مدينة بمبي... عبرة لأولى الألباب  مدينة

مدينة بمبي… عبرة لأولى الألباب  مدينة

يزيد أبو زيد

  • مدينة بومبي ايام حكم الامبراطور الروماني.
  • غزو البركان لمدينة بومبي

__

بومبي Pompei مدينة أثرية رومانية تقع في جنوب إيطاليا. جعلها الله آية للناس ليأخذوا منها العبر.

تقع مدينة بومبي (الرومانية) شرقي مدينة نابولي الإيطالية وتُطل على جبل بركاني اسمه فيزوف Monte Vesuvio . وقبل أن دمرها بركان فيزوفو Vesuvioيوم 24 أغسطس عام 97 ميلادي كان عدد سكانها ما يقارب عشرين ألف نسمة. وقد بقيت هذه المدينة مخفية أو بالأحرى مدفونة حتى القرن الثامن عشر حيث اكتُشفت عام 1748. والأمر المثير  للدهشة أن جثث الضحايا لم تندثر ولكنها بقيت على حالها متجمدة وفي نفس الأوضاع التي كانت عليها قُبيل غزو البركان للمدينة. كما كشفت عملية التنقيب مباني المدينة ومرافقها الاجتماعية ذات طابع اللهو والتمادي في الفحشاء.

ويُعد بركان “فيزوفو من أشهر البراكين في التاريخ، وقد كان أول تحرك له سنة 79م. واستمر لست عشرة سنة‏ صاحبها تشققات وهزات أرضية خفيفة ضربت جنوب إيطاليا، تلاها اضمحلال الصخور المتراكمة عند فوهته القديمة‏. حصل بعدها تمدد كبير وفجائي للغازات المحبوسة تحتها‏. ومع تزايد ضغط هذه الغازات حدثت انفجارات عنيفة نتج عنها طفوح بركانية غطت مدينة “بومبي‏”.‏ ولقد حاول العديد من سكان المدينة الفرار في قوارب بحرية، لكن الغازات والرماد والطفوح البركانية غطتهم جميعا، وهكذا اختنقوا ودُفنوا هم ومدينتهم تحت موجات الرماد المتراكمة‏.‏ وبالإضافة إلى مدينة بومبي‏ فإن مدينة أخرى مجاورة لبركان فيزوف (‏هيركولنيوم‏ Ercolano)‏ دُمرت هي الأخرى تدميرا تاما‏، ورقدت المدينتان تحت طبقة الرماد البركاني التي يزيد سمكها عن ستة أمتار‏.‏ ولقد بقيت هاتان المدينتان مختفيتين في طي النسيان لمدة ‏1700‏ سنة‏،‏ إلي أن اكتُشفتا وأزيحت الطبقات البركانية عنهما من قبل علماء التاريخ‏.

وتُطل مدينة بومبي على البحر الأبيض المتوسط حيث إنها كانت مدينة عامرة أيام حكم الامبراطور الرومانى نيرون ذات مجتمع روماني تقليدي يحوي طبقات اجتماعية عديدة بما فيها العبيد. وقبل دمار المدينة أهمل السكان العلامات الدالة على قرب الانفجار فلم يعبأوا بالهزات الأرضية الخفيفة ولم يبالوا بالسحب البيضاء التى تكونت فوق فوهة البركان. هذا بالإضافة أنهم لم يتعظوا من ويلات الزلزال الذى خرّب جزءا من مدينتهم قبل ذلك بسبعة عشر عاما ولم يستجيبوا لنداء حاكمهم الإمبراطور الرومانى نيرون بمغادرة المدينة. وقد يرجع ذلك إلى ظنهم أن في البركان خير كثير. حيث ساهم في غناء تربة أراضيهم بالمعادن فأصبحت زراعتهم مثمرة، بالإضافة إلى أن البركان هو سبـب الأمطار المتراكمة التى تروي زرعهم  نتيجة دخان الجبل البركاني المتصاعد إلى السماء.

والجدير بالذكر في هذا المقام أنه كانت هناك علامات واضحة على ثوران البركان قبل الانفجار بأيام، حيث حدثت عدة هزات أرضية جفت إثرها الآبار وتوقفت العيون المائية وصارت الكلاب تنبح نباحا غريبا حزينا كما أن الطيور توقفت عن الزقزقة. ولكن السكان لم يبالوا وتجاهلوها كلها إلى أن لقوا حتفهم وهم منشغلون بالتجارة واللهو. وقع ذلك عند منتصف نهار الرابع والعشرين من شهر أغسطس سنة 79 ميلادي حيث سمع السكان صدى ضجة كبيرة انفلقت إثرها الصخور وعم اللهيب والدخان المدينة وما جاورها وتصاعد الرماد والغبار إلى السماء. وبعد تصلبه خلال حوالي نصف ساعة تساقط بغزارة على رؤوس السكان ومباني المدينة. وتفاعلت السحب المتصاعدة مع البركان فاندفعت النيران بقوة صاحبتها هزات أرضية عنيفة كما ارتفع مستوى سطح البحر أو ما يعرف ب”تسونامي”، وتحول النهار إلى ليل معتم.

ولقد تمكن بعض السكان من الفرار في اتجاه الميناء واختبأ البعض الآخر فى المنازل والمبانى. وبعد بضعة دقائق لم تتمكن أسطحة المنازل والمباني تحمل ثقل الرماد المتهاطل بغزارة ومقذوفات البراكين الملتهبة فسقطت على من تحتها فتحولوا الى جثث متحجرة عُثر على حوالى  2,000 منها.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: هل ما حصل لهذه المدينة كان من جراء كارثة طبيعية أم عذاب من الله؟!

لقد عثر باحثو الآثار في  مدينة “بومبي” على نقوش ورسوم خليعة كثيرة  وتماثيل تدل على الانتشار الواسع للممارسات الجنسية غير المشروعة وكذلك للشذوذ الجنسي في المدينة. كما يؤكد الباحثون أن من عادات سكان المدينة أنهم كانوا يمارسون الجنس علناً حتى أمام الأطفال. وكانوا لا يخجلون أبداً من تصوير هذه المشاهد وعرضها أمام الناس في المنازل والبيوت، بل ويفتخرون بذلك! ويقول الباحثون إن انتشار الفواحش في هذه المدينة كان أكبر بكثير من العصر الحالي!وكانوا لديهم إلهاً للجنس عُثر على صور عديدة له، حيث كانوا يمجدونه ويقدسونه ويبالغون في تصوير ونحت الصور الجنسية الخليعة حوله. حتى إن الصور التي عثر عليها على جدران المدينة والتي وضعت في معرض خاص، لا يسمح لزواره باصطحاب الأطفال أو الشبان البالغين أقل من ثمانية عشر سنة.

وبالتالي فلا يخفى على دارس كتاب الله أن هذه المدينة ينطبق عليها قول الحق تبارك وتعالى:

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَاهُمْ مُبْلِسُونَ (1)

إنها العدالة الإلهية حيث يحوي كتاب الله تعالى بعض القَصص عن أقوام عذبهم الله بنفس العذاب وآيات بسبب ذنوبهم وهم لا يشعرون، يقول تعالى:

  أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ الله بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (2)

وبالفعل فإن هذه الآيات تنطبق على هذه المدينة وما شابهها من المدن التي حق عليها عذاب الله. ولقد توصل علماء الآثار أن البركان أهلك الناس أثناء ممارستهم لحياتهم اليومية ودون سابق إنذار. لذلك يحذرنا البيان الإلهي أن لا نقع في مثل هذه الأعمال أو أن نأمن ونطمئن لمثل هذه النهاية المفاجئة، يقول سبحانه:

أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (3) وَتِلكَ القُرى أهْلكْناهُم لما ظَلمُواوجَعلْنَا لمهلكِهِمْ مَوْعِدا (4)
Share via
تابعونا على الفايس بوك