رسائل من باكستان

رسائل من باكستان

رشيد أحمد شودري

لا تزال تلال الرسائل تصل من باكستان تحمل كل عجيب وكل مدهش. أما العجيب فهو تمادي السلطات الباكستانية في تسخيرها لرجال الدين المحترفين المزيفين في أعمال شريرة تشغل بها الرأي العام، وتصرفه عن الفساد المستشري في أرجاء البلاد.

والمدهش هو ما يبديه المسلمون الأحمديون هناك من صبر وجلد وضبط نفس إزاء أحط وأشرس حملات الاضطهاد ضدهم من قوم لا وازع لهم من خلق أو دين أو عرف. والله تعالى هو الذي يبدل الأحوال، ويكشف الكروب، ويزيل الغمة، بما يحفظ باكستان البلد الذي قام على الإسلام من شرور الفساد السياسي والعمى الديني ليكون حقا باك ستان، أي أرض الأطهار. وفيما يلي بعض النماذج من رسائل المضطهدين إلى إمامهم الهمام حضرة مرزا طاهر أحمد أيده الله تعالى:

  • السيد محمد يوسف، تشك 46، شمالي سرجودا.

هاجمني رجال محمد أسلم بالعصى والهراوات لمجرد أني أحمدي. يقول التقرير الطبي أن بجسمي ثلاثين جرحا في أماكن متفرقة. لزمت فراشي ثلاثة أيام من شدة الآلام، ولا زلت أشعر بضعف جسماني شديد.

محمد أسلم هذا عضو سابق من المجلس القومي الباكستاني، ومن أصحاب النفوذ والأرض.

  • مهندس أحمدي موظف بالحكومة:

اضطهاد الحكومة للمسلمين الأحمديين لا يفتر، ويساء معاملة الموظفين منهم بطرق متنوعة. نُقلتُ إلى مكان بعيد منذ عامين كشخص غير مرغوب فيه تظلمت لرئيسي، فنقلني إلى مكان أقرب. اعترض الملات، فنقلوني إلى مكان آخر. توجه وفد من الملا إلى المسئولين معترضين، فألغوا النقل. ثم نقلت إلى مكتب سرجودا رقم 1، وبعد إلغائه نقلت إلى رقم2. توالت الشكاوي ضد وجودي هناك مع التهديد بالاعتداء على حياتي. قابلت رئيسي والتمست منه نقلي للعمل في القاعدة بدلا من العمليات، فوعد ببحث الأمر خشية أن يقتلني الملات.

جاء في أحد الخطابات من الملات ما يلي: “كبير المهندسين في دائرة سرجودا من إدارة الهندسة الصحية ببنجاب عَيَّنَ مرزائيا (أحمديا) في سرجودا، وبذلك جُرحت مشاعرنا الدينية. هؤلاء الموظفون يظاهرون الأحمديين. وهذا الكافر في قائمة من سيُقتَلون. إنه يسكن ربوة، وكثيرا ما يرى مشتركا في النشاط التبليغي. ولقد عينه كبير المهندسين هنا بالرغم من أن عضو المجلس المحلي قد حذره من فعل ذلك.

وبهذا ننذر الممثلين الشعبيين لإقليم سرجودا بضرورة حل هذا الخلاف الديني. وإذا لم يستبعد هذا الشخص خلال ثلاثة أيام فسيحرق مكتبه. نحن:

  • قوات كوماندوس الشباب السني، بنجاب.
  • قوات شباب أهل الحديث، بنجاب.
  • جماعة جبهة الشباب المسلم، بنجاب.
  • جبهة إسلامية، جناح الشباب، بنجاب.
  • السيد مغفور أحمد، مربي “ننكانا صاحب”، شيخوبورا:

بعد الدمار الشامل الذي حدث لممتلكات المسلمين الأحمديين في أبريل في العام الماضي، ينظم الملات بأنفسهم، ويحرضون طلبة الكلية ضد الأحمديين مرة أخرى ليعيدوا المأساة. ويبدو أن مخططاتهم خطيرة؟

  • شيخ محمد يوسف ، محام من قصور:

أنا المحامي الأحمدي الوحيد في قصور. تمكنت بفضل الله من إنهاء قضيتين مرفوعتين ضد الأحمديين بناء على قانون الجنرال ضياء الحق لصالح مُوكلي. طلبت من القاضي تأجيل القضية الثالثة ليوم 28 بدلا من 25 نوفمبر 1989، فوافق. ولكن دخل مكتبه أكثر من خمسين من الملات وأتباعهم، وشتموني مع المسجل ببذيء القول، وأصروا على إعادة موعد الجلسة إلى 25 سبتمبر.

وهددني زعيمهم، واسمه فضل حسين، ويدعي أنه الرئيس المحلي لمجلس منظمة ختم النبوة قائلا: أيها المرزائي، تظن أنك عليم بالقانون؟ نحن ذوو نفوذ هنا، ولنا اتصالات عليا ونستطيع اختطافَك في أي وقت، وقتلَك كما نشاء. إذا أردت العيش فعش بوصفك غير مسلم.

  • السيد عبد المجيد أسد، ثرباركار، السند:

تجاوز أعداء الأحمدية كل الحدود في اضطهادهم لنا. منذ أيام قلائل في مدينة “تشوك” أقاموا تمثالا مشوها لحضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، مما أثار اشمئزاز بعض الشباب الأحمدي، ولكنهم ركنوا إلى الهدوء.

  • السيد رفيع أحمد قمران، طالب بالجامعة الإسلامية، ببهاولبور:

الاضطهاد للأحمديين شديد في دار الشباب بالجامعة. قاطعني طلاب فصلي مقاطعة تامة. يصعب أحيانا على النفس تحمل مزاعمهم البذيئة الباطلة. أدعو لي من فضلكم كي يمنحني الله الصبر والحفاظة.

  • السيد محمد شافعي سليم، كهاريان، مسئول بالجماعة المحلية:

بأمر من القاضي جاء جماعة من الضباط ورجال الشرطة إلى المسجد مساء، وختموا عليه. في أعقاب جريمة تشك سكندر في 16 يوليو 1989 نظم ملات ختم النبوة اجتماعات بالمنطقة لتحريض أهلها على مهاجمة المسلمين الأحمديين وقتلهم، وأعلنوا أنهم سيحتلون بالقوة مسجد الجماعة في كهاريان المسمى “مسجد شيهاني”. وأعلن أحد الملات أنه سيطلق النار على من يقاوم من الأحمديين. أبلغ رئيس الجماعة الأحمدية المحلية مسئول الشرطة لاتخاذ ما يلزم من تدابير لحماية الأرواح والممتلكات. أخيرا استدعت الشرطة عدد من السكان الأحمديين وغير الأحمديين، وقرر هؤلاء أنه لا نزاع بينهم وبين الأحمديين فيما يتعلق بالمسجد. ومع ذلك أغلقت الشرطة المسجد وختمت عليه.

  • السيد مرزا نصير إنعام، ربوة:

في العام الماضي قدمت أوراقي للالتحاق بكلية الزراعة بفيصل آباد، وفي خانة الدين كتبت “أحمدي، والقانون لا يسمح لي بالإعلان عن عقيدتي الإسلام”. نصحني زميل أن أكتب: “من أقلية غير إسلامية” فرفضت بالطبع. قال لي: إنك بذلك تضيع وقتك. ما الضرر في أن تكتب ذلك كي يسمحوا لك بالالتحاق بالكلية؟ قلت: لن أفعل ذلك، حتى ولو منعت من دخول الكلية.

وروى واقعة أخرى تتعلق بمدرس يدعى مرزا امتياز أحمد كان متجها إلى فيصل آباد في عربة من ذوات الخيل، فسأله السائق: أنت مرزائي إذن؟ فبادر المعلم لتوضيح أن هذا اسمه وليس عقيدته. يقول المدرس: ولولا ذلك لهاجمني المتعصبون. وهكذا يتعرض حتى غير الأحمديين للتهديد بسبب الاسم، مع أن اسم مرزا تدل على أن حامله من أصل مغولي.

  • السيد م. أيوب:

ذهبت لمقابلة تتعلق بوظيفة محاضر يوم 26 أغسطس 1989. فجرى الحوار التالي بين المقابل وبيني: هل أنت أحمدي؟ نعم بفضل الله. خير لك أن تنطق بالشهادة وتسلم. أنا لست كافرا، ونطقت بالشهادة أمامه قائلا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أنت غير مسلم طبقا للتعديل الدستوري سنة 1984، وبوسعي أن أمنحك الوظيفة في الأماكن المخصصة لغير المسلمين. فرفضت هذا العرض المهين على الفور، وقلت: رغم أني الثاني في ترتيب الأولوية بحسب المؤهل، ولكني لا أضحي بإيماني من أجل الوظيفة.

  • السيد نصير أحمد، تشاوندا، سيالكوت:

نحن خمسة إخوة، كلنا الآن في السجن. قبضت الشرطة علينا بطريقة روائية درامية. تآمر بعض السكان الأشرار للقيام بالأعمال المناهضة للأحمديين. في 15 يونيو 89 تجمعوا عند متجر أخي الأصغر، حيث أطلقوا بعض الشتائم البذيئة ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية وقادتها، وهددوا بإحراق المتاجر والمساكن الأحمدية بالمنطقة. ثم ألفوا مظاهرة تبلغ عدة مئات من الرعاع، وفي حضرة عدد كبير من ضباط ورجال شرطة أخذوا يقذفون بالحجارة، والشرطة يشهدون، ولا يتدخلون لمنعهم.

صرف الله الحشد بفضله، واتجهوا إلى مركز الشرطة، وحاصرت بيوتنا، وقبضت على 13 أحمديا ، وسجنوهم. وأدخلوا الملات ليبتهجوا ويتأكدوا من سجننا. نقلونا بعد ذلك إلى سجن سيالكوت، ولكن وفدا من الملات ذهب شاكيا إلى المسئولين بسبب التسهيلات التي تمنح للأحمديين في السجن! فنقلنا إلى سجن جوجرانولا في منتصف الليل.

  • السيد ممتاز بيجوم، لاهور:

هناك مسجد بجوار مسكني يأتي إليه بعض الملات أحيانا، ويخطبون ضد الأحمدية، مما كان يؤلمنا جميعا، ولكننا نلزم الهدوء. زاد أخيرا إلقاء هذه الخطب النارية، واستخدم الملات ألفاظا فاحشة ضد مؤسس الحركة الإسلامية الأحمدية. أولادي شبوا وكبروا ويغضبون، ولكنني أهديء غضبهم.

في 2 أغسطس 89 حرض الملات الجمهور على تطبيق القانون بأيديهم وقتل الأحمديين. قال أحد الملات إن قتل الأحمدي يعادل حجة إلى بيت الله الحرام! حضرت حافلات محملة بالطلاب من أماكن بعيدة للتظاهر ضد الأحمديين. ويزعم الملات أن الأحمديين، معاذ الله، لا يؤمنون بمحمد ، وينبغي إفناؤهم من وجه الأرض، ويحثون الشباب على القتل والتدمير للخلاص من الأحمديين.

  • السيد طاهر أحمد خان، ننكانا صاحب:

في عام 1986 رفع الملات ضدي قضيتين تحت المادتين 298 و 295، ومنذ ذلك الوقت عليّ أن أذهب إلى محكمة شيخوبورا مرتين في الشهر. وأضافوا قضية أخرى في عيد الأضحى الماضي، ثم جعلوا منها قضيتين، تحت المادتين 298 و 506 من قانون العقوبات. وتفصيل ذلك أني كنت عائدا إلى مسكني صبيحة عيد الأضحى في طريق به مكتب منظمة ختم النبوة، فاعترضني صبي جذبني من قميصي. حاولت تجنبه، ولكن 10 صبية قفزوا نحوي يحملون العصى والأحجار، ولكنهم بفضل الله لم يجرؤوا على مهاجمتي. أحضر الصبي الأول فأسا، وضربني على ذراعي، وتدخل المارة، وطلبوا مني الإسراع بالانصراف. فأسرعت الخطى مبتعدا، تشيعني شتائم الجمع.

عندما وصلت ربوة بلغني أن الملات قيدوا قضية ضدي لدى الشرطة بتهمتين:

(1) التكبير أثناء السير في الطريق، (2) صفع صبي جاء يلومني على هذا الفعل بصفتي غير مسلم. ويضيف التقرير أن الأحمديين يخلقون مشاكل ضد القانون والنظام بتحريض من قادتهم في ربوة.

أمام القاضي ترافع ضدي رئيس منظمة ختم النبوة، وبعد اتهامات باطلة ضد حضرة مؤسس الأحمدية قال: ليحمد الأحمديون ربهم لكونهم لا يزالون أحياء حتى الآن. بعد أن استمع القاضي إلى كل هذا الهراء قال لي: هل ستكرر ما كنت تفعل مرة ثانية؟ قلت: أنا لم أفعل شيئا، ولم أجرح شعور أحد. طلب مني المحامي ألا أتكلم. قال الملا: هذا كله من فعل مرزا طاهر أحمد الذي يجلس في لندن ويرسل تعاليمه في الكاستات إلى أتباعه. قال القاضي: لا تشغل بالك، ودع الكلب ينبح. والتفت عليَّ قائلا: اسمع جيدا.. سأفرج عنك الآن بكفالة، ولكن إن عدت فسأضعك في السجن مدى الحياة. ثم ناداني وقال: المس أذنك وقل بصوت مرتفع: لن أفعلها مرة ثانية. انفجرت غاضبا وقلت أنا لم أرتكب خطأ، ولكن الملات كذابون.. فبادر المحامي وبعض الحاضرين إلى إسكاتي، ونصحوني بألا ضرر من فعل ما يريد. وتذكرت قول المسيح الموعود: “كن متواضعا كأنك كاذب وأنت صادق”.

تهلل الملات وضحكوا للموقف الذي كنت فيه. لقد شعرت بجرح ينزف في قلبي، وضميري يؤلمني، وأسأل نفسي: ما هذا الذي وعدت بألا أفعله مرة ثانية؟ لماذا قلت ذلك؟ لماذا فشلت في امتحان إيماني؟ لماذا؟ لا تزال الدموع تملأ عيني ندما. يا رب، اغفر لي تقصيري، وأنت أرحم الراحمين.

  • الأستاذ جاهانجير محمد جويا، محام أحمدي، خوشاب:

بينما كان السيد جاويد أحمد جاويد، وهو داعية إسلامي أحمدي، في طريقه إلى موقف الحافلات، هاجمه عمال منظمة ختم النبوة، وضربوه، وخطفوا منه حقيبته اليدوية. ذهب الفاضل يشتكي في مركز الشرطة، فقال المعتدون إنه يوزع منشورات دينية ويدعو للأحمدية، ومن ثم يجب عقابه. وقدموا بعض الأوراق العلمية الدينية من حقيبته. فأمرت الشرطة بحبسه، وتركت عصابة المعتدين.

تكرر نفس الحادث من نفس العصابة مع السيد رانا عطاء الله الموظف الحكومي، ولكنهم لم يجدوا في حقيبته إلا أوراقا حكومية، فأفرج عنه. وتوجه وفد من المسلمين الأحمديين للقاء نائب مدير الشرطة في المساء ليخبروه بما جرى، فاتصل هاتفيا بمركز الشرطة، فأبلغوه أن مدير البوليس هو الذي أعطى التعليمات بتسجيل القضية.

  • السيد سلطان أحمد بطي، سرجودا:

عملت مديرا لمصنع اسمنت منذ 8 سنوات. اعتقلت بجريمة كتابة الشهادة الإسلامية على واجهة منزلي. مكثت بالحبس 10 أيام. ثم أخرجت بكفالة مالية. اعترض الملات على وجودي بالمصنع، ففُصِلت. حاول صاحب المصنع منحي أجر شهرين، فرفضت قبول ما لم أعمل به. انتقلت إلى عمل جديد، ولكن الملات كانوا دائما في أثري.. وتكرر ذلك خمس مرات.

  • مدرّسة أحمدية من بهاولبور:

أنا مدرّسة أولى، ومع ذلك عينوا مدرسة ثانية ناظرة للمدرسة.

وأخيرا جاءت التعليمات بتعييني ناظرة، ولكن معارضة المدرسات تتصاعد ضدي. إني مهمومة. كان الله في عون كل أحمدي باكستاني.

  • السيد نذير أحمد شودري، بهاولبور:

سجن أخي صوفي شريف أحمد، رئيس جماعة مراله لمدة 90 يوما بأمر من قاضي محكمة جحرات في 5 ديسمبر 89، للأسباب الآتية:

  • التقارير تقول بأنك أحمدي متعصب، وتدعو للأحمدية بين الطلاب المسلمين مما يضايق المجتمع الإسلامي.
  • لك نشاطات تخلق جوا ضد القانون والنظام بين الأحمديين والمسلمين مما يعكر صفو السلام والهدوء.

ج. نشاطاتك بشكل عام ضارة بالسكينة والسلام وتجرح مشاعر مجتمع المسلمين.

والحقيقة أن أخي توجه إلى مدير الشرطة في جحرات عقب أحداث تشك سكندر، وأخبره بأنه مسئول عما لحق بالأحمديين من قتل وتخريب ممتلكات، فانتقم منه بهذه الطريقة. وهو الآن محبوس حبسا انفراديا، ولا يسمح لأحد بزيارته. وقد تلقى خطابات تهديد لحياته وممتلكاته قبل اعتقاله. وأعلن أحد الملات في خطبة الجمعة بأنهم سيهجمون عليه في الجمعة التالية،  يوجد نص غير واضح   يظهروا.

ملحوظة: الصور التي يراها القارئ في هذا المقال هي لبعض العبارات التي يجدها المرء على الجدران في معظم المدن والقرى الباكستانية، والتي يكتبها أعداء الجماعة الإسلامية الاحمدية لمضايقتها وتنفير الناس منها. من هذه العبارات: القاديانيون خونة الإسلام والوطن، باكستان هي مقبرة القاديانيين، افصلوا الشخصيات القاديانية عن المناصب الحكومية الحساسة، أغلِقوا (الفضل) جريدة القاديانية فورًا وإلا…

Share via
تابعونا على الفايس بوك