استفت قلبك في رمضان

استفت قلبك في رمضان

  • ما الداعي للخوض بأمور وتساؤلات متخمة لا فائدة منها
  • الحري بالعلماء أن يكون حديثهم الحكمة والوعظ والتوعية

__

كلما هلّ علينا هذا الشهر الفضيل كَثُرت استفتاءات الناس، وكثُر محترفو الفتاوى الذين يجدون متعتهم ومكانتهم في الإجابات المطوّلة.

طالما استغربتُ من هذا الفقه الذي هو بحاجة إلى علماء ومجتهدين ومحترفين في قراءة (أمهات الكتب)! فما دامت الآيات القرآنية التي تتحدث عن الصيام محدودة جدا، ومثلها الأحاديث، وما دام الناس يفهمون العربية، فلماذا هذه الحِرفة؟! ألا تكفي هذه الآيات والأحاديث؟ أهي معقدة؟

لننقل الآيات التي تتحدث عن الصيام:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ   (سورة البقرة) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ الله لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (سورة البقرة).

ثم جاءت أحاديث كثيرة تبين فضل الصوم، وتوضح أنه الامتناع عن الأكل والشرب والجماع طوال النهار، كما في الآية الأخيرة.

ماذا بقي مجهولا؟ لماذا يسألون؟ لماذا يتحدثون عن أشياء لا قيمة لها؟

مُدرّس يطلب من ابني إسلام في الصف السادس أن يقرأ مقالا بعنوان: مباحات الصيام. فما هي مباحات الصيام التي كتبها المدرسُ لابني أو نقلها نقلا؟ إنها: السباحة، والاكتحال، والمضمضة والاستنشاق، والحجامة، والحقنة الشرجية، وبلع الريق!!!

أي استفزاز! لماذا يتحدث عن الحقنة الشرجية؟ وماذا يستفيد ابن أحد عشر عامًا من هذا الكلام؟ وهل يخطر ببال أشد الناس بساطة أن السباحة تفطر أحدا؟ وكذلك بقية المباحات التي ذكرها؟

خذ هذه الأسئلة الموجهة لابن عثيمين وابن باز:

  1. خروج الدم من الصائم هل يفطر؟
  2. هل يجوز للصائم أن يقبل زوجته ويداعبها في الفراش وهو في رمضان
  3. إذا احتلم الصائم في نهار الصوم من رمضان فما حكم صومه ؟
  4. هل يجوز استعمال الطيب، كدهن العود والكولونيا والبخور في نهار رمضان؟
  5. رجل صائم اغتسل وبسبب قوة ضغط الماء دخل الماء إلى جوفه من غير اختياره فهل عليه القضاء؟
  6. هل اغتياب الناس يفطر في رمضان؟
  7. هل يبطل الصوم بتذوق الطعام؟

لماذا لا يستطيع الناس الإجابة على هذه الأسئلة؟ ومن قال لهم إن لابن باز قدرة تزيد عن قدرتهم على إجابتها؟

لنأخذ السؤال الأول: فنسأل سائله: لماذا يكون خروج الدم مفطرًا؟ ألا تعرف أن الصيام هو الامتناع عن الأكل والشرب والجماع طوال النهار؟ لا يمكن أن تجهل ذلك. إذن، ما علاقة خروج الدم من اللثة أو من الرأس أو من أي جرح؟

وهكذا يقال للسائل الثاني، فما المانع من ذلك ما دام ليس جِماعًا؟ لكن الصائم يحاول أن يستغل نهاره في طاعة الله، لا فيما يقترب من الممنوع.

ويقال للثالث والخامس: لماذا تسألان هكذا سؤال؟ هل يفطر المرء بسبب شيء لا دخل له به؟

ويُنهر الرابع على سؤاله عديم القيمة، فلماذا يخطر بباله أن يكون العطر مفطرًا، أهو طعام وشراب؟

ويقال للسادس: اكتفِ بعدم الغيبة في رمضان وغير رمضان ولا تسأل هكذا سؤال. إذا ظلّ المرء يقوم بالسيئات في رمضان، فلا قيمة لصيامه. ولسنا من يحدد النتيجة النهائية للحسنات والسيئات. والغيبة درجات، والمحرمات كلها درجات، والصائم يحاول أن لا يمارس أي إثم. وكفى.

ويقال للسابع: ألا تعرف معنى الصوم؟ هل يدخل هذا التذوق للجوف؟ اعرف الإجابة وحدك. وهكذا الأسئلة الأخرى مهما كثرت.

وليت الفقهاء الذين يُسألون هذه الأسئلة يتفقون عليها! فكثيرا ما يختلفون. وظني أن العوامّ أكثر قدرة على الفتوى منهم، لأنهم ليسوا بمُتخمين. فعلى الأقل لا يقول أحد من العوامّ أن آية في الصيام منسوخة، بينما يقول هذا عدد من الفقهاء!!! فالعوامّ ينـزهون القرآن العظيم عن مثل هذا.

أيها المشايخ، تحدثوا عن الحكمة من الصيام.. عن الأخلاق.. عن فساد المجتمعات ووجوب التغيير.. بدل الحديث عن فقه مُتخم.

عَوّدوا الناس على سهولة الأحكام الشرعية، وأنها في متناول أيديهم، وأن لهم قدرة على إجابة أنفسهم إن اتقوا الله، لأن الله يقول: واتقوا الله ويعلمكم الله . الدين والفقه ليس بحاجة إلى علم مُتخم، بل بحاجة إلى تقوى. وغير المتقي لا يستفيد من الفتوى، ولا تستطيعون لجم شهواته بفتاوى.

Share via
تابعونا على الفايس بوك