ملاحقة الحيوية والتجديد

ملاحقة الحيوية والتجديد

التحرير

تتشابه الأيام في انقضائها على الإنسان من حيث الزمان، لكنها تختلف من خلال الإنجازات التي تتم خلالها. ولا نظن أن عاقلا يماري في ذلك.

وإذا ما ميزنا مرحلة ما من حياة الإنسان بمرحلة أخرى، وعلى سبيل المثال مرحلة الطفولة مع مرحلة الشباب، أو شباب مع كهولة ثم شيخوخة. سيتبين لنا أن كل مرحلة من حياة المرء تتميز بسمات وخصائص تميزها عن المرحلتين السابقة واللاحقة لها. ويجب أن تتميز أعماله وخبراته ومهاراته بناء على اختلاف مراحل عمره، لأنه يجب على المرء أن يكتسب في كل يوم جديد من حياته زادا جديدا نافعا، يُضاف إلى رصيده ومهاراته فتزداد خبرته وتُثقف مواهبه. فيستفيد ويفيد غيره ومجتمعه.. فاسأل نفسك هل معلوماتك ومهاراتك اليوم مثلما كانت عليه قبل عشر سنوات أو أكثر أو أقل؟ فإذا أنت كما كنت فقد تجمدت، وإن أنت أقل فقد تدهورت، وإن أنت أكثر، فهل يضاهي تقدمك الزيادة العددية لحساب السنين والأيام؟ وهذه الحقيقة لا تنطبق على حياة الإنسان فحسب ولكنها تثبت دقتها وصحتها إذا ما طبقناها على الجماعات والدعوات.

فالجماعة الصادقة كالأفراد تحتاج إلى الجديد يوميا لتثبت كيانها وتُقوي بنيانها وتتقدم على درب الرقي، ودعوتها الصادقة هي الأخرى تكتسب يوميا قلوبا طاهرة جديدة وتنتشر على أرض ناعمة مديدة.

الحيوية والتجديد اليومي من سمات الكائن الحي، أنظر من حولك إلى ذلك الطائر المحلق فهل هو مثلما كان بالأمس؟ وهل الزهرة أمام نافذتك هي نفسها بالأمس وهل.. وهل..؟ إنها الحياة من لا يتحرك فيها يتوقف ثم يجمد ثم يتلاشى.

ومن منظور القرآن الكريم الباقيات الصالحات هي خير ما يساعدنا على الرقي بجميع جوانبه فتساهم في بناء الفرد علميا وروحانيا وبناء مجتمع يتعامل بالمعروف ويصنع الخير.

من العبث أن تقتصر دعوة صادقة على عرض مبادئها على أبنائها ولا تفتح جناحيها لأي جديد أناسا كانوا أو أفكارا. فإذا أدى الجرّاح عمله اليوم بنفس الطريقة التي كان يستعملها منذ عشر سنوات مثلا، فهل تقدم أو تأخر أو تجمد؟ وهل المسافر اليوم يركب البعير أم الطائرة؟

الحيوية والتجديد اليومي من سمات الكائن الحي، أنظر من حولك إلى ذلك الطائر المحلق فهل هو مثلما كان بالأمس؟ وهل الزهرة أمام نافذتك هي نفسها بالأمس وهل.. وهل..؟ إنها الحياة من لا يتحرك فيها يتوقف ثم يجمد ثم يتلاشى.

إن الجديد في الأقوال والأعمال والمعدات والوسائط أمر لا مفر منه للوصول إلى الغايات. وكل تأخير ناتج عن كسل أو خمول، نقص في المعرفة أو ضيق رؤية يؤدي إلى عواقب وخيمة قد لا نستطيع تداركها. وربما نندم ذات يوم أننا أضعنا فرصة أو فرصا عديدة، لم نكسب فيها جديدا ولم نقدم يد مساعدة للآخرين. لأن قصر نظرتنا منعنا من القيام بذلك وفضلنا أن يبقى الخير كله لنا وحدنا، وحصرنا تفكيرنا في نقطة معينة ولم نخرج عن إطارها، وكأن التجديد الذي يقبله الشرع بيننا وبينه عداوة.

لماذا يحدث هذا الأمر؟ ولمصلحة من نتائج هذا التأخير. إن الجماعة الصادقة تلتزم بالتجديد النافع المستمر، حتى تلتحق بدرب التقدم والرقي الإيجابيين. وبهذه الصفة تلتزم بالتجديد النافع المستمر، حتى يظل لها اتصال دائم بواقع الحياة وحاجيات الناس. ويُبارك الله في أقوالها وأفعالها فتبعد بفضله عز وجل الزيف عن طريقهم، والغي والشك عن عقولهم وقلوبهم. فتأخذ بكل جديد مفيد ولو ظهر في أقصى الكرة الأرضية، وتستفيد وتفيد من كل علم ولو ظهر على أيدي الكافرين أو الفاسقين. عزيزي القارئ إن الجماعة الإسلامية الأحمدية تعرض كل ما هو جديد على كتاب الله وسنة رسوله وإذا لا تجد هنالك أي تعارض تُحاول أن تقحم ذلك الجديد وتُرضخه لمبادئ الدين الحنيف ثم تستعمله حق استعمال لإعلاء كلمة الحق. حيث أنها تستخلص من كل ما هو جديد جانبه الإيجابي. ويستعمل أبناؤها جوارحهم وعقولهم للاستفادة مما هو موجود على الساحة ولكنهم يستمدون قوتهم ويقينهم من النور الإلهي الذي يُثبت في قلوبهم صحة الخطوات التي يخطونها. فإن غايتهم هي إرضاء رب الكائنات وكيف لهم أن يقوموا بذلك بدون طلب عونه عز وجل.

Share via
تابعونا على الفايس بوك