
جاء في السنة الشريفة عن سيدنا خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد جمع الصحابة للصلاة والدعاء عند حادثة كسوف للشمس. ولذلك فإن المسلمين، واتّباعا لسنّة أكمل خلق الله سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم يتوجهون عند حدوث كسوف للشمس بالصلاة إلى الله سبحانه وتعالى والدّعاء إليه عز وجل بأن يحفظهم من أي سوء أو مصاب أو بلاء قد ينزل بالأرض والناس.
ومن منطلق العمل على هذه السنة الشريفة، دعا حضرة أمير المؤمنين، أيده الله بنصره العزيز أفراد الجماعة في لندن قبل أيام، لأداء السنة الشريفة بصلاة ركعتي صلاة الخسوف والدعاء لله عز وجل أن يحفظ المسلمين والبشرية من سخطه وغضبه، وأن ينجيهم من عذابه. وحث حضرته الحاضرين على أداء صدقة.
ولقد صلى المسلمين الأحمديون سنة صلاة الخسوف وراء إمامهم الذي بدا من صوته أثناء قراءته المطوّلة من القرآن الكريم ومن بكائه الخاشع وفي سجوده أثناء فترة الكسوف، أنّ حضرته قد كان غاية في التأثر والخشوع بشكل متميز. الأمر الذي أشعر المصلّين بأن حضرته قد كان يدعو في سجوده بحرقة كبيرة ليحفظ المسلمين والعالمين من سخطه وغضبه.
ولعل بعض الناس لا يجدون ضرورة لذكر احتمال نزول عذاب أو بلاء بعد حادثة الكسوف، لأن حادثة كسوف الشمس إنما هي من الحوادث الطبيعية التي لا علاقة لها بالنوازل والكوارث على الإطلاق!
ونحن نقول بأن ثمة حق لكل معتقد أن يعتقد ما يشاء، ولكننا نرجو من القارئ الكريم السماح لنا بأن نلفت نظره إلى وقائع ماديّة ملموسة منها ما حدث مباشرة وفي اليوم التالي، ومنها ما حدث بعد أيام قليلة وسمع بها العالم أجمع. فأما الحدث الاوّل فهو هبوب عاصفة (تورنادو) مدمِّرة على مدينة SALTLAKE (سولت ليك) في كاليفورنيا بأمريكا حيث بدا المشاهد في أخبار التلفزيون، وكأنّ عملاقًا هائلاً قد حطّم بقدميه مدينة ألعاب الكرتون الهش، فبدت خربة محطمة تركبُ جدرانها على سقوفها، وتخرج أبوابها من شبابيكها، وقد تناثرت أسواقها، وتطايرت خزائنها ومستودعاتها!
وبعد أيام قليلة فقط فُجع العالم كله بالزلزال الأخير الذي حدث في تركيا والذي رفع الأرض عاليها سافلها، وقلب بيوت ستين ألف من الناس رأسًا على عقب، وتمايلت الأبنية منهارة بعضها على بعض، وردمت من ظل تحتها، فصار الأحياء يستسخرون الموتى ويدفنونهم في مقابر جماعية حتى ضاقت بهم القبور، فعمدوا إلى حفر جعلوها مقابر جماعية يدفنون فيها موتهاهم الذين زلزلت الأرض بيوتهم وشوارعهم وسقفهم وجدرانهم وأهلكتهم جميعًا بضربة واحدة! نحن نقول إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وكذلك ندعو الله بالرحمة لمن مات، وبالعزاء والسلوان لمن بقي من أهلهم وذويهم، كما ندعو الله عز وجل أن يحفظ العالم كلّه من مثل هذا المصاب أو غيره بأي شكل كان.
ونرجو من الله العفو الغفور الرحمن الرحيم أن يرحمنا ويرحم أهلينا وأولادنا والناس جميعًا من شرّ كل بلاء ومصاب مهما كان نوعه ومصدره، ونسأله أن يعفو عنا ويغفر لنا ويرحمنا، وألّا يأخذنا بذنوبنا وخطايانا، ونقائصنا.
وهنا نعود إلى فكرة ضرورة الدّعاء بخشوع وإلحاح أن يحفظ الله العالم من سخطه وغضبه الذين يتجليان في أشكال كثيرة منها الزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية. ونحن على يقين من أنّ إمامنا أيده الله تعالى بنصره العزيز، لم يدْعُ للمسلمين فحسب، بل إنه قد دعا للبشرية قاطبة في العالم أجمع، فهو خليفة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، الذي هو غلام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والذي هو رحمة الله للعالمين. وبما أن سيدنا أمير المؤمنين هو الإمام والخليفة العامل على نشر رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم -رحمة للعالمين- فلا بد أن يكون في دعواته رحمة الله إلى العالمين أيضًا اقتداءً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ولا بد هنا من لفت نظر المسلمين بل وحتى المسيحيين إلى أن يتذكروا أنه قد جاء في القرآن الكريم وأحاديث سيدنا خاتم النبيين، وكذلك في الإنجيل، أن ثمة زمان سيأتي يتّصف بالبلايا الكثيرة التي ستتمثل في انتشار الحروب أو الخوف من الحروب في كل البلاد والممالك بالإضافة إلى انتشار الكثير من الزلازل في كل مكان، وأن هذا سيكون له علاقة أيضًا بمشاهدة الناس للخسوف أو الكسوف بين حين وآخر كما أنه سيكون له علاقة بزمن ظهور الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام.
نحمد الله الذي عافانا مما ابتلى به كثيرًا من خلقه، وفضّلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً.
ونرجو من الله العفو الغفور الرحمن الرحيم أن يرحمنا ويرحم أهلينا وأولادنا والناس جميعًا من شرّ كل بلاء ومصاب مهما كان نوعه ومصدره، ونسأله أن يعفو عنا ويغفر لنا ويرحمنا، وألّا يأخذنا بذنوبنا وخطايانا، ونقائصنا.
ربنا اغفر وارحم وأنت خير الراحمين.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.
ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا..
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ..
واعف عنا..
واغفر لنا..
وارحمنا..
أنت مولانا، فانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم آمين. وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.