أبرز خدمات الأحمدية للعالم العربي ح 5

أبرز خدمات الأحمدية للعالم العربي ح 5

محمد طاهر نديم

  • بعض المواقف للجماعة مع القادة العرب
  • طلب إلى القادة العرب بافتتاح مسجد “فضل”
  • مقابلة العرفاني رضي الله عنه مع الملك عبد العزيز
  • اكتشاف النفط في أرض الحجاز
  • مؤامرة ضد السعودية وموقف الأحمدية
  • خدمات الدكتور محمد عبد السلام

__

إن إخلاص الأحمدية وولاءها للعالم الإسلامي والعربي منذ تأسيسها إلى يومنا هذا غنيّ عن البيان. ولقد كانت قضايا العرب والمسلمين في صلب اهتماماتها دوما.

بعض المواقف الجليلة الأخرى للجماعة مع القادة العرب

كما اهتمت الجماعة الإسلامية الأحمدية بالعرب ولم تقصّر في إخلاصها لهم وإسداء النصح إليهم والدفاع عن قضاياهم، فإنها أيضا قد أبدت احتراما خاصا لمن تولى زمام الحكم في الحجاز، وذلك لأن الله تعالى قد منحهم شرف خدمة الحرمين الشريفين. كان احترامها لهم  نابعا من حبها العميق للنبي والمقامات المقدسة في تلك الأراضي المباركة.

وفيما يلي نقدم بعض الأحداث الهامة التي تفصح عن العلاقة الطيبة للجماعة الإسلامية الأحمدية مع هؤلاء القادة القدامى.

طلبُ الجماعة إلى قادة العرب لافتتاح مسجد “الفضل”

كان للجماعة شرف إنشاء أول مسجد في لندن. لقد وضع حجر أساسه الخليفة الثاني عام 1924. ولما اكتمل بناؤه في 1926 كتب المولوي عبد الرحيم درد – الداعية الإسلامي هناك – بأمر من الخليفة الثاني رسالة إلى الملك فيصل عاهل العراق التمس منه فيها جلالة الملك تكليف ابنه “زيد” بمهمة افتتاح هذا المسجد التاريخي. ولم تمر إلا أيام قليلة حتى زار العاهل العراقي أوروبا، فاغتنمت الجماعة هذه الفرصة وتقدمت إليه  بطلب آخر بأن يتفضل بنفسه بافتتاح المسجد ما دام موجودا هناك، ولكنه لم يردّ بشيء.

ثم توجهت الجماعة إلى العاهل السعودي عبد العزيز بن سعود، فأرسلت له برقية طالبة منه إيفاد أحد أبنائه ليتولى مراسم افتتاح المسجد. فقبل هذا الطلب وأرسل الأمير فيصل ليقوم بهذه المهمة. فلما وصل إلى لندن استُقبل بحفاوة بالغة من قِبل المولوي عبد الرحيم درد. وانتشر خبر وصوله في أرجاء لندن وتناقلته الصحف اللندنية بأنه وصل هناك لافتتاح مسجد الفضل. إلا أن التغيير المفاجئ طرأ على موقفه فبدأ يتراجع عما جاء لأجله دون أن يصرح برفض الطلب المذكور. خلاصة القول لم يتشجع الأمير فيصل على افتتاح المسجد رغم أنه قد جاء من بلاده خصيصا لهذا الغرض.

فلما رأى المولوي عبد الرحيم تلكؤ الأمير أرسل إلى الخليفة الثاني برقية بأنه إذا لم يصل الأمير فيصل للافتتاح فيأذن له أن يطلب من السير عبد القادر (أحد كبار الساسة الهنود الذي كان متواجدًا عندها في لندن) أن يقوم بالافتتاح. وهكذا قام السير عبد القادر بافتتاح المسجد. (سلسلة أحمدية ص 384-386)

الأمير فيصل في مسجد “الفضل”

لقد سبق أن ذكرنا أن الاستعمار حين كان يخطط لتمزيق فلسطين وأحس العرب بالخطر، واجتمعت الوفود العربية لمناقشة هذه القضية الحساسة مع المستعمرين في لندن سنة 1939، قام حضرة إمام الجماعة الخليفة الثاني بتأييد الوفود العربية كل تأييد، ودعا لهم بالتوفيق من الأعماق، وذلك في برقية بعثها حضرته إلى الداعية الإسلامي الأحمدي حضرة جلال الدين شمس، فقرأها على مسامع الوفود العربية في مأدبة فخمة أقامتها الجماعة في مسجد الفضل بلندن ترحيبا وتكريما لهم.

مقابلة حضرة العرفاني مع الملك عبد العزيز آل سعود

لقد قام الشيخ يعقوب علي العرفاني (أحد كبار صحابة المسيح الموعود ) بالحج أثناء عودته من لندن في عام 1927. وقد حلّ ضيفا على أحد أصدقائه القدامى الشيخ إسماعيل الغزنوي الذي كان أحد مقربي الملك عبد العزيز ابن سعود. وكان في مكة شيخ هندي حاقد على الشيخ الغزنوي، فأراد الوشاية به عند الملك، فأبلغ الملكَ أن للشيخ العرفاني معتقدات سخيفة ومن المحتمل أن يثير ها هنا الفتنة والفساد.

كان الملك عبد العزيز يعرف معتقدات الجماعة، فلما طلب الشيخُ العرفاني مقابلته استفسر الملكُ شيخَ الإسلام عبد الله بن بلهيد قائلا: هل أقابله أم لا؟ فأشار عليه أن يقابله، ويسمع منه ما يقول. فقابله الشيخ العرفاني في لقاء حضره توفيق شريف وزير المعارف في السعودية أيضا. فتكلم الشيخ العرفاني مع الملك بصراحة ووضوح عن معتقدات الجماعة الإسلامية الأحمدية، وقدم له بعض كتب الجماعة أيضا.

وبعد هذا اللقاء عندما أخبر شيخ هندي – اسمه إسماعيل السورتي – جلالةَ الملك أن الشيخ الغزنوي هو مَن أحضر يعقوبَ علي العرفاني هنا، رد عليه الملك قائلا: لا علاقة للشيخ الغزنوي بهذا الرجل لأنه قد جاء للقائي مع توفيق شريف وقابلته بعد الاستشارة من الشيخ عبد الله بن بلهيد، وبالتالي قبلتُ منه ما أهداني من كتب.

ثم سأل الملكُ الشيخَ السورتي عن سبب مجيء الشيخ العرفاني، فرد عليه: لقد جاء للحج. فقال الملك: نحن أهل البادية نجير من يأتي إلى بيتنا ولو كان عدوا لنا، أما هو فقد جاء لزيارة بيت الله تعالى، فمن أنا أو أنت حتى نخرجه من بيت الله. أما ما قلتَ إنه سيثير الفتنة، فلو صدر منه ما يخالف القانون فإن الحكومة تتولى أمره.

يقول الشيخ يعقوب علي العرفاني لما علمتُ بهذا الحديث كله طلبتُ من جلالة الملك اللقاء ثانية، فلما حضرتُ عنده وتكلمت معه جرى بيننا الحوار التالي:

العرفاني: هل يعرف جلالة الملك لماذا حظِي بشرف خدمة الحرمين الشريفين؟

جلالة الملك: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

العرفاني: لا شك أنه فضل الله تعالى، ولكن لا بد من سبب وراء هذا الفضل.

جلالة الملك: لا أعرف ذلك. ما هو هذا السبب بحسب رأيك؟

العرفاني: كان جدُّ جلالتك قد جاء للحج في عهد الشريف عون، ولكنه منعه من الحج بسبب الاختلاف في المعتقدات. فلم يرض الله تعالى بتصرفه هذا، فنـزع منهم هذا الشرف ووهبه لآل سعود.

جلالة الملك: يا مرحبا.

العرفاني: إن مكة المكرمة مركز لمسلمي العالم أجمع، فسيقصدها الناس على اختلاف معتقداتهم ومذاهبهم، وذكّرتُ جلالتك بهذه الواقعة حتى لا تنسوا أنكم إذا تعرضتم لأحدٍ بناء على اختلاف المعتقدات، فسوف ينـزع الله تعالى منكم هذه الخدمة وسيعطيها لمن لا يتعرض لأحد بسبب هذا الاختلاف.

فوقف جلالة الملك وهو يستغفر الله تعالى وقال: لن أفعل ذلك أبدا. ثم قال: إن وجودك هنا دليل على أننا لا نتعرض لك، رغم أن أحدا قد وشى بك عندي إلا أننا لم نُعِرْه أدنى اهتمام.

العرفاني: لقد علمتُ بهذه الوشاية وهو ما دفعني إلى أن أبلّغكم هذا الحق. ولقد أدّيت واجبي بحمد الله تعالى.

وبعد ذلك أنهى الشيخ يعقوب علي العرفاني هذه الزيارة المباركة وغادر مكة المكرمة ووصل جدة في طريقه إلى قاديان، وهناك استلم برقية من الخليفة الثاني يأمر فيها بأن يذهب إلى الملك عبد العزيز ويقابله مرة أخرى. فألغى سفره وائتمر بأمر الخليفة الثاني وقابل جلالة الملك مرة أخرى.

(تلخيص من كتاب الحج للشيخ يعقوب على العرفاني ص250، 275 إلى277)

اكتشاف النفط في أرض الحجاز

كان الأستاذ غلام حسين أحد أبناء الجماعة البارين الذي تفوق في مجال الدراسة في الهند ووصل إلى رتبة نائب مدير للمدارس في إحدى المحافظات بالهند. وهو عم الدكتور محمد عبد السلام (الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء)، كما كان حماه أيضا. تقاعد من الوظيفة الحكومية في بداية الثلاثينيات ثم ذهب للحج وتأخر على أهله عدة شهور، فقلقوا عليه جدًا. فلما رجع سألوه عن سبب تأخره فأخبر أن أحدا أخبر الملكَ عبد العزيز بن سعود أنه عالم فذّ يتقن عدة لغات، فطلب منه الملكُ أن يترجم له بعض الكتب إلى الإنجليزية، فلم يستطع العودة إلى أهله إلا بعد إنجاز هذا العمل.

قال الأستاذ غلام حسين: في إحدى المرات قلت للملك عبد العزيز بن سعود: لا بد أن يخرج النفط من أرض الحجاز. فقال الملك كيف هذا؟ فلفتُّ انتباهه إلى حديث النبي التالي: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى.” (البخاري، كتاب الفتن)

فوقر قوله في قلب الملك عبد العزيز بن سعود، فعقد اتفاقية مع شركة أجنبية للبحث عن النفط في أراضي السعودية، إلى أن اكتشف النفط هناك. (بتصرف من حوار مع زوجة الدكتور عبد السلام، مجلة “النور” لسان حال الجماعة الإسلامية الأحمدية في أمريكا، فبراير 2009 ص 35- 36)

مؤامرة ضد السعودية وموقف الأحمدية

وعندما عقد الملك عبد العزيز بن سعود الاتفاقية مع الشركة لاستخراج النفط من أراضيها عام 1935، أثيرت ضجة في جرائد الهند وغيرها من البلاد الإسلامية، وعُقدت اجتماعات ونُشرت كلمات مثيرة ضد العاهل السعودي، واعتبر المتظاهرون هذه القضية دينية بحتة وفتحوا جبهة كبيرة للمعارضة.

فكان موقف الخليفة الثاني موقفا وجيها. كان ينظر إلى الأوضاع في تلك البقعة المباركة من وجهة نظر مؤمن يغار على حرمة تلك المقامات المقدسة. فقال حضرته:

“نهتم دائما بشؤون العرب. كنا مع الأتراك لما كانوا يحكمون أراضي عربية، ولما تولى الشريف حسين الحكمَ عارضه الناس، ولكننا قلنا لهم لا يليق بكم أن تنشروا الفساد وتثيروا القلاقل في الأراضي المقدسة، بل يجب أن تعترفوا بحُكمِ مَن جعله الله حاكما على تلك البلاد، لتنتهي الفتن والقلاقل نهائيا من البلاد العربية. ثم لما تولى أهل نجد زمام الحكم أيّدنا الملك ابن سعود – مع أن الوهابيين وأهل الحديث هم أكبر معارضينا – إذ ليس من اللائق أن تتعرض مكة المكرمة للحروب اليومية. لقد أوذي أفراد جماعتنا وتعرضوا للضرب عندما ذهبوا للحج، ومع ذلك لم نرفع صوت الاحتجاج حتى من أجل حقوقنا أيضا لأننا لا نريد أن تُثار الفتن في تلك البقاع…..ليس عند الملك ابن سعود معرفة كافية حول المصطلحات الأوروبية وليس لديه اطلاع شامل على الشؤون العالمية، ولذلك لم يأخذ حذره في استخدام الكلمات المناسبة في الاتفاقية، بل اتبع فيها أسلوب عامة المسلمين. إن من شيمة المسلم أن يثق بالآخرين عادة، لكن لدى عقد الاتفاقيات يجب ألا يعتمد الإنسان على الآخرين بغير حذرٍ، وإنما عليه أن يختار الكلمات المناسبة بعد التأني والتفكير العميق. ومع أن هذه الاتفاقية قد عُقدت – على ما يبدو – مع الشركات الإنجليزية وليست مع الحكومة الإنجليزية، ومن الممكن ألا يكون الغدر والخداع في نية الشركة إلا أن هناك إمكانية أنها ستُوقع الملكَ ابن سعود في مشاكل إذا فسدت نيتها، ولكن مع كل ذلك لم نر من المناسب إثارة ضجة على هذا الأمر، لأننا رأينا أنْ لا فائدة من تشويه سمعة الملك، لأن ذلك سيؤدي إلى إضعاف قوته، وإذا ضعفت قوة الملك ضعفت قوة العرب. والآن من واجبنا أن نساعد الملك بأدعيتنا ونوحد كلمتنا الإسلامية حتى لا يجرؤ أحد على استغلال ضعف الملك.” (خطبات محمود ج 16 ص 549 إلى 551، خطبة الجمعة بتاريخ 30 أغسطس 1935)

يتلخص هذا المقتبس في أمور ثلاثة كان الخليفة الثاني يسعى لتحقيقها  نتيجةً لحبه للنبي واحترامه للأماكن المقدسة:

  1. ألا يحدث أي فساد وفتنة عند هذه الأماكن المقدسة،
  2. أن قوة ملك الحجاز تمثل قوة العرب فإن ضعف فستضعف قوة العرب كلهم، فلا بد من تقوية الملك حتى يظهر العرب أقوياء في العالم،
  3. توحيد الكلمة الإسلامية بمناصرة المسلمين بعضهم بعضا حتى لا يجد العدو ثغرة يستهدف من خلالها مهاجمة الإسلام.

خدمات الدكتور محمد عبد السلام

وتنويها بالخدمات المشكورة التي قام بها الابن البار الأحمدي الدكتور عبد السلام (أول مسلم حصل على جائزة نوبل في الفيزياء) للنهوض بالدول العربية في مجال البحث العلمي، منحته المملكة المغربية عضوية المجمع العلمي المغربي. كذلك فقد تمت استضافته في الأردن، وألقى المحاضرات العلمية في الجامعات الأردنية، ومُنح شهادة تقدير من جامعة اليرموك تقديرا لجهوده العلمية. وكذلك دُعي لإلقاء المحاضرات في الكويت عام 1981.

Share via
تابعونا على الفايس بوك