الله مولانا ولا مولى لكم

الله مولانا ولا مولى لكم

التحرير

  • هجوم على مسجدنا وقتل وجرح الكثير من المصلين
  • الاعتداءات التي تواجهها الجماعة
  • الجماعة ترفع قضيتها لدى محكمة العدل الإلهية

__

شهدت مدينة لاهور الباكستانية يوم الجمعة الثامن والعشرين من الشهر المنصرم اعتداء وحشيًّا غاشما حيث اقتحم مسلحون مسجدين للجماعة الإسلامية الأحمدية خلال صلاة الجمعة ورشوا المصلين بالرصاص عشوائيًا. فاستُشهِد ستة وثمانون وجرح عدد كبير.

ولقد غطت وسائل الإعلام العالمية هذا الحدث لهول وفظاعة تفاصيله حيث إن المساجد والكنائس والبِيَعُ وغيرها من أماكن العبادة تحظى بحصانة متعارف عليها عالميا. هذا إلى جانب أن مرتكبي المجزرة كانوا من المسلمين الذين كان الحري بهم أن يحترموا حرمات المساجد وقدسيتها.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام.. مَن المسئول عن هذه المجزرة وما هي دوافعه؟

في واقع الأمر هنالك أطراف عديدة ساهمت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وهيأت المناخ الملائم لهذه المجزرة. ونحن بقولنا هذا لا نوجه أصابع الاتهام لهذا الطرف أو ذاك ولكن هي محاولة لوضع النقاط على الحروف لكي نُعرِّف القارئ الكريم بخلفية الحدث ونضعه في إطاره.

لقد واجهت الجماعة منذ فجر تأسيسها مضايقات واعتداءات عديدة وتصاعدت تدريجيا بعد انقسام شبه القارة الهندية ونشأة دولة باكستان الإسلامية التي ساهم أبناء الجماعة في وجودها على أرض الواقع وضحوا بأرواحهم للدفاع عنها. وقد بلغت المضايقات أشدها سنة 1974 حين سنَّ البرلمان الباكستاني قانونا أن الأحمديين ليسوا بمسلمين وبعدها بعشر سنوات سُنَّ قانونٌ آخر يمنع المسلمين الأحمديين من إلقاء السلام على أي أحد أو تسمية مساجدهم مساجد أو التفوه بكلمة الشهادة أو قراءة القرآن الكريم إلى جانب حرمانهم من حقوق شرعية أخرى. ولقد استغل المشايخ المغرضون هذه القوانين وتمادوا في طغيانهم وبغضهم وكراهيتهم اللامتناهية وأهدروا دماء المسلمين الأحمديين تحت غطاء القانون الغاشم المُسن الذي لا يحرك ساكنا لدى محاكمة قاتِل المسلم الأحمدي.

وما كان لهذه العراقيل والحواجز أن تؤثر في عزيمة أبناء الجماعة أو تقلل من هممهم في خدمة الدين وتقديم كل غالٍ ونفيس في هذا السبيل. ويظهر ذلك جليا من خلال النجاح العظيم الذي تحرزه الجماعة. وعلى سبيل المثال لا الحصر نجدها انفردت وتألقت بدفاعها المنقطع النظير عن شرف النبي بعد الهجومات الشرسة التي شُنت من بعض القساوسة العرب. وقد اعترف بذلك أشراف أبناء لغة الضاد الذين أثنوا على علماء الجماعة المتألقين في هذا المضمار. ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد بل الكثير منهم انكبوا على دراسة عقائد الجماعة التي بهرت آفاق تفكيرهم المنفتح فما كان منهم إلا أن انضموا لجماعة المؤمنين بأعداد وفيرة. ولم يتوقف هذا الفتح المبين على العرب فحسب ولكنه شمل الكثيرين من شعوب مختلفة. كما اعتُرف بخدمات الجماعة على الصعيد الإنساني وتمكين السلم على الصعيد العالمي في محافل عديدة وأشادت بعض الأطراف بل أثنت علنا أن في يد الجماعة إثباتات تزيد على قرن من الزمن أنها جماعة مسالمة بأتم معنى الكلمة حيث لم يُسجل ضدها أي مخالفة قانونية أو أعمال شغب أو فساد في أي بلد تواجدت فيه بل على نقيض ذلك فإنها ساهمت في تطوير البنية الأساسية لكثير من البلدان التي أعلنت أنها مدينة للجماعة لما هي عليه. كما أشاد الساسة وكبار القوم في بلدان عديدة أن الجماعة تمثّل نموذجا متجسدا حيًّا لشعارها المعلن “المحبة للجميع ولا كراهية لأحد”. وبطبيعة الحال فإن كل هذا المدح والثناء الذى تزخر به سجلات خدمات الجماعة وإنجازاتها الباهرة يُبث تفاصيله عبر وسائل الإعلام في أطرف المعمورة وبلغات عدة، الأمر الذي جيّشَ حقد وضغينة الذين خططوا وسعوا لاجتثاث الجماعة ومحوها من الوجود ولم يهدأ لهم بال… “حسدًا من عند أنفسهم”. ومن خلال محاولتهم الإجرامية هذه أرادوا أن يسجلوا بها مدى غضبهم وسخطهم فوسْوَسُوا في عقول بعض المتطرفين وأقنعوهم أن من يقتل أحمديا تُضمن له الجنة، وهكذا أشعلوا نار الفتنة التي ذهب ضحيتها كثير من الأبرياء الأصفياء.

وبالرغم من أن بصمات المجرمين الذين حرضوا وارتكبوا هذه المجزرة واضحة إلا أن الجماعة لم تسجل شكوى ولا قضية لدى المحاكم الدنيوية بل إن الناطق باسم الجماعة وبكل ثقة في مؤازرة الله وعونه أعلن أننا وضعنا قضيتنا عند محكمة العدل الإلهية. وإننا جميعا نؤمن أن محاكم الدنيا لا تستطيع أن تفينا حقنا ولكن يفينا حقنا من اختارنا لنشر دينه والذي وعد مؤسس الجماعة عليه السلام: “إني مهين من أراد إهانتك”.

ولقد استغرب الكثيرون من الملاحظين لما أدلت به الجماعة من تصريحات سلمية لم تتوعد فيها بالأخذ بالثأر ولم تهدد مرتكبي الجريمة الشنعاء من قريب أو بعيد ولم تحرق الأعلام ولم تتظاهر في الشوارع، بل على النقيض من ذلك أظهرت ردة فعل لم تتعود عليها الساحة العالمية لأنها مستوحاة من صميم الأخلاق المحمدية الخالدة التي تتحلى بها الجماعة روحا وقالبًا. وقد تجلى ذلك في إحدى تصريحاتها لفضائية إسلامية حيث رفعت نفس النداء الذي رفعه سيدنا محمد المصطفى   في معركة  أُحد حين أعلن كفار مكة أن العزة لنا ولا عزة لكم، فارتفعت تلك الصيحة المحمدية الخالدة التي اهتز لها عرش الرحمان.. “الله مولانا ولا مولى لكم”. فها نحن اليوم نرددها وبكل يقين أن التاريخ يُعيد نفسه لصالحنا مؤكدًا أننا فعلا مصداق لقوله تعالى

  وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ

وبالتالي فإن ظهور دين المصطفى على سائر الأديان لواقع حتما على أيدينا رغم أنف الكارهين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا ومولانا محمد المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك