حرروا شهر الصيام و القيام من ظاهرة المهرجان

حرروا شهر الصيام و القيام من ظاهرة المهرجان

التحرير

  • المظاهر الاستهلاكية في رمضان تتناقض مع روح الصوم ومغزاه
  • رمضان يربي الصائم على القناعة وعفة النفس ونقاء القلب..

__

يزخر الشارع العربي الإسلامي كل سنة بعروض إعلانية مغرية عن  السلع الغذائية والمشروبات والمأكولات. أما عن الفوازير والمسلسلات الرمضانية فحدث ولا حرج، حيث تخلو الشوارع عند بثها أحيانا. وقد يظن أي أجنبي يزور البلاد خلال الشهر الفضيل أننا نعيش  مهرجانا للأكل والشرب ومشاهدة “اللغْويات”. وكما لا يخفى على أحد فإنه بلغة الرياضيات يكون الغرض من الصيام تقليل وجبة من طعامنا في كل يوم، ولكن العجب أننا نرى استهلاك الطعام يتضاعف أضعافا خلال هذا الشهر. ولا يختلف هذا السلوك بين دولة وأخرى إلا في أنواع الأطباق والحلويات التي تمتد موائدها منذ آذان المغرب حتى مطلع الفجر. وهكذا فقد تحول شهر الصيام والقيام إلى مهرجان لإهدار المليارات على المأكولات والمسلسلات. وكأن صيامنا لن يُقبل إلا بهذه المظاهر البعيدة كل البعد عن روح الصوم ومغزاه. ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد بل خلال السنوات الأخيرة فرضت موضة جديدة نفسها على هذه المظاهر الاستهلاكية.. وهي موضة إرسال مئات رسائل التهنئة من الهواتف المحمولة. وفي هذا الخضم نشأت مباريات في  كتابة الرسائل المسجوعة أو ذات الرسوم، وهي من ناحية تجارة رابحة لشركات الهواتف النقالة، ومن ناحية أخرى هي هدر وتبذير للأموال التي من الحري أن تُصرف على المحتاجين.

فكما لا يخفى على أحد فإن من أهم أغراض الصيام والقيام هو أن يكتسب المرء مزيدا من الحسنات للتقرب إلى الله عز وجل ويتبرع للسائل والمحروم بما يوفره من أموال وغذاء. ولكن ما يحدث على أرض الواقع هو أن الشهر الفضيل تحول إلى شهر تبذير للقدرات المادية وبالتالي أحدث نزيفا في جسد الأمة المترامية الأطرف التي تستورد خلاله أطنانا إضافية من المنتجات الغذائية لتغطية الحاجيات.

وإن أدبيات الجماعة الإسلامية الأحمدية لتزخر برحيق الكتاب والسنة،  فهلُّموا يا مشعر المسلمين وانهلوا منها ما يشفي غليلكم ويطمئن قلوبكم، كي تكونوا ممن يحررون شهر القيام والصيام من ظاهرة المهرجان.

يبدو أنه قد ضاع المغزى من طقوس دينية عظيمة وتبخرت الغاية منها في زحام موضات الاستهلاك والتقليد الأعمى. وها نحن نرفع من منبر “التقوى” هذا النداء النابع من غيرتنا على مصالح الأمة: حتّام هذا الضياع؟

فلا يختلف اثنان أن أمة الاستهلاك المبالغ فيه والهزل هي أمة مهزومة.  ولا شك أن رمضان هو المنقذ في هذا الخضم، حيث يربي أبناء الأمة على الجدّ والقناعة ويدربهم على عفة اللسان، ونقاء القلوب، وتطهيرها من أدران الأحقاد والبغضاء، والحسد والغلّ والشحناء.

ولا شك أن كل منا يحتاج إلى فترات من الصفاء والراحة والنقاء لتجديد معالم الإيمان وإصلاح ما فسد، وإن شهر رمضان المبارك يشكل فترة روحية وفرصة للإصلاح. إنه محطة لتعبئة القُوى الروحية والخُلُقية التي يحتاج إليها كل مسلم. إنه مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيب الأخلاق، وشحذ الأرواح، وإصلاح النفوس، وضبط الغرائز، وكبح الشهوات.

إنه حري بكل فرد مسلم أن يجعل من هذا الشهر الفضيل نقطة تحوُّل، من حياة هجرة الله وتعاليمه إلى حياة الاستغفار والتوبة النصوح. وأن يكون هذا الشهر مرحلة تغيّر في المناهج والأفكار والآراء، لتكون موافقةً للمنهج الحق لكتاب الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى . وإن أدبيات الجماعة الإسلامية الأحمدية لتزخر برحيق الكتاب والسنة،  فهلُّموا يا مشعر المسلمين وانهلوا منها ما يشفي غليلكم ويطمئن قلوبكم، كي تكونوا ممن يحررون شـهر القيـام والصيام من ظاهـرة المهرجـان.

نسأل الله تعالى أن يُعيد علينا شهر رمضان المبارك ونحن في أحسن حال، وأن يُعيد علينا العيد ونحن برفقة الصديقين، وأن يجعلنا من المقبولين عنده وراية الإسلام الحق ترفرف في جميع أنحاء العالم، في ظلّ خلافة مولانا مسرور أحمد، أيّده الله تعالى بنصره العزيز، آمين يا ربّ العالمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك