاء. وتاريخ الجماعة حافل بشخصيات عظيمة تألقت في خدمة بلادها وضحت بكل غال ونفيس، وذلك لما تمتعت به من كفاءات عالية ميزاتها تقوى الله التي ولسوء الحظ يفتقدها الساسة في العالم الإسلامي.

عزيزي القارئ بهذه الكلمة الوجيزة نكون قد مهدنا لخطبة الجمعة لحضرة أمير المؤمنين-أيده الله – التي تجدها داخل العدد ونأمل أنك ستلامس معالم تحليل وتعقيب حضرته على الأوضاع الحالية الجارية في العالم العربي.

ندعو الله عز وجل أن يرحم الأمة الإسلامية ويهب شعوبها وقادتها العقل والتدبر حتى تتولد في قلوبهم تقوى الله عز وجل.

Share via
تابعونا على الفايس بوك