الصحة النفسية
  • ما معنى اضطرابات الأكل؟
  • لماذا تُعد اضطرابات مرضية؟
  • كيف يمكننا وقاية أنفسنا وأولادنا منها؟
  • كيف يمكننا علاجها؟

______

نعتاد سماع عبارات من قبيل أن فلانا سرعان ما ينتابه الغضب إذا ما شعر بالجوع، وأحياناً نفقد الرغبة في التحدث والعمل أو يتعكر مزاجنا هكذا دون سبب واضح حين تكون بطوننا خاوية، بينما تقر أعيننا ونبتهج حين تمتلئ بطوننا، فإلام يشير تقلب المزاج هذا واعتداله يا ترى؟! وهل ثمة علاقة بين حالنا النفسية وحال معدتنا من الفراغ أو الامتلاء؟! وهل هناك أطعمة تحسن المزاج وأخرى تعكره؟ ولماذا نشتهي أطعمة ما في أوقات معينة ولا نتقبلها في أوقات اخرى؟

 كيف تتأثر الأحوال النفسية بالتغذية؟

أحياناً نجد في أنفسنا شهية لصنف معين من الطعام دون سواه، وهذا ما نعرفه بـ «الجوع النوعي» والتعليل العلمي لهذا الاشتهاء هو افتقاد جسم الإنسان لعناصر غذائية معينة، كنوع معين من الفيتامينات أو “البروتين”. فالجسم مجبول على طلب ما يحتاج إليه وينقصه، وأوضح مثال على هذه الحقيقة العلمية ظاهرة الوحام، والتي نعتاد حدوثها لدى بعض الحوامل في أيام الحمل المبكرة. وحين لا تتوفر هذه العناصر للجسم، يتسبب هذا في الاصابة بسوء التغذية التي كثيرا ما تكون له أعراض سلوكية أو ذهنية مثل الكسل والخمول والبلادة نتيجتها الانزواء.

كما يتسبب وضع الضعف الجسدي في خفض الروح المعنوية ومن ثم الحد من نشاط الفرد وحيويته، فالطاقة التي توفرها العناصر الغذائية المستمدة من الغذاء المناسب تدفع الفرد لاقتحام المواقف والإقبال على الحياة وتمكنه من السهر والجد والاجتهاد وبذل الجهود الجسمية والذهنية، ويعتمد النمو وتعزيز السلوك على كمية الغذاء التي يتناولها الفرد ونوعيته وجودته وتوفر الشروط الصحية، ومن المهم يشتمل الغذاء على كافة العناصر الغذائية كالبروتين والسكريات والنشويات والمعـادن والأمـلاح والفيتامينات للمحافظة على صـحة الانـسان البدنية والذهـنية وتــلك هي أهمية الغذاء في المزاج والنفس الإنسانية.

 ما هي اضطرابات الأكل؟

«اضطرابات الأكل هي عادات أو أنماط غذائية غير طبيعية تسبب اضطرابات شديدة في النظام الغذائي اليومي للشخص. وهي  تتمثل في عادات غذائية غير منتظمة تشمل التفريط أو الإفراط في تناول الطعام، بما يمكن أن يؤدي إلى متاعب صحية جسدية، قد يكون لها أثرها السلبي على الصحة النفسية على المدى البعيد. إذ ينتج عن هذه الأنماط الغذائية غير الطبيعية مخاطر شديدة بشأن الوزن وشكل الجسم، وتؤثر هذه المخاوف على سعادة الشخص وأدائه اليومي وتسبب له ضائقة نفسية شديدة.

فالطاقة التي توفرها العناصر الغذائية المستمدة من الغذاء المناسب تدفع الفرد لاقتحام المواقف والإقبال على الحياة وتمكنه من السهر والجد والاجتهاد وبذل الجهود الجسمية والذهنية، ويعتمد النمو وتعزيز السلوك على كمية الغذاء التي يتناولها الفرد ونوعيته وجودته وتوفر الشروط الصحية

 التداعيات السلبية لاضطرابات الأكل

غالباً ما تتطور اضطرابات الأكل نتيجة لأسباب كامنة مثل انخفاض احترام الذات أو اضطرابات الصحة النفسية أو اضطرابات تعاطي المخدرات أو التعرض لصدمة أو إهمال. وترتبط هذه غالباً بالطعام أو الوزن أو هواجس الشكل، وكذلك بقلق تناول الطعام أو عواقب تناول بعض الأطعمة. وسنتعرف في هذا المقال على العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، وسنعرض نظرة ثاقبة حول العلاقة بين اضطرابات الأكل والصحة النفسية والجسدية.

 أسباب اضطرابات الأكل، وكيف نقي أولادنا؟

نظرا إلى تعقدها الشديد، فإن اضطرابات الأكل تتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل. السبب  الحقيقي وراءها غير معروف، إلا أن هناك اتفاقًا عامًا على أن مزيجاً من التشوهات الوراثية والنفسية والاجتماعية والثقافية والبيئية يساهم في نشوئها. إذ غالباً ما يرتبط النجاح والقيمة الشخصية في الثقافة الغربية بالتناسق الجسدي وقيمته الجمالية. وقد تغذي الرغبة في النجاح أو في نيل القبول سلوكيات اضطرابات الأكل. من بين العوامل الاجتماعية والثقافية والبيئية، وسائل الإعلام (بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي) هي التي تملك أكبر تأثير على الناس، وخاصة المراهقين والشباب. يتم الترويج بشدة للرشاقة واتباع أنظمة غذائية مبالغ فيها وفقدان الوزن». وفي هذا المقام يوصي الخبراء بتجاهل كل ما يروج لشكل الجسم غير الواقعي عبر وسائل التواصل، وكذلك يحثون الآباء على تعزيز صورة صحيحة عن الجسم لدى أولادهم بشكل رئيس، مهما كان شكل جسمهم أو حجمه مع طمأنتهم بأن أشكال الجسم يمكن أن يختلف من شخص لآخر، والكف عن الاستهزاء بالأشخاص الآخرين الذين يعانون زيادة الوزن. يُذكر أنه قبل 30 عاماً كان وزن عارضات الأزياء أقل بنسبة 8% من وزن المرأة العادية، أمّا اليوم، فأصبحت عارضات الأزياء أنحف بنسبة 23% من المرأة العادية، وهنا تأتي أهمية تعزيز السلوكيات الواقعية المرتبطة بالجمال وصورة الجسم والأكل والوزن.

هناك بعض العوامل التي تمنع الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل من طلب المساعدة. بعض أهم المحددات هي نقص الوعي، وصمة العار، والضغوط والتوقعات المجتمعية أو العائلية، والعار، والشعور بالذنب، وارتباك المرء أمام ما يختلجه من أفكار وعواطف وما يرفق ذلك من سلوكيات والخوف من الرفض والعزلة.

تعرّف على خياراتك

يمكن أن تكون العلاجات النفسية القائمة على الأدلة مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج السلوكي المعرفي المعزز (CBT-E) والعلاج السلوكي الجدلي (DBT) والعلاج التفاعلي والعلاج الأسري، كلها قد تكون مفيدة.

تركز هذه العلاجات عادة على العامل الشخصي (أي المعتقدات الشخصية غير العقلانية والمبالغ فيها والأفكار والمشاعر المرتبطة بالطعام والمظهر والسلوك) وعلى العوامل الاجتماعية والتفاعلية التي قد تسبب اضطراب الأكل أو تفاقمه. «قد يحسّن العلاج المعرفي السلوكي من أعراض الاكتئاب والقلق. في حين أن العلاج السلوكي الجدلي يساعد في علاج خلل التنظيم العاطفي. ينصب التركيز على الأشخاص الذين يُظهرون سلوكاً متطرفاً استجابة للمواقف العاطفية فيساعدهم في التعامل مع المشاعر غير السارة أو الصعبة والنزاعات الشخصية، وبالتالي يشجعهم ويغرس فيهم سلوكيات صحية إيجابية».

إن الاعتناء بصحتك البدنية والنفسية سيُقطعك شوطاً طويلاً ويساعدك في التعامل مع اضطرابات الأكل. اطلب الدعم من صديق موثوق به أو أحد أفراد العائلة الذي يمكنه أن يرافقك ويساندك في طريقك إلى الشفاء. أو تحدث إلى معالج مختص.

نصيحة أخيرة

يعاني العديد من الأشخاص الذين لديهم اضطرابات في الأكل أيضاً من مشاكل أخرى في الصحة النفسية مثل الاكتئاب أو القلق أو تعاطي المخدرات. يمكن أن تظهر مشاكل الصحة النفسية قبل اضطرابات الأكل، أثناءها أو بعدها. وعندما تحدث هذه بالتزامن مع اضطرابات الأكل، يشار إليها باسم «الحدوث المشترك». «قد يعاني الشخص أيضاً من ضعف في التركيز، ومن مشاكل في النوم، ومن الوحدة، ومن تقدير الذات غير المستقل، وانخفاض الثقة بالنفس. يمكن أن يؤدي ذلك في الحالات القصوى إلى التفكير في الانتحار وحتى الموت، لا سمح الله».

غالباً ما يظهر الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل عادات وسلوكيات مختلفة تكون مخفية باستمرار بسبب عوامل عاطفية عديدة مثل الشعور بالذنب والعار. وبالتالي يصعب على الأصدقاء والعائلة اكتشاف علامات الإنذار في المراحل الأولى.

هناك بعض العوامل التي تمنع الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل من طلب المساعدة. بعض أهم المحددات هي نقص الوعي، وصمة العار، والضغوط والتوقعات المجتمعية أو العائلية، والعار، والشعور بالذنب، وارتباك المرء أمام ما يختلجه من أفكار وعواطف وما يرفق ذلك من سلوكيات والخوف من الرفض والعزلة.

ووراء السلوكيات هناك تفكير مضطرب وشعور بانعدام الأمان. قد يعني ذلك أن الاضطراب في مراحله الأولى، وقد يمر دون أن يلاحظه أحد. وعند مواجهته، قد يحاول المرء أن يجد أعذاراً لأكله المضطرب أو أن يتجنب الخوض في موضوع الطعام والوزن. ولكن مع تقدم حالة الاضطراب، لن تخفى على المحيطين حقيقة تردي حال الشخص المضطرب غذائيا. لذلك فإن النصيحة المثلى بهذا الصدد هي أنه إذا كان الأكل والوزن يتحكمان بطريقة حياتك وسعادتك ورضاك، فلا تنتظر حتى يتطور الاضطراب أو يزداد سوءاً.

Share via
تابعونا على الفايس بوك