«الإسلام حضارة الإيمان»
  • نصيحة حضرة امير المؤمنين – ايده الله- الى أعضاء الكونغرس الامريكي.
  • الدين الإسلامي هو المنهج السليم للتقدم الحضاري.

__

ما من ضميرٍ يَقِظٍ وقلب رحيم في هذا العالم إلا ويُعرب عن قلقه لطغيان المادية على المبادئ الأخلاقية في سلوك الإنسان الحديث. وما يحدث على الساحة العالمية على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خير شاهد على هذا.

إن أول ما استهدفته العقلية المادية هو القيمُ الروحية والمبادئ الأخلاقية حيث جعلت المصلحة المادية على هرم اهتماماتها. فالعدل والحق والإنصاف لا قيمة لها إذا ما قِيست بمقياس الربح والخسارة  وبمقياس الشعار الزائف: الغاية تبرر الوسيلة.

ولا شك أن الحضارة الغربية قد بلغت ذروتها في الميادين العلمية ووصلت  إلى مستويات جد عالية من حيث كمها ونوعها. فبقدر ما تزداد اهتمامًا بالماديات بقدر ما تنحدر تلقائيا على المستوى الأخلاقي والروحاني نحو الحضيض في هوة سحيقة باطنها الفساد والانحلال!!

إن ما يسود المجتمعات الغربية الاستهلاكية من متناقضات أخلاقية على الصعيد الاجتماعي من تفكك أسري ونسبة مرتفعة للولادات غير الشرعية وزواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، يشير إلى الشروخ العميقة في مبنى هذه الحضارة. وفي ظل هذه الترديات لا يليق اصطلاحا أن نسمي هذه الحضارة “حضارة” بما في هذا المعنى من دلالات لغوية. إن الحضارة تشمل في لبها التعريفي المبادئ والأهداف والإنجازات السامية التي تنهض بالإنسان ماديا وسلوكا. وبالتالي تُثقف فيه معاني احترام كرامة أخيه الإنسان ومؤازرته. وهكذا يكتسب السعادة ويعم السلام العالم. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: هل تتمتع الحضارة الراهنة بهذه المواصفات؟

إن الكثير من المعجبين بنمط الحياة الغربية لا يفرقون بين الحضارة الحقة ومظاهر الحضارة، لذلك نجد البعض يُقيِّم الحضارة برفاهية العيش وماديته وشعارات إشباع الحاجة دون أدنى اعتبار للقيم والمواقف الأخلاقية التي يجب أن ترافق كل تطور مادي. فالحضارة الإسلامية التي نورت الدنيا بشمس منجزاتها والتي لقَّنت البشريةَ معنى التحضر ما كان لها أن تصل إلى هذا المقام الرفيع إلا بترسيخ مقاصد الدين الحنيف في فكر المسلمين الأوائل وترسيخ المبادئ الأخلاقية التي جعلتهم يحدثون في كل المجالات أعظم انقلاب فكري وعلمي على الصعيد العالمي. ولقد بلغ تأثيره الإيجابي الذي جمع بين المادي والروحي درجة عالية من السمو بتقدير شتى المذاهب الفكرية والاجتماعية. في حين يفتخر خصوم الإسلام أصحاب الحضارة الراهنة بما أحرزوه من رقي وتقدم في مجالات علمية عديدة، ويعزلون القيم والإيمان عن الفكر والسلوك، نجد أن المعجبين بالحضارة الإسلامية من غير المسلمين حينما يستذكرون إنجازاتها يَعزونها إلى الإسلام وليس إلى الفكر البشري. ويطلقون عليها تسمية “الإسلام حضارة الإيمان”  – “Islam  Empire of Faith”

…المعجبين بالحضارة الإسلامية من غير المسلمين حينما يستذكرون إنجازاتها يَعزونها إلى الإسلام وليس إلى الفكر البشري. ويطلقون عليها تسمية «الإسلام حضارة الإيمان»

ولا شك أن نجاح المنهج الرباني في إشباع كل النـزعات الفكرية والمادية والروحية بشكل متوازن يحقق المصلحة الحقيقية للإنسان كفرد وكمجتمع. إن عالمنا اليوم يعاني من أزمة أخلاقية ضربت بالقيم عرض الحائط وشوهت المفاهيم الإنسانية النبيلة حتى صار نداءُ صحوة الضمير والفضيلة غوغاءً ونصرةُ المظلومين والمستضعفين فوضى، والعيشُ في كنف إطار ديني رجعيةً.

والحري بنا أن نتساءل في ظل ما تشهده الساحة العالمية منذ فترة طويلة: أين قوى الخير والسلام والعدالة عند الحكم على الشعوب المستضعفة؟ فلا شك أن حضارة العالم اليوم هي حضارة مزعومة أو بالأحرى حضارة الدجل التي بيَّن المصطفى بأفصح وصفٍ وكلم ماديتها وجورها وسطوتها واستنزافها للثروات والخيرات حيثما كانت. فقد أصبح واضحا في عصرنا الراهن دجلها ومعدنها، إذ فرضت على الشعوب الضعيفة رقًّا اقتصاديا وسياسيا بعدما استعمرتها وأنهكت مقوماتها. فأين عدالة الحضارة المعاصرة من  عدالة الإسلام التي حرمت الاستعباد والطغيان والاستغلال في شتى صوره؟

فالبشرية اليوم ما زالت من الناحية السلوكية أقرب إلى عصور الماضي الذي فتك القَوي فيها بالضعيف. وبالتالي فإن العقلية المادية وسلوكيتها هي حالة أخلاقية متردية لا ترتبط بزمان أو مكان، بل نجد آثارها في حضارات غابرة عند البحث في أسباب سقوطها وانهيارها.

لقد رسم الدين الحنيف للإنسانية جمعاء المنهج السليم في التفكير والسلوك.. عقيدة ومسلكا، وجعل من الأخلاق والقيم لبنة أي تقدم حضاري سليم وعادل. وبهذا الصدد نود أن نشير إلى النصيحية التاريخية الخالدة التي أسداها حضرة أمير المؤمين -ايده الله- إلى أعضاء الكنغرس الأمريكي خلال زيارة حضرته لمقره مؤخرا، حيث قال ما تلخيصه: “عليكم أن تتمسكوا بالعدل في كل الأحوال، وإن لم تقيموا العدل فلن تتمكنوا من المحافظة على حكوماتكم مهما كانت قوية. فعلى الأمم القوية أن تراعي الأمم الضعيفة، وهذا ضروري جدا لإقامة الأمن. فيجب أن تجلس الأمم كلها في مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة على قدم المساواة. ويجب ألا يمدّ بلد عينه إلى ثروة بلد آخر.”

وفقنا الله وإياكم لإحلال الأمن في عالمنا المضطربة أحواله، وهدنا لما يحبه ويرضاه. وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجميعن، آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك