الافتتاحية

الافتتاحية

التحرير

لأسباب تأخر إعداد هذا العدد حتى يشهد نشوب الحرب في الخليج ببداية الغارات الجوية من أمريكا وحلفائها لتدمير العراق تحت شعار تحرير الكويت. وفي كلمتنا هذه نكتفي بإفادة القارئ الكريم بملخص ما اقترحه حضرة إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية على قادة العالم لإحلال السلام في المنطقة، وذلك بمناسبة توجّه السكرتير العام للأمم المتحدة إلى بغداد للتحاور مع الرئيس العراقي. وقد أُرسلت اقتراحات حضرته إلى السفارات العربية والأجنبية في نفس اليوم.

(1) إنه لما يبعث على الراحة أن السكرتير العام للأمم المتحدة السيد بريز دي كوليار قد توجه بنفسه إلى بغداد محاولاً إيجاد حل سلمي لأزمة الخليج. ومن المتوقع أنه سوف يطرح لصدام حسين اقتراحات معقولة سوف تضمن إلى جانب أمور أخرى، عدم فرض شروط جديدة أو ضغوط على العراق بعد انسحابه من الكويت. وفي هذه الصورة من المؤمَّل أن الرئيس العراقي سوف يبدي رد فعل إيجابي.

(2) ويمكن أن تكون هذه المقترحات المطروحة كالآتي (مثلاً):

أ . أن يُعطَى العراق ضمانًا أنه لن يهاجَم بعد الانسحاب من الكويت.

ب . أن يتم انسحاب القوات العراقية من الكويت وأيضا انسحاب القوات الأجنبية من المنطقة في وقت واحد، وذلك تحت رقابة قوات الأمم المتحدة.

ج . أن يتم رفع الحظر الاقتصادي على العراق والأردن بصورة كاملة.

د . أن تؤتي الأمم المتحدة عهدًا قويًا بأنها سوف تقوم بخطوات سريعة لحل القضايا الهامة الأخرى في المنطقة بما فيها القضية الفلسطينية، وذلك تحت رقابتها ومظلتها.

(3) إن الإمام الروحي للجماعة الإسلامية الأحمدية قد ركز مرارًا وتكرارا على أن أزمة الخليج قضية يجب أن يحلها فقط القيادات الإسلامية في العالم دون تدخل أجنبي، وذلك امتثالا للتعليم القرآني القائل:

وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الحجرات: 10-11).

( 4 ) أما إذا لم يستطع العالم الإسلامي حل الأزمة حلاً سلميًّا واضطر لاستخدام القوة ضد العراق فيمكن للقوى الغربية مساعدتهم بتزويدهم بالسلاح. ولكن يجب ألا يتدخل في القضية بإقحام جيوشها في المنطقة.

( 5) إن حضرته قد ألقى الضوء على سياسة المكيالين الغربية حول قرار الحظر الاقتصادي وقال: لقد سبق أن أصدرت الأمم المتحدة أكثر من مرة القرار لفرض الحظر الاقتصادي على جنوب أفريقيا. أما ضد العراق فقد كان القرار في غاية القسوة، ومع ذلك لم يمضِ على الحظر ولا شهران حتى غيَّر الغرب موقفه وبدأ يهدد العراق أنه سوف يستخدم القوة ضده إن لم ينسحب من الكويت قبل الموعد حسب قرار الأمم المتحدة. مما يعتبره العراق قرارًا من الإدارة الأمريكية في ثياب الأمم المتحدة.

ويسأل حضرته قائلاً: لماذا لم تُصدر الأمم المتحدة قرارا باستخدام القوة ضد جنوب إفريقيا، رغم اختبارها الطويل وانتظارها الأكثر من اللازم أن الحظر الاقتصادي لا يؤتي ثماره المرجوة. ولماذا لم تُعطِ الأمم المتحدة للحظر الاقتصادي على العراق وقتا أكثر من شهرين حتى يأتي بفوائده المرجوة.

(6) وأضاف حضرته وقال: رغم كل هذه المحاولات الظاهرية إلا أن صدام لم يقدِّم له إلا خيار الحرب. والحق أن استسلام صدام لضغوط الغرب وانسحابه من الكويت أيضا لن يُنهي المشاكل، لأن القوى الغربية وخاصة أمريكا وبريطانيا قد صرحت مرارًا أنها لن ترتاح حتى تقضي على قوة العراق. إنهم سوف يحققون هذا الهدف إما باستخدام القوة ضده أو باستمرارهم في مقاطعة اقتصادية صارمة ضد العراق حتى يستسلم للرغبة الأمريكية ويأذن لهم بتدمير كل طاقتها العسكرية.

والخيار الوحيد لصدام هو إما أن يموت موتًا بطيئًا بالخنق، أو يحاول محاولة مستميتة متهورة للبقاء مطمئنًا بأن العدو أيضا سوف يناله نصيبه من الجروح التي لن تندمل بسرعة وسهولة. ويبدو أن الخيار الذي قبله العراق هو الخيار الأخير.

وأضاف حضرته: إن القوى الغربية قد تمكنت، بفضل تفوقها الكبير في المجال الدبلوماسي، من إقناع معظم الدول الإسلامية على إرسال جنودها، ولو بعدد رمزي، إلى السعودية بحجة الدفاع عن الأراضي المقدسة. ولكن الحقيقة أنها لم تلجأ إلى هذه الحيلة إلا لتحرم العراق من ردود فعل متعاطفة من قبل المسلمين عندما توجه له القوى الغربية اللطمة القاضية. وقال حضرته:

يا ليت الحكام المسلمين المنضمين إلى صف الغرب قد تصرفوا في هذا الموقف الحسّاس بتعقل وحذر. ولو كانت لهم عيون يبصرون بها المستقبل لرأوا أنفسهم في صفوف أولئك الذين سوف يرفضهم التاريخ في المستقبل. كما ناشد حضرة مرزا طاهر أحمد زعماء الغرب أن يعيدوا النظر باحتياط في موقفهم تجاه أزمة الخليج. إن الحرب في الخليج لن يقيم أمنًا وسلامًا بل بالعكس سوف يخلق موجًا جارفًا جديدًا من الاضطراب وعدم الاستقرار والعنف والإرهاب في كل أنحاء المعمورة. هذا بالإضافة إلى الأضرار الفادحة التي سوف تترتب على الاقتصاد العالمي، والتي قد بدأت آثارها في الظهور. لا شك أن العالم الثالث هو الذي سوف يتكبد أكبر الخسائر، ولكن الدول المتقدمة أيضا لن تكون في مأمن من هذه الأضرار.

وصرح حضرته: إنه يقدم وجهة نظره هذه تجاه هذه القضية بناء على مبادئ العدل الكامل والإنصاف الشامل بدون التأثير من أية نظريات ضيقة مبنية على الجنس أو اللون أو القومية أو الدين.

ولقد ناشد حضرته الرئيس العراقي صدام حسين أن يقبل كل حل معقول يطرح له وبالتالي يحمي البشرية من الكارثة.

كما ناشد حضرته كافة المسلمين في العالم وخاصة أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية بالتوجه إلى الله والابتهال أمامه ليزيل سحب الحرب المروعة من فوقهم ويسود الدنيا الأمن والسلام.

Share via
تابعونا على الفايس بوك