أخبار الجماعة

حكم قضائي في المحكمة العليا في لاهور

 

في 17، 9، 1991 رفضت المحكمة العليا بلاهور التماسا بالاستئناف من الجماعة الإسلامية الأحمدية قدمته عام 1989.. وبهذا الرفض فتح قاضي المحكمة، خليل الرحمان خان، فصلا جديدا من المظالم والوحشية باسم الدين ضد ما يقرب من أربعة ملايين عضو للجماعة الإسلامية الأحمدية يعيشون في باكستان. وفيما يلي موضوع هذه القضية:

  1. صدر أمر حكومة المقاطعة بتاريخ 20، 3، 1989 يحرم احتفالات العيد المئوي الذي أعلن عنه المسئولون المحليون للجماعة الإسلامية الأحمدية.
  2. 2. صدر أمر من مأمور قسم جهانغ بتاريخ 21، 3، 1989 بناء على المادة 144 من قانون العقوبات.. يحظر على الأحمديين في جهانغ القيام بأي عمل من الأعمال المفصلة في الأمر المذكور.
  3. 3. صدر أمر من المأمور المقيم ببلدة ربوة بتاريخ 25، 3، 1989 يطب من مسئولي الجماعة الإسلامية الأحمدية إزالة أقواس الاحتفال والرايات وأضواء الزينات، ويؤكد على منع الكتابة على الجدران.
  4. 4. إلتماس بإعادة النظر في الأمر المذكور لأن التحريم الوارد في الأمر الصادر بتاريخ 21، 3، 1989.. والذي امتدت فعاليته حتى إخطار آخر.. بناء على الحظر المفروض.. هوا انتهاك للحق الأساسي في إعلان وممارسة العقيدة الدينية والمكفول بالمادة 20 من دستور باكستان.

كان هذا الإعلان والتوجيه من الجماعة الإسلامية الأحمدية في ربوة بمناسبة مرور 100 عام منذ تأسيس الجماعة 23، 3، 1889، ولأن فرع الجماعة في شتى بلاد العالم قرروا الاحتفال بعام 1989 ابتداء من يوم 32 مارس باعتباره العام المئوي لجماعتهم، وبالنظر إلى أن يكون الاحتفال بهذه المناسبة بالطريقة الملائمة، لذلك قرر المسلمون الأحمديون في “ربوة” ارتداء الملابس الجديدة، وتوزيع الحلوى على الأطفال، وتقديم الطعام للفقراء، وعقد لقاءات في ذكرى الأحداث الهامة خلال المائة عام الماضية من تاريخ الجماعة الإسلامية الأحمدية.

وقد تبين أنه ليس هناك تبرير قانوني يحظر احتفال المسلمين الأحمديين بالعيد المئوي لجماعتهم، بل الأحرى أنه من حقهم الموروث والطبيعي أن يبتهجوا في مناسبة تعد بالنسبة لهم علامة بارزة في تاريخ جماعتهم.

وتأكد أيضا أن القاضي المحلي لم يعبر في أي موضع من أمره عن اقتناعه بأن برنامج احتفال الجماعة الإسلامية الأحمدية في “ربوة” يمثل تهديدا حقيقيا للهدوء أو احتمالا للإخلال بالأمن.

والحجة الثانية في الالتماس أن المسلمين الأحمديين هم الأغلبية العظمى من مواطني “ربوة”، ولذلك عندما صدر الأمر بالحظر لم يتوفر شرط واحد من الشروط اللازمة للمادة 144.

واحتج أيضا بأنه كان ينبغي على القاضي المحلي، بدلا من توجيه الأحمديين للامتناع عن الاحتفال بالمناسبة، أن يمنع القلة من الأوغاد من اعتراض الاحتفال أو تكديره.. لأنه لا يمكن للأحمديين أن يفعلوا أي فعل يحرمه القانون. كما أكدوا بأنه لا يمكن انتهاك الحقوق القانونية للمواطنين على أساس افتراض أن بعض المتطرفين سوف يخلقون المشاكل.

وتأكد أيضا أن الغرض من الاحتفال هو تقديم صلاة شكر خالصة للتعبير عن امتنانهم لله .. لأفضاله ونعمه التي تلقوها خلال المائة عام الماضية. واحتجوا أيضا بأنه لم يوضع أي برنامج أو خطبة يراد به انتهاك قانون البلد ومن ثم لم يكن هناك أي مشكلة تتعلق بالقانون أو النظام. ولقد فشل القاضي في فهم هذه النقط المنطقية!

سمح القاضي خليل الرحمان خان لمجلس “تحفظ حتم النبوة” ولأحد المسيحيين ليكونوا طرفا في القضية، وقدموا مقتطفات من كتابات مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية مقطوعة عن سياقها.. وبذلك أعادوا إلى ساحة المحكمة كل تلك المزاعم المثارة ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية من قبل أعدائها خلال المائة عام الماضية وأخذوا يرددونها. وفي نفس الوقت لم يُعطَ أي وزن لتصريحات مقدمي الالتماس عن عقائدهم الدينية.. وعلى الخصوص تلك التي شوهها المناهضون وحرفوها بخبث.

وكان القاضي من الجرأة بحيث اقترح على الأحمديين الامتناع عن إعلان عقيدتهم وإيمانهم، وأن يعاملوا أنفسهم كأنهم خارج نطاق الإسلام.. فيتحولوا إلى المنافقين.. ويحصلوا عندئذ على حقوقهم الأساسية.

كتب القاضي: “لن يحدث موقف أو حادث غير ملائم في حالة ما إذا عامل القاديانيون أنفسهم كجماعة مختلفة ومتميزة عن المسلمين. لماذا يسمع لهم باختطاف الإسلام؟ مرحبا باعتناقهم أي دين آخر، ولكن لماذا يصرون على تلويث عقيدة المسلمين؟.

وقراره المكتوب مشين للغاية وترديد لكل الاتهامات السابقة ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية. إن أي إنسان عاقل يدين كل كلمة منه، وإليكم أمثلة لما كتب:

“لو لم يصدر الحظر لخَلَقَ الاحتفال في مواقف قانونية ونظامية خطيرة.

“ورؤية هذه الأفعال من منظور تاريخي لا يمكن أن تؤخذ على أنها تظاهرات بريئة لا ضرر منها من جانب جماعة أقلية تود أن تحتفل بذكرى أحداثها الماضية وتؤبن مؤسسها وقادتها” وبعبارة أخرى.. حكما القاضي بأنه لا حق للأحمديين في الابتهاج في المناسبات السعيدة، ولا حق لهم في توزيع الحلوى على الأطفال وإطعام الفقراء، لأن مثل هذه الأعمال خطيرة، في نظر القاضي، إذا قام بها الأحمديون. ثم يقول:

“وكتابتهم عبارة (محمد رسول الله) على راياتهم أو أوسمتهم التي يحملونها يبلغ حد تدنيس الاسم المقدس للنبي الكريم. ومثل هذه التصرفات تقع بالتأكيد تحت طائلة المادة 195 س من قانون العقوبات الباكستاني.. (يعني المادة التي تحمل عقوبة الإعدام).

ما أعجب المنطق الذي يقدمه هذا القاضي.. العمل الذي يعد جديرا بالثناء لو عمله أي مسلم آخر.. يصير عملا شنيعا يستحق عقوبة الإعدام لو عمله أحمدي! ويقدم عقل القاضي المولوي حججا تثير الضحك.. فكتب يقول:

“مثل هذه الرايات والأوسمة تجنح إلى الإزعاج، لأنها تنتهك المشاعر الدينية لدى الأغلبية العظمى من المواطنين. وهذا في حد ذاته يمثل تبريرا آخر لحظر هذه الاحتفالات، لأنها تمثل خرقا للسلام”

وعلى فرض أن هذه الاحتفالات لا يراد منها الإزعاج أو إثارة الاحتكاك والاضطرابات.. ولكن ردود الفعل المتوجسة بحق تعطي مبررا كافيا لإصدار القرار المطعون فيه للصالح العام”. وبالرغم من أنه لا اختصاص للمحاكم بالنظر في مسألة العقيدة، أو في مسألة أن عقيدة أحد حسنة أو سيئة، أو في حسم المسائل الخلافية أو الموضوعات الجدلية الدينية.. وعلى الخصوص إذا لم يكن موضوع حق الجماعة الإسلامية الأحمدية في نشر عقيدتها مثارا أو موضوعا للفصل فيه وقتئذ، ولكن القاضي فعل ذلك من عند نفسه وأسس قراره على افتراضات باطلة تماما. فمثلا قال:

“عند القاديانيين يعدُّ غير الأحمديين كفارا خارج دائرة الإسلام”.. وبناء على هذا الفرض الباطل أقام قضيته وقال “وعلى ذلك يكون القاديانيون أو الأحمديون أمة منفصلة، وليسوا جزءا من الأمة الإسلامية”.

والواقع أن المسلمين الأحمديين آمنوا دائما بمبدأ أن عقيدة المرء هي تلك التي يعلنها بلسانه.. ولكن القاضي تجاهل ذلك وردد كالببغاء نفس الاتهامات القديمة التي يدعي بها مناهضو الجماعة. ومن بين الاتهامات التي أوردها القاضي على ما يلي:

* مرزا غلام أحمد كان يخدم الحكومة البريطانية.

* مرزا علام أحمد فكك وحدة المسلمين.

* لا يؤمن الأحمديون بخاتمية النبي محمد.

* يقصد الأحمديون بقولهم “محمد رسول الله” مرزا غلام أحمد!

وبناء على حكم القاضي يمكن للأحمديين في باكستان أن:

* يبتهجوا،

* ويرتدوا ملابس جديدة،

* ويوزعوا الحلوى على الأطفال،

* ويضيئوا مساجدهم ومساكنهم ومبانيهم،

* ويرفعوا راياتهم،

* ويعقدوا اجتماعاتهم،

* ويقيموا أقواس احتفالاتهم،

* ويكتبوا على الجدران، ويضعوا الملصقات..

* فقط إذا لم يعلنوا أن دينهم هو الإسلام!

يتعجب المرء عندما يشهد عمق هوة الانحطاط الذي يمكن أن يتردى فيها أحد القضاة في باكستان، وهم المفروض فيهم أن يقيموا العدالة.. بصرف النظر عن أي ضغط أو إكراه من جانب الحكومة أو المشائخ. وللأسف أن كيان المجتمع كله في باكستان قد أصابه الفساد إلى حد أن مجرد العدالة يتعذر الحصول عليها في الغالب.

هل يمكن للإنسان العاقل أن يتأذى أو تجرح مشاعره لرؤية أحد يوزع الحلوى على الأطفال، أو يقدم الطعام للفقراء؟ هل يمكن للتاريخ أن يقدم مثالا لهذا القانون الوحشي؟ ندعو البلاد متحضرة أن تنتبه لهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان. لقد مضت سبع سنوات ونصف وملايين المسلمين الأحمديين تحت آلام السجن والغرامات الباهظة وهم محرومون من:

* إعلان دينهم الإسلام،

* وممارسة شعائر عبادتهم،

* نشر معتقداتهم.

لقد منح القرار رقم 20 المشئوم.. رخصة للمتعصبين لاضطهاد الأحمديين. وهكذا فإن حياة الأحمدي وكرامته وأملاكه غير آمنة في باكستان. هناك مئات منهم خلف القضبان جريمتهم هي التدين بحسب عقيدتهم. وهناك المئات منهم في السجن لمجرد أن شخصا ما أبلغ الشرطة بأنهم مارسوا معتقداتهم. لقد وضعوا الأحمديين الأبرياء تحت سوط العذاب ليعترفوا اعترافات كاذبة. لقد نهبت متاجرهم، وأحرقت بيوتهم، ودمرت أماكن عبادتهم أو أٌشعلت فيها النار. لقد أطلقت الحكومة الملات، فجاسوا خلال المدن والقرى يحرضون الجماهير على قتل الأحمديين. بل إنهم في “ربوة” وهي المركز الرئيس للجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية.. حرم الأحمديون من عقد اجتماعهم السنوي لمدة سبع سنوات متوالية، في حين أن المشائخ يعقدون مؤتمراتهم في ربوة فقط لمجرد استفزاز الأحمديين، فتندفع أقبح الشتائم من أفواههم ضد مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية وضد قادتها. فهل يتصور عذاب نفسي أسوأ من أن يستمع الأحمديون إلى هذه الاتهامات الباطلة ضد قادتهم.. وهم على استعداد أن يضحوا حتى بأرواحهم في سبيلهم؟

لقد نضح القاضي بالتحيز الذي لا يمكن ان يوصف إلا بكونه تزاوجًا بين الجهل الفاضح والتعصب الديني الأعمى. فهل يمكن للقانون في باكستان أن ينصف الأحمديين أو يعوضهم عما يلحق بهم من مظالم؟ وبعد قراءة حكم القاضي خليل الرحمان.. هل يستطيع أحد أن ينصح الأحمديين بالتماس العدالة في ساحة القانون والقضاء؟

Share via
تابعونا على الفايس بوك