كيف نحن في الألفية الجديدة؟؟

كيف نحن في الألفية الجديدة؟؟

التحرير

ثمة سؤال يطرح كثيرا في هذه الأيام منذ أيام انطلاق الألفية الجديدة: وهو كيف ستدخل البشرية هذه الألفية؟ وماذا ستحقق فيها من منجزات ومكاسب؟ هذه جملة من التساؤلات العديدة التي تدور في مخيلة كثير من الأمم والأفراد والجماعات في مختلف الميادين والاختصاصات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية وحتى الدينية، وهذا حق مشروع لكل أمة من أمم هذه البسيطة على حد سواء حتى تخطط لمستقبلها وتفكر بما يكفل نموها وازدهارها ونجاحها، وهذا مما يسهم في رقي الإنسان ككل. لقد انصبَّت جهود الباحثين والمتخصصين على وضع استراتيجيات لاقتحام الألفية الجديدة لترسيخ الأقدام فيها وتحقيق تفوق علمي ومعرفي يفوق ما سبق تحقيقه خلال السنين والقرون السالفة. فكلتا الثورتين المعلوماتية والعلمية آخذتان في الانتشار بقوة وبسرعة مذهلة، وَمِمَّا لا شك فيه أنهما ستلقيان بظلالهما على وجه الأرض بشكل لم يعرف له مثيل من قبل؟ نعم قد تحمل الثورة العلمية أو المعلوماتية بين جنباتها العديد من المنجزات والمعطيات الإيجابية الفريدة من

نوعها، وفي الوقت ذاته ستحمل أيضًا العديد من المخاطر والمهالك التي ستكون حدتها بنفس الواقع والتأثير بما قد يهدد الأمن والاستقرار العالمي. إن التقدم والازدهار ليس معيبًا في حد ذاته ولكن المعيب توجيه البحوث والمعارف فيما يضر أو يبدل أو يشوّه خلق الله مما ينجم عنه الفساد في الأرض وبالتالي العذاب والمعاناة، وكلنا يعلم مآسي سوء استخدام العلوم التي توصل إليها العلماء في القرن الماضي. وها هي الذرة وعلومها كمثال لسوء الاستخدام وكيف سخرها الإنسان واستخدمها في تدمير أخيه الإنسان ؟؟ وها هي صيحات الإدانة والتنبيه تتعالى الآن ضد سلاح العصر المتقدم المزود باليورانيوم الذي أثبت علماء البيئة والصحة خطورته الشديدة وما يحدثه من أمراض مستعصية متعددة لا سبيل للخلاص منها بصورة لم يشهدها الإنسان من قبل. وها هو علم الاستنساخ الذي يُتوقع تطبيقه على الإنسان في المستقبل القريب يلوح في الأفق؟؟

إن الألفية الجديدة قد تنذر بالخطر العظيم وتدق ناقوسه ما دامت هناك عقليات تسعى لتطوير الجوانب الهدامة للحياة تحت ذرائع العلم والبحث والتقدم. عقليات مالت عن الفضيلة وأسقطت الأخلاق والقيم واستبدلت نوازع الشر بالخير …. ترى هل تكون هذه الألفية خلاف ما سبقها؟ وهل سيستفيق العالم من سباته العميق؟ أمّا عن الأمة الإسلامية فلا تُحدث …. فحالها أرثى حال. رحم الله أيامها الاولى التي أعزّها فيها حيث حملت للدنيا من المعارف والعلوم ما حمل الخير والنمو للعالمين وأرسى صرحًا علميًا وعقائديًا واجتماعيًا كان حسب معطيات عصرها مشروعا حضاريا نموذجيا يستوحي جوهره من روح الإسلام وتعاليمه ومقاصده الغراء، مما جعل الدنيا تنحني للمسلمين آنذاك إجلالاً وانبهارا للرسالة الإسلامية.

إن الألفية الجديدة قد تنذر بالخطر العظيم وتدق ناقوسه ما دامت هناك عقليات تسعى لتطوير الجوانب الهدامة للحياة تحت ذرائع العلم والبحث والتقدم. عقليات مالت عن الفضيلة وأسقطت الأخلاق والقيم واستبدلت نوازع الشر بالخير …. ترى هل تكون هذه الألفية خلاف ما سبقها؟ وهل سيستفيق العالم من سباته العميق؟

هذا ما كان في الأيام الأولى أو بالأحرى أمجاد المسلمين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأوفوا ميثاقهم ففتحت عليهم بركات من السماء فكانوا أحق بها وأهلها. أما اليوم فقد صار الإسلام في نظر العالم كلمة قاتمة المعنى والدلالة وأردف له من المصطلحات المنفرة والشبهات المضللة ما لا حاجة لنا إلى ذكره وتكراره ولا حول ولا قوة إلا بالله. أما على مستوى التحديات الفكرية التي تعترض سبيل الأمة، فلا نجد للمسلمين أي مناعة فكرية تحميهم من هجمات الغزو الفكري والعقائدي المضاد للدين الحنيف حيث تطالعنا بعض الصحف ودور النشر ببحوث ودراسات لبعض أدعياء الفكر الإسلامي محشوة بالخرافة ومزخرفة بالسفاسف الكلامية التي تجعل الإسلام عرضة للاتهام والانتقاد على أساس أن أفكار هؤلاء الأدعياء وأقوال بعض المشايخ هي الدين الحنيف في حد ذاته. ومما يؤسف له أيضًا أن الحرية الفكرية مازالت تجابه بفتاوى التكفير وتهم التجديف حتى رمي الإسلام بضيق الأفق والعجز عن المجادلة والحوار الحضاري المسالم. وأكبر شاهد على حجم المأساة ما تعرضت إليه شخصيات أدبية وفكرية عديدة من هجمات قضاة محاكم التفتيش. تلك المحاكم التاريخية السوداء التي تبرأ منها الغرب وأدانها بشدة. وها هي تلقى استحسانا وقبولًا في الأمة الإسلامية على يد من يدعون بالدفاع عن العقيدة وشرف الدين الحنيف الذي لم تعرف الإنسانية مثيلا للحرية الفكرية والعقائدية التي أرساها حيث حثنا على أن نرد أي هجوم قام ضدنا بالقلم بقلم مثله أو باللسان بلسان مثله …. فالحمد لله الذي جعل الجماعة الإسلامية الأحمدية سفينة مباركة تخرق أمواج بحر فتن الزمن الأخير. وتنشر تعاليم الدين الحنيف بمفاهيمه الصحيحة التي أرساها خير المرسلين وارتضاها رب العالمين.

على الأمة أن تقيّم نفسها وأوضاعها قبل فوات الأوان وتفيق من سباتها الذي طال أمده وامتد زمنه ولها العبرة في أيام وقرون عاشتها في مذلة وهوان. ونحن في الجماعة الإسلامية الأحمدية نمد لها يد المساعدة بالنصح والذكرى عساها أن تنصت لرسالة من بعثه الله إماما مهديا ومسيحا موعودا، ونسأل الله أن يحقق على أيدينا في هذه الألفية إظهار دين المصطفى على سائر الأديان ويعجل لنا إتمام السيادة المجيدة للإسلام. اللهم آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك