أي العقائد صحيحة معقولة عقائد المسيحية أم عقائد الإسلام؟؟

أي العقائد صحيحة معقولة عقائد المسيحية أم عقائد الإسلام؟؟

أبو العطاء الجالندهري

 العقيدة الأولى

من عقائد المسيحية أن كل مولود يولَد من بطن أمه مجرمًا آثمًا، ويدخل إلى العالم وكاهله ينوء بثقل الإثم والخطيئة، ذلك لأن أبا البشر آدم أخطأ وخطيئته تسربت إلى جميع الأجيال والذريات، فلا بد أن يكون كل إنسان مذنبًا منذ تلك اللحظة التي تنبض فيها عروقه ويجري في عروقه دم.

والإسلام يقول بأن كل إنسان يولد طاهرًا نقيًّا ويأتي إلى الدنيا، دار العمل، بلا ذنب أو خطيئة. لا شك أن آدم أخطأ ولكن خطأه، لا خطيئته، لم يكن عازمًا، فلم يكن حاجزًا بينه وبين ربه ولم يؤثر في روحانيته، بل زاده الله إنابة وتقربا إليه. وعلى كل حال لا رابطة بين خطأ آدم وبين تأثيم ذريته أجمعين، ولا يعقل أن الآباء أكلوا حُصْرُمًا وأسنان الأبناء ضرست.

ومن الواضع أن عقيدة المسيحية تخالف العقل تمام المخالفة، إنها تقول بنجاسة الفطرة البشرية من حيث الأصل، وفيه، كما ترى، إجحاف مقامها السامي وضربة قاضية على الغاية التي خلق الإنسان لأجلها.

العقيدة الثانية

إذا بلغ الإنسان رشده وعرف الخير والشر يكون مؤاخذا بما يعمل ومسئولا عما يقترف. وقد يرتكب الإنسان الذنوب ويجترح الآثام، فهل له من توبة تغفر الذنوب وتكفر عن خطاياه؟ ومما لا شك فيه أن الإنسان بفطرته يجنح إلى التوبة ويظهر الندم على ما فرط منه. ويعقد قلبه على ألا يعود إلى تلك السيئة ثانية. وكذلك من فطرة النبلاء أنهم يغفرون للذين يسيئون إليهم ويتغاضون عن مساوئهم عندما يرون منهم ما يوجب الإصلاح بغير عقاب آخر. فالتوبة الحقة شيء فطري ونتيجتها، غفران الذنب، أيضا شيء فطري. وعقلا إن لكل داء دواء ولا بد للسم من علاج، وينبغي أن يكون العلاج أيضا في متناول الإنسان نفسه كما كان استعمال السم في اختياره.

إن المسيحية تقول بأن هذه التوبة لا تجديك نفعًا وإن الرب لا يغفر ذنبك بتوبتك، ومهما رجعت الى الله وتضرعت فلن يتركك دون عذاب، لأن هذا، كما يزعم النصارى، يخالف عدل الله. وأما الدين الإسلامي فهو يقول بأن التوبة المنبعثة من أعماق قلب المذنب تغسل كل آثامه وتذهب بجميع خطاياه ويكون التائب كمن لا ذنب له. فانظر هداك الله أي العقيدتين توافق العقل والفطرة؟

العقيدة الثالثة

من التعاليم الإسلامية أن الله واحد لا شريك ولا ند ولا كفو له، وهو واحد في ذاته وصفاته وأفعاله، وهو وحده يستحق العبادة والسجود لم يلد ولم يولد، ولم تكن له صاحبة. وأما المسيحية تقول بأن الآلهة ثلاثة: أب وابن وروح القدس، كل واحد منهم إله كامل ولكنهم واحد أيضًا.

ولست أحتاج إلى القول بأن عقيدة التثليث تنافي العقل لأنك لا تجد أحدًا من القسوس وتناظره في مسألة التثليث، إلا ويقول لك إن هذه العقيدة لا تدخل في العقل ولا يجوز لك البحث فيها من حيث العقل. فعقيدة التوحيد الإسلامي معقولة وعقيدة التثليث النصراني غير معقولة وشتان بينهما. فلا يخدعنك قول أبله بأن التوحيد يمكن اجتماعه مع التثليث وقد قال الدكتور زويمر:

“وإن رسالة محمد مهما كان تأثيرها في تاريخ العرب وتأسيس التوحيد في أيام الجاهلية ما كانت نتيجة إلا تغطية لوجه يسوع” (السر العجيب: 55).

العقيدة الرابعة

ولد طفل قبل عشرين قرنا تقريبًا من بطن امرأة، وشب ترعرع كما يشب ويترعرع أولاد الناس حتى بلغ الثلاثين، وعند ذاك نزل الوحي عليه وحي الرب. فقام منذرًا بني قومه ومصلحًا شؤونهم كسائر أنبياء الله. فلم يصغوا إليه بل ناصبوه العداء، وفي قول النصارى، أخذه اليهود، أعداءه، وقتلوه بالصلب في بحر ثلاث سنين من دعوته.

والآن تطلب الديانة المسيحية من كل عاقل لبيب أن يؤمن بأن هذا الرجل الذي كان في جميع أموره من أكل وشرب وتعب ومنام كبقية الرجال، هو إله كامل خالق الكون وبارئ النسم. وأما الإسلام فيقول:

مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ

فإليك، أيها القارئ العزيز، أن تحكم أي العقيدتين صحيحة معقولة؟

العقيدة الخامسة

ومن عقائد المسيحية أن المسيح مات مصلوبا وحمل ذنوب جميع النصارى وصار كفارة عنهم، لأنه هو المعصوم الوحيد دون خلق الله. وأنت ترى أن لهذه العقيدة ثلاث شعب:

  1. إن المسيح وحده المعصوم لأن لم يكن له أب، وهذه الشعبة لا يقبلها عقل لأن آدم لم يكن له أب ولا أم ومع ذلك ما كان معصومًا عند النصارى. وكذلك كان ملك صادق ساليم “بلاد بلعام” (العبرانية 7: 3)، وما كان معصومًا عند النصارى. ثم هنالك رجال مثل يوحنا المعمدان وهابيل، ونساء مثل اليصابات ومريم لم يقل (الكتاب القدس) بذنبهم، بل ذكر قداستهم. فلم تبق للمسيح ميزة. وبالعكس ينسب الإنجيل إلى المسيح عدة ذنوب مثل الكذب وإخفاء الدعوة واستعمال القسوة مع الأم (راجع يوحنا: 7 ومرقس: 8 ويوحنا: 2) وأما الولادة من المرأة وحدها فهي التي تجعل المولود أكثر ذنبا وأعظم إثمًا لأن الكتاب يقول: “وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةً أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي.” (تيموثاوس 14:1). فلو أخذنا بقياس النصارى لكان المسيح أكبر ذنبا وأعظم خطيئة، نعوذ بالله.
  2. إن المسيح مات مصلوبا، وهذه الشعبة أيضًا غير ثابتة لأنه لم يوجد ولا شاهد واحد من النصارى الأوائل على أنه رأى المسيح ميتا على الصليب رؤية عيان. ومن ناحية أخرى هذا الموت يسبب له اللعنة الإلهية حسب التوراة ويبطل كثيرًا من أنباء المسيح!
  3. أنه صار كفارة لذنوب بني البشر؛ وهذه الشعبة كما لا يخفى عليك أشد تعارضًا مع العقل لأنه لا رابطة بين موت المسيح الصليبـي وبين غفران الذنوب، وكيف يتحقق عدل الله في أخذ واحد بدل ملايين الناس وفي أخذ بريء بدل المجرمين؟ ثم كيف ترجو رحمته ممن يذبح ابنه من غير شفقة؟!

وأما الإسلام فيقول إن المسيح معصوم من الذنوب كجميع المرسلين. أما القول بحمل ذنوب الناس فغير صحيح لأنه وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى . والواقع أنه لم يمت مصلوبًا ولا مقتولاً بل مات حتف أنفه كموسى نبي الله عليهما السلام.

العقيدة السادسة

من العقائد المسيحية أن الأنبياء والمرسلين والعهود والشريعة كل هذا لبني إسرائيل فقط (رسالة بولس إلى أهل رومية 9: 4و5). وأما الأقوام الأخرى والأمم غير بني إسرائيل فحرمت النبوة والكلام الإلهي والقانون السماوي. فلم يبعث فيهم نبي ولم يرسل إليهم رسول.

وأما الديانة الإسلامية فتقول: وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ويقول تعالى:

وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ .

فجميع أمم الأرض بعث فيهم مرسلون وجاءهم النذر، لأن الله رب العالمين لا رب إسرائيل فحسب.

فترى أن الأسس التي ترتكز عليها الديانة المسيحية وتختلف فيها مع الديانة الإسلامية هي أسس غير معقولة لا تثبت عند البحث والتمحيص.

Share via
تابعونا على الفايس بوك