ضرورة تعبير الرؤى والكشوف وتفسيرها

ضرورة تعبير الرؤى والكشوف وتفسيرها

حميد كوثر

لكل سؤال جواب

إن الوعد الذي قطعته “التقوى” على نفسها بأن تكون مهدًا لكل حوار فكري علمي هادىء يطل اليوم في شكل باب جديد نضيفه لصفحات المجلة تحت عنوان “لكل سؤال جواب” يجيب من خلاله الكتّاب المختصون على الأسئلة الكثيرة التي يحملها بريد المجلة. إن أسئلتكم ستكون الزاد الذي يغني هذا الباب ولذلك فصدر “التقوى” الرحب سيتسع لكل سؤال بَنَّاء يتعلق بالمواضيع التي تطرحها المجلة. سؤال هذا العدد يُجيب عليه الأستاذ: محمد حميد كوثر (داعية إسلامي أحمدي)

ما هو تعبير الكشف الذي رأى فيه سيدنا أحمد أخاه يقرأ: “إنا أنزلناه قريبًا من القاديان”؟

الجواب:

قال سيدنا أحمد المسيح الموعود : “رأيت في حالة الكشف أن أخي المرحوم ميرزا غلام قادر جالس قريبًا مني، ويتلو القرآن الشريف بصوت عال، وخلال التلاوة قرأ العبارة التالية: “إنا أنزلناه قريبًا من القاديان”. وحين سمعتُ هذه الكلمات استغربتُ جدًا، وقلتُ في نفسي: هل من المعقول أن يكون اسم القاديان في القرآن الشريف..؟” (إزالة أوهام ص 76). ومن الواضح أن هذا كان رؤيا وكشفًا رآه سيدنا أحمد ، وكما سبق أن ذكرنا في الأجوبة السالفة فإن الكشف أحيانًا لا يُفسّر بحرفيته الظاهرة بل يتطلب التعبير والتفسير. وعلى سبيل المثال جاء في القرآن الكريم أن يوسف ذكر لأبيه رؤياه فقال:

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين (يوسف: 5)

وبطبيعة الحال فليس من المعقول أن تتحقق هذه الرؤيا حرفيًا فتأتي الشمس وينزل القمر ومعه أحد عشر كوكبًا ليسجدوا ليوسف ، وإنما كان لهذه الرؤيا تعبير آخر تحقق حينما دخل والدا يوسف وإخوته في كنفه.

كذلك فإن رؤيا سيدنا أحمد لا تتحقق بحرفيتها الظاهرة وإنما تتطلب التعبير والتفسير، خاصة وأنه قد قال بكل وضوح تعريبًا من اللغة الأردية: “لايوجد اسم القاديان لا في القرآن الكريم ولا في أي كتاب من كتب الأحاديث” (الخزائن الروحانية: ج 3 ـ كتاب : إزالة الأوهام ص 141) وقد ذكر حضرته عن تعبير هذا الكشف ما يلي: “..فيه سرٌّ كشفه الله سبحانه عليَّ، وإذا أردنا أن نفهم تعبير هذا الكشف فعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار الاسم “غلام قادر”، فقد أُشير بلفظ “القادر” إلى القادر المطلق الذي هو الله سبحانه وتعالى، وهو سبحانه أفهمنا ألا تستغربوا لأن عجائبه وقدراته تظهر أحيانًا وتبدو بهذا الشكل والأسلوب، فهو سبحانه عز وجل يُعزّز ويكرّم الفقراء والمحتقرين، ويخذل المعززين والمكرّمين وأصحاب المراتب العالية..” (المرجع السابق)

وقد دحض سيدنا أحمد هذه العقائد الباطلة التي روّجها بعض المسلمين ونسفها نسفًا، وردّ هجوم أعداء الإسلام الذي كان موجّهًا إلى القرآن المجيد، وأثبت على رؤوس الأشهاد وأعلن على الملأ أنه كلام رباني منزّل من السماء، ولا توجد به أي آية ناسخة ولا آية منسوخة

وقد أرشدَنا الله سبحانه وتعالى بهذا الكشف إلى الإيمان بالمسيح الموعود الذي بعثه تعالى في منطقة البنجاب بالهند وآتاه الأدلة والبراهين، وقد بدأ نور القرآن المجيد وحقائقه ومعارفه تنتشر في أرجاء العالم بواسطته، وبواسطة جماعته وأصحابه، لأنه هو الإمام المهدي الذي تلقّى هداية القرآن المجيد بما يفي بمقتضيات العصر الحاضر، ولأن الله الهادي هو الذي اختاره وأقامه لإعادة كرامة القرآن الكريم واحترامه في أفئدة الناس، وسوف تعود هذه الكرامة ويملأ حب القرآن واحترامه قلوب الناس مرة أخرى بسبب تلك المعارف والحقائق والأنوار التي قدّمها هو وخلفاؤه من بعده للعالم، والتي تحوي حلولاً لجميع المشاكل التي يُعاني منها العالم، وذلك بفضل بعث التعاليم القرآنية في نفوس المسلمين الذين يبدو أنهم قد هجروا تلك التعاليم المباركة وتخلوا تمامًا عن حبل الله المتين، فجعلوا القرآن عضين، وكانت تنطبق عليهم الآية القرآنية:

وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (الفرقان: 31).

وسبق أن أخبَرَنا سيدنا محمد المصطفى عن انحدار أحوال المسلمين فقال:

“عن علي قال رسول الله يوشك أن يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه..” (مشكاة ـ كتاب العلم ـ الفصل الثالث، وكنز العمال ج 6 ص 43 ـ وبحار الأنوار ج 13 ص 52)

ثم بشّرَنا رسول الله بعودة الإيمان مرة أخرى فقال:

“لو كان الإيمان عند الثريا لنالَهُ رجلٌ أو رجال من هؤلاء” (صحيح البخاري ـ كتاب التفسير ـ تفسير سورة الجمعة)

“لو أن الإيمان بالثريا لناله رجال من أهل الفارس” (الدر المنثور للسيوطي ج 6  ص 214)

“لو كان الإيمان عند الثريا لذهب به رجل من أبناء فارس حتى يتناوله” (رواه أبو هريرة ـ كنز العمال ج 6 ص 264)،

وحينما بعث الله سيدنا أحمد كان أغلب المسلمين قد ابتعدوا عن القرآن وفقدوا إيمانهم به، وأولئك الذين كانوا يؤمنون بالقرآن أدخلوا في إيمانهم عقائد تحط من شأن القرآن وتُدخل الشك والرَيب فيه، وهو الذي يؤكد في بدايته على أنه لَا رَيْبَ فِيهِ فقد زعم الكثير من العلماء على أن في القرآن آيات ناسخة وأخرى منسوخة، أي أن هناك من الآيات ما بطل حكمه ولا يصح العمل بمقتضاها، وإنما هي في القرآن للقراءة فقط، فقالوا أنها منسوخة حُكمًا وباقية لفظًا، وزعموا أن هناك آيات منسوخة لفظًا وباقية حكمًا.. أي أن ألفاظ تلك الآيات ليست في القرآن الكريم ولكن حكمها باق والعمل بها واجب!! كل هذا فتحَ السبيل أمام أعداء الإسلام للتهجّم على عصمة القرآن الكريم فراحوا ينتقدونه ويسخرون من تعاليمه.

وقد دحض سيدنا أحمد هذه العقائد الباطلة التي روّجها بعض المسلمين ونسفها نسفًا، وردّ هجوم أعداء الإسلام الذي كان موجّهًا إلى القرآن المجيد، وأثبت على رؤوس الأشهاد وأعلن على الملأ أنه كلام رباني منزّل من السماء، ولا توجد به أي آية ناسخة ولا آية منسوخة، وكتب معارف القرآن المجيد كما تلقّاها وتعلّمها من الله سبحانه وتعالى، فهو الذي فتح المنهل الصافي لتعاليم الإسلام الصحيح للعالم أجمع، وفجّر ينابيع المعارف القرآنية ليرتوي بها العطاشى والمحرومين، وأسال ماء القرآن العذب ليروي أرض القلوب التي أصبح ماؤها غورا فآتاهم الله بماء معين، وهكذا بعث الحياة في القرآن الكريم وكأنه قد نزل من السماء مرة أخرى في القاديان على سيدنا أحمد ، وعلى جماعته التي تعمل بكل جهد دؤوب على نشر أنوار القرآن، وتجاهد بكل سبيل لإعلاء شأن القرآن، فترجمت معانيه إلى ما يزيد عن خمسين لغة من لغات العالم، وترجمت بعض المختارات من آياته الشريفة إلى أكثر من مائة وعشرين لغة، فكان أن هدى الله تعالى الملايين من الناس بهدي القرآن المجيد وكان هذا هو تعبير الكشف الذي رآه سيدنا أحمد .

Share via
تابعونا على الفايس بوك