باقة من شمائل أم المؤمنين نصرة جهان بيغم رضي الله عنها

باقة من شمائل أم المؤمنين نصرة جهان بيغم رضي الله عنها

ضحى أحمد

ضحى أحمد

  • بشائر ونبوءات عن الزواج المبارك للمسيح الموعود ع بها.
  • نسب السيدة أم المؤمنين رضي الله عنها
  • تعليمها وثقافتها
  • بعض شمائلها رضي الله عنها

___

سيرة أسوة المرأة الأحمدية (2)

إن حياة العظماء ساحة لا تخلو من الأحداث العظيمة والمؤثرة، وتروج مقولة «اقرؤوا عن الأذكياء تنالوا قسطًا من طباعهم»، فكيف بالقراءة عن الأتقياء؟!

إنهم قدوة في كل المجالات، والاطلاع على سيرهم من شأنه أن يشحذ الهمم.

ومن السير الزاخرة بمصابيح روحانية زاهرة، سيرة السيدة أم المؤمنين رضي الله عنها حرم الإمام المهدي ، وهي سيرة ملأى بالتضحيات والعطاء والخير والمواساة لكل من حولها وهذا المقال نكتبه في ضوء هذه السيرة، وتستوقفنا بعض المحطات في حياة حضرة أم المؤمنين التي تعبق بعبير ذكرها الطيب والمبارك، لا سيما بعد أن نوفق للاطلاع على باقة عطرة من الإلهامات التي تلقاها سيدنا المسيح الموعود بحقها، حتى قبل أن يُرزق رؤيتها رأي العين، ثم كانت هي مصداق تلك الإلهامات، فمن هي تلك السيدة المباركة التي ذكرها الله تعالى من عرشه؟!

 

بشائر الزواج المبارك

كان الله يبشر الإمام المهدي بإنجاز المهام الجليلة ببشارات متتالية وكان يبشره بالتأييد وانتصار الإسلام لأنه هو المسيح الموعود الذي بشّر بمجيئه سيدنا النبي قبل أربعة عشر قرنًا، وأنبأ بأنه «… يتزوج ويولد له»(1) ، ويتَّضح مراد هذا الحديث من قوله :

«الزواج زواج خاص يشكّل آية، أما المراد من الأولاد فأولاد خصوصيون قد ذكرتهم نبوءات هذا العبد المتواضع»(2).

وقد كتب حضرته في عام 1881م وقال أنه تلقى إلهامًا هو «اشكرْ نعمتي رأيتَ خديجتي»(3) فجاء هذا الوحي المبارك حاملا بشرى سارة، إذ بشر الله تعالى فيه سيدنا المسيح الموعود بأنه سيرزقه زوجة صالحة تكون له بمثابة أم المؤمنين خديجة بالنسبة لسيدنا خاتم النبيين محمد المصطفى . ويشرح سيدنا المسيح الموعود بنفسه هذا الوحي المبارك فيقول: : «وإنما سميتْ زوجتي خديجةَ لأنها أمٌّ للسلالة المباركة، كما أنني تلقيت الوعد بنسل مبارك، كما كانت فيه إشارة إلى أن تلك الزوجة ستكون من السادات»(4).

وتستوقفنا بعض المحطات في حياة حضرة أم المؤمنين التي تعبق بعبير ذكرها الطيب والمبارك، لا سيما بعد أن نوفق للاطلاع على باقة عطرة من الإلهامات التي تلقاها سيدنا المسيح الموعود بحقها، حتى قبل أن يُرزق رؤيتها رأي العين، ثم كانت هي مصداق تلك الإلهامات، فمن هي تلك السيدة المباركة التي ذكرها الله تعالى من عرشه؟!

نسب السيدة أم المؤمنين رضي الله عنها

قال رسول الله :

«مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»(5)،

بمعنى أن شرف النسب لا يغني عن ثواب العمل، ولكن ماذا لو حاز المرء الحسنيين؟! لا شك أنه لذو حظ عظيم! ولقد تلقى سيدنا المسيح الموعود الوحي القائل:

«الحمد لله الذي جعل لكم الصهر والنسب»(6)،

وأي نسب أشرف من البيت النبوي الذي قال عنه المولى عز وجل:

إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (7)؟!

لقد استُخدم هنا فعلُ «جَعَلَ» للصهر والنسب كليهما، وكلاهما عُدَّ محمودًا بدرجة واحدة تقريبًا، وهو دليل صريح على أنه كما أن أصهاري هم من بني فاطمة، كذلك فإن نسبي أيضا مزيج من بني فاطمة من قِبل جدّاتي. وإنما قُدّم لفظ الصهر على النسب هنا تبيانًا أن أصهاري هم من بني فاطمة خالصةً، أما آبائي فهم مزيج من بني فاطمة»(8).

وأما عن كيفية توفيق حضرة سيدنا المسيح الموعود للزواج من حضرة أم المؤمنين، فلا شك أنه في الأحوال العادية يجتهد الرجل في البحث عن شريكة حياته اجتهادا كبيرا، كما يجد في انتقاء النسب، لقوله : «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ»(9)، أما حضرة المسيح الموعود فقد وُفِق بمحض فضل الله تعالى للعثور على شريكة حياته أم المؤمنين رضي الله عنها، وحول هذا الأمر يقول حضرته:

«… ثم بدون البحث الظاهري وبذل الجهد قد تسنى لي هذا الزواج، بمحض فضل الله، أي نشأت لهذا العبد المتواضع علاقة القرابة في العائلة الحائزة على منتهى النجابة والشرف وعالية النسب والجليلة العظيمة من السادات»(10).

 تعليم أم المؤمنين رضي الله عنها وثقافتها

تلقت حضرتها العلوم الابتدائية وقد تعلمت القرآن الكريم والعلوم الدينية الأساسية وشيئًا من تاريخ الإسلام، وإدارة الأمور المنـزلية، فكانت حضرتها من البداية مدبرة ومرتبة وذكية وفطنة، وكانت حضرتها تتقن اللغة الأردية كأنها لم تفارقها.

وقد كتب حضرته في عام 1881م وقال أنه تلقى إلهامًا هو «اشكرْ نعمتي رأيتَ خديجتي»(3) فجاء هذا الوحي المبارك حاملا بشرى سارة، إذ بشر الله تعالى فيه سيدنا المسيح الموعود بأنه سيرزقه زوجة صالحة تكون له بمثابة أم المؤمنين خديجة بالنسبة لسيدنا خاتم النبيين محمد المصطفى .

وكانت تعين سيدنا المسيح الموعود إذا أراد أن يفحص كلمة أردية أو أراد تعبيرًا أرديًّا لمعنى معيّن سألها ، فكان لحضرتها إدراك تام لمختلف المعاني لكلمة واحدة.

وكانت أمّ المؤمنين رضي الله عنها متمكنة في العلوم الدينية ومعتقدات سيدنا المسيح الموعود ومسائل الأحمدية، فكان إيمانها بجميع نبوءات سيدنا المسيح الموعود راسخًا وقويًا جدًا، كانت حضرتها بعد الهجرة إلى باكستان تُردِّد كثيرًا إلهام «صدمة الهجرة» وكانت تقول إن هذا الوحي كان لا بد أن يتحقق، وليتحققنّ الآن وحيُ العودة إلى قاديان أيضًا لا محالة (11).

يقول حضرة المفتي محمد صادق : كانت أمّ المؤمنين رضي الله عنها تطلب من إحداهن قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية وتستمع لها بانتباه واهتمام، وكان من دأب سيدنا المسيح الموعود أن يقرأ كتبه ومقالاته على أهل البيت أولًا ثم كان يخبر بها الآخرين خارج البيت، وهكذا كانت حضرتها تطّلع على جميع عقائد الجماعة والأمور الهامة.

شمائل أم المؤمنين رضي الله عنها

إن حب حضرتها لله تعالى يترشح من حركاتها وسكناتها حيث كانت تتوكل عليه وحده وتثق في نصرته.

وكانت تعرب عن حبها لله   ورضاها برضاه وإنابتها إليه كل حين وآن، وإقامة الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن الكريم وحبها لخَلقه والإحسان إليهم، باختصار كانت حياتها من كل النواحي مصداقًا وتطبيقا لقول الله تعالى

قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِينَ (12)

و كانت تؤمن إيمانًا راسخًا باستجابة الدعوات وتأثيرها القوي الهائل، كانت تؤدي العبادات على وقتها بحسب شروطها وفقًا لسنة النبي ، كما كانت دائمًا تسعى للفوز بقرب الله ورضاه عن طريق النوافل ودفع الصدقات.

وقد ورد عن سيدنا المهدي عليه السلام قوله في حقها: «زوجتي هذه التي ستكون أمًّا للعائلة في المستقبل اسمها نصرة جهان بيغم، وهذه الإشارة تبدو تفاؤلا بأن الله أسس عائلتي لنصرة العالم كله. فمن عادة الله تعالى أحيانًا إخفاء النبوءة في الأسماء»(13).

بشاشة وجهها وتواضعها

إنّ الوجه الباسم واللطيف والبشوش سمة بارزة لأهل الجنة، وقول النبي وفعله يؤكدان هذه الحقيقة، فقد ورد عنه قوله:

«لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ»(14)،

وكذلك كانت أمّ المؤمنين رضي الله عنها دائماً تعلو مُحيَّاها البشاشة والسرور، فكانت إذا جلستْ في مجلسها امرأةٌ حزينة تمتعت بالسرور الروحاني الذي كان يُنسيها كلَّ هَم وحزن، فكان حديثها اللين واللطيف، ووعْظها المتسم بالعطف والرأفة يزيل كل أنواع الحزن والكمد. لقد عُرف عن حضرتها دماثة الخُلُق وطيب المعشر، والمزاح المحبب اللطيف، ومع هذا كانت متسمة بالوقار والهيبة، ولم يكن اتسام حضرتها بهذا الجلال ليبعدها أبدًا عن صفة الشفقة والمواساة، فكانت النسوة اللاتي يأتين إلى سيدنا المسيح الموعود مبايعات يتأثرن كثيراً من شفقتها وحبّها، و كانت تستقبلهم برحابة الصدر والابتسامة، كان يبدو على وجه حضرتها الجلال والبشاشة، وتنساب اللباقة من قولها وتصرفها، ومن تشرف بلقائها. يذكر أنها كانت صورةً متجسدة للبساطة والرحمة والحلم، بعيدة عن كل مظاهر التكبر والتعالي، كان مجلسها قبلة العديد من السيدات الزائرات، فلا تعبس بوجه أي منهن ولا مرة وإنما تتعامل مع الجميع من الفقير إلى الغني على حد سواء.

المراجع

  1. (سنن الترمذي، كتاب المناقب عن رسول الله)
  2. مرزا غلام أحمد القادياني، ملحق عاقبة آتهم ص337
  3. مرزا غلام أحمد القادياني، البراهين الأحمدية ص 558
  4. مرزا غلام أحمد القادياني، نزول المسيح ص 147
  5. (سنن الترمذي، كتاب القراءات عن رسول الله)
  6. إلهام تلقاه حضرته عام 1881 (تقريبا)
  7. (الأحزاب: 34)
  8. مرزا غلام أحمد القادياني، تحفه غولروية، الخزائن الروحانية، مجلد 17، ص 117
  9. (سنن ابن ماجه، كتاب النكاح)
  10. مرزا غلام أحمد القادياني، شحنة حق، ص57-68
  11. إشارة إلى جزء من إلهام تلقاه سيدنا المسيح الموعود عام 1897م جاء فيه ما نصه: “إن الذي فرَض عليك القرآنَ لرادُّك إلى معاد”، أي: إن الله الذي عهِد إليك خدمة القرآن سيرجع بك إلى قاديان ثانية.
  12. (الأنعام: 163)
  13. (ترياق القلوب ص64-65)
  14. (صحيح مسلم، كتاب البر)

 

Share via
تابعونا على الفايس بوك