حركة حكومة باكستان نحو إغلاق مجلّات ودوريّات أحمديّة
الشّرطة في باكستان تهاجم مساجد المسلمين الأحمديّين وتنتهك حرمتها.
تشير الأنباء الواردة من باكستان إلى أنّ الحملة المسعورة ضدّ المسلمين الأحمديّين، والجهود الرّامية إلى سحق الحقوق الأساسيّة الإنسانيّة للجماعة الإسلاميّة الأحمديّة في باكستان لا تزال مستمرّة لا تخمد. وفيما يلي آخر الحلقات في سلسلة عدوانهم ضدّ الجماعة البريئة المسالمة.
ربوة: بتعليمات من الإدارة المحليّة، أصدر مدير شرطة محافظة (جانج) أوامره لتسجيل سبعة محاضر لقضايا ضدّ جريدة (الفضل) اليوميّة، وأربع دوريّات أخرى هي: المصباح، التّحريك الجديد، أنصار الله، تشحيذ الأذهان. ويضمّ الاتّهام أحد عشر صحفيًّا أحمديًّا. وداهمت الشّرطة يوم 19/5/89 مطبعة (ضياء الإسلام) ومطبعة (جديد)، ومنزل السّيّد القاضي منير أحمد، ومدير ومحرّر جريدة (الفضل)، وذلك للقبض عليهم، ولكنّها لم تعثر عليهم.
ويوم20/5/1989 اعتقلت الشّرطة السّيّد أنور أحمد، شقيق السّيّد مبارك أحمد خالد النّاشر لمجلّة الأطفال (تشحيذ الأذهان)، وذلك عند مغادرته لحافلة عامّة، ورفضت الشّرطة الإفراج عنه حتّى يحضر أخوه السيّد مبارك أمام الشّرطة.
محافظة جوجرنوالا: هاجم جماعة من مناهضي الأحمديّة مسجدًا أحمديًّا يوم 1/5/1989 في بلدة (علي بور جطهة) محافظة جوجرنوالا. وذلك بعد أن غادره المصلّون الأحمديّون مساءً. نثر المعتدون البترول على الأبواب، وأشعلوا النّيران.. وقد أسرع الأحمديّون بالعودة إلى المسجد وتمكّنوا من إخماد النّيران.
محافظة سرجودا: في يوم 22/5/1989أغارت فرقة من الشّرطة (25 رجلاً)، مسلّحين بالبنادق والهراوات على مسجد للأحمديّين في قرية (جك 98 شمالي سرجودا).. وأزالوا كلمة الشّهادة الإسلاميّة (لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله) من ثلاثة مواضع بالمسجد، بين كلمات الاحتجاج من المسلمين الأحمديّين.
وفي يوم 17/5/89 أغارت فرقة من شرطة الطّوارئ الباكستانيّة (14 رجلاً) على مسجد في قرية (جك46)شمالي سرجودا، ومسحوا الكلمة الطّيّبة (لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله) المحفورة في جدار المسجد، واستخدموا لذلك المطارق، وغطّوا الكلمة الطّيّبة المكتوبة على لوحة نحاسيّة بالطّلاء الدّاكن.
وقد تمّت كلّ تلك العمليّات تحت إشراف الحاكم المحلّي.
والجماعة الإسلاميّة الأحمديّة تلفت انتباه العالم إلى هذه الممارسات غير الإنسانيّة الّتي تنتهك بها حكومة باكستان وخاصّة حكومة إقليم (بنجاب)حقوق الإنسان، وتهيب بالعالم أن يرفع الصّوت عاليًا ضدّ هذه المظالم.
مصرع أحمدي والاعتداء على آخرين
وصل تقرير بمصرع الدّكتور منوّر أحمد من (سكرند) من محافظة (نواب شاه)، الّذي أطلق عليه النّار يوم 14/5/89 السّاعة الثّالثة مساءً عندما كان في عيادته. قال شاهد عيان أنّ مسلّحَين أحدهما وقف يراقب بالخارخ، بينما دخل الثّاني، وأطلق النّار من مسافة قريبة. مات الطّبيب الأحمدي للحال.
جاءت الشّرطة، وعملت تحقيقًا بالحادث ولم تقبض على أحد حتّى الآن.
عمليّة نواب شاه:
احتفلت الجماعة الإسلاميّة الأحمديّة بعيد الشّكر المئوي على تأسيسها، وذلك بعقد لقاءات وأداء وتقديم الصّدقات وإطعام الفقراء ومساعدة المحتاجين. وجمّلوا المسجد بالأنوار والزّينات.
كره أعداء الأحمديّة ذلك، وامتلأت قلوبهم غيظًا لمرأى ابتسامة الشّكر والرّضا على وجوه الأحمديّين صبيحة يوم الثّالث والعشرين من مارس1989، فبيّتوا النّيّة على مهاجمة المسلمين الأحمديّين وممتلكاتهم.
يوم 25/3/1989 تجمّع حوالي 150 من السّفلة والأوباش، وساروا في موكب، وهاجموا محلاً للأدوات الكهربائيّة يملكه السّيّد ناصر أحمد أرائين الأحمدي. واستدعيت الشّرطة.. الّذين غضّوا النظر عن المجرمين، واعتقلوا صاحب المتجر!!
قد يبدو هذا عجيبًا في نظر العالم، ولكن هكذا الحال في باكستان اليوم، منذ نظام ضياء الحقّ الدّيكتاتوري. ففي حالات كثيرة اعتدى المشائخ المتعصّبون وأتباعهم على الأحمديّين، وكانت الشّرطة يتركون الجاني، ويعتقلون الضّحيّة مادام أحمديًّا.
بعد ذلك بثلاثة أيّام هاجم المشائخ مكتبة للأحمدي ميان محمّد شاهجهابنوري وحطّموها، ولم تقبض الشّرطة على أحد.
وتشجّع المشائخ، وقاموا بحملة مكثّفة لتأليب الرّعاع في المدينة، وشحنهم بالكراهية والعنف ضدّ الأحمديّين. فسبّوهم في الطّرقات وهدّدوهم بالقتل. كما وجّهوا سبابا بذيئًا وشتائم مؤذية ضدّ مؤسّس الجماعة الإسلاميّة الأحمديّة (عليه السّلام) وضدّ إمام الجماعة الحالي (أيّده الله بنصره العزيز)، وضدّ كبار الأحمديّين. ووضعوا المنشورات في الأماكن العامّة بتكفير الأحمديّين، وحرّضوا الجماهير على مقاطعة الأحمديّين وقتلهم. وكان ردّ فعل ذلك عند المسلمين الأحمديّين هو ردّهم المألوف: الصّلوات والدّعاء إلى الله العليّ القدير.
في أوّل ابريل 1989، وصل المحامي الأحمدي السيّد علي أحمد طارق من كراتشي إلى دار المحكمة ليقدّم طلبًا للإفراج عن السيّد ناصر أحمد بكفالة، فاحتشد المشائخ حوله وحاولوا ضربه، بل وهدّدوا القاضي بالعواقب السّيّئة إذا ماقبل طلب الإفراج.
ولكنّ القاضي خذلهم، وأفرج عنه يوم 10/4/1989.
في يوم15/4 السّاعة السّادسة والنّصف صباحًا، انصرف معظم المصلّين الأحمديّين بعد صلاة الفجر في مسجدهم المحلّي، وإذا بعدد يبلغ الثّلاثين من الشّبّان بقيادة المشائخ يقذفون المسجد بالأحجار ويحطّمون النّوافذ. ثمّ قفزوا فوق الجدران إلى الدّاخل حيث وجدوا السيّد لئيق أحمد طاهر إمام المسجد، ومعه السيّد ميان محمّد سليم شاهجهابنوري وهو شيخ أحمدي في الثّمانين من عمره. فهاجموهما وضربوهما ضربًا مبرحًا، وألقوا بالشّيخ العجوز إلى الأرض، وجرحوا إمام المسجد الّذي كتب يصف الواقعة ويقول:
“أمسك بي أربعة أو خمسة، ولكموني في جميع أجزاء بدني. واعترضوا على كتابة الكلمة الطّيّبة (لا إله إلّا الله محمّد لرسول الله) على المسجد. واعترضوا أيضًا على أن يقرأ الأحمديّون القرآن لأنّهم غير مسلمين على حدّ قولهم، فليس لهم الحقّ في قراءته. حاولت إقناعهم بأنّ القرآن المجيد هو كلمة الله، ولذلك نحبّ قراءته، ولكنّهم لم يسمعوا لي. تقدّم إليّ شيخ منهم وصفعني على وجهي، وحثّ الآخرين على الاستمرار في ضربي قائلاً: حطّموا فك هذا الكلب القادياني حتّى لايتمكّن من قراءة القرآن.
في أثناء ذلك جمع الباقون الحصير والمطبوعات بما فيها المصاحف، وكذلك أثاث المسجد، وجعلوه كومة، وأشعلوا فيها النّار. وأمسكوا بالشّيخ المسنّ ليدفعوا به إلى النّار، فاحتجّ الشّيخ بأنّه صائم وخوّفهم من عذاب الله. فضربوا رأسه بالحائط، وسال الدّم من جبهته. وعندئذٍ كان الدّخان قد ملأ المسجد. فأسرعت العصابة بالانصراف خشية الاختناق. وتركونا وحدنا في الدّاخل بعد أن أوصدوا الباب من الخارج علينا حتّى لا نهرب.
تحامل الشّيخ حتّى دخل غرفة مجاورة، وتمكّنت من الصّعود إلى سطح المسجد. ومن هناك رأيت الحشد قد زاد حتّى بلغ المائتين. وما أن وقعت أنظارهم علي حتّى رموني بالأحجار.
حاولت النّداء على السّيّد محمّد يوسف الأحمدي وأبنائه الأربعة لمساعدتي، حسبت أنّهم يسكنون في منزل بالقرب من المسجد. ولكنّهم لم يستطيعوا الاقتراب، لأنّ العصابة أغلقت باب منزلهم من الخارج. ولم يكن أمامي من مهرب سوى القفز إلى منزل جار المسجد وهو غير أحمدي، وكانت له معنا علاقة طيّبة في الماضي. ناديت عليه، واستأذنت منه، وقفزت إلى منزله، وظننت للحظة أنّي قد نجوت.. وإذا بابنه يقبض عليّ ويطردني إلى الطّريق. صاحت العصابة متهلّلة، وانقضّوا عليّ لكمًا وضربًا وجرًّا وركلاً. استمرّوا هكذا حتّى بدأت أفقد الوعي بما حولي، وأيقنت من الهلاك في سبيل عقيدتي. وأحسست بالسّعادة الغامرة لأنّي أبذل حياتي في سبيل الله.. ولم أكن أشعر بألم. ورقدت فاقد الوعي بعرض الطّريق. وعندما أفقت، وجدتني في منزل الأخ الأحمدي محمّد يوسف. وكان أحد الجيران الطّيّبين قد سمع صياحي باسمه لطلب النّجدة، فحملني إلى منزله.
أبلغ بعض النّاس رئيس مجلس خدّام الأحمديّة عن الحادث، فطلب الشّرطة ورجال الإطفاء. وصلت عربة الأطفاء وأخمدوا النّيران، وأنقذت الشّرطة السّيّد شاه الشّيخ المسنّ، وأخذوه إلى المستشفى المحلّي. وبينما كان الطّبيب يعالجه أخبره بعضهم بأنّه قادياني، فتنحّى الطّبيب بسرعة كما لو أنّ ثعبانًا لدغه، وامتنع عن علاج الشّيخ الجريح. ولحسن الحظّ كان هناك طبيب أحمدي في نفس المستشفى، فأسرع إلى تقديم المساعدة الطبيّة له، وكذلك عالجني أيضًا.
سجل المحضر في مركز الشّرطة، ولكن لم يتّخذ أيّ إجراء ضدّ أحد من المجرمين. ولكنّ الله تعالى أظهر لنا آية منه.. فلم يمض على هذا العدوان ثلاثة أيّام حتّى وقع صدام بين السنديّين وغيرهم..
لقي فيه مصرعهم ثلاثة من أقارب شاب كان في مقدّمة العصابة الّتي هاجمت المسجد”.