القنوات السلفية ولعبة المباهلة!

القنوات السلفية ولعبة المباهلة!

تميم أبو دقة

كاتب وشاعر
  • مباهلة القناة السلفية للشيعي البذيء بعد أن ساء حاله
  • أغلقت قنوات الجهتين. لم تلقى السلفية عوناً ولا نصيرا
  • الحذر من اللعب بآيات الله، فالله غالب على أمره

__

المباهلة هي دعاء بين فريقين بحلول اللعنة على الكاذب؛ إذا كان في الفريقين صادق! ولكن إن كان الطرفان كاذبيْن، فلا شك أن اللعنة ستحل على كليهما، لأنَّ اللهَ تعالى سيعامل الكاذبين الذين طلبوا حلول اللعنة مجتمعين معاملة متساوية؛ كيلا يدعي أحدهما أن الله تعالى نصره.

أما الذي يعلن المباهلة بعد أن بدأت بوادر العقاب الإلهي تلحق بطرف ما محاولا استغلال الموقف، فهذا سيجلب على نفسه لعنة مضاعفة؛ لأنه يقدم نفسه كأن الله تعالى انتصر له هو، وكأنه يريد أن يحرّف الموقف ويبدّل كلام الله!

هذا الأمر لم تعه قناة الحكمة السلفية وبعض القنوات المؤازرة لها، التي كانت قد أعلنت قبل بضعة أيام المباهلة على ياسر الحبيب؛ ذلك الشيخ الشيعي المعروف ببذاءته وإساءاته البالغة إلى السيدة عائشة رضي الله عنها والخلفاء والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. أعلنوها بعد أن رأوا أن هذا الشيخ الشيعي قد حوصر ولوحق من قبل الحكومة الكويتية، وأُغلقتْ قناتُه بدعوى إثارة الفتن الطائفية، ولاقى هذا الأمر ارتياحًا من العالم العربي إجمالا، ورأوا أن الرجل عمليا قد انتهى أو بدا أنه في طريقه إلى النهاية.

هنا هبّ هؤلاء ليقدموا أنفسهم كأبطال الإسلام، وانتهزوا الفرصة وركبوا الموجة ليُظهروا أن ما حلّ به وما سيحلّ به إنما هو دليل على صدقهم وصدق فرقتهم ومنهجهم!

والحقيقة أن هذا الموقف الانتهازي يمثل وقاحة وجرأة كبيرة على الله تعالى، وإساءة بالغة في حقه. فلو كانوا يؤمنون بقدرة الله تعالى وأن الله تعالى معهم وناصرهم، لهبّوا للمباهلة قبل هذه الأحداث. ولكنهم أرادوا أن يجيروا الأمر لمصلحتهم متغافلين عن أنهم بذلك سيقعون تحت غضب الله تعالى. ولو دعوا للمباهلة قبل ذلك، وتباهل معهم ذلك الشيخ، لحلت اللعنة على كليهما بشكل متساوٍ تقريبا. أَمَا وقد أرادوا أن يبدلوا كلام الله وينتهزوا الفرصة فهم قد جلبوا على أنفسهم لعنة مضاعفة، وكان لا بد من العقاب الإلهي الذي له ما بعده..

فما هي إلا أيام قليلة حتى تم إغلاق هذه القنوات خلال ساعة واحدة، وكأن الساعة أتتهم بغتة! وهذا أسرع مما حدث مع الشيعي الذي استغرق إغلاق قناته أيامًا. وأُغلقتْ للشيعي قناةٌ وأُغلقتْ لهم بضع قنوات. واتُّهمَ الشيعيُّ بإثارة الفتن الطائفية، واتهموا هم بإثارة الفتن الطائفية وغير ذلك من التهم الأخرى المشينة كمخالفة العقود والإخلال بها. وكان طبيعيا ألا يجدَ الشيعيُّ له نصيرا في عالم عربي متشنجٍ منه ومن مذهبه، وكان عجيبا أنْ تُقبِلَ مصرُ على هذه الخطوة رغم ما تربطها من علاقاتٍ جيدة مع السعودية؛ راعيةِ السلفيةِ وممولتِها، فوجدوا أنفسهم بلا معين ولا نصير رغم ظنهم أنهم آوون إلى ركن شديد وألا غالب لهم من الناس!

فبجمعهم لهذه الجرائم يبدو أنهم قد سرّعوا  رحى غضب الله عليهم. فبئس المكانة التي اختاروا لأنفسهم!

هذا كله إلى جانب أن هؤلاء أدعياء الغيرة على النبي وأزواجه حاليا كانوا قد ناصبوا خادمه المخلص وإمامه المهدي العداء الشديد، وقدموا العديد من البرامج المليئة بالكذب والافتراء. ورغم المكانة العظيمة للسيدة عائشة رضي الله عنها، ورغم أن الهجوم عليها كان دوما وسيلة للهجوم على الإسلام والإساءة إلى النبي ووالدها الخليفة الأول وبالتالي مؤسسة الخلافة، إلا أن الافتراء على الإمام المهدي وتكذيبه أعظم درجة عند الله تعالى؛ وهذا لأنه المبعوث المكلف من الله تعالى، والذي بشّر به النبي ودعا إلى مبايعته، ومن لم يؤمن به ويبايعْه فلا يستقيم إيمانه بحال. فلو كانوا عارفين بالنبي غيورين على مقامه لتخلقوا بأخلاقه واجتنبوا الكذب والافتراء والزور، ولعرفوا خادمه المطيع المتفاني فيه، الذي أحيا الله تعالى به الإسلام بعد أن أماتوه هم بسوء سرائرهم وفعالهم. فبجمعهم لهذه الجرائم يبدو أنهم قد سرّعوا رحى غضب الله عليهم. فبئس المكانة التي اختاروا لأنفسهم!

إن الله تعالى حليم واسع الرحمة والمغفرة، وقد رأوا من فيض حلمه ورحمته ما يوجب عليهم شكره رغم جرائمهم التي يعرفونها. وكان أجدر بهم أن يلجأوا إلى الله تعالى وأن يرجعوا إليه تائبين عندما يرون العذاب يلحق بفريق من الظالمين. ولكنهم للأسف قد تمادوا وأرادوا أن يجعلوا الله تعالى شهيدا على كذبهم وافترائهم، واستغلوا الموقف وأرادوا تجييره لأنفسهم. كان ينبغي على هؤلاء ألا يأمنوا مكر الله مقابل مكرهم السيئ هذا. فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون الذين لم يقدروه حق قدره. كان عليهم ألا يلعبوا بآيات الله ولا يستهزئوا به وبرسوله كي لا يكونوا ممن قال عنهم الله تعالى:

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (التوبة 65)

فالحذرَ الحذرَ من اللعب بآيات الله. فالله تعالى غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. وما زالت الفرصة سانحة أمامهم كي يتوبوا ويخروا على عتباته مستغفرين، قبل أن يحل عليهم عذاب مقيم. فهل من مستجيب؟

(المقال بتاريخ 22/10/2010)

Share via
تابعونا على الفايس بوك