ليتهم خلوا شعرة معاوية، ليروا تحقق النبوءة

ليتهم خلوا شعرة معاوية، ليروا تحقق النبوءة

التحرير

  • ماذا عساها تكون شعرة معاوية تلك؟
  • ما علاقة شعرة معاوية بموضوع اضطهاد جماعة المؤمنين؟

__

يجمع العقلاء من أقصى الأرض إلى أقصاها على أن المرء لا يستعمل يده وقوته الجسدية إلا حين تخور كل قواه الذهنية والروحية. والصم البكم فاقدو نعمة البيان لما في الجَنان، نجدهم أشد الناس بطشا، ولهم في ذلك عُذر، لذا لا نستغرب من أن يصف الله تعالى في محكم تنزيله مثل هؤلاء الناس بشر الدواب، حيث يقول:

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (1)،

وليكن واضحا أن نسق هذه الآية الكريمة وسياقها لا يشير إلى البهائم، إنما يشير إلى صنف من البشر الذين هم أحط من البهائم شأنا، وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّه. ولو استعرضنا سجلات تاريخ اضطهاد جماعات المؤمنين من أولها إلى آخرها لرأينا أن كل اضطهاد، عشوائيا كان أو منظما، يقع على الفرد أو الجماعة، لا يتخذ صورته الإجرامية الدموية إلا حين تُعلن حجج المضطهِدِ وهنها وفشلها، فالإنسان بطبيعته كائن مقتصد، لا يدفع دينارا في شيء يمكنه شراؤه بدرهم! ولله در معاوية بن  أبي سفيان، والذي كان أحد دواهي العرب ونموذجا في حسن السياسة، حين قال: «لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت»(2)..

فعجز متطرفي هذا الزمان ممن يدعون أنفسهم مسلمين عن حِفظ شعرة معاوية، إنما يُعزى إلى دحض حجتهم وبلادة أفهامهم، ولو كان في جعبتهم سهم من تفكير، لما رجمونا بحجر التكفير. يدور هذا الحديث في الذهن ويتصيده الخاطر عشية كل جريمة اضطهاد، وهذا ما حدث عشية اقتحام شرذمة من متطرفي الوهابية، يوم الأربعاء الموافق للثاني عشر من يناير الماضي، مسجد الجماعة الإسلامية الأحمدية الكائن في قرية مهدي آباد ببوركينا فاسو، مما أسفر عن مقتل تسعة مصلين في جريمة اُقترفت بدمٍ بارد.

وعلى الرغم من أخبار جرائم الاضطهاد المتكررة، لا تكف جماعة المؤمنين عن الترقي، بحيث يصدق عليها المثل العربي القائل: «الكلاب تنبح والقافلة تسير»، وأي مسير! فالمسيح الموعود الذي يُكفِّرونه، يَثبت كل يوم صدقُ دعواه، منذ جهره بها وحتى اليوم، ولنا فيما جرى لألكسندر دوئي عبرةٌ ومثال، وهو القس الذي اكتسب شعبية واسعة في أواخر القرن التاسع عشر في أمريكا لما حققه من سمعة ثبت زيفها لاحقا. وكان قد أظهر عداوة شديدة للإسلام ونبيه ، ثم لم يُسمع لمن يُدعَون علماء المسلمين ولا لدهمائهم أي حس، لم يُسمع سوى صوت المسيح الموعود الصاعد من أقصى الشرق، مظهرًا نبوءة هلاك تحققت بالفعل بحق ذلك العدو الحقود اللدود، وأثبتت مجددا صدق ذلك الدين الحي والمفعم بالنبوءات المستقبلية التي لا يملك الاطلاع عليها إلا مُلهم من الله تعالى ومتصل به اتصالا مباشرا..

وفي هذا الشهر، مارس 2023 تحتفي أسرة التقوى وقراؤها الأكارم بيوم المسيح الموعود ، وهو يوم أخذ البيعة الأولى في مدينة لدهيانة في الثالث والعشرين من مارس عام 1889، لتتأسس بهذا الحدث المبارك جماعة المؤمنين، الجماعة الإسلامية الأحمدية، بأمر إلهي خاص، معلنا بما لا يدع مجالا للشك وفاة المسيح الناصري ومجيء المسيح المحمدي الذي يحمل على عاتقه مهمة نشر الإسلام في أصقاع الأرض، وقد كان، إذ لم يتوقف الأمر عند مجرد تحقق نبوءات المسيح الموعود ، ومنها نبوءة هلاك دوئي في أوائل القرن العشرين، بل لقد فُتِحَت مدينة دوئي نفسها، والمسماة «صهيون» في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين على يد الخليفة الخامس للمسيح الموعود ، حضرة مرزا مسرور أحمد (نصره الله)، إذ تسَلَّم مفتاحها بعد أن افتتح فيها أول مسجد منذ تجلي تلك الآية الكبرى من آيات صدق الإسلام والمسيح الموعود قبل أكثر من قرن من الزمان. ألا يبدو بوضوح إذن الآن أن حوادث الاضطهاد المذكورة  لا تعدو وصفها بنباح الكلاب الذي لا يقوى على إيقاف القافلة؟!

وعلى الرغم من أخبار جرائم الاضطهاد المتكررة، لا تكف جماعة المؤمنين عن الترقي، بحيث يصدق عليها المثل العربي القائل: «الكلاب تنبح والقافلة تسير»، وأي مسير! فالمسيح الموعود الذي يُكفِّرونه، يَثبت كل يوم صدقُ دعواه، منذ جهره بها وحتى اليوم، ولنا فيما جرى لألكسندر دوئي عبرةٌ ومثال، وهو القس الذي اكتسب شعبية واسعة في أواخر القرن التاسع عشر

وعجز التعساء عن رؤية آيات صدق المبعوثين، لعل سببه في بعض الأحيان أنهم يقطعون “شعرة معاوية”، فيضيعوا على أنفسهم فرصة مشاهدة آيات الصدق ودلائل التأييد، والاضطهاد الدموي يُعد من أبرز مظاهر اليأس، اليأس من رحمة الله أولا، واليأس من تفنيد حجة الخصم ثانيا، وإِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ. وقد جاء المسيح الموعود نافيا عن المسلمين اليأس من إحياء الإسلام، ومُظهرًا فاعليته بوصفه الدين الوحيد الحي الذي ارتضاه لنا إلهنا الحي القيوم.

ففي هذا العدد الخاص، وبهذه المناسبة المباركة، تُقدِّم التقوى إلى قرائها باقة موضوعات جديدة، تقع في صدارتها خطبة حضرة أمير المؤمنين (نصره الله)، التي ذكر فيها الشهداء من أرض سيدنا بلال

فندعو الله عز وجل أن يجعل لنا من مشاهدة آياته نصيبا موفورا، آمين

– – –

  1. (الأَنْفال: 23)
  2. شحاتة محمد صقر، «معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين.. كشف شبهات وردّ مفتريات»، ص155، دار الخلفاء الراشدين، الإسكندرية.
Share via
تابعونا على الفايس بوك