الافتتاحية

الافتتاحية

التحرير

تسمع اليوم في كل بلد إسلامي تقريبًا ضجة تقول: لا بد من تطبيق الشريعة الإسلامية الآن، وحان أن تُفرض الشريعة كقانون على بلد مسلم. وأصحاب هذه الضجة معظمهم من المشائخ وبعضهم من الساسة والحكام. وقليل ما هم الذين يرفعون هذه الأصوات بأهداف صالحة، وما أكثرهم الذين يرفعونها لأغراض نفسانية. ولا يسع كل حصيف عارف بطبيعة الناس وبالتاريخ القديم والحديث إلا أن يتذكر بهذه المناسبة المقولة الشهيرة لسيدنا علي : كلمةُ حقٍ أُريد بها الباطلُ.

إن المشائخ (معظمهم) مغرضون في رفع هذه الأصوات، لأنهم يتطلعون إلى المناصب والحظوة التي يحرَمون منها من قبل الحكام العلمانيين، بدلَ أن ينتظروا أجورهم من الله الشكور الذي يشكر سعي كل ساعٍ، ولا يضيع أجر المحسنين. ثم إنهم مخطئون لأنهم لا يهيئون المناخ المناسب لتطبيق الشريعة، إذ أن الشريعة لا تعني أبدًا ضرب الناس بالسياط أو رجمهم بالأحجار أو قطع أيديهم وأرجلهم بالسيوف وإعدامهم بالرصاص، وإنما تعني، أولا وقبل كل شيء، تطهير القلوب وملؤها بحب الله وخشيته، وحبِ الخير وأهله، والخوف من إتيان الإثم خوف المرء من أكل السم.. وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن القلوب لا تُفتح بالسياط والسيوف وتهديد الناس، وإنما تفتح بالإقناع بالحجة المصحوبة بالأسوة الحسنة والحب الصادق واللطف البالغ. وإلا لا يحصد من مثل هذه المحاولات إلا نشر الفساد في البلاد أكثر فأكثر. وما أدل على ذلك مما حصل في أوغندا أيام حكم الجنرال عيدي أمين وفي باكستان أيام حكم الجنرال ضياء الحق. فاعتبروا يا أولي الأبصار.

ها قد جاء في حياتنا مرة أخرى شهر رمضان المبارك.. الشهر الذي يؤدي فيه المسلم زكاة جسده إلى جانب واجباتٍ تجاه الله وخلقه. متعنا الله ببركاته وخيراته وكل عام وأنتم بخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Share via
تابعونا على الفايس بوك