أنوار العلوم.. مصابيح على طريق العرفان الإلهي

أنوار العلوم.. مصابيح على طريق العرفان الإلهي

التحرير

  • ما هي أنوار العلوم يا ترى؟
  • فيم تتميز “أنوار العلوم” عما سواها من الإنجازات الإصلاحية؟

___

بداية وقبل المضي في سَرد افتتاحية عدد هذا الشهر، نقول إن فكرة عنوانها مُستَلهمةٌ من صورة غلاف عدد شهر نوفمبر الماضي، وكان إذَّاك يحمل تنويها لأحد كتب حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد الذي كان عنوانه «العرفان الإلهي». وكانت صفحات ذلك العدد من مجلة التقوى قد عرضت موضوع العرفان الإلهي من زاوية علاقته بحقوق الإنسان، بحيث يصل القارئ في النهاية إلى أن العرفان هو أسمى تلك الحقوق على الإطلاق، إذ لا تتحقق دونه كرامة الإنسان وغاية وجوده.. أما هذا العدد، فتعرض صفحاته موضوع العرفان الإلهي، أي خلاصة الدين النقية، هذه المرة من زاوية علاقته الوطيدة بالإصلاح والتقدم الإنساني بشكل عام وشامل.

إن أمورًا كثيرة تدعونا إلى القول بفكرة أن الدين كان في كل مكان وزمان بوابة العالم إلى التقدم في شتى مجالات الحياة، ولم يزل كذلك. ونعني بالدين في هذا السياق تحديدا خلاصة التعاليم النقية التي زوَّد بها الله كافة خلقه ليعينهم على أمور دنياهم، فلا يضلوا سبيل عرفانه أبدًا. فلسنا إذن نعني بالدين تلك الممارسات الكهنوتية المشْيَخِية، والتي دعت مفكرا ككارل ماركس إلى إطلاق حكمه التعميمي المجحِف والقائل بأن «الدين أفيون الشعوب»! بل إن ما نعنيه بالدين هو فكرة العلاقة المباشرة بين الله وخلقه، بما نتج عنه حركة الإصلاح والتقدم المستمرة منذ بواكير الوحي الأولى.. وعلى سبيل المثال، الكتابة، ذلك الاختراع المُذهل الذي لا نزال نجني أثماره إلى يومنا هذا، ظهر إلى الوجود لدواعٍ دينية بحتة، حتى إننا يمكننا عَدَّ الكتابة علما دينيا، ولو من حيث المنشأِ على الأقل. كذلك علوم الحساب والفلك وإعداد التقاويم، فكان مولد أولَ تقويم زمني عرفته الإنسانية في رحاب الدين.

والعباد فيما بينهم متفاوتون في درجات الصلاح، والصالحون لا يكتسبون هذا اللقب هكذا اعتباطا، إلا أن يكونوا مُصلحين لما حولهم ومن حولهم، فيتعدى إصلاحهم حدود أنفسهم إلى غيرهم من الناس.

ومن المصلحين من يدشنون المشاريع العائدة بشتى المنافع المادية والروحية على الخلق، كأن يفتتح أحدهم مخبزا أو مشفى أو يخصص أرضا زراعية يعود رَيْعُها على الفقراء والمساكين. ولا جرم أن مثل هذه المشاريع خيرية بالفعل، والمجتمعات بحاجة إلى مثلها كل حين، وهي عنوان مواساة، تزيد الناس تقاربا وأُلفة، ولكن ثمة مشاريع أبعد فائدة وأعظم مثوبة عند الله ، فلا ينحصر نفعها في إطعام بطون الجَوْعَى أو مداواة السُّقامَى، أي أن المصلح هنا لا يكتفي بالإعطاء، بل يأخذ بأيدي المعوزين إلى المعطي الأكبر، الله ، فأي إصلاح أعظم من ذلك؟! أن يأخذ صاحب المشروع الخيري بيد الخلق نحو خالقهم، وهذا بالضبط ما اضطلع به المصلح الموعود ونكاد نُعايِنُهُ في كامل “ببليوغرافيا” حضرته، أي قائمة مؤلفاته الطويلة من كُتب وخطب وخطابات وأقوال، والتي تضمنت النتاج الفكري لحضرته. ذلك النتاج الذي تراوح بين جهود فكرية مباركة بلغت أوج عظمتها في العمل التفسيري منقطع النظير للقرآن الكريم «التفسير الكبير». وجهود تربوية متمثلة في خطب وخطابات حضرته في شتى المناسبات والمواقف، وهي خطابات يرقى كل منها ليكون سِفْرًا مستقلا متكاملا، فاستحق ذلك النتاج الفكري المؤلَّف على مدى أكثر من نصف قرن أن يحمل اسم «أنوار العلوم».. فلو لم يكن للمصلح الموعود غير هذا الإنجاز لكفاه!

ليس بوسعنا، في صفحة أو اثنتين، إحصاء مناقبَ ذلك الرجل وأفضاله على الفكر الإنساني بوجه عام، والإسلامي بوجه خاص.

لم يكن حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد مجرد مصلح ديني أو اجتماعي أو شاعر مفكر تأثر الناس بفكره في عصر من العصور، إنه رجل ذو سِمَتٍ مختلف، ومجدد من طراز خاص، بحيث وصفه الله في إلهام للمسيح الموعود :

«إنّا نبـشّرك بـغلامٍ مَظهَرِ الحقّ والعُلا، كأنّ الله نزل من السّماء».

وإن سلسلة أنوار العلوم تُعد دون أدنى مبالغة مصداقًا قويا لتلك النبوءة المباركة التي تلقاها سيدنا المسيح الموعود في الإلهام المذكور، بشارة له بولادة ابن مبارك يتمتع بمناقب قَلَّما تَجتمع في إنسان، إلا أن يكون مصنوعا على عين الله ومؤيَّدًا بنصره .

فلا ينحصر نفعها في إطعام بطون الجَوْعَى أو مداواة السُّقامَى، أي أن المصلح هنا لا يكتفي بالإعطاء، بل يأخذ بأيدي المعوزين إلى المعطي الأكبر، الله ، فأي إصلاح أعظم من ذلك؟! أن يأخذ صاحب المشروع الخيري بيد الخلق نحو خالقهم، وهذا بالضبط ما اضطلع به المصلح الموعود ونكاد نُعايِنُهُ في كامل “ببليوغرافيا” حضرته، أي قائمة مؤلفاته الطويلة من كُتب وخطب وخطابات وأقوال

وها هو شهر فبراير الثامن والثلاثون بعد المائة بعد تلقي المسيح الموعود ذلك الإلهام المنطوي على نبوءة الابن الموعود المباركة، والتي يَثْبُت صدقها يوما بعد يوم، حتى بعد مُضيِّ عقود عديدة من لقاء ذلك الابن الموعود وجه ربه ، وفيه يصدر عدد مجلة التقوى مزدانا بعدد من المواد المحتفية بتحقق نبوءة المصلح الموعود، وواسطة عقد مواد العدد خطبة حضرة أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) التي يعرض فيها شواهد ملموسة لاستيعاب المصلح الموعود للبركات والعلوم الظاهرة والباطنة، وبالإضافة إلى كلمة حضرة أمير المؤمنين، ثمة العديد من المواد الأخرى ذات الصلة بالمصلح الموعود شخصيا بوجه خاص، أو بفكرة الإصلاح بوجه عام، أملا أن يكون لنا ولجميع القراء حظ وافر من ذلك الإصلاح، والله تعالى مِنْ وراء القصد.

Share via
تابعونا على الفايس بوك