موازنة الإسلام المثالية بين حقوق المرأة وواجباتها
  • تسليط الضوء على دعاةِ التحررِ المزعومون في هذا العصر..
  • موقف الإسلامِ الواضح من حرية المرأة..
  • الوصية بالغة الأهمية للمرأة الأحمدية..
  • اعترافات أدعياء التحرر المعاصرين
  • تفنيد انتقاد الإسلام تشريعه تعدد الزوجات
  • الحجاب من تدابير الإسلام الوقائية

__

خطاب ألقاه أمير المؤمنين

 سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام بتاريخ 7/8/2021م

في خيمة النساء في الجلسة السنوية للجماعة في بريطانيا في حديقة المهدي

تنويه: * العنوان الرئيسي والعناوين الفرعية من إضافة أسرة «التقوى

دعاةُ التحررِ المزعومون في هذا العصر

لقد نشأ في العصر الراهن باسم التنوير وحرية التعبير والعمل، تصورٌ يسوق إلى الظلمات أكثر منه إلى التنوير. فهذا التصور مصطنع وسطحي، ولم يتكبد أصحابه عناء الموازنة بين نفعه وضرره مطلقًا. فإثم بعض جوانب هذه الحرية المزعومة والتنوير أكبرُ من نفعها. حيث لا يلاحظ أصحاب هذا التصور ولا يدركون أنهم بالمغامرة بمستقبل جيلهم باسم التنوير وحرية التعبير والعمل لا يَلِجُون مجاهل الظلمات شخصيًّا فحسب، بل يسعون ليسوقوا جيلهم أيضًا إليها. وهذه الحرية المزعومة تُشتهَر هذه الأيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتُروَّج بأسلوب خاطئ بحيث تلاشت كفاءات التفكر والفهم؛ إنهم ينادون إلى الهلاك والدمار.

على كل حال حين يريد الماديون قمع سيئة أو اجتنابَها بنظرة مادية حتى لو كانت رغبتهم هذه بنية صادقة ، وقلَّمَا تكون، فإنهم يتورطون في سيئة أخرى، لأن أعينهم الروحانية تكون مغمضة.

ثم إن المادية وابتعادَهم عن الدين في هذه الأيام قد نفَّرهم من الدين بحيث لا يريدون أن ينظروا إلى الأمور بنظرة دينية، وينتقدون الإسلام بشدة ويعترضون عليه بوجه عام، ويصفون تعليمه بالقديم البالي الذي لم يعد يصلح للتطبيق في هذا العالم الراقي. هذا ما يقال عن الإسلام مع أنه دين يبيِّن تعليمُه فرائض وواجبات كل إنسان ويبين حرية التعبير والعمل أيضًا، ويبين حدود كل واحد وقيودَه ويقدم توجيهات لإبقائه على سواء السبيل.

في خطابي الختامي لجلسة 2019 تناولت بيان حقوق شتى الطبقات وأخبرتكم كيف يصون الإسلام حقوق كل فرد(1). وسأتناول بعضها مستقبلاً إن شاء الله. أما الآن فأود أن أتكلم عن أمور لها علاقة بالنساء.

 موقفُ الإسلامِ الواضحُ من حرية المرأة

يُتَّهمُ الإسلام ظلمًا بأنه لا يكفل للنساء حقهن الطبيعي في الحرية، وهذا الاتهام في الواقع ناتج إما عن الجهل بتعليم الإسلام أو أنه اعتراض لمجرد الاعتراض. فمن محاسن تعاليم الإسلام أنه علَّمَنا ألا نسعى فقط لنيل الحقوق، بل دعانا إلى السعي لأداء الحقوق إلى أصحابها قال: إذا كنا نريد خلق أجواء السلام والأمن والسكينة في المجتمع، فعلى كل من يسعى لنيل حقوقه أن يهتم بأداء واجباته أيضًا. فبحسب هذا التعليم لا يحسُن بالمرأة أن تسعى لنيل حقوقها فقط بل ينبِّهها إلى إدراك مكانتها واجتناب الأمور الخاطئة. فهذا التعليم شامل ومترابط يضمن في الحقيقة إقامة حقوق كل فئة من فئات المجتمع وحرية العمل والتعبير أيضًا، فلا يقدر على منافسة هذا التعليم أيُّ تعليم ديني ولا مادي ولا أي قانون وضعي آخر.

لقد أنزل الله أوامر كثيرة بخصوص النساء ونجد أن هذه الأوامر قد عُمِلَ بها في حياة النبي ، بحيث رأينا كيف أنه أكرمَ النساء ثم في هذا العصر رأينا كيف أن سيدَنا المسيحَ الموعودَ لفت انتباهنا إلى إكرام المرأة واحترامِها أيضًا. حين نتلو القرآن الكريم ونقرأ الآيات التي تندرج تحت موضوع حقوق المرأة، والتي فسَّرها رسول الله بأقواله وأفعاله، ثم تناول بيانها سيدنا المسيح الموعود وفي ضوء ذلك بيَّنها خلفاؤه أيضًا في مناسبات مختلفة، لا نجد مسوغًا ليخطر ببال أية امرأة أحمدية إثر سماع أقوال مناوئي الدين أن الإسلام لم يصن حقوق المرأة، والعياذ بالله.

لقد بيَّن سيدنا المصلح الموعود في تفسير سورة الكوثر الحقوق التي أعطاها الإسلامُ للمرأةَ، فقد وضح في ضوء تعليم القرآن الكريم أن الحقوق التي أقامها الإسلام للمرأة، لم تكن لتتاح لها في أية شريعة خلت، بل الأحرى أن نقول أنها لم تكن في أي قانون وضعي أيضًا. أما القرآن الكريم فلم يُقرّ بحق المرأة فحسب بل قد ركز على ذلك كثيرا بحيث إنه قد فتح من هذا المنطلق بابًا من أبواب العلوم، حيث نتعرف إلى أمور جديدة كثيرة. قد انتخب النبي عند إعلان عقد النكاح بين الرجل والمرأة، أو الشاب والفتاة، آياتٍ توضح حقوق المرأة، منها قول الله :

  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (2).

فقد وضَّح هنا أن الرجل والمرأة خُلقا من نفس واحدة، أي من جنس واحد، وإن كان كل منهما صنفًا مستقلًا متميزًا عن الآخر، فأحدهما ذَكر والآخر أنثى، لكن الجنس واحد. فلكليهما دماغ من نوع واحد، ولكليهما مشاعر وأحاسيس مماثلة، إذا كان الرجل يملك عقلًا وكفاءة لإنجاز عمل ما فالمرأة أيضًا تملكه، إذا كانت للرجل مشاعر وعواطف فللمرأة أيضًا، فلكليهما مشاعر مماثلة. فقد بيَّن الإسلام للمقبلين على الحياة الزوجية أهميةَ حقوق المرأة، ولفت انتباه الرجال إلى ألا يظنوا أن المرأة لا تملك عقلًا ومن ثم يمكن أن يحكموها كما يريدون. فللمرأة دماغ ومشاعر وأحاسيس أيضًا، فاعتبروها مثلكم ولا تهينوها ولا تعدوها أقل منكم شأنًا.

أسوة النبي الخاتم في معاملة النساء

ثم إن النبي قال أيضًا أنه ينبغي استشارتهن في بعض الأمور المهمة، فكان شخصيًّا يتشاور مع أزواجه، وهذا أدى إلى أن زوجة سيدنا عمر أشارت عليه برأي في قضية ما. فقال لها: من أنتِ حتى تتدخلي؟ فقالت له: قد وَلّت أيامٌ لم يكن لنا فيها أي حق، فلا تفرض علي رُعبك. أما الآن فرسول الله يتشاور مع أزواجه، فمن أنتَ حتى تمنعني؟ فقد ركز النبي على أداء حقوق النساء لدرجة نشأ فيهن الإحساس بأنهن لسن أقل من الرجال.

يتضح من بعض أحداث عهد سيدنا عمر أنه إذا أمر بشيء، فإن بعض النساء أحيانًا يقلن له بصراحة: كيف تستطيع أن تأمر بهذا بينما قال النبي غير ذلك؟! على أية حال، بغض النظر عما إذا كانت ردود هؤلاء النسوة لائقة أو غير لائقة، وسواء أكان تفكيرهن صائبًا أو أن شرح عمر كان الأصوب، غير أن الذي يتضح بجلاء هو أن الإسلام قد أعطى النساء حق إبداء الرأي في الأمور العامة، ولقد أصَّل الإسلام لهذا الحق بحيث لا يوجد نظيره في أي دين آخر.

الحذر من مخطط الدجال، ووصية بالغة الأهمية للمرأة الأحمدية

يتضح مما سبق أنه كان لدى نساء ذلك العصر الشغف بتعلم علوم الدين، وهذا الشغف قد تم إشباعه بالفعل، ولأجل ذلك كنّ يتكلمن ناقلات بعض الأمور عن النبي من قبيل أنه كان يقول كذا وكذا. فينبغي للسيدات الأحمديات أيضًا التركيز على هذا الأمر، إذ يجب ألا يتكلمن عن أخذ الحقوق فقط بل يجب أن يسعين لتعلم علوم الدين والتقدم فيها، ويربين أولادهن على هذا النهج الديني أيضًا، وألا يركزن على تعليمهم الدنيوي فحسب. وتذكرن أن علوم القرآن الكريم والعلوم الدينية تجعلكن مؤهلات للرد على المعترضين المستهزئين بالدين. وتذكّرن أيضًا أن خطة الدجال المحبوكة أن يتم إبعاد جيل الشباب عن الدين باسم الحرية، والنساء باسم حقوقهن، وذلك لكي تنفر الأجيال القادمة من تعاليم الإسلام، أو يرفعون أصواتهم مطالبين بأن تكون تعاليم الإسلام متوافقة مع متطلبات الزمن الراهن، وأنه ينبغي أن تُراعى حقوقهم. إن الذين يريدون إبعادهم من الدين إنما يأتون إليهم في لباس المواسين لهم. فينبغي أن تتذكروا هذا الأمر دومًا وتجنبوا هذه الهجمات الشيطانية واستعدوا لرد هذه الاعتراضات عليهم دون الوقوع تحت تأثيرهم، وأروهم تفاهة اعتراضاتهم التي يسددونها ضد الإسلام. الحرية التي يمنحها الإسلام للمرأة لا تجدونها في أي دين ولا في أي قانون من قوانين الدنيا. أما ما تدعونها أنتم زيفًا بالحرية فهي تقضي على احترام المرأة وحيائها. ولقد اعترف بعض من أهل الدنيا هؤلاء أن ضجيجهم من أجل حرية المرأة وحقوقها إنما هي لمصلحتهم ولإشباع رغباتهم ولا علاقة لها بمواساة المرأة.

اعترافات أدعياء التحرر المعاصرون

لقد كتب محررو بعض الأعمدة الثابتة في الجرائد، بل وأحدهم كتب بكل صراحة أن هذه الضجة ليست إلا لإشباع رغباتهم وليست لإعطاء شيء للمرأة، فإنهم لا يتكلمون من أجل مصلحة المرأة بل لمصلحتهم هم. فهناك حاجة ملحة إلى أخذ الحيطة والحذر الشديد.

والمرأة الأحمدية محظوظة لأنها آمنت بإمام هذا الزمان الذي قدّم لنا في كل مجالٍ تعاليم الإسلام الجميلة بكل وضوح وجلاء، يقول المسيح الموعود عن حقوق المرأة:

«إن حقوق المرأة كما صانها الإسلام لم يصنها مثله أي دين قط، فقد قال الله تعالى بكلمات موجزة:

وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ

أي كما أن للرجال حقوقًا على النساء فإن لهن مثلها على الرجال. وقد سُمِع عن بعض الناس أنهم يعتبرون هؤلاء المسكينات كحذاءٍ، ويستخدمونهن في أعمال غاية في الهوان، ويسبّونهن وينظرون إليهن بازدراء واحتقار، ويطبِّقون عليهن أحكام الحجاب بطريق خاطئ وكأنهم يئدونهن. كلا، بل ينبغي أن تكون علاقة المرء بزوجته كالعلاقة بين صديقَين حميمين صادقَين. إن المرأة هي أول شاهد على أخلاق الإنسان وصلتِه بالله، فإن لم تكن علاقته بها جيدة فكيف يمكن أن يتصالح مع الله تعالى. لقد قال رسول الله : خيرُكم خيركم لأهله .. أي أن أفضلَكم أكثرُكم إحسانًا إلى أهله»(3).

تحميل الإسلام تبعات خطأ الغير!

فقد بيَّن المسيح الموعود بكل وضوح أن الرجل والمرأة سيَّان في الحقوق. ومن أعظم ما قاله حضرته بحق المرأة أنه إذا لم تكن علاقة الرجل مع امرأته طيبة فلا يسعه أن يعقد الصلح مع الله تعالى أيضًا. فإن الرجل مضطر إلى أداء حقوق المرأة من أجل إرضاء الله تعالى. وهذا ما ذُكر في الآية التي تلوتها آنفًا، فقد قال  الله تعالى فيها أن المرأة والرجل متساويان من ناحية العقل والمشاعر والحقوق، وهي آية تتلى في مستهل كل خطبة نكاح. وبتلاوة هذه الآية قد أخرج الله تعالى من قلب الرجل كل نوع من الكبر أو مظنة التفوق، وطمأن المرأة بأن الله تعالى يحفظ حقوقها. فمن لا يؤدي هذه الحقوق فسيقع تحت طائلة بطش الله تعالى، وينبغي للمؤمن أن يحذر من ذلك دومًا.

إن علاقة الصداقة الحقيقية لعلاقة قوية للغاية، وقد دعا حضرته إلى أن ننشئ مثل هذه العلاقة. في هذا المجتمع المتحرر، حيث تنشأ العلاقة الزوجية بعد الصداقة والتفاهم الطويل بين الطرفين، فإن الشاب والشابة يكونان صديقين في بداية الزواج ولكن هذه الصداقة بين كثير من الناس تتلاشى بعد فترة ويصل الأمر عاجلًا إلى الانفصال. فلا يصح القول بأن زواج الحب الذي تسبقه علاقة الصداقة يكون زواجًا قويًّا، لأن إحصائياتهم تنفي ذلك وتقول أن الزيجات التي تتم بتفاهم بعضهم البعض والتصادق قبل الزواج هي أكثر عرضة للانهيار من غيرها. ولكن إذا كان المرء مؤمنًا حقيقيًا أو مؤمنة حقيقية فحتى ولو كانا لا يعرفان بعضهما البعض من البداية فإنهما يحاولان الحفاظ على هذا الارتباط بشكل ينالان به رضى الله تعالى. غير أنه يجب أن يتضح أنه ليس بالضرورة أن تقبل الفتاة الزواج من أحد بناء على قول والديها، لأن الإسلام يعطي المرأة حقًّا ألا يتم زواجها دون رضاها. إذا ألقينا نظرة على تاريخ الإسلام لعرفنا أن الوالدين كانا يزوجان البنت حيثما شاءا، بل هذا ما يحدث إلى الآن في الدول غير المتحضرة والدول النامية أن الوالدين يضغطان على البنت لتقبل ما اختارا لها، بل بعضهم يمارسون هذه التقاليد الجاهلية بعد وصولهم إلى هذه الدول المتطورة أيضًا بحيث يقولون: لا بد أن يكون زواج البنت بحسب رغبتنا وفي عائلتنا وإلا فإن البنت تتعرض لشدائد كثيرة. الطريق الصحيح هو أن على الوالدين أن يبديا رأيهما بعد الدعاء وألا يُكرهاها على شيء، وإذا قال أحد بأن المسلمين يفعلون ذلك فليكن واضحًا أنه خطأ الذين يفرضون رأيهم، وتعليم الإسلام بريء م نذلك. إن الإسلام قال لو زوّج أحد المرأةَ من دون رضاها فهذا الزواج باطل، فهذا حق عظيم أعطاه القرآنُ الكريم والإسلامُ للمرأة ولم يكن هناك أي تصور له قبل ذلك.

ثم كما قال المسيح الموعود إن العلاقة بين الزوجين تكون من ذلك النوع الذي يكون الزوجان بموجبه مطلعين على أسرار بعضهما البعض، وهكذا تكون الزوجة شاهدة على كثير من أفعال الزوج، فترى المرأة زوجها بنظرة عميقة وتعرف محاسنه ونقائصه، وإذا كان الزوج لا يؤدي واجباته والحقوق التي منحها الله تعالى له ولا يؤدي حقوق الزوجة بحسب تعاليم الإسلام فيمكن أن تقف الزوجة أمامه يومًا، ويمكن أن تقول لمثل هذا الزوج السيئ، ومن حقها أن تقول: أصلحْ نفسك أولًا ثم يمكنك أن توجّهني. وعمومًا هكذا تبدأ النـزاعات في البيوت حين يريد الرجل أن يُدير بيته كحاكم متسلط ولا يؤدي واجباته يواجه اعتراضات الزوجة، فلإقامة حق المرأة والزوجة ولإنشاء جو الأمن في البيت وللحفاظ على هذا الجو قال النبي قوله الذهبي:

«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»(4).

حق المرأة في الاستقلالية الأسرية

ما أعظم هذه الحقوق التي مُنحت للمرأة! ثم إن الإسلام أعطى المرأة الحق في الحصول على بيت منفصل. يسأل بعض الناس عن هذا أيضًا. ففي المجتمع اليوم خصوصًا في آسيا أو في باكستان والهند تحدث النـزاعات على أتفه الأمور بسبب عيش المرأة مع أصهارها في بيت واحد، وتنمو هذه النـزاعات شيئا فشيئا حتى تؤثر على العلاقة بين الزوجين أنفسهما وتؤدي إلى انفصالهما. لذا فمن حق المرأة أن تسعى ليكون لها بيت منفصل ويجب على الزوج أن يحقق أمنيتها هذه إلا في حال الاضطرار الشديد، وألَّا يجبرها على العيش مع أهله. وإذا كان يملك قدرة مالية فعليه أن يعيش في بيت منفصل وإذا لم يكن يملكها فعليه أن يسعى لها وكلّما تتيسر له الوسائل المادية فالأفضل أن يقيم في بيت منفصل.

حق المرأة في الاستقلالية المالية

قرّر الإسلام مهرًا للمرأة لكي يكون لديها عقار أو مال تكون هي مالكته كليًّا، وهي أُعطيتْ حصةً من الممتلكات. وبينما لم تنل المرأة هذا الحق في ظل القوانين الوضعية إلا قبل مئة عام أو مئة وخمسين عامًا تقريبًا، كان الإسلام قد أعطاها هذا الحق قبل خمسة عشر قرنًا. بل هنا (في بريطانيا) قبل ذلك لم تكن المرأة تملك الحق في إدارة ممتلكاتها بعد الزواج. إذا حصلت المرأة على عقار بطريقة ما أو هي ملكتْه بوسيلة ما، وسواء تزوجت أم لم تتزوج فكانت تُحرم من عقارها، وكان بعض الرجال يتزوجون من امرأة تملك عقارًا لكي يستولوا هم عليه. وبعد الزواج كانت ممتلكات المرأة تؤول إلى الزوج، ولكن الإسلام منذ البداية جعل مال الزوجة ملكها الشخصي وأعطاها حرية التصرف فيه حتى ظن بعض الصحابة أنه لا يجوز للرجل أن ينفق أو يأخذ شيئًا من مال المرأة حتى بإذنها، أي إذا أعطته المرأة شيئًا من مالها فلا يأخذه، هكذا كان الصحابة حذرين إلى هذا الحد، وتجنبوا ذلك حتى سُمح لهم بحسب تعليم الإسلام أن يأخذوا مما أعطتهم المرأة عن رضاها من هدية ويستطيعون أن ينفقوها على أنفسهم فقد ورد:

وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (5).

حق المرأة في التعلُّم

ثم أكد الإسلام على تعليم المرأة كثيرًا حتى قال: «مَن كان له بنتان فأحسن تربيتهما وعلّمهما أوجب الله له الجنة»(6). جاءت عَائِشَة رضي الله عنها امْرَأَةٌ مسكينة وسألتها شيئا للأكل ومَعَهَا ابْنَتَانِ وأجلست إحداهما على يمينها والأخرى على يسارها فَلَمْ تَجِدْ عائشة عِنْدِها غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَتهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وبقيت هي نفسها جائعةً. حيث تتبيّن من ذلك تضحيةُ الأم، كذلك بيَّن النبي شيئًا جميلًا عن عملها، حين أُخبر النَّبِيُّ بذلك، فَقَالَ:

«مَا مِنْ رَجُلٍ تُدْرِكُ لَهُ ابْنَتَانِ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِمَا مَا صَحِبَتَاهُ أَوْ صَحِبَهُمَا إِلَّا أَدْخَلَتَاهُ الْجَنَّةَ»(7).

ليس من الضروري أن تتعلم النساء من أجل الوظيفة، بل هو ضروري لتربية النسل القادم ولترقية أنفسهن أيضًا. ليس من الخطأ تعلّم مهنة أو الاختصاص في شيء ثم العمل فيه والتوظُّف ولكن إذا كانت المرأة تتعلَّم وتدرس لكي تتمكن من تربية الجيل القادم فهذا الأمر يُبشرها بالجنة، كما ورد في حديث آخر أن الجنة تحت أقدام الأمهات، أي إذا اهتمت الأم بتربية أولادها تربية حسنة وتعليمهم فلن تدخل الجنةَ الأم وحدها بل سيدخلها الأولاد أيضا. ما أعظم هذا الشرف والمقام الذي لم يُعطَ للرجل وإنما أُعطي للمرأة فقط! بل رُفع شأنُ المرأة أكثر من ذلك. فالمرأة الصالحة المؤمنة يمكن أن تتقدم على الرجال خطى كثيرة، والجماعة التي كانت نساؤها متقدمة في الحسنات ومثقّفةً ومؤدّبة ومتربية ومربيةً أولادها في ضوء تعاليم الإسلام الصحيحة فيكون الجيل القادم -بما فيه الأبناء والبنات- ممن يستبقون الخيرات والتقوى.

حق المرأة في تقرير المصير

إن الإسلام في بعض الأحوال سمح بانفصال الزوجين بسبب عدم انسجام الطبائع أو بسبب آخر ففي ذلك أيضًا أعطى الإسلامُ كليهما حقًّا متساويًا فأعطى الرجلَ هذا الحق في صورة الطلاق وأعطى المرأة في صورة الخلع، وأمر الرجلَ بألّا يظلم المرأةَ عند استخدام هذا الحق، وإذا ظلمها فسيعاقبه الله تعالى على هذا الظلم العظيم. قال الله تعالى في موضع عن الطلاق مخاطبًا الرجالَ:

وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (8)،

وتفسير المسيح الموعود لهذه الآية لا يذهب في حق الرجال بل قال إذا عزم الرجل الطلاق فعليه أن يتذكر أن الله تعالى سميع عليم.

أي إذا كانت المرأة التي طُلّقت مظلومة في نظر الله ودعت على من ظلمها فسيجيب الله دعاءها. ففي هذه الآية تحذير للرجل من أن لا يأخذ قرار الطلاق إلا بعد تفكير جيّد، فلا تطلِّقوا النساء بسبب أمور تافهة. فإذا كان الله يجيب دعواتكم ويعلم ما في قلوبكم فهو يجيب أدعية النساء ويعلم ظروفهن أيضًا. وإذا كنتم تتخذون قرار الانفصال عن المرأة ظلمًا وزورًا فمن الممكن أن تدعو المرأة عليكم، والله تعالى يجيب دعوة المظلوم. ففي هذه الآية تحذير  للرجال الذين يتسرعون في الطلاق، وتأصيل حق المرأة أيضًا.

تفنيد انتقاد الإسلام تشريعه تعدد الزوجات

يوجَّه إلى الإسلام اعتراض آخر يقول إن حق المرأة غُصب إذ قد أبيح للرجل الزواج من أكثر من امرأة. ولكن الحق أن هذا إذنٌ في بعض الظروف الخاصة، وليس أمرًا، وقد وُضعت بعض الشروط للعمل بهذا الإذن. ففي هذه المجتمعات المتقدمة يتزوج الرجال واحدة ويكونون على علاقة غير شرعية مع الأخريات. وهذا ما تُطلعنا عليه الأخبار كل يوم. هذه وقاحة وفاحشة لا يسمح بها الإسلام مطلقا. وتكون النتيجة أنه عندما تعلم الزوجة عن ارتكاب زوجها هذه الفاحشة وعلاقات زوجها غير الشرعية يصل الأمر إلى الانفصال بينهما. وهذا الأمر عادي جدا في هذا المجتمع. فيجب ألا يعترض هؤلاء الناس على سماح الإسلام بالزواج بأكثر من امرأة بل يجب أن ينتبهوا إلى أعمالهم أولا.

أن هذا الإذن منوط ببعض الشروط، وكما قلتُ آنفًا وإن لم تتحقق تلك الشروط في شخص فلا يؤذَن له. وقد تم التأكيد الشديد على العدل والإنصاف في حال الزواج الثاني. يقول سيدنا المسيح الموعود عن واجبات الذي يريد الزواج الثاني وحقوق زوجاته أنه إذا علم المرء ماهية وحجم هذه الحقوق بوجه كامل لفضّل أن يبقى عازبًا. والذي يستطيع أن يعيش تحت تهديد من الله هو الذي يمكن أن يُقدِم على أداء تلك الحقوق.

من الأفضل للإنسان ألف مرة أن يعيش عيش المرارة بدلًا من العيش الذي بسببه يبقى سيف الله مسلولًا فوق رأسه على الدوام. أي أن عدم أداء حقوق الزوجة إثم كبير. فلو أدرك المرء ذلك لفضّل ألا يتزوج ولا مرة واحدة.

يقول حضرته : لقد أجاز الإسلام التعددَ كعلاج، لذا لا بد من الإيفاء بالشروط في حال الزواج الثاني. لا بد من مراعاة عواطف الزوجة الأولى، أي في حال أُعطي للرجل هذا الحق، يجب مراعاة الزوجة الأولى والإحسان إليها لدرجة أنه إذا شعر المرء بالحاجة إلى الزواج الثاني ولكنه يرى أن ذلك سيُحزِنُ الزوجة الأولى بشدة ويكسر قلبها، فإن استطاع الصبر في هذه الحال دون الوقوع في معصية ولا يؤدي ذلك إلى إهمال ضرورة شرعية، وضحى بحاجاته جبرًا لخاطر زوجته واكتفى بها، فلا ضير في ذلك. فهذا يعني أنه إن لم يكن المرء يواجه اضطرارًا شديدًا أو عذرًا شرعيًّا فله أن يقدم تضحية مراعاة لقلب الزوجة الأولى ويكتفي بالأولى، بل من المناسب له ألا يتزوج ثانية.

وقال أيضًا: إن جرح القلب إثم كبير، وعلاقات الأهل بالبنات تكون ذات حساسية كبيرة. يمكن أن تقدروا حالة الوالدين حين يفصلون عنهم بناتهم ويسلّمونهن إلى الآخرين. ويمكن أن تقدروا تلك الأماني التي يعقدونها على أزواجهن، والتي لا يستطيع المرء تقديرها إلا بالتدبر في قوله تعالى

وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (9).

لقد تحدث المسيح الموعود عن عواطف المرأة ومشاعرها بكل وضوح، ونصح الرجال موجهًا أنظارهم إلى حقوقهن وحذّرهم قائلًا: يحق للنساء أن يشترطن عند الزواج من مسلم أنه لن يتزوج من امرأة ثانية مهما كانت الظروف.

إذن، من حق المرأة أن تأخذ عهدًا على من يتقدم للزواج بها ألا يتزوج ثانية بأية حال. وفي هذه الحالة سيكون الرجل ملزَمًا بعدم الزواج الثاني بأية حال. فالمطلوب من الرجل أن يفي بعهده في كل الأحوال.

بم فُضِّل الرجال أصلًا؟!

لقد كلِّف الزوج بحمل مسؤولية سد حاجات زوجته والمحافظة عليها لأنه قوَّام عليها بصفته زوجًا، ومكلَّف بإدارة أمور البيت كلها وأداء نفقات البيت وسدِّ حاجات الزوجة والأولاد. ولا يطمع في مال المرأة وإن كانت تكسبه إلا إذا أنفقت من تلقاء نفسها، كما قلتُ من قبل. بل على الرجل أن يؤدي مسؤوليته. وبما أن للرجل الفضلَ من حيث القوة الجسدية، وهذا ما نراه في كل مكان في العالم، فعليه ألا يؤذي الزوجة إيذاء عاطفيًّا ولا جسديًّا. فلما أُعطي المرء أفضلية وجُعل أقوى جسًدا وأعصابًا في بعض الأمور فقد كلِّف أيضًا بألا يؤذي المرأة بأية صورة. فإذا حدث الخلاف في البيت في بعض الأمور فعلى الرجل ألا يرفع يده على المرأة في غضب، ولا يقول كلامًا يؤذيها عاطفيًّا أو جسديًّا. ويجب ألا يستغل أفضليته الجسدية، ولا يفر من أداء مسؤولياته عن سد حاجاتها فليس له الأفضلية في كل شيء. ذات مرة جاءت صحابية إلى رسول الله وذكرت له أن الرجال يؤدون جميع العبادات والفرائض الأخرى كلها كاملة، وأسهبت وقالت في الأخير أنهم فوق كل ذلك يقومون بالجهاد أيضًا بينما نحن النساء محرومات منه ونضطر إلى الجلوس في البيت وأداء الواجبات المنـزلية، فهل نساوي الرجال في الأجر أم لا؟ وقالت: إذا كنّ مضطرات بسبب بعض الأسباب المعينة فمن المفترض أن نشارك الرجال في الأجر. فقالت لرسول الله : أفلا نشترك في الأجر على قدم التساوي مع الرجال؟

فأثنى النبي على المرأة وقال لصحابته: هل رأيتم أحدًا قدّم قضيته في أمر الدين خيرًا من هذه المرأة؟ فقال الصحابة لم نتوقع أن سيدة تحمل مثل هذا الفكر العميق الحكيم. لقد قال الصحابة صراحة، بسبب تربيتهم السابقة وأفكارهم القديمة، أننا لم نكن نتوقع أن المرأة يمكن أن تكون حكيمة لهذه الدرجة. فبتوجيه هذا السؤال للصحابة قد نصحهم النبي ألا يظنوا أن المرأة أقل عقلًا وحكمًة، كلا بل إنها أيضًا تتمتع بعقل وحكمة في أمور الدين، فلا تفضلوا على النساء أنفسكم في كل شيء، كلا بل إنهن أفضل منكم عقلا وحكمة في بعض الأمور. وقال النبي لهذه المرأة التي قدمت له قضية النساء بكل تفاصيلها: لقد أسهبتِ في بيان هذه الأمور وقلت بأننا معشرَ النساء نقوم بكذا وكذا من الأعمال، فاعلمي أن ربة البيت الصالحة والقائمة بهذه الأمور والواجبات أعني التي ترعى بيت زوجها وتربي أولاده في حضوره وغيابه، ستنال أجرًا مثل أجر الرجال، ولن يُنقص من أجرها شيء. مثل هذه المرأة ستنال من الأجر وهي في البيت مثل ما يناله الرجل الذي يخرج للجهاد في سبيل الله تعالى. فلما سمعت المرأة كلام الرسول رجعت إلى النساء مسرورة وهي تقول بصوت عال: لا إله إلا الله والله أكبر. فإنما فُضّل الرجال بسبب أداء بعض الفرائض والواجبات، وليس بسبب عقولهم ومشاعرهم، وإذا لم يؤدوا تلك الواجبات فإنهم آثمون.

الحجاب من تدابير الإسلام الوقائية

لقد أقرّ الإسلام حقوقًا كثيرة للنساء، وقال إن لهن مثل أجور الرجال شريطة أن يؤدين واجباتهن ويعملن بأحكام الإسلام. فعلى النساء ألا يعتبرن تعاليم الإسلام مدعاة لأي خجل أو أي شعور بالدونية، ولا يقعن في فخ الدجال فيظنّنّ أن هذه التعاليم ثقلٌ وُضع عليهن بدون مبرر.

إن الحجاب من تعاليم الإسلام، وقد كتبت لي سيدة قبل أيام وقالت: في هذه البلاد لا ينظر الرجال إلى النساء محدقين كما يفعل الرجال في بلادنا الآسيوية، لذا فأية حاجة هنا إلى الحجاب الذي يأمر به الإسلام؟

فليكن معلومًا لَكُنَّ أنه (أولاً) لا يليق بنا أن نفسر حكمًا من أحكام الله من عند أنفسنا خادعين أنفسنا بتفسير باطل بحجة أن ذلك حاجة العصر. و(ثانيًا) عليكن أن تتذكرن أن الموضع الذي أمر فيه الإسلام المرأة بالحجاب وغض البصر أمر فيه الرجال أولًا بذلك. فإذا كان هناك مجتمع إسلامي حقيقي يعمل فيه الرجال بحكم غض البصر فإن المرأة أيضًا مأمورة بغض البصر والحجاب في مثل هذا المجتمع. لقد أمر النبي الرجال بغض البصر أثناء جلوسهم في الأسواق(10). وقد نهى المسيح الموعود   المؤمنين عن أن يطْلقوا بصرهم في كل طرف وصوب، بل عليهم غض بصرهم عملاً بقول الله تعالى

…يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ… (النور: 31)،

ويتقوا أسباب سوء النظر.

لذا فلا قيمة للقول بأن الرجال لا يحدقون بنا في هذه البلاد فلا حاجة إلى الحجاب واللباس المحتشم هنا!

لقد قال المسيح الموعود : يُهاجَم الحجاب الإسلامي بشدة في هذه الأيام، ولكن هؤلاء الناس لا يدرون أن الحجاب الإسلامي لا يعني سجنًا يسجنون فيه المرأة، بل هو نوع من الستر لكيلا يرى الرجالُ والنساءُ من غير المحارم بعضَهم بعضًا دون وازع ورادع. إذا كان هناك حجاب فسيجتنبون العثار.

ثم قال : ومنعًا للعواقب الوخيمة لم يسمح تشريع الإسلام حتى بتصرفات يمكن أن تكون مدعاة للعثار، فاتخذ الحيطة منذ البداية اتقاءَ العواقب الوخيمة، وقال عن مثل هذه المناسبة:

«لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ (من غير المحارم) إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ»(11).

وقال المسيح الموعود :

«… فإن كنتم تريدون أن لا تُرتكب أو تصدر الخيانة في شيء فعليكم حمايته، أما أن لا تحموه قائلين لا بأس فإن الناس طيبون كلهم، فاعلموا أن هذا الشيء سيدمَّر حتمًا».

فالذين تنتابهم مثل هذه الأسئلة عليهم أن يتذكروا أن الإسلام يعلم التدابير الوقائية من أجل سد باب إمكانية كل خطأ وإثم، والذين يعملون بها هم الذين يتمكنون من حفظ عفتهم وكرامتهم.

إن كل حكم من أحكام الإسلام معتدل، وقد رفض المسيح الموعود التطرف المجحف في أمر الحجاب أيضًا فقال: لا يعني الحجاب الإسلامي أن تُترَك المرأة محبوسة كأنها في السجن. إن ما يريده القرآن الكريم هو أن تستر النساء أنفسهن ولا ينظرن إلى غير المحارم من الرجال. أما النسوة اللاتي هن بحاجة إلى الخروج من البيوت لسد احتياجات الحياة فلا بأس في خروجهن من البيوت، ويمكنهن ذلك، ولكن لا بد من حجاب البصر في هذه الحالة أيضًا.

وقال المسيح الموعود أيضًا في موضع آخر:

«عليكن ستر شعر الرأس والخدين والذقن. كما أمر الله تعالى النساء في القرآن الكريم وقال:  يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ (الأحزاب 60) وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ (النور 32)، فعليهن الالتزام بذلك».

وقال أيضا: من أجل المساواة لم يفرَّق بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بفعل الحسنات، ولم يُمْنَعنَ من أن يعملن ما يعمل الرجال في مجال البر. متى أمر الإسلام أن عليكم تقييدهن؟ إن الإسلام يقطع أصل الشهوات. انظروا إلى أوروبا (ويعني حضرته من أوروبا البلاد التي تسمى متقدمة في زعم الناس) ماذا يحدث فيها. هذه نتيجة أي حكم؟ هل هي نتيجة الحجاب أم السفور؟

(تقع هنا أيضًا أحداث كثيرة، ونقرأها في الصحف أيضًا، فما سببها؟ هل هي نتيجة ارتداء الحجاب أم خلعه)، لقد جاء الإسلام إلى العالم لتعليم التقوى.

فهناك حاجة إلى التحلي بالتقوى. هناك حاجة بنا، رجالا ونساء، أن نعمل بأحكام الله تعالى.

وفقنا الله تعالى للسير على دروب التقوى دائمًا، وجعل كل أحمدي، ذكرٍ أو أنثى، يدرك مقامه. ينبغي أن نسعى لإصلاح حياتنا بسلوك الطريق الذي هدانا إليه الله ورسوله، ولا أن نقلد هؤلاء الماديين تقليدًا أعمى ونتبع خطواتهم بحجة الحرية والحقوق. إن إخبار العالَمِ بمكانة المرأة وكرامتها وشرفها لهو واجب المرأة الأحمدية والفتاة الأحمدية اليوم، وعلى كل واحدة منكن السعي لذلك بدون شعور عقدة من الدونية. وفق الله الجميع لذلك. ولندعُ معًا الآن.

الهوامش:

  1. راجع: مرزا مسرور أحمد، (الخطاب الختامي للجلسة السنوية بالمملكة المتحدة عام 2019)
  2. (النساء 2)
  3. (الملفوظات ج5 ص 417 – 418)
  4. (سنن الترمذي, كتاب المناقب عن رسول الله)
  5. (النساء: 5)
  6. (البخاري: كتاب الأدب، باب رحمة الولد، وابن ماجه: كتاب الأدب، باب بر الوالد)
  7. (سنن ابن ماجه, كتاب الأدب)
  8. (البقرة 228)
  9. (النساء: 20)
  10. راجع (صحيح البخاري، كتاب المظالم والغصب): «عَنْ النَّبِيِّ قَالَ إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ قَالَ غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ».
  11. (سنن الترمذي، كتاب الرضاع)
Share via
تابعونا على الفايس بوك