التحديات و المباهلات في تاريخ الجماعة الإسلامية الأحمدية

التحديات و المباهلات في تاريخ الجماعة الإسلامية الأحمدية

تميم أبو دقة

كاتب وشاعر
  • لجأ حضرته عليه السلام لإسلوب التحديات والمباهلات لكي يظهر مزايا عظمة الدين ولكي يعطي فرصة للمعارض الإتطلاع والإستفاضة والنقاش عن علم ومعرفة.
  • بعض اللذين باهلوا المسيح الموعود  عليه السلام كانوا قد أصروا  على موقفهم وكان يجب أن يستحقوا العذاب الإلهي.
  • فممن وقع تحت العذاب الإلهي كان أولهم : الزعيم الهندوسي ليكرام، عبد الله آثم، ألكسندر دوئي، ثناء الله الأمرتسري.
  • إستمرار المباهلات في عصر الخلفاء.
  • المباهلة التي حصلت ضد ضياء الحق في زمن الخليفة الرابع رحمه الله، حيث كان قد أعلن حضرته أنه قد أُخبر بالرؤيا أن ضياء الحق سيموت وسيتمزق إربًا وهذا ما حصل.

__

منـذ أن بدأ حضـرة مؤسـس الجمـاعـة الإسلامـية الأحمـدية عمله الدءوب في الدفاع عن الإسلام في القارة الهندية، مقابل المسيحية والهندوسية وغيرهما من الأديان، لجأ إلى أسلوب التحديات تنبيهًا إلى ما في هذا الدين العظيم من مزايا عظيمة وجوانب جميلة، لا سبيل إلى نقضها، ولا يوجد نظير لأكثرها في الأديان الأخرى. ففي كتابه الأول “البراهين الأحمدية على أحقية كتاب الله القرآن والنبوّة المحمدية”، الذي بدأ بإصدار المجلد الأول منه عام 1880 قدّم عددا من الأدلة وأعلن متحديا أن من ينقض مِن معارضي الإسلام خُمْسَ هذه الأدلة سيعتبر منتصرا، وسيقدم له حضرته مبلغا كبيرا من المال مكافأة. وبالطبع لم يستطع أحد أن يواجه التحدي؛ فكانت النتيجة نصرا مؤزرا للإسلام أدى إلى شهرة عظيمة له في كل أنحاء القارة الهندية. ثم استمر حضرته في تأليف الكتب المتنوعة التي دافع فيها عن الإسلام، ثم عرض دعواه أنه المسيح الموعود والإمام المهدي، واستمر في أسلوب التحدي في كتبه بأن يأتي المعارض بمثلها أو أن يرد عليها ردا مفحما.

هذا الأسلوب كانت الغاية منه أن يقوم المعارض بالاطلاع والدراسة لما يقدمه من دلائل وعلوم؛ فإنِ اختار بعد الاطلاع الحثيث والدراسة المستفيضة القيام للتحدي فله ذلك؛ حيث يكون التحدي عندها على بصيرة لا على جهالة. ولمزيد من التشجيع على التبصر والتدبر كان يقرن هذه التحديات بالمكافآت المالية. فلم تكن غايته إهلاك المعاندين والمعارضين، بل كان يرغب بهدايتهم ويحرص على ذلك أشد الحرص.

فتوفي حضرته عام 1908 وعاش بعده ثناء الله الأمرتسري أربعين عاما رأى فيها ازدهار الجماعة وانتشارها، ورأى فيها خزيا وتغيرا كبيرا في حاله، حتى إن مشايخ فرقة أهل الحديث التي ينتمي لها كفرته وجلبت فتوى مؤيدة مماثلة من مشايخ مكة المكرمة.

وتأكيدا على هذا الحرص، لم يكتف حضرته بالدعوة إلى الدراسة والتفكر والتدبر، بل عقد المناظرات العديدة معهم، وطلب من المعارضين أيضا أن يأتوا ويقيموا عنده في ضيافته وعلى نفقته ويطلعوا على أحواله ويناقشوه ويروا آيات صدقه.

وقد عاب حضرته على بعض من اعتاد الدعوة إلى مباهلة غيرهم بتسرع ورعونة، وبيّن أن هذه المباهلات التي تقوم على الجهالة لا يعبأ الله تعالى بها، ولو أخذ الله تعالى بها لهلكت الأمة كلها وفنت منذ وقت طويل بالمباهلات بين فرقها المختلفة. ووضح حضرته أن الله تعالى لا يأخذ الجاهل، بل يأخذ الكاذب المصر على الكذب والتضليل رغم اطلاعه على الحقيقة، فهذا هو الذي يستحق العقوبة الإلهية.

ورغم كل محاولاته لإعطاء الفرصة لخصوم الإسلام وخصومه ومعارضيه، فقد كان منهم من أصر على موقفه، وكان لا بد من أن يقع تحت طائلة العقوبة الإلهية. ولم تقتصر آيات العقوبة الإلهية على المباهلات، بل كان يحذر الخصوم المعاندين مِن عاقبتهم المحددة التي ينبئه بها الله تعالى إن لم يرتدعوا ويتوبوا. وقد ظهرت آيات تأييد الله تعالى له بكل جلاء في كل تحدياته بفضله تعالى.

فممن وقع تحت طائلة العذاب الإلهي  الزعيم الهندوسي “ليكرام” الذي كان فاحشا جدا في الهجوم على النبي  . فأنذره حضرته وأخبره أنه إن لم يرتدع ويتُبْ فسيموت خلال ست سنوات، بيد إلهية، وبخنجر النبي  ، وسيكون ذلك في يوم سبت في يوم ملاصق ليوم عيد المسلمين؛ وهذا ما حدث بشكل دقيق.

كذلك كان هنالك قسيس متنصر اسمه “عبد الله آثم”، تناظر مع حضرته لمدة خمسة عشر يوما في مناظرة سـمّاها المسيحيون بـ “الحرب المقدسة”. وقد أطال القسيس فيها لسانه على النبي  ، فأخبره حضرته في يومها الأخير أنه بسبب إساءته البالغة للنبي فإنه سيموت خلال خمسة عشر شهرا إن لم يرتدع. فخاف القسيس وذعر ذعرا شديدا، وقضى الشهور الخمسة عشر في اضطراب وقلق شديد شهد عليه المقربون منه. ولما انقضت المدة ظن هذا القسيس أنه قد نجا من بطش الله، فأنكر أنه كان خائفا مرتعدا في الفترة الماضية بإغراء وتحريض ممن حوله. فأخبره حضرته أنه سيموت هذه المرة خلال عام سواء تاب أم لم يتب بسبب كذبه وإنكاره. فمات خلال ستة أشهر وكانت موته آية عظيمة من السماء.

وبسبب وضوح هذه الآيات، ثار حسد المشايخ المعارضين، فأخذوا يشككون بآية موت “آثم” وفقًا للنبوءة. فألف حضرته كتابا أسماه “عاقبة آثم”، ودعا فيه عددا من المشايخ للمباهلة. فكانت عاقبة مَن قبل المباهلة منهم الموت وفقًا للشروط التي وضعت وبشكل مذهل.

ثم بعد ذلك كانت هنالك سلسلة من المباهلات مع الخصوم من المشايخ الذين حل عليهم العقاب الإلهي وماتوا وفقا للشروط.

ثم امتدت تحدياته إلى خارج حدود القارة الهندية في مواجهة أعداء الإسلام. وكان من أشهر تحدياته تحديه للقسيس ألكسندر دوئي في أمريكا، الذي أعلن أنه رسول المسيح، وأنه إيليا الثالث المبشر بقدوم الرب، وأنه سيعمل على القضاء على الإسلام وإهلاك المسلمين جميعا. فأرسل له حضرته وقال له إنك تدعي أنك رسول المسيح، وأنا أقول لك إن المسيح عبد من عباد الله وقد مات، وأنه لو كان حيا لما وسعه إلا أن يكون خادما للنبي  . وأن الله تعالى قد بعثني في مقام المسيح لإظهار مكانة المسيح الحقيقية التي لا تعدو أن يكون خادما للنبي  ، غيرةً منه على وحدانيته وعلى مقام حبيبه محمد . ودعاه للمباهلة. وبعد عدد من المراسلات أعلن حضرته أن دوئي سيموت خلال عام بسبب كذبه وتعنُّته وذلك في حياة حضرته. وحدث هذا أيضا بصورة مبهرة بفضل الله.

ولم تقتصر التحديات فقط على شرط وفاة المتحدي في حياة حضرته فقط، بل قد قبل أيضا بعض الشروط التي وضعها الخصوم وحكموا بها على أنفسهم. وكان من هؤلاء الشيخ ثناء الله الأمرتسري، الذي كان أحد المدعوين إلى المباهلة في “عاقبة آثم”، ولكنه رفض قبول المباهلة حينها. ثم بعد فترة قام وأعلن أنه يريد المباهلة، فقبل حضرته لكن الأمرتسري تهرّب. ثم بعد ذلك قال إنه لا يرى موته في حياة حضرة مؤسس الجماعة دليلا على صدق حضرته، لأن المعتاد حسب فهمه هو أن يموت الصادق في حياة الكاذب كما مات النبي  عليه في حياة مسيلمة. كذلك قال إنه هو لن ينتفع بهذا الدليل إن مات، فهو يريد دليلا يستطيع أن يراه قبل فوات الأوان. فتوفي حضرته عام 1908 وعاش بعده ثناء الله الأمرتسري أربعين عاما رأى فيها ازدهار الجماعة وانتشارها، ورأى فيها خزيا وتغيرا كبيرا في حاله، حتى إن مشايخ فرقة أهل الحديث التي ينتمي لها كفرته وجلبت فتوى مؤيدة مماثلة من مشايخ مكة المكرمة.

إن الجماعة الإسلامية الأحمدية لا ترغب في التسرع في إهلاك المعارضين والقضاء عليهم ووضعهم تحت طائلة العقاب الإلهي، بل تهدف إلى هداية الناس إلى الإسلام وجمعهم تحت راية النبي ، وإشفاقا منها على خلق الله، فهي تسعى جاهدة لتبصير المعارضين وتقديم الدلائل لهم.

ومن التحديات العجيبة التي ظهرت آيات تأييد الله تعالى لحضرته فيها كانت حادثة إنذاره لبعض أقاربه الذين ارتدوا عن الإسلام، وكانوا يكتبون ضد شخصية النبي . فأنذرهم بأنهم سيقعون تحت وطأة العقاب الإلهي إذا لم يتوبوا. وأن من علامات توبتهم أن يزوجوه إحدى بناتهم وهي “محمدي بيغم”، فإن لم يفعلوا فإن أباها سيموت ثم سيموت زوجها وسيجتث الموت هؤلاء الأقارب الواحد تلو الآخر. فعانده هؤلاء الأقارب في بادئ الأمر، وزوجوا ابنتهم من شخص آخر، فمات أبوها، ثم بدأ الموت يخطف أقاربها الواحد تلو الآخر، فما كان منهم إلا أن خافوا وارتدعوا وعادوا إلى الإسلام. ودخلت ذرية هذه المرأة وأقاربها في الجماعة معترفين بمدى قوة تلك الآية الإلهية.

وقد استمرت الدعوة إلى تحدي المباهلة في زمن خلفاء حضرة المؤسس. حيث دعا الخليفة الثاني المعارضين وخصوم الإسلام إلى المباهلات، وكانوا يفرون منها.

وفي زمن الخليفة الرابع، حضرة مرزا طاهر أحمد، تعرضت الجماعة الإسلامية الأحمدية لاضطهاد شديد على يد حكومة الدكتاتور الباكستاني ضياء الحق، حيث أصدر قانونا عسكريا يمنع الأحمديين من إعلان أنهم مسلمون، ومن إلقاء السلام أو قراءة آيات القرآن أو الأذكار علنا، أو التسمي بأسماء المسلمين، أو تسمية مساجدهم بالمساجد. وعقب ذلك تعرض الأحمديون لحملة واسعة من الاضطهاد في باكستان تصاعدت وأدت إلى هجرة الخليفة من باكستان إلى لندن. ونتيجة لذلك دعا الخليفة الرابع عام 1988 الدكتاتورَ ضياء الحق للمباهلة، فرفض الرد عليها، ولكنه استمر في أعمال القمع والتنكيل، فقال الخليفة إن هذا يعني أنه قد قبلها ضمنًا، وسيقع تحت طائلة العقاب الإلهي. وفي الجمعة التي سبقت مَقْتله، أعلن الخليفة أن الله تعالى قد أخبره في الرؤيا أن رحى القدر تدور، وأن ضياء الحق سيعاقَب وسيتمزق إربًا في الهواء. فما كانت إلا أيام قليلة حتى انفجرت طائرة ضياء الحق في السماء في حادثة لم يكتشف سببها حتى الآن، وتحققت نتيجة المباهلة بشكل مذهل بفضل الله.

وكان الخليفة الرابع قد دعا أيضا المشايخ المعارضين إلى المباهلة عقب أعمال التحريض والعنف الذي كانوا يرتكبونه ضد الجماعة. وقد قبل عدد منهم المباهلة، وتحققت فيهم الشروط وباءوا بالخيبة والخسران.

وهي تشعر بالأسى والأسف لكل من يعاند ويتعنت ويضع نفسه تحت طائلة عقاب الله وغضبه، ولكنها تعلن بكل جلاء أن الله تعالى كان معها معينا وناصرا في كل موطن،

ويمكن الرجوع إلى أدبيات الجماعة وكتبها للاطلاع على تفاصيل المباهلات الكثيرة ونتائجها مع توفر مواد محايدة لدى الجماعة، كصور عن الجرائد التي كانت تواكب الأخبار وغير ذلك من الأدلة؛ كرسائل المعارضين وإعلاناتهم.

إن مدى وضوح هذه المباهلات والتحديات مبهر إلى درجة أن الخصوم لا يستطيعون أن ينكروها أو يعترضوا عليها. فنجدهم لا يذكرون أيا من المباهلات والتحديات الواضحة، ويحاولون التضليل بتزوير قصة مباهلة الأمرتسري التي تحققت بدقة وفقا للشروط، أو يذكرون قصة محمدي بيغم التي بدأ العذاب يأخذ أفراد أسرتها تباعا إلى أن خافوا واستغفروا وتابوا. إن إعراضهم عن ذكر هذه المباهلات وتفاصيلها يشكل اعترافا ضمنيا منهم بمدى قوتها، وإلا فالسبيل الصحيح هو أن يعرضوها واحدة واحدة ويبينوا إن كانت قد تحققت أم لا.

إن الجماعة الإسلامية الأحمدية لا ترغب في التسرع في إهلاك المعارضين والقضاء عليهم ووضعهم تحت طائلة العقاب الإلهي، بل تهدف إلى هداية الناس إلى الإسلام وجمعهم تحت راية النبي ، وإشفاقا منها على خلق الله، فهي تسعى جاهدة لتبصير المعارضين وتقديم الدلائل لهم. وهي تشعر بالأسى والأسف لكل من يعاند ويتعنت ويضع نفسه تحت طائلة عقاب الله وغضبه، ولكنها تعلن بكل جلاء أن الله تعالى كان معها معينا وناصرا في كل موطن، وسيكون معها إلى يوم القيامة بإذنه تعالى، وهي تثق كل الثقة بأن الله تعالى سيظهر آيات نصرته لها بكل قوة بفضله ورحمته، إنه نعم المولى ونعم النصير.

Share via
تابعونا على الفايس بوك