كتبت جريدة المسلمون الدولية الأسبوعية بتاريخ 15 مارس 1991 مقالة حول المسلمين في جزيرتي “ترينداد” و” توباكو” وهذه هي المقالة بنصها كما هي ليطلع عليها كل من يهمه مصلحة الإسلام والمسلمين.
يقول صاحب المقال أن المسلمين في الجزيرتين بلغوا 12 بالمائة من عدد السكان، بينما الجرائد الأخرى كتبت أنهم 6 بالمائة. عندما كانت هناك فتنة ذهب ضحيتها عشرات من المسلمين قبل بضعة أشهر. كما يقول بأن معظم المسلمين من أهل السنة والباقي من المسيحيين الكاثوليك والهندوس واليهود وطوائف أخرى كالقاديانية وغيرها..
بأي حق وبأي شرع وبأي مذهب يحق لكم أن تخرجوا الجماعة الإسلامية الأحمدية من الإسلام؟ هل أصبح الإسلام ملكًا لكم تدخلون فيه من تشاءون، وتخرجون منه من تشاءون، أم أصبح المسلمون يحصلون على شهادة تمنح من طرفكم؟ أو هل أصبحتم باباوات القرون الوسطى؟
وبأي قانون اهتديتم لتغيير اسم هذه الجماعة من “الجماعة الإسلامية الأحمدية” إلى القاديانية؟
هل أصبح القانون عندكم بلطجة؟ ألا تشعرون بالخجل أمام العالم المتمدن؟ إن أي إنسان، أو أية جماعة، أو أية جمعية، أو أية شركة تجارية وغير تجارية إذا أرادت تغيير اسمها فإنهم يلجأون للمحاكم وللقضاء وللجهات المختصة في هذا التشريع ويكون هناك حلف اليمين في بعض الأحيان حتى يتمكنوا من تغيير الأسماء وبعدها يعلن على صفحات الجرائد عملية تغيير الاسم. فمن كلفكم بتغيير اسمنا ظلمًا. أهذه أخلاق إسلامية. يا من تسمون أنفسكم مسلمين. اسمنا الجماعة الإسلامية الأحمدية، شئتم أم أبيتم. نحن مسلمون رغم أنوفكم، ولا حاجة لنا لموافقتكم أو توقيعكم. إن الله يقول:
إن الإسلام معاهدة بين المسلم وربه الذي يعبده، وليس بين المسلم وأمثالكم. إن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ويؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويحج البيت إذا استطاع إليه سبيلا، ويؤمن بالآخرة ويوم الحساب والقدر خيره وشره. والمسلم من سلم الناس من يده لسانه. إن المسلم هو الذي لا يكذب، ولا يخون، ولا ينافق، ولا يؤذي أحدًا. بعد كل هذه العقائد وهذه الأعمال لسنا بحاجة لشهادة من أي إنسان على إسلامنا، خصوصا في هذا الوقت الذي أصبح فيه الكثير من المسلمين كما وصفهم سيدنا محمد ، لا يملكون من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، مساجدهم عامرة وهي خرابٌ من الهدى، وعلماؤهم شرُّ من تحت أديم السماء، منهم تخرج الفتنة وفيهم تعود. فلا حاجة لنا لموافقتكم على إسلامنا، ولا حاجة لنا لتوقيعكم، بل الأفضل لنا أن يكون الفرق بيننا ظاهرًا لجميع الناس.
أما شهادتنا فهي من الله موجودة في القرآن الكريم منذ 14 قرنًا؛
فالآخرين هم جماعة المسيح الموعود والمهدي المعهود. ولقد وقع على هذه الشهادة سيدنا محمد المصطفى عندما وضع يده الشريفة على كتف سيدنا سلمان الفارسي وقال في تفسير كلمة (وآخرين منهم) “عندما يكون الإيمان معلقًا بالثريا يناله رجل من هؤلاء” (أي من أمة سلمان الفارسي). (صحيح البخاري كتاب التفسير.).
فيا من تسمون أنفسكم مسلمين، الذي يملك هذه الشهادة من الله ومن أطهر خلق الله وأصفى أصفيائه وخاتم رُسله، لا يهمه لو وقف العالم كله ضده. والثواب على قدر المشقة. كما يوجد مع الجماعة الإسلامية الأحمدية رصيد من الشهادات التي نطق بها سيد المرسلين وخاتم النبيين منها قوله: “افترقت بنو إسرائيل إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار ما عدا فرقة واحدة”. وعندما سأله الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين: “من هم يا رسول الله”. قال: “هم الجماعة”. وفي قول آخر: “ما أنا عليه وأصحابي”.
فالجماعة الإسلامية الأحمدية هي وحدها التي ينطبق عليها اسم الجماعة لأنها جماعة تأتمر بأمر خليفتها قائدها الوحيد في جميع أنحاء العالم. ولها مجلس شورى طبقا لتعاليم القرآن الكريم: وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ (الشورى: 37).
وقوله :
فالجماعة الإسلامية الأحمدية هي التي وحدها التي بدأت كما بدأ الإسلام. وقوله : “تكون خلافة على منهاج النبوة”. فالجماعة الإسلامية الأحمدية هي وحدها في العالم الإسلامي تسير بخلافة على منهاج النبوة.
وقوله تعالى:
فلو نظرنا إلى تعاليم هذه الآية الكريمة نجد أن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي وحدها التي تقوم بهذه التعاليم بحذافيرها. إذ أن كثيرًا من الجماعات تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولكنهم بذات الوقت يحرضون الغوغاء من المتعصبين فتنشر المظاهرات والفوضى في البلاد، ويتعرض الأمن القومي في بلاد الإسلام للخطر. إنهم من جهة يوزعون ملايين المصاحف مجانًا، والمساجد المزخرفة التي تكلف ملايين الجنيهات، ولكنهم من جهة أخرى يعرضون البلاد للخطر الداخلي والخارجي. فما هي فائدة توزيع المصاحف وبناء المساجد؟ إن الله يقول: ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ (النحل: 124). فالجماعة الإسلامية الأحمدية هي وحدها التي تتصف بهذه الصفات، لأن وجودها في أي بلد من البلاد لا يثير المشاكل، ولا يأمرون الشعوب للمظاهرات وتكسير زجاج المحلات وحرقها ونهبها وحرق السيارات والسعي للانقضاض على الحكم وتغيير القوانين بالعنف. أظن أنه ليس هناك أحد ينكر الأحداث التي جرت وتجري في مصر وسوريا والأردن وتونس والجزائر وغيرها من بلاد الإسلام. إن الجماعات الإسلامية الأخرى لها مطامع سياسية وهدفها الاستيلاء على الحكم بأي بلد إسلامي وبأية طريقة كانت، مخالفةً بذلك تعاليم الإسلام وأهدافه. إن الإسلام وُجد لنشر السلام على الأرض سلميًا وليس بالعنف والاقتتال.
تقول جريدة المسلمون أن الإسلام دخل إلى تلك الجزر بواسطة إسبانيا عام 1533. ولقد جلبت إسبانيا أعدادًا كبيرة من أفريقيا للعمل في هذه الجزر. وقد اندثر معظم هؤلاء المسلمين بسبب عملية التنصير التي قام بها الأسبان حتى مجيء بريطانيا واحتلالها هذه الجزر في عام 1797. فلقد قامت بريطانيا بإلغاء الرق من أفريقيا، واستقدمت عمّالاً من شبه القارة الهندية، وكان معظمهم من المسلمين. ولقد استمرت الهجرات حتى استقلت هذه الجزر سنة 1962. ولقد ظلت هذه الجاليات المسلمة الهندية والأفريقية تكافح من أجل الثبات على دينها مما واجهوه من عداء تنصيري.
فيا حضرة من كتبتم هذا المقال، كان يجب عليكم، أولا، أن توجهوا الشكر لبريطانيا التي ألغت الرق ولم تجبر المسلمين ليتنصروا كما فعلت إسبانيا. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله. أو على الأقل أن تستروا على أنفسكم عندما شكرتم جيوش أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الجيوش التي قضت على الجيش والشعب العراقي.. هذه الجيوش التي فتكت بالنساء والأطفال والرجال وجعلت العراق بلدًا محروقًا. لقد وجهتم الشكر لهذه الجيوش وحكومتها، ومنحتم الأوسمة الرفيعة للضباط الذين أبادوا الشعب العراقي أطفاله ونسائه!
ثانيا، كان يجب عليكم أن تقولوا للناس من هم الذين أوقفوا عملية التنصير، ووقفوا يدافعون عن الإسلام كل هذه المدة عندما كنتم نائمين لا حراك لكم ولا أموال البترول تساندكم. هل تعلمون أو لا تعلمون، أم لا تريدون أن يعرف العالم الحقيقة التي تخفونها وتضعون عليها الغطاء؟ هل تظنون بأن الشعوب ستبقى عمياء تسير ورائكم بدون أن تميز الحق من الباطل والصحيح من الكذب. ألا فليعلم الجميع أن المسلمين الأحمديين هم الذين وصلوا إلى تلك الجزر قبل أن تسمعوا بأسمائها. كما وأنه لا يمكن لأية جماعة أو مؤسسة إسلامية في جميع أنحاء العالم أن توقف التنصير إلا الجماعة الإسلامية الأحمدية. إن دعاة الإسلام من غير الأحمديين يساعدون الناس على التنصر ويقفون حجر عثرة في تقدم الإسلام في أي مكان. وإليكم الأمثلة على ذلك. لنفترض أن بعض الدعاة من غير الأحمديين ذهبوا لبلد ما للدعوة الإسلامية في بريطانيا مثلاً. فيقولون للمسيحيين هناك: يجب عليكم أن تعتنقوا الإسلام لأنه الدين الكامل وأنه آخر الأديان، وأن سيدنا محمدًا خاتم النبيين. وبينما هم يتبادلون الحديث سألهم النصارى: ماذا تعتقدون بالمسيح ، أيها الدعاة المسلمون؟ فيقول لهم الدعاة: إن سيدنا عيسى نبي ورسول وإنه حي في السماء منذ ألفي سنة، وسينزل من السماء على جناح ملكين عندما يصبح المسلمون أّذلاء تتكالب عليهم الأمم كما تتكالب الأَكَلة على قَصعتِها. فيأتي المسيح ويستردّ للإسلام عزته. عندها يقول المسيحيون في أنفسهم: هل من المعقول أن نترك النبي الحي ونتبع النبي الميت؟ هل من المعقول أن نترك النبي المعزز المكرم في السماء منذ ألفي سنة، ونتبع النبي المدفون في الأرض كباقي الناس؟ ثم يسألون الدعاة سؤالا آخر: وماذا أيضا تعتقدون بالمسيح أيها الدعاة المسلمون؟ فيقول لهم الدعاة: إن للمسيح معجزات عظيمة ومتميزة؛ كان يحيي الموتى، ويخلق الطيور، ويعلم الغيب، ويبرئُ الأكمه والأبرص.
فيقول المسيحيون في أنفسهم: كيف يمكن لنا أن نترك النبي الذي كان يحي الموتى، بينما جميع الأنبياء بما فيهم نبي هؤلاء لم يستطيعوا أن يحيو بعوضة. وكيف يمكن لنا أن نترك النبي الذي كان يخلق الطيور بينما كل الأنبياء بما فيهم نبي هؤلاء لم يستطيعوا أن يخلقوا ذبابة. وهكذا كتابهم يقول:
بعدها يسألونهم سؤالا آخر: وماذا تعتقدون أيضًا بالمسيح ؟ فيقول لهم الدعاة: إن كان خلق منذ آدم وحتى اليوم بما فيهم سيدنا محمد مسهم الشيطان، وكل من يخلق حتى يوم القيامة سيمّسه الشيطان. أما الوحيد الذي لم يمسه الشيطان فهو المسيح وأمه فقط. هكذا مكتوب في البخاري كتاب الأنبياء باب قوله تعالى:
فيقول النصارى في أنفسهم: هل هؤلاء الدعاة مجانين؟ إنهم يدعوننا أن نترك النبي الطاهر الذي لم يمسه الشيطان حتى إن أمه لم يسمها الشيطان ويدعوننا إلى نبي مسه الشيطان؟
ثم يسألونهم سؤالا آخر: وماذا أيضاً تعتقدون بالمسيح ؟ فيقول لهم الدعاة: إن المسيح تكلم عندما ولدته أمه إذ ناداها من تحتها وقال لها:
وعندما هزت سيدتنا مريم الشجر تساقط عليها الرطب ولم يكن ذلك موسم الرطب. كما أنه مكتوب عندنا في القرآن الكريم بأن سيدنا عيسى تكلم وهو في المهد، إذ تكلم كلامًا إعجازيًا أفحم به علماء اليهود إذ قال لهم:
أرأيتم، أيها النصارى، كم من المعجزات قام بها المسيح ، بينما مكتوب عندكم في الإنجيل أن المسيح كان يمشي، فنظر شجرة التين بعيدة، وأراد أن يأكل بعض التين منها. فتعب حتى وصل إليها، ولكنه لم يجد عليها التين. فدعا عليها فجفّت وأصبحت قطعة من الحطب. أريتم أيها النصارى كم نحترم سيدنا عيسى ونقدسه؟
بعدها يسأل النصارى هؤلاء الدعاة: لو رفضنا أن ندخل في دينكم فما هو الحل عندكم؟ فيقول لهم الدعاة في شريعتنا ثلاثة حلول وهي: إما الإسلام، أو الحرب، أو دفع الجزية عن يدٍ وأنتم صاغرون.
عند ذلك يتأكد للنصارى أن هؤلاء الدعاة لا عقل لهم. إنهم لا يستطيعون حرب أية دولة في العالم، ولا يوجد عندهم الإمكانيات لذلك، حتى إنهم استدعونا لحمايتهم من صدام حسين، والآن يهددوننا: إما الإسلام أو الحرب أو الجزية.
عندما يجتمع القساوسة ويفكرون ويقولون في أنفسهم: إن العالم المسيحي اليوم ابتعد عن الدين ولا يؤمن بالمسيحية، وأصبحت حياتنا صعبة مع شعوبنا حتى أصبحنا في بعض الأحيان نبيع كنائسنا أو نحولها إلى فنادق أو جمعيات خيرية وغير ذلك. وإن وجود هؤلاء الدعاة المسلمين بيننا بما يحملونه من عقائد سوف يُساندنا لإقناع ما تبقى من المسيحية على عقائدهم، كما تُساعدنا هذه العقائد لإثبات أن المسيح هو ابن الله، إذ لم يبق أي شيء لإقناع الناس بألوهية المسيح. عندما يقول القساوسة للدعاة المسلمين إننا نرحب بكم في بلدنا ويمكن لكم أن تدعوا الناس للإسلام وكل واحد عندنا حر، وقالوا بلدنا لا يكره الناس حتى يكونوا مسلمين أو غير مسلمين. (أما الإسلام أو الحرب، أو دفع الجزية) سيكون لنا معكم شأن آخر.
والآن يا حضرات القائمين على جريدة المسلمون الأسبوعية الدولية، أليست هذه عقائدكم بالمسيح ؟ أبهذه العقائد تريدون من المسيحيين أن يعتنقوا الإسلام؟ أبهذه العقائد يقاوَمُ التنصير؟؟
أخيرًا نصيحتي لكم أنكم لو اجتمعتم مع علماء من الجماعة الإسلامية الأحمدية لتتشاوروا في عملية مقاومة التنصير ستشعرون وتتيقنون أنهم الوحيدون في العالم الذين يستطيعون مقاومة التنصير. وأظن بعدها ستقتنعون بأن هذه الجماعة هي جماعة إسلامية مأمورة من الله لإظهار الإسلام على الدين كله.
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين.