الهجرة والحج ليسا مجرد مناسبتين تاريخيتين يُحتفل بها سنويا ثم ينقضي أمرهما، بل هما ممارستان يوميتان واجبتان على كل امرئ مسلم، حتى وإن لم يبرح مكانه صوب البقاع المقدسة، فلهما فلسفتان عميقتان يجدر بنا معرفتهما.
إن نشوب كافة الأزمات الاقتصادية مرجعه تركُّز الثروات في يد فئة قليلة، والقانون السائد في الطبيعة يشهد على أن الفساد يطرأ من استقرار الثروة في جهة واحدة، تماما كما يأسن الماء حين يركد في موضع واحد.
الخليفة ليس مجرد وارث لكمالات النبوة، بل إنه تجسيد حي لها، وشاهد قائم على أن النبي لازال حيا في جماعة المؤمنين. إننا على صعيد معاملاتنا اليومية نتداول قولا يجري مجرى المثل، فنقول: «الذي خلَّف لم يمت»، فخليفة النبي هو برهان ساطع على صدق النبي ولو كرِهَ المجددون المزعومون.
لفرضية الصيام دلالات روحانية بالغة طالما تحدثنا عنها، كذلك فإن إتباع صيام لأمة بالفطر له دلالات روحانية عميقة يحسن بنا إدراكها، كي تتحقق الغاية من صيامنا وفطرنا، فلا نكون كمن لم يجنِ من هذا الشهر الفضيل سوى الجوع والعطش.
الاضطهاد بكافة صوره أحد مظاهر يأس المكذبين من إطفاء سراج صدق المبعوثين، وعجز التعساء عن رؤية آيات صدق المبعوثين، سببه في أكثر الأحيان أنهم يقطعون شعرة معاوية، فيضيعوا على أنفسهم فرصة مشاهدة تلك الآيات..
لا شك أن مجددين كثر قد خلوا من هذه الدنيا، وآخرون سيأتون، لكن ثمة مجددون من طراز فريد، يكون وجودهم بتأييد خاص من الله تعالى، وتكون حياتهم بحد ذاتها دليلا حيا على وجود ذلك الإله الحي، من هؤلاء المجددين حضرة المصلح الموعود رض، والذي تثبت كل لحظة من حياته وكل إنجازاته ومؤلفاته أنه رجل علمه الله فأحسن تعليمه..
رمتني بدائها وانسلَّت، عبارة نقولها في موقف نتعرض له كثيرا في حياتنا اليومية كأفراد، بأن يرمينا أحدهم بما فيه هو من عيب، ويبدو أن لهذا الموقف ظلا أوسع على المستوى الحضاري والثقافي، نرى ذلك حين يتهم الإسلام بظلم المرأة أولئك الذين أوقعوا بها أفدح أشكال الظلم عبر التاريخ، فهلا ميزت المرأة بين جلاده ومحاميه؟!
بات من الواضح ما يفعله الزمن بالحقائق التاريخية، والتي يتلقاها اللاحقون معتبرين إياها مسلَّماتٍ فكرية أو ثوابت عقائدية. من هنا ندرك ضرورة تصحيح الانحراف الحاصل. ومن أبرز دواعي الانحراف في التاريخ الإنساني ذلك الجدل القديم الدائر حول المسيح الناصري (ع)، ولادته، وحياته، ووفاته، ومعجزاته، وطبيعته، الأمر الذي ما كان ليمر على عين الله الحي القيوم هكذا مرورا عابرا دون تصحيح لائق.
قد يبدو مثل هكذا عنوانٍ للوهلةِ الأولى منطويًا على مغالطة لغوية، لكنْ مهلا، فالأمر ليس بهذه الحرفية، والموت المذكور هاهنا ليس سوى ضريبة ندفعها في سبيل تحقيق هدف أسمى، هو الحياة الكريمة بكل مظاهرها وتجلياها، وقديما قال الشاعر الهُمام أبو فراسٍ الحمدانيُّ شاعرُ الفرسان وفارسُ الشعراء: تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا ومنْ يخطبُ الحسناءَ لمْ يغله المهرُ..
على قدر الانحراف يكون التصحيح، وفي هذا الباب يعد القرآن الكريم منهج تصحيح في المقام الأول، وواقع المسلمين المعاصر يشهد بلسان الحال على حاجة الأمة إلى من يصحح لها اتجاهها، وبتعبير آخر: يجدد لها أمر دينها