الخطاب الافتتاحي في اليوم الأول من الاحتفال السنوي للجماعة الأحمدية ببريطانيا

الخطاب الافتتاحي في اليوم الأول من الاحتفال السنوي للجماعة الأحمدية ببريطانيا

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

الخطاب الافتتاحي

لسيدنا الخليفة الرابع للمسيح الموعود حضرة أمير المؤمنين

مرزا طاهر أحمد أيّده الله بنصره العزيز

في اليوم الأول من الاحتفال السنوي للجماعة الأحمدية ببريطانيا

يوم 22/7/88.

بعد التشهُّد وتلاوة الفاتحة قال حضرته ما تعريبه:

هذا هو الاحتفال السنوي الرابع الذي يتم بحضوري في بريطانيا، وهنالك مئات الألوف من الأحمديين الذين يودّون الاشتراك في هذا الاحتفال الأخير من هذا القرن الأول على تأسيس الجماعة الأحمدية ولكنهم لا يستطيعون الحضور فأدعو لهم وأدعوا الله أن يوفّقنا للاجتماع بهم في السنة القادمة في مركز الجماعة بربوة.

إنَّ كون هذا الاحتفال هو الأخير في هذا القرن يجعله احتفالاً خاصًا ومهمًا جدًا وبالخصوص لأنَ الله تعالى قد وفّقني قبل انعقاده لإعلان المباهلة، فهذا هو الاحتفال الأول الذي يأتي بعد المباهلة التي دعوت فيها جميع المخالفين والمعاندين للابتهال إلى الله ليُبيّن الصادق من الكاذب.

وقبل هذه المباهلة أي في العاشر من شهر ديسمبر عام 1892 قام المسيح الموعود بإعلان المباهلة لأول مرة على أنّه مأمورٌ من الله تعالى وقد بقيت هذه الدعوة مفتوحة أمام المخالفين والمكذّبين وهذه أول مرة يقوم بها أحد الخلفاء بعد المسيح الموعود في إعلان المباهلة مجدَّدًا ففي العاشر من الشهر السادس هذا العام أعلنتُ في خطبة الجمعة الدعوة للمباهلة، وأنَّ الله منذ ذلك الوقت يُريني علامات تأييده ونُصرته.

وقد اخترت للحديث في خطابي الافتتاحي هذا موضوع المباهلة، لذلك يجب علينا أن نجعل هذا العام عام المباهلة ونُخصِّصه للابتهال والدعاء، حتى يُظهر الله آية من عنده ويُخزي الأعداء. وإنّكم تعلمون أنَّ هذا التحدّي تحدّي المباهلة منذ العاشر من الشهر السادس عام 88، كنت قد مهّدتُ له من قبل في خطبتين حيث ذكرتُ على التوالي في خُطبَتَي الجمعة الأسباب التي جعلتني أقوم بالمباهلة، وذكرت عن رغبتي في ذلك في دروس القرآن الكريم التي كنت أُعطيها في العشر الأواخر من رمضان، ولكن طلبت من الأخوة عدم ذكر المباهلة حتى أقوم بنفسي بإعلانها في الوقت المناسب. فبعد أن أذِنَ لي الله قمت بإعلان المباهلة في خطبة الجمعة في العاشر من شهر يونيو/ حزيران عام 1988، لذلك فإنَّ هذا التاريخ هام جدًا في تاريخ الجماعة، وقد تم نشر إعلان هذه المباهلة في الصحف والمجلات خارج وداخل باكستان.

ومن عجائب قدر الله أنه لم يمضِ شهر واحد منذ إعلان المباهلة حتى أظهر الله آيةً عظيمةً في تأييدنا وخزي أعدائنا، ففي العاشر من الشهر السابع يوليو تموز وصل شخصٌ إلى باكستان، ذلك الشخص الذي كنت وبصفتي إمامًا للجماعة الإسلامية الأحمدية متهمًا بقتله وتحمَّلت الجماعة ككل كثيرًا من المظالم بسبب ذلك الاتهام، فبعد خمس سنوات من الاختفاء ظهر هذا الرجل، وكونوا على يقين أنَّ الآيات الآتية ستكون أعظم من هذه وأنَّ الأحوال ستبيّن لكم صدق الجماعة. أما بخصوص أسلم قُريشي هذا الذي اتُّهِمت بقتله أودُّ أن أذكر لكم بعض الاقتباسات مما نُشر في الصحف والمجلات عنه حتى يعلم الجميع ما حدث ويحدث في مسألة أسلم قُريشي وبالخصوص أبناء الجماعة خارج باكستان حتى يعلموا خلفية هذه المباهلة وأهميتها.

ففي 20/2/1983 عندما كنت مسافرًا من كراتشي إلى ربوة قال لي أحد الأقرباء أنَّ هنالك شخصًا اسمه أسلم قُريشي قد اختفى وقد اتُّهِمتَ أنت بقتله. فقلت لذلك القريب إنني لا أعرف حتى من هذا أسلم قُريشي! فقيل لي أنّه ذلك الشخص الذي حاول قتل مرزا مظفر أحمد (أحد أفراد عائلة المسيح الموعود ) ولكن مرزا مظفر نجا من تلك المحاولة التي أُصيب فيها بإصاباتٍ خطيرة قرب كليته، ولكنه بفضل الله شفيَ منها. فهذا هو أسلم قُريشي الذي حاول قتل أحد أفراد عائلة المسيح الموعود هو الذي اختفى ولا يدرون أين هو الآن ويتَّهمونك بقتله.

والعجيب في هذا الأمر أنَّ هذا الشخص الذي كان يعمل مصلح مكيّفات هواء والذي لم يُعرف مصيره لمدةٍ طويلة بعد محاولته الاعتداء على مرزا مظفر أحمد، قد ظهر فجأةً ونال بسبب هذه المحاول الفاشلة لقب مولانا وليس هذا فقط بل لقب عاشق الرسول منقطع النظير وذلك من قِبل مجلس حفظ ختم النبوة ومجلس الأحرار، فانظروا كيف بطعن أحمدي بالسكين تحصل على كل هذا العلم والمرتبة. وهذا سرٌّ لا يعرفه أحد، فكنت أقول للناس الذين يذكرون هذا العلّامة لماذا تنفقون هذه الأموال الطائلة على المدارس؟ لا حاجة لذلك، علِّموا أطفالكم الطعن بالسكين وبذلك تخرجوهم علماء ومشائخ.

فلم أكن أعلم في الحقيقة شيئًا عن ذلك الشخص حتى 20/2/83 عندما بدأت تظهر قصته في الجرائد والصحف، فبدأت الجرائد تنشر يوميًا بأنَّ عليكم إلقاء القبض على مرزا طاهر أحمد لأنّه هو الذي قتل أسلم قُريشي وأنَّ الشعب بأسره يُطالب الآن بالثأر لدم الشيخ أسلم قُريشي. ومنذ ذلك الحين كثرت الأخبار وبدأت تنتشر في كل مكان ويزداد أثرها في الناس وبدأت المطالبات في حثّ الناس والشرطة لإلقاء القبض عليَّ ومعاقبتي على قتل بزعمهم أسلم قُريشي. وقد تحمَّل الأحمديون كذلك مظالم كثيرة على أيدي هؤلاء الناس فهوجمت بيوتهم ومساجدهم، كما قام المشائخ بتوجيه دعوة خاصة للدعاء في حق أسلم قُريشي وقد تبيّن وتأكّد بعد ذلك أنَّ الحكومة لها يد طولى في هذه المسألة.

وبعد إصدار القرار الغاشم ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية في 26/4/84 أي بعد مُضي أربعة عشر شهرًا من اختفاء أسلم قُريشي خرجتُ من باكستان، فأخذ المشائخ يتّهمونني بالجبن والفرار خوفًا من قضية أسلم قُريشي وقاموا كذلك بالضرر بالجماعة بمختلف الوسائل. مع العلم أنَّ مكوثي في باكستان أربعة عشر شهرًا بعد اختفاء أسلم قُريشي وعدم اهتمامي واكتراثي في هذه المسألة رغم كل المطالبات ضدي يدلُّ دلالةً واضحة بأنّه لم يكن لي أية علاقة بمسألة اختفاء أسلم قُريشي، وخروجي من باكستان لم يكن بسبب أسلم قُريشي ولن يكون ظهور أسلم قُريشي هو السبب في عودتي إليها. فإلى حين لا يُلغى ذلك القرار الغاشم ضد الجماعة الذي يمنع الخليفة من القيام بمهامه بحرية فليس بإمكاني أو أي خليفة آخر العودة إلى باكستان فالخليفة لا يمكن أن نحدّه في بلدٍ واحد أو نجعله مقيدًا ببلدٍ معين لأنَّ عمل الخليفة لا يقتصر بقومٍ أو شعب أو دولةٍ معينة فعمله يختصُّ ويتعلق بجميع الأحمديين في كل بلاد العالم، فلما أرادت الحكومة تحديد صلاحيتي كخليفة وفكّرت في إلقاء القبض عليّ جئتُ إلى لندن. والتاريخ يُثبت أنَّ خروجي من باكستان يوم 28/4/84 هو إثر ذلك القرار الغاشم الصادر يوم 26/4/84. فلا علاقة لمسألة أسلم قُريشي بخروجي من باكستان.

أما مسألة أسلم قُريشي فبدأت تزداد انتشارًا في باكستان وفي يوم 20-5-83 نشرت جريدة لولاك الباكستانية رسالة كتبها منظور إلهي ملك ركن مجلس الشورى الباكستاني إلى رئيس الباكستان يقول فيها: “إنَّ القاديانيين قد قتلوا أسلم قُريشي مجاهد ومبلِّغ ختم النبوة”، وفي نفس الجريدة نُشر أيضًا “مبلّغ ومجاهد ختم النبوة أسلم قُريشي قد ألقى خطابًا في 11/2/83 وكان يريد إلقاء خطابه في 17/2/83 ولكن القاديانيين اختطفوه فيكون قبل الخطاب الثاني. وهذا ظلمٌ عظيم على علماء ختم النبوة لايوجد له نظير منذ 98 عامًا.

ولقد اخترت هذا الخبر لأنّه يدلُّ على أنَّ الجماعة ليس من فطرتها قتل الأعداء فها هو العدو يصرّح أنَّ مثل هذه الحادثة لم تحصل منذ 98 عامًا.

وأضافت الجريدة نفسها: “نسأل الله أن يتقبّل شهادته ويرفع درجاته ويُلقي القبض على مرتكبي هذه الجريمة وأن يُلهم آله الصبر والسلوان وأن يوفّق المسلمين للدفاع عن عرض المصطفى “.

لولاك 12/5/83.

وهكذا كانوا ينشرون مثل هذه الأخبار بكثرة في أهم جرائد الباكستان ولا أستطيع ذكر جميع ما نُشر ولكن سأختار بعض الاقتباسات مما نُشر فقط، والتي امتدحوا فيها أسلم قُريشي. فقد نشرت جريدة لولاك الصادرة يوم 20/5/83 خبرًا عنوانه: “اغتيال عاشق الرسول ومجاهد ختم النبوة مولانا أسلم قُريشي.”

كما صرَّح محمد حنيف في نفس الجريدة يوم 11/5/84 أنَّ مرزا طاهر أحمد هو القاتل الحقيقي لمولانا أسلم قُريشي.

كما صرَّح الشيخ زاهد الراشدي يوم 8/6/84 في مؤتمر ختم النبوة في بيشاور قائلاً: “إنّه لن يهدأ لنا بالٌ إلا بالانتقام من مرزا طاهر أحمد وجماعته المرزائيين لقتلهم أسلم قُريشي”، ويحذّر الحكومة قائلاً إذا لم تقم الحكومة بالثأر من قاتلي أسلم قُريشي فإننا لن نتعاون معها. كما أرسل ملك منظور رسائل إلى رئيس الباكستان وشخصيات أخرى يُطالبهم فيها بالانتقام من مرزا طاهر أحمد لأنه هو الذي قتل ذلك المبلّغ والداعي إلى عقيدة ختم النبوة. وأنَّ اختطاف مجاهد ختم النبوة بسيالكوت لا يمكن أن يتم إلا بأمر مرزا طاهر أحمد لأنه لا يمكن أن يتجاسر أي مرزائي على قتل مبلّغ يدافع عن عقيدة ختم النبوة التي يؤمن بها ثمانين مليون مسلم وذلك في وضح النهار.

(مؤتمر ختم النبوة لجميع باكستان 28-4-84)

وهذا الخبر أيضًا يعزّز من مكانة الجماعة الإسلامية الأحمدية فعلى الرغم من كونه خبرًا كاذبًا إلا أنهم يعترفون بأننا الجماعة الوحيدة في العالم كله التي تقوم وتقعد بإشارة من إمامها، وليس من بين عشرة ملايين أحمدي في العالم من يفعل أي شيء خلاف رغبة خليفته، فإذا لم يكن هذا هو الإسلام فما هو. هذا هو الإسلام الذي علّمنا الرسول والقائم اليوم في الخلافة الأحمدية.

ومما حاولوا فيه إثارة الشعب أيضًا الخبر التالي، ففي اجتماع ختم النبوة المنعقد يوم 28/4/84 في الباكستان الذي اشترك وخطب فيه أهم العلماء والمشائخ الباكستانيين منهم محمد أشرف، منظور الشنيوطي، عبد الحميد نديم، مفتي مختار أحمد، شريف جالندهري، عبد الحكيم، أمير حسين كيلاني، قاضي أسرار الحق، غضنفر قراروي، زاهد الراشدي، جوهر رحمان، قاضي إحسان الحق، شيخ محمد رشيد، وغيرهم من العلماء. وأجمع كلهم على رأي واحد وهو مطالبة الحكومة بإعدام مرزا طاهر أحمد لقتله أسلم قُريشي، كما أُعدم رئيس الوزراء السابق لقتله نوّاب محمد أحمد.

ونشرت (لولاك) 26/7/83 إذا لم تتمكنوا من الضغط والسيطرة على مرزا طاهر أحمد والقاديانيين في (معراجكي) فلن تُثمر جهودكم أبدًا.

والحقيقة أنَّ هذا مخطط للقضاء على الخلافة الأحمدية والمركزة التي تتمتع بها الجماعة وكأنهم يقولون لضياء الحق إنّك البطل الذي قام بإعدام بوتو رئيس الوزراء فما قيمة وحيثية إمام الجماعة الأحمدية أمامك فيا أيها البطل الباسل تقدَّم واقتل مرزا طاهر أحمد أيضًا واحصل بذلك على مرتبة شرف عظيمة.

فعندما جئت إلى هنا فكّروا أنَّ القاتل الحقيقي قد تمكن من الفرار وإذا لم نقم بإلقاء القبض على أحد أفراد عائلته لا يمكن لهذا المخطط أن ينجح فقالوا عليكم إلقاء القبض على مرزا لقمان أحمد (ابن الخليفة الثالث رحمه الله وزوج ابنة الخليفة الحالي أيّده الله)، فورًا والتحقيق معه في قضية القتل.

(نواء الوقت 5-11-84).

ونُشر أيضًا (أنه من الضروري إلقاء القبض على مرزا لقمان أحمد في مسألة اختفاء أسلم قُريشي)

(وفاق لاهور 5-11-84).

وفعلاً قامت الحكومة بتعيين لجنة لبحث هذا الطلب وأخذت هذه اللجنة تبحث طوال سنتين عن سبب اختفاء أسلم قُريشي ولم تصل ما يبرر اعتقال مرزا لقمان أحمد. فغضب ضياء الحق على تأخر هذه اللجنة في تقصّي أخبار ما صار إليه أسلم قُريشي، فصرّح رئيس الباكستان لجريدة (جنك لاهور) الصادرة يوم 22/2/85 أنه مستاء جدًا لعدم حل مسألة اختفاء أسلم قُريشي، وأمر شرطة البنجاب باستخدام جميع الوسائل لمعرفة مكان اختفاء العلماء. وكأنه يُشير هنا إلى أنَّ المزيد من العلماء سيختفون في المستقبل أيضًا.

وقد قام العالم منظور إلهي ملك يوم 30/10/87 بمطالبة الحكومة على منبر المسجد المركزي بإسلام آباد بإلقاء القبض على قاتلي أسلم قُريشي، وأنه سيُضرب عن الطعام حتى تُلقي الحكومة القبض على قاتليه.

فالحمد لله الذي وفّقني للقيام بدعوة المباهلة وعلى الخصوص لذكري في المباهلة مسألة افتراء هؤلاء العلماء والمشائخ واتهامي بقتل أسلم قُريشي هذا. وطالبتُ جميع المكذّبين والمخالفين أن يُقسموا بالله العظيم أنني أنا الذي قتلت أسلم قُريشي. وإنني أُعلن في نفس الوقت أنَّ هذه التهمة باطلة وأنَّ لعنة الله على الكاذبين. هذا ما أعلنته في خطبة الجمعة يوم 10/6/88. وبعد شهر تمامًا من إعلان المباهلة هذا أي في 10/7/88 أظهر الله أسلم قُريشي ووصل هذا الشخص إلى بلدته (كويته) في باكستان قادمًا من إيران حيث كان يختفي طوال هذه المدة.

وعندما وصل باكستان أخذت الشرطة تحقّق معه حول مسألة اختفائه. فأصبح مركز الشرطة كله في حيرة ماذا يفعلون مع هذا الشخص هل يُخفون ظهوره أم يُعلنون ذلك، وماذا سيقولون للناس الذين يعتقدون أنه قُتل منذ سنوات وماذا سيكون موقف المشائخ من هذا الظهور. فأشار فريقٌ منهم إلى إخفاء مسألة ظهوره ولكن الفريق الآخر الذي أراد أن يُعلن ظهوره كان أكثر، وقالوا لو أخفيتم ظهوره لأثبتم بذلك أنَّ لكم دخلاً في قصة اختفائه أولاً.

فأخذوا أسلم قُريشي وأجروا معه لقاء بثّه التلفزيون الباكستاني إلى جميع المواطنين يوم 13/7/1988 حيث قام فيه مندوبي الإعلام بسؤال أسلم قُريشي حول قضية اختفائه وثم ظهوره المفاجئ، فلما ظهر أسلم قُريشي على الشاشة بدأ الصحافيون يسألون أين غبت، لقد حزنّا على فراقك، وأقلقنا جميعًا فما كان سبب اختفائك، وكان جوابه أنني يئست من الأحوال اللادينية في البلاد والأحوال الاقتصادية السيئة، فذهبتُ إلى إيران لأخدم في الجيش الإيراني والآن بعد أن ساءت صحتي قرّرت العودة إلى الباكستان لكي أُعكّر صفو القاديانيين فيها وإثارتهم وإيلامهم من جديد، ويُضيف أسلم قُريشي أنه خلال الخمس سنوات التي اختفى فيها لم يرسل إلى عائلته برسالة أو أي نقود ليُنفقوا على أنفسهم، وقد صرَّح هو بنفسه أنه سافر بسبب الأحوال الاقتصادية السيئة، ولما سُئل عن سبب عدم إرساله النقود قال: لم أُرسل أي نقود لزوجتي وأبنائي لأنني أعرف أنَّ الله هو الرزَّاق.

وفي إجابة عن سؤال آخر قال أسلم قُريشي، نعم إنَّ الشرطة كانت تعرف أنني لم أُقتل ولم يُعتدى عليّ.

إنَّ مثل هذه الأخبار والأقوال تدلّكم على مدى ذلّة وانحطاط هؤلاء العلماء ونوعيتهم اليوم في الباكستان. فهم يكذبون بكل صراحة وبكل وضوح وإنَّ همهم الوحيد هو إيذاء الجماعة الأحمدية وتلفيق التُّهم والكذب عليها، وقد تحمَّلت الجماعة فعلاً أذىً كبيرًا على أيدي هؤلاء الناس، وقد أثبت التاريخ أنَّ هؤلاء العلماء كاذبون في ادِّعاءاتهم وأقوالهم.

فاسمعوا الآن ما قاله وصرَّح به هؤلاء العلماء بعد إعلان المباهلة وظهور أسلم قُريشي الذي بظهوره تمت آيةٌ كبيرة من الله تعالى على صدقنا وكذبهم، فبدل أن يتوب هؤلاء العلماء والمشايخ زادوا من كذبهم، وهاكم بعض الاقتباسات مما نُشر على لسان هؤلاء العلماء بعد ظهور أسلم قُريشي.

يقول الشيخ محمد خان: إنَّ ظهور أسلم قُريشي هو معجزة ويدلُّ أيضًا على مؤامرة القاديانيين. ويقول عطاء المؤمن البخاري: أنَّ البوليس يحاول تبرئة القاديانيين من مسألة أسلم قُريشي. ويقول الحاج سيد شاه محمد في جريدة جنك الصادرة في يوم 19/7/1988: إنه يجب على الحكومة إحالة مسألة ظهور أسلم قُريشي إلى مجلس الشعب للتحقيق فيها ويقول الشيخ أحمد الرحمان نائب مركز حفظ ختم النبوة: إننا متأكدون أنَّ هذه القصة أي قصة أسلم قُريشي قصة خرافية والحكومة مسؤولة عنها وإننا مستعدون لمباهلة الحكومة على أنَّ قصة أسلم قُريشي هذه غير حقيقية وإنّما هي قصة وهمية.

فانظروا إلى هؤلاء المشايخ، إنّهم يدعون الحكومة الآن للمباهلة بأنَّ قصة أسلم قُريشي هذه هي قصة وهمية.

ويقول شيخ آخر في تصريح له في جريدة جنك بتاريخ 14/7/1988: “أنه وإن كان رجع إلينا أسلم قُريشي جسمانيًا إلا أنه روحيًا وفكريًا لم يأتي بعد”.

وهنالك أمثلة شيّقة أخرى نُشرت بعد رجوع أسلم قُريشي، فقد نشرت جريدة جنك الصادرة في لندن يوم 15/7/1988 تقول أنَّ ظهور أسلم قُريشي هذا لا شكَّ معجزة وقد يؤدي ظهوره إلى تأييد المخالفين لنا. فانظروا كيف يعلمون في قلوبهم أنَّ ظهور أسلم قُريشي هو آية من الله على صدقنا، لذلك قام مجلس حفظ ختم النبوة فورًا في الباكستان بالقول: إنَّ ظهور أسلم قُريشي أو اختفائه لا دخل له بصدق أو كذب مرزا غلام أحمد. فإن غاب أو حضر أسلم قُريشي فليس لذلك دخل بصدق مرزا غلام أحمد أو كذبه.

هذا بدل أن يستغفروا الله على كذبهم وافتراءهم إن كان عندهم شرفٌ أو حياء ولكنهم تمادوا في غيّهم وكذبهم والحقيقة أنَّ الإنسان يحتار من جرأتهم على الكذب.

وحول تحدّي المباهلة الذي أعلنته في 10/6/1988 فقد قام العديد من العلماء والمشائخ بإعلان قبولهم هذا التحدّي للمباهلة. وإليكم بعض الإعلانات التي نُشرت في الصحف والمجلات حول هذه المباهلة، وقام كذلك العديد من المشائخ بمطالبة الحكومة أيضًا بقبول المباهلة. كما أنَّ العديد من المشائخ أيضًا قاموا بالاحتجاج على هذه المباهلة وزعموا أنَّ الأحمديين لما علموا أنَّ أسلم قُريشي حيًا قاموا بهذه المباهلة فيقدّمون ظهور أسلم قُريشي دليلاً على صدقهم. والحقيقة أنّهم يريدون الفرار من تحدّي المباهلة هذا. والآخرين الذين أعلنوا قبولهم للمباهلة وضعوا من عند أنفسهم شروطًا لا يثبت كذبهم أمام العالم، فقام الشيخ الله ياد بالإعلان في جريدة جنك أنه يقبل المباهلة على شرط أن تتم في المسجد الأقصى بربوة أو في ساحة البلدة هنالك. وهكذا أيّده الشيخ ياسين جوهر. أما قائد الشيعة سخاوة حسين فقد قبل المباهلة على شرط أن تتم في المدينة المنوّرة. ولكن في رأي شيخ آخر يجب أن تكون المباهلة في جنوب إفريقيا. وأما في رأي الشيخ محمد رفيق كما صرّح في جريدة جنك الصادرة يوم 15/7/1988 أنه مستعد لعقد اجتماع للمباهلة بلندن أو حتى بأمريكا. وأعلن شيخ آخر أنه من المستحسن عقد اجتماع المباهلة في قاعة “ويمبلي” بلندن.

إنَّ كل هذه الأقوال لا يقبلها العقل فإنني تحدّيت جميع المكذبين فكيف أستطيع أن أذهب عند كل واحد منهم يقبل المباهلة، والحقيقة أنني لم أقم بهذه المباهلة إلا بإذنٍ من الله تعالى كما دعى الرسول نصارى نجران لها، فوفق الآية الكريمة:

تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ،

وطبقًا لهذه القاعدة ومن هذا المنطلق دعوت الجميع للمباهلة.

فأبناء ونساء نجران لم يكونوا حاضرين عندما دعى رسول الله وفدهم للمباهلة مما يدلُّ على أنّه ليس من الضروري جمع كِلا الطرفين في مكانٍ واحد ويكفي للمباهلة شخصٌ واحد ممثل عن أهله وأتباعه القيام بالمباهلة. فالرسول لم يأخذ معه للمباهلة إلا عليّ وفاطمة الزهراء. فقوله تعالى أنفسنا وأنفسكم أن يكون هؤلاء ممثلين بذلك الرجل الذي يقوم بالمباهلة عنهم.

ولقد أثبت علماء الأزهر فيما بعد أنَّ هذه الرواية عن إشراك عليّ وفاطمة في المباهلة رواية أدخلها الشيعة وأنها ليست حقيقية. فلذلك إنّي أتساءل هل الذين يدعونني أن أحضر ومعي أهلي وأتباعي في كل مكان هم من الشيعة أيضًا.

ولكني أعلم سبب اشتراط هؤلاء المشائخ بهذه الشروط، إنّه خوفهم من المباهلة. وأنا على يقين أنَّ الله تعالى لن يترك واحدًا قبل هذه المباهلة من غير أن يُظهر فيه آيةً وعِبرةً لغيره. وهكذا هم يريدون بشروطهم هذه أن يُضلّلوا الناس ولكن الله تعالى قادر على كشف مؤامراتهم وسيُظهر لعنته عليهم وسيُظهر رحمته على الجماعة الأحمدية وإنّه سيؤيّد مرزا غلام أحمد القادياني وجماعته. ولأجل ذلك على هؤلاء المشائخ أن يتوبوا ويستغفروا الله تعالى وأن يتركوا السخرية والاستهتار.

وفي الحقيقة إنَّ الذين وجّهنا إليهم المباهلة من المشائخ والعلماء قد أخذوا يتهرَّبون من قبولها ويضعون شروطًا لا تُعقل أبدًا وذلك ليفرّوا من لعنة الله، فإني أقول لهم إن كنتم تريدون الفرار من لعنة الله فعليكم الإعلان أنّكم كنتم مُخطئين.

ولما قام المسيح الموعود بالمباهلة مقابل الشيخ ثناء الله الأمرتسري لم يكن جميع أفراد عائلته موجودين في ذلك الاجتماع. والذين يعتقدون أنَّ ثناء الله هو الذي نجح في المباهلة يعترفون إذن أنَّ المباهلة كانت صحيحةً على الرغم من أنه لم يحضرها أفراد عائلتي الطرفين. وأنا أعرف في الحقيقة أنَّ مطالبتهم هذه بالاجتماع بي للمباهلة ليست إلا مكرًا يُدبِّرونه، فيريدونني أن أحضر في مكان معين للمباهلة يتم هنالك فيه اغتيالي وبذلك يُعلنون أنهم نجحوا في المباهلة. فأقول لهم أنَّ الكاذب لا يقتله الناس بل الله يقتله.

ومن بين هؤلاء العلماء الذين أهانوا المسيح الموعود شخصٌ يدعى منظور شنيوطي فقد استعمل أوسخ الألفاظ وأشنعها في سبِّ وشتم المسيح الموعود . فإنَّ هذا الشخص هو فعلاً حقير لأفعاله التي يقوم بها وقد كان هذا الشخص هو الأول أو الثاني الذي قبِلَ المباهلة وهو نفسه الذي أعلن منذ غياب أسلم قُريشي أنّه واثقٌ كل الوثوق من أنني مرزا طاهر أحمد الذي قتل أسلم قُريشي. فإنّه لو كان عالم دين فعلاً وعنده تقوى لكان عليه أن يأخذ العبرة من ظهور أسلم قُريشي ويندم على ما صرَّح به ويحقق ما وعد حيث أنّه أقسم بالله أنّه متأكد مائة بالمائة بأنني أنا الذي قتلت أسلم قُريشي وإن ثبت العكس فإنّه سيُطلق على نفسه النار ويقتل نفسه. فالآن أقول له، هلمَّ اقتل نفسك، لقد ظهر أسلم قُريشي، ولكني أقول له قتلتَ نفسك أم لم تقتلها إنني متأكد أنَّ الله سيقتلك ولن يُميتك إلا رصاصته.

وأودُّ هنا أن أذكر ما قاله أحد أعضاء الجماعة، يعمل مُربّيًا في بريطانيا، لقد قال معلِّقًا على ظهور أسلم قُريشي (إنني أعرف أنَّ الإنسان الكاذب يموت من جرّاء المباهلة، ولكني أرى أنَّ أسلم قُريشي قد أحياهُ الله بعد هذه المباهلة). فقلت ألا ترى أنَّ إحياء هذا الشخص أمات جميع المكذِّبين.

وأودُّ هنا أن أُنهي هذا الخطاب بما قاله المسيح الموعود حول المباهلة التي قام بها في 10/9/1897 وأودُّ أن تُشملوا هذه الأقوال في أدعيتكم ليُحقّق الله تلك الدعوات التي دعا بها المسيح الموعود . فهذه المباهلة هي لإظهار صدق المسيح الموعود على الجميع. وإظهار من الذي يستعمل اسم الرسول للتجارة فقط.

يقول الله تعالى في كتابه الكريم

وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ

وإنّكم إن حقّقتم في هذا الأمر لوجدتم أنَّ المشائخ وحدهم هم الذين يُتاجرون اليوم في الدين ويجعلون رزقهم في تكذيب الآخرين. ولن تجد مثل هذه الفئة من الناس لا في الصين ولا في اليابان ولا في روسيا ولا في أمريكا ولا في إفريقيا، لأنّك لن تجد هذه العادة إلا في العلماء الذين جعلوا تكذيب الأحمدية رزقًا لهم. وها قد ظهرت هذه الآية مجدَّدًا في هذا الزمن وقد رأينا بأم أعيننا هذه الفئة التي قال عنها تعالى:

وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ،

ورأينا أنّهم لا يستحيون في تكذيب عباد الله ويجعلون تكذيبهم رزقًا لهم.

وختامًا أعرض عليكم تلك البشارات التي بشّر بها الله عبده المسيح الموعود حول المباهلة التي قام بها قبل حوالي مائة عام. وما علينا إلا الدعاء من الله تعالى لتحقيق هذه البشارات في القريب العاجل والبشارات هي كما يلي:

“يوم يجيء الحق ويُكشف الصدق ويخسرُ الخاسرون. أنتَ معي وأنا معك ولا يعلمها إلا المسترشِدون. نردُّ إليك الكرَّة الثانية. ونُبدلنَّك من بعد خوفك أمنًا. يأتي قمر الأنبياء وأمرك يتأتّى. يُسِرُّ الله وجهكَ ويُنير برهانك. سيولد لك الولد ويُدني منك الفضل. إنَّ نوري قريب. وقالوا أنّى لكَ هذا قُل هوَ الله عجيب. ولا تيأس من روحِ الله. انظر إلى يوسف وإقباله. قد جاء وقت الفتح والفتح أقرب يخرُّون على المساجد ربنا اغفر لنا إنّا كنا خاطئين. لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.” آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك