الأحمدية أي الإسلام الحقيقي فرصة ثانية منحت للعالم

الأحمدية أي الإسلام الحقيقي فرصة ثانية منحت للعالم

سامح مصطفى

كاتب وشاعر
  • فيم تمثلت الفرصة الممنوحة للعالم بعد رحيل المسيح الموعود يا ترى؟
  • وهل استغل العالم تلك الفرصة كما ينبغي؟
  • ماذا كانت العاقبة يا ترى؟
  • ما العلاقة بين كتابي “فلسفة تعاليم الإسلام” و”الأحمدية، أي الإسلام الحقيقي”؟

 ___

 

أجواء التأليف

في سفره التاريخي عام 1924م، زار حضرة المصلح الموعود مرزا بشير الدين محمود أحمد لندن بغية المشاركة في مؤتمر الأديان العالمي، والمنعقد في ضاحية ويمبلي الشهيرة. لم يكن خطاب المصلح الموعود في مؤتمر الأديان ذاك يهدف إلى مجرد بيان محاسن الإسلام وأفضليته على سائر الأديان الحية، وإن كان هذا الهدف قد تحقق بالفعل على مدى الأيام التي ألقى فيها حضرته خطابه الموسوم بـ «الأحمدية، أي الإسلام الحقيقي» والذي ألفه حضرته خصيصا لهذا الغرض، في أقل من أسبوعين، بدءا من 24 مايو إلى 6 يونيو من عام 1924م، مبينا فيه محاسن الإسلام كدين حي بأحلى عبارة وأجلى بيان.

 

السبيل إلى إظهار فضل الإسلام على سائر الأديان

إن أفضلية أي دين وتفوقه يثبتان من خلال تقديمه حلولا للمشكلات المعاصرة، وبناء عليه فقد ثبت من خطاب حضرة المصلح الموعود  في لندن 1924م بما لا يدع مجالا للشك أن الإسلام هو الدين الحي الحائز على التأييد الإلهي وأنه الدين الحق، حيث يقدم حلولا ناجعة لجميع المشكلات الإنسانية التي بدت مستعصية لوقت طويل، الأمر الذي لم يتسنَّ للأديان الأخرى.

لقد شرع المصلح الموعود في إلقاء خطابه وكل كلمة من كلماته تشير إلى واقع الإنسانية المعاش، وقد ركز حضرته فيه على أمرين في غاية الأهمية، وهما:

الأمر الأول: صلة الإنسانية بخالقها (جل وعلا) وما يستتبع ذلك من استجابة الدعاء، وطبيعة الأعمال الصالحة، وطبيعة الوحي أو المكالمة الإلهية.

الأمر الثاني: العلاقات الإنسانية سواء كانت علاقات بين أفراد أو مجتمعات ودول أو مؤسسات، وكيف أن تلك العلاقات الإنسانية تصب بشكل أو بآخر في علاقة الإنسانية كلها بربها سبحانه وتعالى.

لقد كان من شأن هذا الخطاب القيِّم أن يحول دون نشوب أية حرب بمجرد إلقائه وذيوع خبره، فقط لو أصغى العالم لما تضمنه وما أشرنا إليه على استحياء في النقطتين سالفتي الذكر.

نسخة القرن العشرين من «فلسفة تعاليم الإسلام»

من يسعده حظه بقراءة «الأحمدية أي الإسلام الحقيقي»، والاطلاع على ظروف تأليفه وإلقائه على مسامع الملأ، ويكون ملمًّا بواقع الأحداث التي عاصرت نشر هذا الكتاب كمقال، ستلوح له مفارقة عجيبة، مفادها أن كتابا سابقا كان قد أُلِّف وقرئ لغرض مشابه تماما، وذلك في قرن خلا، أي القرن التاسع عشر، حيث عقد مؤتمر الأديان الأعظم الأول بلاهور الهندية عام 1896م، وألقى سيدنا المسيح الموعود خطابه الجليل «فلسفة تعاليم الإسلام»، وقد حاز هذا الخطاب ما حاز من آيات التفوق والسمو!

لقد كان كل من مؤتمري الأديان المذكورين (لاهور 1896 ولندن 1924) بمثابة ناقوسي خطر قُرِعا تحذيرا من حرب تعقبهما ببضع عشرة سنة، فمعلوم أن مؤتمر لاهور للأديان في زمن المسيح الموعود عقد عام 1896م وألقى خلاله المولوي عبد الكريم السيالكوتي مقال المسيح الموعود «فلسفة تعاليم الإسلام»، فلما كان من العالم ما كان، نشبت الحرب العالمية الأولى في 28 يوليو 1914م، أي بعد بضع عشرة سنة من إلقاء ذلك الخطاب الجليل، وتحديدا بعد 17 سنة من إلقائه.

الأمر ذاته تكرر بالنسبة لخطاب المصلح الموعود في مؤتمر ويمبلي للأديان الحية بلندن عام 1924م، والذي سرعان ما نشبت الحرب العالمية الثانية بعده خلال بضعة عشر سنة كذلك، وتحديدا 15 سنة.

ألا تشير تلك المفارقة العجيبة إلى ضرورة التفات العالم لكلام أولئك الأطهار، ولو على سبيل الحياد؟! إن الأمور التي دُعي إليها الناس في كلا الخطابين للمسيح الموعود وخليفته الثاني (المصلح الموعود) لا يختلف على جمالها وجدواها اثنان، حتى صرَّح كبار الزعماء المسيحيين أيضا عفويا بأن الأفكار المبينة في المقال فريدة ومتميزة بلا أدنى شك، من حيث الترتيب والحجة والجمال. حتى من ألد أعداء الإسلام أو الجماعة الإسلامية الأحمدية، فما بال الأكثرين تجاهلوها؟! والنتيجة كانت تكبُّد البشرية الخسارة الفادحة مرتين، وتبدو الثالثة على الأبواب.

 

الثالثة تلوح من قريب

الإنسانية على أعتاب حرب عالمية ثالثة، إن لم نقل أنها اقتحمت بالفعل في جحيمها، وفي كل مرة تنشب حرب ما، نجد المتسبب فيها يراجع نفسه في لحظات الندم متمنيا لو أنه لم يقدم عليها، ولكن بعد فوات الأوان، ولات حين مناص. وتظل الإنسانية تقاسي ويلات حروب طاحنة نتيجة أنها لم تتعلم من ماضي حماقتها، فبالأمس القريب طوى العالم سجل حرب عالمية ثانية، وإن لم يطوِ بعد سجل تبعاتها وآثارها الوخيمة. وعلى الرغم من هذا، يبدو أن العالم لم يستقِ بعد العبرة من تلك الحرب الثانية، فبات يؤجج نار الثالثة كما نشاهد اليوم ونسمع.

وفي خضم الحروب الناشبة لا ينفك العالم يتساءل بلسان حاله عن سبب تلك المآسي وعن مكمن شرارتها الأولى، لعله يتجنب وقوعها مجددا. غير أن الإنسان طالما تخدعه الأعراض فيظن خطأ أن العَرَضَ هو نفسه المرض، فيحاول عبثا مقاومة العرض ومحوه، بينما يظل المرض يعيث فسادا في سائر جسده، فكذلك الحال عند الاطلاع على التحاليل السياسية للصراعات العسكرية الدولية بشكل عام، ومنها تقارير حربين عالميتين غابرتين، طالما أُشيع عنهما أن أسبابا توسعية واقتصادية كانت المحرك الأساسي لهما بالدرجة الأولى. ففي خضم البحث في أرفف المكتبات التاريخية والصفحات الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية عن الدوافع والأسباب المنطقية لاندلاع هاتين الحربين العالميتين، نجد أن المعلومات المتجمعة لدى الباحثين لا تكاد تخرج عن الأسباب المادية أو ما يتعلق بها. وقد اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن تلك الأسباب ما هي إلا أعراض، إن لم تكن أسبابا مضللة عن عمد، ناهيك عن أن تكون هي السبب والدافع الرئيس وراء اندلاع الحروب العالمية، إنما السبب الرئيس وراء تلك المصائب هو تجاهل العالم لرجال الله وبشاراتهم ونُذُرِهم، ما لم يكن العمل ضدهم ومحاولة التخلص منهم في كثير من الأحيان. فالآن بات الأمر أكثر وضوحا، بحيث يمكننا القول بملء فينا أن السبب الرئيس لاندلاع الحروب العالمية كافة يكمـن في سنة قررتها الآية الكريمة:

وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (الزخرف: 37).
Share via
تابعونا على الفايس بوك