لقاء مع العرب

من مجالس الخليفة 

مجلس أسئلة وإجابات

(جمع وإعداد: عبادة بربوش)

اخترنا لقرَّائنا الكرام في هذا العدد بعض أسئلة طرحتها سيدة فاضلة من سوريا على حضرة مرزا طاهر أحمد (أيّده الله) الإمام الحالي للجماعة الإسلامية الأحمدية. وتفضل حضرته بالإجابة عليها عبر حلقتين من برنامج لقاء مع العرب بتاريخ 21 و28-11-95. والجدير بالذكر في هذا المقام أن الإجابات كانت باللغة الإنجليزية وحاز على شرف نقلها إلى اللغة العربيّة الأستاذ المرحوم الحاج محمد حلمي الشافعي رئيس تحرير “التقوى” السابق.

 (س) أرجو من حضرتكم تفسير الآية وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (الأعراف: 173 و 174) كيف أخذ الله هذا العهد من ذرية بني آدم قبل خلقهم وكيف تم هذا الأمر.

(ج) لقد فسَّر كثير من المفسرين هذه الآية تفسيراً مغلوطاً ثم توارثوا هذه المفاهيم في كتب التفاسير المختلفة. يقول البعض إن الله سبحانه وتعالى قبل خلق السماوات والأرض جمع أرواح البشر الذين يُخلقون في المستقبل وأشهدهم على أنفسهم أي سألهم: ألست بربِّكم؟ فقالوا: بلى، نعم لقد شهدنا وأقررنا على ذلك.

إننا نستغرب من هذا الموقف الذي ترسمه بعض التفاسير ولا يمكن أن يحدث لأنّه إما ان تكون هذه الأرواح قد خُلقت مؤقتاً ثم سترجع إلى عدمٍ وتُخلَقُ مرةً أخرى بصورةٍ دائمة أو أنها أبديّة!!

أيّاً كانت فكرتهم فالمهم أنّ الله حسب رأيهم جمع هذه الأرواح وأخبرهم أنني ربُّكم قالوا: نعم واتفقوا على هذا وأخذ عليهم هذا العهد.

إنّ كلمات الآية لا تسمح بهذا المعنى السخيف مُطلقاً، الآية تقول: ظُهُورِهِمْ ثم ذُرِّيَّتَهُمْ ، فمعنى ذلك أنه لا بدّ من وجود الظهور أولاً ثم لا بدَّ من وجود الذُريّة. وهذا المعنى الخيالي الذي يقترحه كثيرٌ من المفسرين غير وارد. وعلى عكس ذلك إنّ هذه الآية واضحةٌ جداً وتُشير إلى حقائق علمية دقيقة.

أتطرَّق الآن إلى البحث عن المعنى العلمي الذي يجعل هذه الآية غايةً في الوضوح. إنّ جسم الإنسان متكون من خلايا، ويوجد في كل خلية نُوى وداخل كل نواة يوجد جُسيمات تسمَّى صبغيّات (كرموموزومات)، يوجد فيها الجسيمات التي تحمل الصفات الوراثيّة للإنسان التي يسمونها الجينات. هذه الأشياء موجودة في كل بشر. فكأنّ الآية تقول: إنّ الله تعالى عندما خلق الإنسان في أول الأمر جعل في تكوين خليّته هذه الصبغيات والكروموزومات التي تحمل كل الصفات التي يمكن أن يتصف بها الإنسان.

الآن بعد أن عرفنا أنّ هذه الجينات التي تحمل كل الخصائص والصفات البشرية موجودة في كل إنسان. فالله منذ بداية الخلق وضع هذه الجينات في مبدأ خلق الإنسان وضِمنَ هذه الصفات صفة معرفة وجود الله، الإحساس بوجود الله، الإقرار بوجود الله بحيث لا يستطيع أحدٌ أن يقول بأن الأقدمين كانوا يُحسُّون بوجود الله ونحن ليس لدينا هذه القدرة. ووضع الله هذه الجينات منذ بدء الخلق في كل بشر. إنّ هناك من الفلاسفة والعلماء وبالذات بين المسيحيين الذين عندهم حُجج نُكران وجود الله بأي صورة ومنهم الفيلسوف “كانت”. هذا الرجل لا يؤمن بوجود الله ويُفنِّد كل حجة ولكن في نفس الوقت يقول: هنالك حُجّةٌ واحدة لا أجد لها حلاً وهي أنّ الإحساس بوجود الله موجودٌ في كل الشعوب وفي كل الأزمنة، من القبائل البدائيّة في أعماق الغابات إلى الشعوب الراقيّة. حيثما كان الإنسان على الأرض هنالك مفهوم الله.

هذه الآية تذكر هذه الحقيقة وهي أنّ معرفة وجود الله موجودةٌ داخل الإنسان وبعبارةٍ أخرى منقوشةٌ في تكوين بنيته الأصليّة. في كل خليّة من تكوينه توجد الجينات التي تحتوي على هذه الحقيقة، فلا مفرَّ للإنسان أن يشعر بوجود الله. أحياناً يسير الإنسان في طريق العِناد ويرفض وجود الله، ولكنه في قرارة نفسه يعرف أنه يسير في هذا الطريق. إذاً هذه الآية تُثبت لنا أنّ الله خلق الإنسان ووضع في تكوينه الأساسي منذ البداية معرفة وجود الله والإقرار بأنّ هنالك إلهاً خلق هذا الإنسان.

ويقرّر القرآن هذه المسألة في آيةٍ أخرى وهي أنّ أحد الملحدين أو الكافرين بوجود الله عندما يركب باخرةً وتشتدُّ العواصف ويوشك على الغرق يمدُّ يده إلى السماء ويقول: يا إليهي. فكأن الإحساس والإقرار بوجود الله موجودٌ داخل فطرة الإنسان.

(س) هل يأجوج ومأجوج كائناتٌ ذات أشكال مُخيفة وخبيثة أو أنّها تعيش في باطن الأرض ويخرجون في الزمن الأخير؟

(ج) يأجوج ومأجوج ذُكِروا في سورة الكهف، التي أخبرنا النبي أنّ لها علاقةً خاصة بالدجَّال. إنّ في الكتاب المقدس ذكرٌ ليأجوج ومأجوج مع اختلاف بسيط في التسمية. كما وردت أيضاً في سفر حزقيال كلمة «رُوس» إشارةً إلى روسيا وكلمة «موسك» إشارةً إلى موسكو.. بمعنى هؤلاء الأقوام لهم علاقةٌ بروسيا، لأنّ هذه الأسماء قديمة وتُشير إلى الأصل الذي نشأت منه هذه الأقوام. وعرَّفنا الكتاب المقدَّس بهذه الأقوام وأخبرنا أنها ستقوم بأمورٍ تُغضب الربّ ويسيرون في طريق مُعاند للربّ، وأنّ الله سوف يضربهم على أنفهم أو فَمِهم بمزمار أو عصى صغيرة حتى يعودوا مرةً أخرى إلى الطريق الذي اختاره لهم.. بمعنى أنّ الله سوف يكسر شوكتهم ليُعيدهم مرةً اخرى إلى طريقهم.

من هذه المعلومات نستطيع أن نجد بعض المؤشرات التي نفهم من خلالها قصة يأجوج ومأجوج كما ذكرتها سورة الكهف.

أخبرنا النبي فيما يتعلَّق بسورة الكهف أنّه من أراد أن يتَّقي فتنة الدجَّال فليَقرَأ فواتح سورة الكهف وأواخرها أي الآيات الأولى والأخيرة من سورة الكهف. وفتنة الدجَّال هو الخطر الشديد الذي حذَّر النبي منه أمّته بل إنّ كل الأنبياء حذَّروا أُممهم منه. إذاً كيف تنفعنا هذه الآيات؟ لأنّك إذا عرفت من هو الدجَّال تستطيع أن تأخذ حذرك وتنتبه إليه. فكأنّ النبي بلَّغنا ووضَّح لنا بقوله هذا من هو الدجَّال، فيجب أن نفتح العقول والعيون لنعرفه.

دعونا نرَ ماذا تقول سورة الكهف في أوائلها:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا * قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً * وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً * .

ذكر الله هنا قوماً يقولون بأنّ الله اتَّخذ ولداً، وهؤلاء طبعاً هم النصارى. ويقول: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ . هذه كلمةٌ كبيرة جداً. هذا اعتداء صارخ على جلال الله ووحدانيّته. ثم يقول : إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً * أي أن الدجَّال يُكثر من الكذب ويُقيم عقيدته على الكذب. وبالفعل إنّ هؤلاء الناس أفسدوا صورة المسيح وأفسدوا مفهوم الألوهيّة. فجعلوا من المسيح الإنسان إلهاً، ثم قسموا الله إلى ثلاثة، ثم تمادوا في هذا التقسيم وأضفَوا على مئات من قدِّيسيهم وأوليائهم صِبغة الإله وجعلوا لهم قداسة في عباداتهم ودينهم، ومَسخوا الأمور الدينيّة مسخاً تاماً. لذلك نجد أنّ الحديث يُشير إليهم بالمسيح الدجَّال.

الآن عرفنا من هو الدجَّال.. أي هم القوم الذين شوَّهوا سمعة المسيح الناصري، واعتدَوا على جلال الله  بقولهم أنّ الله اتخذ ولداً.

دعونا نرَ ماذا تقول أواخر سورة الكهف حول هذا الموضوع لأنّ الرسول أكَّد على قراءة أواخر سورة الكهف التي تقول:

أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء ..

أي هم قومٌ كافرون ومع ذلك يتخذون العباد (القديسين) أولياء. إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً نعم هم يؤمنون بوجود إله ولكنهم قسَّموه إلى أجزاء.

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً .

الآن هناك صنفان: صنفٌ يقول اتخذ الله ولداً، وصنفٌ آخر يكفر بصراحة بهذا الموضوع وإن كان بالنتيجة ينتسب إلى المسيحيّة. هذا هو الدجَّال أو هذه هي صورة الدجَّال.. أي فيه فريقٌ يدَّعي أنّ لله ولداً وفريقٌ آخر ينفي وجود الله، هذا هو الدجَّال فيما يتعلَّق بالعقيدة.

أما فيما يتعلق بالصناعة والسياسة والحكم والقوة فتوضِّح الآية أنّ هؤلاء الناس لهم أعمال مشهورة ومعروفة تُبنى عليها قوتهم لذلك تقول

الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ..

يسعون في الدنيا ولكن في اتجاه خاطئ بعيد عن الله، وإن كانوا يُنجزون كثيراً من الإنجازات تُحسِّن لهم صورة حياتهم ويظنون بذلك أنهم يُحسنون صُنعاً. المهم أنّ هذا الدجال ينقسم إلى قسمين: قسم متكوِّن من دُعاةٍ إلى دينه، وهم القسِّيسون ورجال الدين، وقسمٌ ثانٍ يتعلَّق بالسياسة والحكم والقوة. وهذا ما وضحته سورة الكهف على أنّهم يأجوج ومأجوج. هاتان الكلمتان هما من أصل أجَّ أي اشتعل وتحتويان على معنى الاشتعال. وأيضاً في كلمة «ماجوج» معنى الانتشار ووجود الموج الذي له قوة الانتشار.. أي أنّ هذين الشعبين حياتهم وقوتهم تقوم على النار. وهذا ما حدث فعلاً، لأنّ هذه الشعوب المسيحية سواءً كانت في الجزء الشرقي في روسيا أو في الغرب، قامت قوتهم على النار، سواءً في أسلحتهم الناريّة أو في مخترعاتهم ووسائل سفرهم من النار. وتمثل هذه الطاقة الناريّة قوتهم السياسيّة والعسكريّة. والموج يدلُّ على انتشارهم في أنحاء المعمورة وأنّهم سيركبون الموج. ونحن نعرف أنّ بريطانيا كانت سيدة البحار وكان أسطولها يذهب إلى كل مكان في العالَم. إذاً كلمتا «يأجوج ومأجوج» صورتان لشعبين من شعوب الدجَّال. أي أنّ الدجَّال عبارة عن شعبين شعب شرقي: روسيا وتوابعه، وشعب غربي: الكتلة الغربيّة من هذه البلاد التي تؤمن بالمسيحيّة.

الآن استطعنا أن نعرف من هم يأجوج ومأجوج، وكان من الواجب على المسلمين أن يروا هذه الملامح من هذه الآية ويتعرَّفوا عليهما.

إنّ هؤلاء الناس أفسدوا صورة المسيح وأفسدوا مفهوم الألوهيّة. فجعلوا من المسيح الإنسان إلهاً، ثم قسموا الله إلى ثلاثة، ثم تمادوا في هذا التقسيم وأضفَوا على مئات من قدِّيسيهم وأوليائهم صِبغة الإله وجعلوا لهم قداسة في عباداتهم ودينهم، ومَسخوا الأمور الدينيّة مسخاً تاماً. لذلك نجد أنّ الحديث يُشير إليهم بالمسيح الدجَّال.

(س) لماذا لم نسمع عن الجماعة الإسلامية الأحمدية في العالم العربي؟ خصوصاً أنه قد مضى على تأسيسها أكثر من مائة سنة. أرى أنها جماعة سلميّة ذات فهم صحيح للدين، فلماذا لا يسمحون لها بنشر دعوتها في العالَم العربي؟

(ج) إن تعبير “جماعة سلميّة” هو السبب الذي يجعل من جماعتنا غير مرغوب فيها في تلك البلاد. ولأثُبت لكم ما أقول أرى من اللازم عرض بعض المواقف من تاريخ الديانات. لنأخذ على سبيل المثال سيدنا عيسى بن مريم ( ). ماذا كانت دعوته؟ وماذا كانت رسالته؟ وما هي الخطورة التي كان يمثلها على الحكومة الرومانيّة؟ وما هي الخطورة التي كان يمثلها على الشعب اليهودي؟ إنّ دعوته كانت سلميّة من الطراز الأول، ومع ذلك فإنّ علماء اليهود ثاروا ضده وأجبروا الحكومة الرومانية أن تقف ضده معهم، واستصدروا منها حكم الإعدام، مع أنّ دعوته تحثُّ الناس إلى التحابب والتآخي والوصال بالله، هذه المعاملة لم يَلْقَها سيدنا موسى ( ) من قِبَل فرعون. عاش سيدنا موسى لفترة طويلة في مصر في سلام. ولكن عندما حاول أن يأخذ بني إسرائيل ويهاجر من مصر ويحرِّر العبيد الذين سخَّرهم فرعون خرج هذا الأخير لكي يمنعه من ذلك. ولم يحكم عليه بالإعدام ولا بالصلب. ولكن علماء اليهود حكموا على سيدنا عيسى بالإعدام والصلب.

ويستغرب المرء عن مبرِّرات هذا الحكم لأن دعوته كانت سلميّة. فكما لا يخفى على أحد أن دعوته سوف تضيّع على علماء اليهود مواضعهم ومراكزهم وسلطاتهم والمنافع التي يحصلون عليها.

إنّ الرسالات السماوية تكون دائماً مسالمة وتحوي بين طيّاتها جلالاً وجمالاً يبعث على الرعب في ضعفاء النفوس وفي الذين لا علاقة لهم بالله لذلك يضطهدون أئمة الإيمان ويمكرون لهم.

أرى أن رجال الحكومات والمؤسسات الأمنيّة في العالَم العربي تعرف جماعتنا معرفةً جيدة، وأيضاً هم متيقّنون أن جماعتنا لا تقوم بأعمال الشغب والتشويش ولا أي عملٍ يضرُّ النظام في أيّ بلدٍ ما. كما يعرفون المرحوم السيد محمد ظفر الله خان وهو من أبناء جماعتنا حقَّ المعرفة، إذا أنّه كان المدافع الأمثل عن قضايا ومصالح الدول العربيّة في المحافل الدوليّة، أمام مجلس الأمن وفي الأمم المتحدة، عندما كانت مصر ودول عربيّة أخرى تُطالب باستقلالها. لقد دوَّن التاريخ هذه الحقائق بتفاصيلها. ولكن رجال الدين في البلاد العربيّة هم الذين يقفون أما الجماعة الإسلامية الأحمدية، لأنّهم يعرفون انّ إذا تُركت هذه الجماعة لتصل إلى البلاد العربيّة فإنّه لا يمكن لهم إيقاف انتشارها وسوف تنتشر انتشاراً بحيث سيدخل فيها كل من لديه حبٌّ وغيرة على الدين الحنيف، وسيخسر المشائخ سلطانهم على الناس في هذه الحالة. إذا كيف يسمح هؤلاء بهذا إذ أنهم سيخسرون جاههم وسُلطانهم، لذلك يضغطون على الحكومات التي لا همَّ لها إلا أن يستتبَّ الأمن فيها، وخصوصاً إنها تعرف انّها إذا سمحت للجماعة الإسلامية الأحمدية أن تتواجد على أراضيها وتكون لها حرية نشر دعوتها فإنّ المشائخ سيُثيرون القلاقل والقيل والقال، لذلك يتفادون الاصطدام بهم.

لو كانت جماعتنا “لا سمح الله” جماعةً إرهابيّة تقوم بأعمال الشغب مثل جماعات دينيّة أخرى ربما لا يكون الموقف هكذا لأنّ بعض الجماعات العنيفة أحياناً تقبلها الحكومات وتتبنَّاها وتستخدمها. جماعتنا لا يمكن أن تُباع ولا يمكن أن تستخدمها أي حكومة لأغراضها وأهدافها السياسية، لأن هدفها هو نشر الإسلام الصحيح المنزه عن الشوائب والنقائص. إذاً هذا هو السبب.. الشيوخ يضغطون على الحكومات التي تريد الهدوء ولا تريد المشاكل، لذلك تستمع لما يقولونه، وهذا هو سبب المصاعب وعدم القبول الذي تلقاه جماعتنا من الحكومات في البلاد العربيّة.

(س) هل أنتم تدعون المسلمين فقط للأحمدية أم تدعون معتنقي الديانات الأخرى؟

(ج) نحن أتباع سيدنا محمد ، ودعوتنا هي دعوته وهو رسولٌ للعالَم كله وهذه الجماعة تبلغ دعوة النبي إلى العالَم أجمع، إلى جميع الملل والديانات، وانتشارنا بفضل الله غير مقيَّد بالحدود الجغرافيّة، فنحن متواجدون بفضل الله ورحمته في معظم الدول الإفريقيّة حيث غير المسلمين من وثنيين وغيرهم، كما لنا تواجد مكثّف ونشاطات لا بأس بها في دول آسيويّة عديدة لم ينتشر فيها الإسلام بصورةٍ مشرِّفة مثل كمبوديا واليابان والصين. فالحمد لله انتشرت دعوة الأحمديّة “الإسلام النقي من الشوائب والنقائص” في أكثر من 150 دولة. وما هذا إلا تحديثاً بأفضال ونِعم الله على جماعتنا التي تأسست بأمرٍ منه لنشر الإسلام الصحيح الذي أتى به سيد البشريّة وخاتَم النبيين سيدنا محمد المصطفى . لذلك إنّ السرعة التي تتقدَّم بها الجماعة تُذهل أعداء الإسلام وتبعث في قلوبهم الرُعب.

وقد نبّأ سيدنا المسيح بن مريم ( ) عن انتشار الإسلام، ودوَّن القرآن الكريم ذلك:

مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (الفتح: 30)..

أي هنالك صنفان معه .. صنفٌ كان في وقته، وهؤلاء جاء مثلهم في التوراة، أما الصنف الثاني فهم الذين جاء مثلهم في الإنجيل، وذلك عندما يأتي المسيح الذي وُعِدت به الأمة الإسلاميّة خادماً وتابعاً لشريعة محمد المصطفى ، فهو استمرارٌ لقوم وجماعة محمد

مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ .

بفضل الله صارت جماعتنا قوية ومنتشرة تقاوم جميع هؤلاء الذين يُبغضون الإسلام وهكذا يصيبهم الذعر بانتشار وتطور جماعتنا. فبفضل الله وبرحمته تحقَّقت لنا هذه النبوءة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك