رحلة مدهشة في عالم المستقبل

رحلة مدهشة في عالم المستقبل

محمد طاهر نديم

معرض هانوفر الدولي الصناعي

إعداد: محمد طاهر نديم[1]

هانوفر عاصمة لولاية شمالية في ألمانيا تسمى نيدرز آكسن التي لها شهرة سابقة في مجال عقد المعارض الدولية الصناعية والثقافية، إلا أن انعقاد Expo 2000 يزيدها شهرة على الصعيد الدولي.

تحتضن هانوفر مدينة المعارض التي تتسع لمساحة واسعة تبلغ 170 هكتارًا وقد عمرت وفق معيار متطور جدًا، وتدعى في اللغة الإنكليزية: Fair Ground

ستقوم 190 بلدًا ومنظمة في مدينة المعارض هذه بعرض رقيّها الثقافي والصناعي لمدة 153 يومًا على التوالي، أي ابتداء من 1/6/2000 ولغاية 31/10/2000. ولقد حطّم عدد البلدان المشاركة في هذا المعرض جميع الأرقام القياسية، حيث ستعمّر 52 بلدًا مخيماتها بنفسها بينما ستستأجر 138 بلدًا ومنظمة قاعات واسعة للعرض.

البشر، الطبيعة، التكنولوجيا

هذا هو شعار هذا المعرض الذي يعد أكبر تجمّع لملتقى القرنين، الذي يقدّر عدد المتفرجين عليه 263000 شخص يوميًا. وتصل كلفة الترتيبات لهذا المعرض 35 بليون مارك أماني وسيُفتح المعرض للزوار من الساعة التاسعة صباحًا إلى الساعة الثانية عشر ليلاً. وسوف تباع تذكرة دخول المعرض ليوم واحد بـ 69 ماركًا ألمانيًا.

فماذا سيقدم هذا المعرض لزوّاره تحت شعار البشر، الطبيعة، التكنولوجيا. تعالوا أيها القراء نستعرض بعض اللقطات من تلك المشاهد.

إن أول اسم يبرز لنا في هذا المضمار هو هولندا التي يشتغل مهندسوها المدنيون في بناء قصر ذي طوابق ثلاث يثير الدهشة في النفوس، ويكون أكثر القصور سحرًا في التاريخ، الذي سيخصص الطابق الثالث منه للغابات، والطابق الثاني سيستخدم كمشتل، بينما الطابق الأول فسيحمل البحيرة، أما الطابق الأرضي فهو مخصص للحديقة.

إن هذه البناية الزجاجية ذات الطوابق الثلاث التي يبلغ ارتفاعها 40 مترًا وهي تحفة هندسية نادرة ساحرة تحمل من قِبل بنّائيها رسالة تقول: إن الحل الوحيد لتفادي التأثيرات السلبية الناجمة عن عدد السكان المتزايد على الكرة الأرضية يمكن في أن ترتفع المدن في المستقبل طابقيًا إلى الأعلى لدرجة يجب أن تكون الحقول والحدائق على نسق البناية ذات العدة طوابق، وإلا سوف يكون من المستحيل علينا توفير الهواء النقي.

إن المشروع الأمريكي هو الآخر عظيم جدًا والذي ينفّذه زوجان ألمانيان أمريكيان من المهندسين بتكلفة 450 مليون دولار أميركي. هذا المشروع نموذج خالص لمدينة أمريكية تقليدية وتقبع هذه المدينة الأمريكية على جانبي شارع كبير.

وهناك في بوتان ينكبّ 800 مهندس ماهر على صناعة قِطَع يدوية لبناء معبد هندوسي تقليدي. وهذه القطع سوف تنقل إلى ألمانيا ليتشكل منها المعبد الهندوسي.

ولم يتوانَ الإخوة العرب عن تقديم شيء في هذا المعرض الدولي التاريخي، فالأشقاء في الإمارات العربية المتحدة يحاولون تقديم نموذجًا حقيقيًا للصحراء العربية، ولإنجاز هذا المشروع الضخم فإن أطنانًا من الرمل الخالص تُشحن بواسطة طائرات الشحن، حيث يكون باستطاعة المغرَمين بركوب الجمل أن يتمتعوا به، علاوة على هذا سوف تُشاد قلعة صحراوية في هذه الصحراء الصناعية حيث تعرض الثقافة والصناعة العربيتان.

بمناسبة EXPO  هذه سوف تُعقد ندوة كبيرة تتناول القضايا العالمية والبحْثَ في حلها. ستتناول قرابةَ ٧٠٠ مشروعًا بخصوص القضايا العالمية، منها استخدام الطاقة الشمسية في أفريقيا مثلاً وتأمين مياه الشرب والصرف الصحي في لوس أنجلوس. وكما يُستخدم هذا المعرض الدولي كمحطة لعرض التطور الصناعي في الميدان المادي الدنيوي، يبني هناك أهل الديانات المختلفة مخيّماتها لترويج تعاليمها ونشْرها. وأكثر الديانات نشاطًا في هذا المجال هو المسيحية.

إن أكثر ما يثير الدهشة والذهول من أعمال البناء والعمارة يعود إلى اليابان التي ينصرف مهَرتها إلى صنع أكبر بناية من الورق، وسيكون طول البناية ٩٠ مترًا وعرضها ٤٢ مترًا وستزين أعمدة قاعات هذه البناية المتعددة الطوابق بزخارف يابانية قديمة، إن مما يدعو إلى الدهشة والذهول أكثر هو كونُ هذه العمارة يمر منها الضوء ولا يمر منها الماء، أي ستكون هذه البناية الورقية مقاومة للماء لتتصدى للجو الممطر في شمالِ ألمانيا. ومن الطريف أن هذه البناية مع ما بُذلت في تشييدها من الجهود الجبارة، يصفها النقاد الحاذقون بأنها مصداق قول “كل عش يبنى على الغصن الطري الدجن يكون واهنًا ضعيفًا” حيث يقدّرون عمرها ببضعة أشهر فقط، إلا أن مهارة البناء الياباني يعطي أملاً واحدًا هو أن هؤلاء النقاد المهرة قد تعرضوا لمثل هذا الانخداع في السابق، حيث وصفوا في مثل المعرض المنعقد في عام ١٨٨٩ بناء ضخمًا من معدن، بأنها لن تدوم وستنهدم عن قريب، لكن نموذج البناء النادر ذاك لايزال قابعًا في مدينة باريس وقد أصبح اليوم تُعرف به مدينة باريس ألا وهو برج إيفل.

Share via
تابعونا على الفايس بوك